محتوى مترجم
المصدر
Bloomberg
التاريخ
2016/11/04
الكاتب
ناتاشا دوف

إذا أمكن لمصر أن تتعلم أي شيء من الأسواق الناشئة التي تخلت عن السيطرة على عملاتها، فسيكون ذلك الشئ هو أن نهج تعويم العملة محكوم عليه بالفشل.أصبحت مصر أمس الخميس أحدث الدول النامية التي تعلن عن التعويم الحر لعملتها خلال العامين الأخيرين، ما أدى لخفض تراجع الجنيه أمام الدولار والبالغ نسبته 45% (16 جنيه مقابل الدولار) بحسب إحصاءات لـ 6 بنوك من بينها البنك التجاري الدولي. وسواء كانت تلك الخطوة ستخفف من أزمة الدولار وتقضي على السوق السوداء، فإن ذلك سيعتمد على مدى التزام البنك المركزي بعدم التدخل في اضطرابات العملة المترتبة على ذلك القرار.ويقول ديفيد هاونر الخبير الاستراتيجي في بنك أوف أمريكا: «إن خفض قيمة العملة لا يجعل صادرات مصر أكثر قدرة على التنافس فحسب، بل يعزز من جذبها للسائحين ويخفف أيضا من الضغوط على البنك المركزي في استنزاف الاحتياطات التي تراجعت منذ اندلاع ثورات الربيع العربي».ويضيف هاونر أن تعديل قيمة العملة ليس سهلا فهناك فترة تزداد فيها الأمور سوء لكن عندما ننظر إلى تجارب الدول التي أقدمت على خطوة التعويم الحر للعملة، فقد أثبتت تلك الخطوة أنها مفيدة.فيما يتعلق بمصر التي دائما ما تشرف على سعر صرف عملتها، فإن الانتقال سيكون صعبا، لاسيما مع تداعيات ارتفاع تكاليف الواردات ومن بينها زيادة التضخم ما يصعب معيشة 92 مليون مواطن مصري، في بلد يُعد متوسط دخل الفرد به من أدنى المعدلات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.عندما يتلاعب صانعو السياسات بسعر الصرف، يزيد نشاط السوق السوداء بشكل حتمي، والتجربة النيجيرية خير دليل على ذلك الأمر. قد يكون الأمر مكلفا أيضا فقد أنفقت روسيا قرابة 90 مليار دولار للدفاع عن عملتها «الروبل» ضد نشاطات البيع على المكشوف خلال عام 2014 قبل أن تتخلى عن فكرة تعويم العملة في نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.وحتى في مصر، فإن محاولات إدارة سعر الجنيه بدلا من تحرير القيود عنه بشكل كامل في عام 2003 وفي وقت سابق من العام الحالي، آلت إلى ارتفاع التداول غير الرسمي ودفعت الأفراد والشركات لتخزين الدولارات بعد أن فقدوا الثقة في استقرار العملة.وفيما يلي ملخص للأسواق الخمسة الناشئة التي قامت بتحرير سعر العملة وكيف حققت نجاحا بعد أن تخلت عن ربط العملة المحلية بالدولار.


1. روسيا

ماذا حدث داخل روسيا؟

اتخذت محافظة البنك المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا قرارا بإلغاء التلاعب في العملات في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2014م بعد أن تأثرت العملة المحلية بالعقوبات المفروضة على البلاد فضلا عن انخفاض سعر النفط، السلعة التصديرية الأساسية لها. لذا فإن الروبل، الذي حقق تعافيا خلال العام الحالي، لا يزال متراجعا بنحو 32% منذ ذلك الحين.

هل كان ذلك فعالا؟

بعد مرور عامين، انخفضت تقلبات الروبل خلال 3 أشهر إلى مستويات ما قبل التعويم الحر، مع انخفاض توقعات حدوث التضخم وتباطؤ صافي تدفقات رأس المال، لذا حصلت نابيولينا على إشادة كأفضل محافظة بنك مركزي في أوروبا.الأكثر من ذلك هو عدم تأثر العائلات بتقلبات العملة واحتفاظهم ب 60% من مدخراتهم بالعملة المحلية (الروبل) بحسب استطلاع أجري في أغسطس/آب الماضي.


