سأخبركم شيئًا واحدًا عن الكون. الكون مكان شاسع للغاية، فهو أكبر من أي شيء حلُمَ به أي شخص من قبل. لذا إن كنَّا بمفردنا في الكون، فسيبدو الأمر وكأنه مضيعة حقيقية للمكان، أليس كذلك؟

كارل ساجان، عالم الفلك الأمريكي، من روايته اتصال

هل نحن وحيدون في هذا الكون؟ منذ أن اكتشفت البشرية وجود الكواكب والأنظمة الشمسية الأخرى، دائمًا ما تساءلنا إذا كان من الممكن أن تتواصل معنا كائنات ذكية سوانا في يوم من الأيام. وجَّهت مشاريع البحث عن ذكاء خارج كوكب الأرض (SETI)، وكذلك هواة علم الفلك، تلسكوباتهم تجاه الفضاء السحيق من أجل العثور على إشارات أُرسلت بواسطة كائنات فضائية ذكية من أحد أرجاء الكون الشاسع. إن البحث عن أدلة على وجود حياة عاقلة خارج كوكب الأرض متأصل بعمق في أذهاننا، حتى أنه أثار قصص شهود عيان لا تعد ولا تحصى حول الأجسام الطائرة مجهولة الهوية وغيرها من الظواهر الغريبة الأخرى.

كانت هناك عدَّة مناسبات عندما اعتقد العلماء أنهم ربما اكتشفوا علاماتٍ تدل على وجود ذكاء خارج كوكب الأرض، ليلاحظوا أن النتائج كانت تشير إلى شيء مختلف بالكامل.

من الفرضيات العلمية الفعلية إلى أكثر النظريات غرابة بشأن الأطباق الطائرة والإشارات الغريبة، إليك قائمة ببعض الأحداث التي اعتقدنا بها أننا عثرنا على حياة عاقلة خارج كوكب الأرض.


وجه وقنوات مائية على المريخ!

كائنات فضائية، فضاء، فلك، سماء، حضارة
كائنات فضائية، فضاء، فلك، سماء، حضارة

واحدة من أكثر المفاهيم الفلكية الخاطئة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين كانت فكرة وجود قنوات مائية على سطح كوكب المريخ. وخلُص بعض علماء الفلك إلى أن التفسير الوحيد لهذه القنوات هو أنها حُفرت بواسطة كائنات ذكية من أجل الري. نشر عالم الفلك الأمريكي بيرسيفال لويل (Percival Lowell) ثلاثة كتب تشرح نظريته حول التصميم الذكي لهذه القنوات، وقامت الصحافة بدورها في نشر الفكرة للعامة.

احتدم النقاش حول وجود الهياكل والحياة العاقلة على كوكب المريخ حتى أوائل القرن العشرين، حتى أثبت التقدم التكنولوجي أن مفهوم القنوات المائية بالكامل كان خاطئًا. فلم تكن هذه الصور سوى وهم بصري ناتج عن تشوش الرؤية من خلال التلسكوبات في ذلك الوقت، وميل العقل البشري إلى ربط النقاط ببعضها البعض، محاولًا إيجاد الحياة على سطح الكوكب الأحمر.

بينما في عام 2001، عندما كانت المركبة الفضائية فايكنج 1 (Viking 1) تدور حول المريخ تلتقط الصور، ادَّعى بعض الناس أنهم شاهدوا نموذجًا لوجه إنساني في الصور. ربما تكون قد شاهدت هذه الصورة من قبل.

يُطلق على هذه الظاهرة اسم الباريدوليا (pareidolia)، وهي ظاهرة نفسية يستجيب فيها العقل لمحفز عشوائي، عادة ما يكون صورةً أو صوتًا، محاولًا إدراك نمط مألوف بالرغم من عدم وجود أي شيء، مثل تخيل صور للحيوانات في السحاب، أو رؤية وجه رجل على سطح القمر، أو سماع أصوات خفية في التسجيلات عند تشغيلها عكسيًّا. أظهرت الصور اللاحقة للكوكب أن تفاصيل هذا الوجه على المريخ ما هو إلا تشكيل جيولوجي في منطقة تُدعى سيدونيا (Cydonia).


إشارات من نجم بعيد ورجال خُضر!

النجم HD 164595 الذي يشبه نجمنا الشمس إلى حد كبير، ولكنه على بعد 94 سنةً ضوئية، احتل عناوين الصحف في عام 2016 عندما علمنا في العام السابق له أن هناك إشارة ربما تكون قد صدرت من كائنات عاقلة تابعة لهذا النجم. يدور حول النجم كوكب واحد غير صالح للحياة، ولكن افترض العلماء أنه ربما يكون هناك كواكب أخرى تدور حوله لم يتم الكشف عنها بعد. دامت الإشارة الراديوية لحوالي ثانيتين، وتم التقاطها مرةً واحدةً فحسب. ولأنها كانت مختصرةً جدًّا، كان من الصعب تحديد مصدرها بدقة.

