محتوى مترجم
المصدر
Business Insider
التاريخ
2013/10/05
الكاتب
ماثيو بوزلار

ظهرت فترات «التضخُّم المفرط Hyperinflation» عدّة مرّات خلال القرن الماضي – 55 مرّة، على وجه الدقّة – في الوقت الذي كانت قد جرّبت فيه دول العالم التعامل بالعملات الورقية المدعومة بائتمان ووعد كاملين بالوفاء من قِبل الحكومات التي تصدرها.

في بعض الأحيان، كان الائتمان والوعد الكاملان بالوفاء في غير موضعهما، وتم الإمساك بحائزي العملات غير المستقرة أصفار الأيادي في شتى البلدان وفي جميع أنحاء العالم.

وفي كثير من الأحيان، يمكن أن يكون هذا ثيمةً متكررةً بين الدول النامية من قبيل تلك الموجودة في أمريكا اللاتينية خلال أزمة الديون التي ضربت المنطقة في الثمانينيات.

عانت الصين وألمانيا وفرنسا من فترات تضخم مرتفع مدمرّة.

حتى بعض أكبر الاقتصادات في العالم اليوم، مثل الصين وألمانيا وفرنسا، قد عانت، على الرغم من قوتها، من فترات تضخم مرتفع مدمرّة.

إن تاريخًا كبيرًا من التضخُّم يُعدّ نذير الحرب التي تقضي على رأس المال الاقتصادي وتقلل الإنتاج بشكل كبير؛ ولكن السياسات النقدية والمالية غير الموضوعة في محلها، التي تترتب على ذلك، دائمًا ما تكون جزءًا من القصَّة.

جمع الاقتصاديان ستيف هانك ونيكولاس كروس بيانات عن جميع حالات التضخم المفرط الـ 56 المسجّلة في دراسة صدرت عام 2012. ونلخص هنا تسعًا من أسوأ تلك الفترات.


المجر

أغسطس/آب 1945 – يوليو/تموز 1946

معدل التضخُّم اليومي: 207%

تتضاعف الأسعار كل: 15 ساعة

عملة المجر
عملة المجر

القصة: لقد دُمِّرت المجر اقتصاديًا جرّاء الحرب العالمية الثانية. ونظرًا إلى وضعها المؤسف بوصفها منطقة حرب، تشير التقديرات إلى أنه تم تدمير 40 في المئة من رأس المال المجري في الصراع. قبل هذا الوقت، كانت قد دخلت البلاد في معاناة ديون صارخة في سبيل رفع الإنتاج لدعم المجهود الحربي الألماني، ولكن ألمانيا لم تدفع ثمن البضائع أبدًا.

وعندما وقّعت المجر على معاهدة سلام مع الحلفاء في عام 1945، صدر أمر بأن تدفع للسوفييت تعويضات ضخمة، والتي تمثِّل 25-50٪ من ميزانية المجر خلال فترة التضخم المفرط. وفي الوقت نفسه، تم تحييد السياسة النقدية للبلاد على نحو أساسي من قِبل لجنة رقابة الحلفاء.

حذَّرت البنوك المركزية المجرية أن طبع النقود لدفع الفواتير لن ينتهيَ بشكل جيد، ولكن السوفييت، الذين كانوا يهيمنون على اللجنة، لم يعيروا انتباهًا لهذه التحذيرات، مما أدى بالبعض إلى استنتاج أن التضخم كان يهدف إلى تحقيق هدف سياسي؛ تدمير الطبقة الوسطى.


زيمبابوي

مارس/آذار 2007 – نوفمبر/تشرين الثاني 2008

معدل التضخُّم اليومي: 98%

تتضاعف الأسعار كل: 25 ساعة

عملة زيمبابوي
عملة زيمبابوي

القصة: لقد سُبِق التضخم في زيمبابوي بانخفاض طويل وطاحن في الناتج الاقتصادي الذي أعقب الإصلاح الزراعي لروبرت موغابي (2000 – 2001)، الذي تمَّ من خلاله مصادرة الأراضي بشكل موسَّع من المزارعين البيض وإعادة توزيعها على السكان السود الذين يمثلون الأغلبية. وهو ما قاد إلى انهيار نسبته 50 في المئة في الناتج على مدى السنوات التسع المقبلة.