2. كازاخستان

ماذا حدث؟

قرر الساسة هناك في 20 من أغسطس/آب عام 2015م بتقليد الجارتين الصين وروسيا وخفض قيمة العملة المحلية، وبالفعل تراجعت قيمة التينج الكازاخي (العملة المحلية بكازاخستان) بنسبة 42% منذ ذلك الحين.

هل كان ذلك فعالا؟

في أعقاب القرار، أجبِر البنك المركزي الكازاخي على إنفاق ما لايقل عن 1.7 مليار دولار أو نسبة 6% من الاحتياطات النقدية من أجل تخفيض تقلبات العملة الأكثر تقلبا في العالم. وخلال العام الحالي، استقر سعر التينج وارتفعت احتياطات العملات الأجنبية بنسبة 13% لتصل إلى 31 مليار دولار.


3. الأرجنتين

ماذا حدث؟

قام الرئيس ماوريسيو ماكري بإلغاء نظام ربط العملات بالعملة المحلية (البيزو) في 17 من ديسمبر/كانون الأول العام الماضي، وجاءت تلك الخطوة في إطار تدابير الإصلاح الاقتصادي التي كان تهدف لجذب الاستثمارات وإعطاء قفزة للاقتصاد الذي يعاني ضعف النمو ونقص الدولارات.

هل كان ذلك فعالا؟

في الوقت الذي شهدت فيه العملة تراجعا بنسبة 27% في اليوم الأول من تحرير سعرها، تباطأ الاستهلاك منذ ذلك الحين وظهرت بوادر انفراجة في التضخم. وانخفض تقلب العملة المحلية الربع سنوي ليصل إلى أدنى المعدلات في أمريكا اللاتينية. من تداعيات القرار أيضا إبداء المستثمرين اهتمامهم بالأرجنتين خلال العام الجاري لتسجل مبيعات السندات الدولية رقما قياسيا 33 مليار دولار، في حين قلت أنشطة السكان المحليين في تبادلات السوق السوداء.


4. أذربيجان

ماذا حدث؟

تحركت أذربيجان للتحرير الحر للعملة في 21 من ديسمبر/كانون الأول العام الماضي بعد استخدام البنك المركزي لأكثر من ثلثي الاحتياطي النقدي لدعم العملة المحلية (المانات الآذري)، ما أدى لانخفاض قيمة العملة بنسبة 39%.

هل كان ذلك فعالا؟

تدخلت السلطات من أجل دعم العملة المحلية في سبتمبر/أيلول بعد أن انخفضت قيمتها طيلة 3 أشهر، لتجبر البنوك إما على إيقاف أو تحييد مبيعاتها من الدولارات. وعلى الرغم من أن تلك التدخلات أسهمت في استقرار سعر العملة، فإن قيام عدد كبير من المستثمرين ببيع ما لديهم من العملة المحلية (المانات) عكس فشل أذربيجان في استعادة ثقة الناس بعد خفض قيمة العملة. وتبلغ نسبة المدخرات الحالية في أذربيجان بالدولار حوالي 80% وفقا لتقديرات ستاندردز أند بوورز الأمريكية.


5. نيجيريا

ماذا حدث؟

استسلم الساسة في ثان أكبر الدول المنتجة للبترول في إفريقيا لضغوط السوق لوقف التلاعب بسعر صرف النايرا (العملة المحلية) في 20 من يونيو/حزيران الجاري من أجل إقرار التعويم الحر. لذا انخفضت العملة بنسبة 38% منذ ذلك الحين.

هل كان ذلك فعالا؟

لم تؤثر تلك الخطوة كثيرا في جذب المستثمرين مرة أخرى والذين انتقدوا البنك المركزي لإدارته الجزئية لسعر الصرف لتصبح قيمة الدولار 315 نايرا نيجيرية بحلول أغسطس/آب. ونتيجة لذلك، عاد الفارق بين السوق السوداء وأسعار الفائدة الرسمية لمستويات ما قبل خفض قيمة العملة. أما احتياطات العملة الأجنبية فقد استمرت في التضاؤل لتقف عند 23.8 مليار دولار، أقل بـ 4 مليارات دولار عن بداية العام.