حقَّق مركز البحث عن ذكاء خارج كوكب الأرض في الإشارة لتقييم مصدرها وهل جاءت من كائنات عاقلة أم لا. ليخلُص أنها ربما جاءت بسبب تشويش أرضي، بما أنها رُصدت بواسطة تلسكوب واحد، ولم يُعثر على مصدرها الأصلي حتى الآن، ولكن رجح العلماء أنها في الأغلب جاءت من قمر صناعي.

وفي العام 1967، رصدت طالبة الدراسات العليا جوسلين بيل في مرصد مولارد الراديوي في المملكة المتحدة إشارة غريبة. كانت الإشارة ثابتة وسريعة لدرجة أنها بدت مصطنعة، لكنها لم تكن من صنع الإنسان. أطلقت بيل وأستاذها أنتوني هويش على هذه الإشارة لقب (الرجال الخُضر الصغار – Little Green Men).

لم تكن الإشارات من كائنات عاقلة موضع شك رئيسي بالنسبة للعلماء، ولكن كان عليهم النظر في هذه الاحتمالية، وكيف يعلنون عنها لعامة الناس في حال تبين أنها إشارة قادمة من كائنات فضائية. ولكنهم عندما اكتشفوا إشارة مماثلة قادمة من جزء آخر من السماء، استبعدوا احتمالية أنها صادرة من كائنات عاقلة؛ إذ إنه من المستبعد أن تحاول فصيلتان من الكائنات الفضائية الاتصال بالأرض في اللحظة نفسها.

ولكن في واقع الأمر، كانوا قد اكتشفوا لتوِّهم لأول مرة النجوم النابضة (pulsars)، وتنبعث منها حزم من الإشعاع الكهرومغناطيسي. تتوجه أشعة هذه النجوم باتجاه الأرض على فترات منتظمة، مما يجعلها تبدو كأنها بث مُصمم بذكاء. مع أنه كان إنذارًا خاطئًا بشأن وجود كائنات فضائية، إلا أن اكتشاف النجوم النابضة كان اكتشافًا مفيدًا للغاية لعلماء الفلك.


صحون طائرة وأجسام غامضة!

يمتلئ العالم بالقصص – التي لا يمكن الوثوق فيها – لشهود عيان رأوا صحونًا طائرة، لكن قصة الطيار ورجل الأعمال كينيث أرنولد كانت أولى القصص عن أجسام غامضة تُنشر على نطاق واسع في وسائل الإعلام. في عام 1947، ادَّعى أرنولد أنه شاهد تسعة أجسام غريبة تطير أثناء تحليقه فوق ولاية واشنطن. ووصف حركتها بمثل صحنٍ يثب على سطح الماء، وسرعان ما أطلقت الصحافة مصطلحات «الصحون الطائرة» و«الأقراص الطائرة»؛ إذ أساءوا فهم كلمات أرنولد واعتقدوا أن الأجسام الطائرة تشبه الصحون.

أعلن سلاح الجو الأمريكي أن أرنولد كان قد رأى سرابًا فحسب، لكن العديد من الأشخاص – وفيهم أرنولد نفسه – لم يرضوا بهذا التفسير، ولم يتخلوا عن فكرة أنه شاهد مركبة فضائية غريبة الشكل. وفي وقت لاحق، ادَّعى أرنولد أنه رأى المزيد من الصحون الطائرة، وكتب كتابًا عن هذه التجارب.

بينما تعتبر حادثة روزويل كأكثر القصص شهرةً في حوادث الأجسام الطائرة الغامضة، مع اضطرار الجيش الأمريكي والسياسيين للتعليق على هذا الحادث عدَّة مرات حتى بعد مرور عقود من الزمن. في صيف عام 1947، تحطم بالون مراقبة عسكري تابع للقوات الجوية للجيش الأمريكي في مزرعة تقع في نيو مكسيكو. عثر رجل يدعى ويليام برازيل على الحطام، وبعد أن سمع قصصًا عن الصحون الطائرة، أخبر عمدة المدينة أنه ربما عثر على بقايا إحداها. اتصل العمدة بقاعدة القوات الجوية، والتي عقدت مؤتمرًا صحفيًّا بشأن الحادث. لفتت الحادثة كثيرًا من الانتباه، حتى صدر بيان صحفي جديد يشرح أن هذا البالون أرضي وليس فضائيًّا.