أدَّت الإصلاحات الاشتراكية والتورط المكلف في الحرب الأهلية في الكونغو إلى عجز هائل في الميزانية الحكومية. وفي الوقت نفسه، كان سكان زيمبابوي ينخفضون كلما فرّ الناس من البلاد. وقد تسبب هذان العاملان المتعارضان، زيادة الإنفاق الحكومي والتقليل من القاعدة الضريبية، في لجوء الحكومة إلى تسييل عجزها المالي.


يوغوسلافيا / جمهورية صربسكا

أبريل/نيسان 1992 – يناير/كانون الثاني 1994

معدل التضخُّم اليومي: 65%

تتضاعف الأسعار كل: 34 ساعة

عملة يوغسلافيا
عملة يوغسلافيا

القصة: قاد سقوط الاتحاد السوفييتي إلى دور دولي منخفض ليوغوسلافيا – التي كانت فيما مضى لاعبًا جيوسياسيًا رئيسًا يربط الشرق والغرب -، وحزبها الشيوعي الحاكم وقع في نهاية المطاف تحت نفس الضغط الذي كان أيام السوفييت. قاد ذلك إلى تفكك يوغوسلافيا إلى عدة دويلات على أساس عرقي وحروب لاحقة على مدى السنوات التالية حيث سوَّت الكيانات السياسية التي تشكلت حديثًا استقلالها.

في هذه العملية، انهارت التجارة بين مناطق يوغوسلافيا السابقة، وكذلك الإنتاج الصناعي. وفي الوقت نفسه، وضِع حظر دولي على الصادرات اليوغسلافية، الأمر الذي زاد من سحق الإنتاج.

يشرح كل من بيروفيتش وبوجيتتش وفوجوسفيتش (1998) أن جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية التي تشكلت حديثًا، وعلى النقيض مع الدول الأخرى التي انفصلت مثل صربيا وكرواتيا، احتفظت بالكثير من البيروقراطية المتضخمة التي كانت موجودة قبل الانقسام، والتي أسهمت في العجز الحاصل في الميزانية الاتحادية. وفي محاولة مد هذا العجز وغيره بالنقود، خسر البنك المركزي السيطرة على عملية سك النقود وهو الأمر الذي تسبب في التضخم.


فايمار بألمانيا

أغسطس/آب 1922 – ديسمبر/كانون الأول 1923

معدل التضخُّم اليومي: 21%

تتضاعف الأسعار كل: 3 أيام و 17 ساعة

عملة ألمانيا
عملة ألمانيا

القصة: إن التضخم المفرط في فايمار بألمانيا في وقت مبكر من العشرينيات أعقب هزيمتها في الحرب العالمية الأولى قبل بضع سنوات. ونتيجة للحرب، كان مطلوبًا من ألمانيا دفع تعويضات كبيرة للمنتصرين للتعويض عن التكاليف التي تكبدها الجانب المنتصر.

ومع ذلك، لم يُسمح لألمانيا بدفع التعويضات عن طريق عملتها في ذلك الوقت (بابيرمارك)، التي ضعفت بالفعل بشكل كبير خلال الحرب نتيجة تمويل ألمانيا للمجهود الحربي من خلال الأموال المقترضة.

ومن أجل دفع تعويضات بعملة أخرى غير البابيرمارك، اضطرت فايمار بألمانيا إلى بيع كميات كبيرة من عملتها في مقابل العملات الأجنبية التي كانت مؤهلة كأداة للدفع. وعندما جاءت المدفوعات المستحقة في صيف عام 1921، أدت سياسة بيع العملة لشراء العملات الأجنبية بأي ثمن إلى تضخم مرتفع لا قيد له كلما انخفضت قيمة العملة بشدة.