خفُت الاهتمام بالحادثة، ثم عاد مرة أخرى في سبعينيات القرن الماضي، بعد أن بدأ اليوفولوجي (أبحاث الأجسام الغامضة) في إجراء مقابلات مع الشهود العيان وفي تصفح الوثائق القديمة، وادَّعت نظريات المؤامرة الجديدة أن الحكومة الأمريكية قد أزالت أجسام الكائنات الفضائية من مكان الحادث، وتسترت على الحقيقة حول أحداث روزويل. بالطبع يبدو هذا السيناريو تخيليًّا بالكامل، ولكن لا يزال كثير ممن يؤمنون بنظرية المؤامرة يعتقدون أن حادثة روزويل كانت في الحقيقة تحطمًا لجسم فضائي غامض، مما يجعلها واحدة من أكثر النظريات التي يُصدقها الناس حول وجود الكائنات الفضائية.


تدفقات راديوية سريعة ووقود السفن الفضائية!

من بين كل الأمور الغريبة في كوننا يمكن القول إن التدفقات الراديوية السريعة (Fast Radio Bursts) هي الأغرب؛ إذ اعتبرها البعض رسائل من كائنات خارج كوكب الأرض، ولكن في عام 2017 اقترح اثنان من العلماء شيئًا أغرب. افترض الباحثان ماناسفي لينجام وأبراهام لوب أنه يمكن استخدام هذه التدفقات الراديوية السريعة لدفع سفن الفضاء المتطورة لكائنات ذكية في أرجاء الكون الشاسع. في هذه الفرضية، فإن التدفقات التي اكتشفناها ليست رسائل موجهة إلينا، بل هي منتج ثانوي لسفن الفضاء، والتي تحتاج إلى أن تعمل بواسطة شيء أقوى من الوقود العادي.

قام لينجام ولوب بإجراء حساباتهما الرياضية لدعم فكرتهما، لكن النتائج الحديثة لهذه التدفقات، التي تكرر نفسها وتأتي من مكان محدد في السماء، تجعل هذه الفرضية تبدو أقل منطقية وقبولًا. قد يكون سبب هذه التدفقات نجم نيوتروني أو قد ترتبط بالثقوب السوداء.


إشارة Wow!

كائنات فضائية، فضاء، فلك، سماء، حضارة
كائنات فضائية، فضاء، فلك، سماء، حضارة
كائنات فضائية، فضاء، فلك، سماء، حضارة
كائنات فضائية، فضاء، فلك، سماء، حضارة

في العام 1977، كان عالم الفلك جيري ر. إيهمان يراجع البيانات التي التقطها تلسكوب جامعة ولاية أوهايو (Big Ear) في اليوم السابق. لاحظ خلال ذلك أن التلسكوب التقط 72 ثانية من الإشارة القوية الجديرة بالملاحظة، وما جعل الإشارة واضحة جدًّا كان ترددها. وكان نطاق تردد الإشارة محميًّا، مما يعني أنه لا يمكن لأحد على الأرض البث على هذا النطاق، ومن ثَمَّ فإن الإشارة لم تأتِ من الأرض.

وفي الوقت نفسه، يمكن استخدام هذا التردد للاتصالات، وسيكون من المنطقي بالنسبة لكائنات ذكية اختيار قناة اتصال من السهل الاستماع إليها، على العكس من ترددات إشعاعات خلفية الانفجار الكبير أو الضوضاء الكمومية مثلًا. كما أنها تحاكي عن كثب الطول الموجي الكهرومغناطيسي للهيدروجين، وهو العنصر الأكثر شيوعًا، والذي يمكن التعرف عليه بسهولة في أرجاء الكون.

بعد أن طبع إيهمان الإشارة على الورق، ولشدة دهشته كتب بجوارها كلمة «WOW!»، ومن هنا جاءت التسمية. ظل الغموض يحيط بهذه الإشارة لأكثر من 40 عامًا، حتى جاء فريق من الباحثين من مركز علوم الكواكب ليزيل هذا الغموض في عام 2017، لينشروا ورقة بحثية في (مجلة أكاديمية واشنطن للعلوم – Journal of Washington Academy of Sciences) ويذكروا أن الإشارة جاءت من مذنب كان يمر في هذا المكان الذي كان يرصده تلسكوب (Big Ear) آنذاك.

على حد علمنا، لم نجد حتى الآن أي كائنات عاقلة سوانا في أرجاء الكون، ولكن لا يعني هذا أنهم غير موجودين، فربما كانوا في كون آخر، أو حتى لا يريدون الاتصال بنا، فهناك احتمالات لا نهائية.