اليونان

مايو/أيار 1941 – ديسمبر/كانون الأول 1945

معدل التضخُّم اليومي: 18%

تتضاعف الأسعار كل: 4 أيام و 6 ساعات

عملة اليونان
عملة اليونان

القصة: تأرجح توازن الميزانية المالية لليونان من فائض في الدراخما وصل إلى 271 مليون في عام 1939، إلى عجز وصل إلى 790 مليون في عام 1940 بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية (وقد تراجعت التجارة الخارجية بشكل كبير). وهو ما مهَّد الطريق إلى وضع متدهور بالفعل في المالية العامَّة بحلول الوقت الذي تم غزو اليونان فيه من قِبل دول المحور في نهاية عام 1940.

والتكاليف الإضافية على اليونان التي فرضتها «الحكومة العميلة» لدول المحور، التي كانت تسيطر على البلاد أثناء احتلالها، اشتملت على دعم 400 ألف جندي من جنود المحور المتمركزين هناك وتعويض كبير مستحق للمحتلين.

وعلاوة على ذلك، تم خفض الدخل القومي في اليونان من 67.4 مليار دراخما في 1938 إلى 20 مليار دراخما في عام 1942. وبينما انخفضت عائدات الضرائب، لجأت اليونان إلى سك العملات النقدية في البنك المركزي لدفع النفقات المشار إليها وتمويل بقية العجز.


الصين

أكتوبر/تشرين الأول 1947 – مايو/أيار 1949

معدل التضخُّم اليومي: 14%

تتضاعف الأسعار كل: 5 أيام و 8 ساعات

عملة الصين
عملة الصين

القصة: بعد الحرب العالمية الثانية، انقسمت الصين بفعل الحرب الأهلية. لقد كافح كل من القوميين والشيوعيين من أجل السيطرة على البلاد، وقدموا عملات متنافسة في هذه العملية، تاركين النظام النقدي للصين مجزأً بين عشر وسائل رئيسة للصرف في عام 1948.

أخذت العملة مركز الصدارة أثناء الصراع، ويوضح كامبل وتولوك (1954) أن الحكومات الثلاث (بما في ذلك المحتلين اليابانيين) قد شاركت في «حرب نقدية» من خلال محاولة تقويض العملات المتعارضة بطرق مختلفة.

ولتمويل النزاع، وقع القوميون في عجز ضخم في الميزانية، وهو ما تمت محاولة تغطيته في نهاية المطاف عن طريق طباعة النقود، مما أدى إلى تضخم غير قابل للسيطرة. (وقد سُبِق ذلك بالتخلي عن معيار الفضة في الصين في عام 1935). حتى أنهم قد أشركوا البنك المركزي التايواني في نظام التسييل هذا، وهو ما تسبب في تضخم في تايوان أيضًا.


بيرو

يوليو/تموز 1990 – أغسطس/آب 1990

معدل التضخُّم اليومي: 5%

تضاعفت الأسعار كل: 13 يومًا وساعتان

عملة بيرو
عملة بيرو

القصَّة: خاضت بيرو معركة طويلة مع التضخم في النصف الأخير من القرن العشرين. فخلال النصف الأول من الثمانينات، حيث كان فرناندو بيلاوندى تيري رئيسًا، واجهت بيرو سياسات التقشف التي فرضتها الجهات المقرضة لصندوق النقد الدولي في أعقاب الأزمة المالية الأمريكية اللاتينية التي بدأت في وقت مبكر من ذلك العقد.

يقول الخبير الاقتصادي ثاير واتكينز إن إدارة بيلاوندى تيري قد روَّجت لمظهر يفيد أنها تمتثل للإصلاحات التي أوصى بها صندوق النقد الدولي، بينما لم تكن في حقيقة الحال كذلك. لقد كان الاقتصاد يعاني الركود التضخمي في ذلك الوقت، وكان اللوم على سياسات التقشف التي أقرّها صندوق النقد الدولي من قِبل الناخبين، وإن لم تُتبع هذه السياسات فعلًا.

أدَّى ذلك إلى انتخاب آلان جارسيا في عام 1985 رئيسًا للبلاد. وقد سنَّ غارسيا إصلاحات اقتصادية شعبوية لم تؤدّ إلا إلى إضعاف الاقتصاد وحجب بيرو عن أسواق الائتمان الدولية. وفي مواجهة نقص فرص الحصول على الائتمان وتدهور الأوضاع الاقتصادية، أصبح ارتفاع معدلات التضخم تضخمًا مرتفعًا في بيرو.


فرنسا

مايو/أيار 1795 – نوفمبر/تشرين الثاني 1796

معدل التضخُّم اليومي: 5%

تتضاعف الأسعار كل: 15 يومًا وساعتان.

عملة فرنسا

القصَّة: جاءت الثورة الفرنسية (1789-1799) بعد الفترة التي كان لدى فرنسا فيها ديون كبيرة جرّاء خوض الحروب، بما في ذلك الحرب من أجل استقلال الولايات المتحدة عن بريطانيا العظمى.

وإحدى السياسات الاقتصادية الرئيسة في الثورة الفرنسية كانت تأميم الأراضي المملوكة سابقًا من قِبل الكنيسة الكاثوليكية. كان يُنظر إلى الكنيسة باعتبارها هدفًا سهلًا لمصادرة الأصول لأنها تمتلك الكثير من الأراضي مع تأثير سياسي ضئيل نسبيًا في النظام الجديد.

ثم أصدرت الحكومة أوراقًا مالية معتمدة للجمهور – الأوراق التي وصلت أساسًا إلى العملة المدعومة من الأرض – والتي كان من المفترض أن تكون قابلة للاسترداد من خلال الأرض عن طريق حامليها في وقت لاحق. مع ذلك، انتهت الحكومة من إصدار الكثير من الأوراق المعتمدة في محاولة لسد العجز، وأدى تخفيض القيمة إلى تضخم غير قابل للسيطرة.


نيكاراغوا

عملة فرنسا
يونيو/حزيران 1986 – مارس/آذار 1991

معدل التضخُّم اليومي: 4%

تتضاعف الأسعار كل: 16 يومًا و 10 ساعات

عملة نيكاراغوا
عملة نيكاراغوا

القصة: في عام 1979، خضعت نيكاراغوا إلى الثورة التي جاءت بالساندينيين الشيوعيين في السلطة. جاء ذلك على خلفية الركود الاقتصادي العالمي والأزمة المالية في معظم أنحاء أمريكا اللاتينية حيث مستويات الديون المرتفعة القياسية والعجز من قِبل الدول على خدمة تلك الديون.

وقد خرب اقتصاد نيكاراغوا عن طريق الثورة – تقلص الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 34 في المئة بشكل تراكمي خلال 1978-1979. وعندما حصل الساندينيون على السلطة، قاموا بتأميم أجزاء كبيرة من الاقتصاد، الأمر الذي ساعد على الاضطراب الاقتصادي وعرقلة انتعاش اقتصادي.

وفي مواجهة ذلك، تحولت حكومة نيكاراغوا إلى سياسة مالية توسعية والاقتراض من الخارج لتحفيز الطلب المحلي. تسارع هذا الإنفاق في النصف الأخير من العقد لتمويل الحرب مع معارضي الكونترا. وفي حين تحكم وعالج الرأسمال القوي معدل الصرف وثبت التضخم، ابتعد الإصلاح الاقتصادي لعام 1985 عن مثل هذه السياسات مطلِقًا العنان للتضخم المكبوت في اقتصاد نيكاراغوا.

heres-the-full-table-of-all-56-hyperinflations-on-record
الجدول الكامل لأكثر 56 دولة تعرضت لتضخم جامح
الجدول الكامل لأكثر 56 دولة تعرضت لتضخم جامح
الجدول الكامل لأكثر 56 دولة تعرضت لتضخم مفرط