يُعدّ الجامع الأزهر واحداً من بين أشهر وأهم المساجد المعروفة في العالم المعاصر، للدرجة التي أهلت شيخه ليصبح المرجعية الدينية الأكثر احتراماً وتبجيلاً لدى الأغلبية الغالبة من المسلمين من أهل السنة والجماعة.

المفارقة المثيرة للاندهاش والتعجب، أن بدايات الأزهر لم تكن سنّية على الإطلاق، بل على العكس، فقد كان تأسيس هذا المسجد في بدايات العقد السادس من القرن الرابع الهجري/ العقد السابع من القرن العاشر الميلادي، يهدف بالمقام الأول إلى نشر التعاليم الشيعية الإسماعيلية، ودعم الخلافة الفاطمية في القاهرة ضد مثيلتها العباسية في بغداد.

كان الأزهر إذن في طوره الإسماعيلي، صاحب دور مؤثر في الحياة الدينية، كما كان له إسهام ملموس على صعيد الحياة الاجتماعية، وإضافة إلى كل ذلك، ارتبط اسمه بمجموعة من كبار علماء الشيعة الإسماعيلية المعروفين.

جامع القاهرة الشيعي

في نهايات القرن الثالث الهجري/ القرن العاشر الميلادي، تمكن الإمام الإسماعيلي عُبيد الله المهدي (ت322هـ) من تأسيس دولة قوية في بلاد المغرب الكبير، بعدما مهّد له الداعية أبو عبد الله الشيعي (ت298ه) الطريق، ونشر الدعوة الإسماعيلية بين قبائل كتامة الأمازيغية.

الفاطميون، وهو الاسم الذي عُرف به الأئمة الإسماعيليون في تونس، خططوا لغزو مصر منذ فترة مبكرة من تأسيس دولتهم، فأرسلوا إليها عدداً من الحملات المتتابعة بدءاً من سنة 301هـ/ 914م، ولكنها فشلت بسبب المقاومة الصلبة التي أبداها كافور الإخشيدي، حاكم مصر في تلك الفترة.

بعد وفاة كافور في 357هـ/ 968م، انفتح الطريق لمصر أمام الفاطميين، خصوصاً بعدما تقاعس العباسيون عن إرسال المساعدات العسكرية لحماية حدود مصر الغربية، وبالتالي لم يجد القائد الفاطمي جوهر الصقلي (ت381هـ) أي مشكلة في اجتياح الديار المصرية في 358هـ/ 969م، وإعلانها ولاية تابعة للخلافة الفاطمية.

الخليفة الفاطمي الرابع المعز لدين الله (ت365هـ)، قرر بعد إتمام هذا الفتح العظيم أن ينقل مقر حكمه إلى مصر لموقعها المتوسط وإمكانياتها البشرية والمادية الضخمة، وبالفعل خرج إليها فوصلها في رمضان 362هـ/ 973م، وعمل بعدها على تأسيس عاصمة جديدة لدولته، بالقرب من مدن الفسطاط والعسكر والقطائع، وهي العواصم السابقة لمصر الإسلامية.

وهكذا، شيد المعز مدينة القاهرة، وبني فيها قصوره الملوكية، التي حكم منها إمبراطورية متسعة، تمددت في أجزاء متفرقة من قارتي إفريقيا وآسيا، إضافة لبعض الجزر الأوروبية المهمة في البحر المتوسط.

في سياق كل تلك التوسعات العسكرية والسياسية، رأى المعز أنه من اللازم تشييد مسجد جامع جديد، يحمل الصبغة الشيعية القحة، ليكون منبراً للدعوة الإسماعيلية الفاطمية، فبني جامعاً جديداً، وهو الذي عُرف في بداية الأمر باسم «جامع القاهرة»، ثم ما لبث أن تغير اسمه بعد فترة للجامع الأزهر، وذلك بحسب ما يذكر محمد عبد الله عنان في كتابه «تاريخ الجامع الأزهر في العصر الفاطمي».

ورغم اشتهار الأزهر بهذا الاسم، فإن هناك اختلافاً واسعاً بين المؤرخين في تفسيره، إذ يذكر البعض أنه عُرف بالأزهر نسبةً لقصور الزهراء التي بناها المعز لدين الله لتكون مقراً لسكنى الأسرة الفاطمية، فيما يرجح آخرون أن تسمية الجامع بالأزهر ترجع للقب الزهراء، وهو اللقب الذي اشتهرت به السيدة فاطمة بنت الرسول، في المصادر الشيعية.

أعلام الشيوخ والطلبة في الأزهر الفاطمي

الباحث في تاريخ الأزهر، سيلاحظ أن اسمه ارتبط بمجموعة من كبار علماء الشيعة الإسماعيلية، من أمثال القاضي النعمان، ابن حيون المغربي، وأبنائه، ويعقوب بن كلس، وداعي الدعاة الشيرازي، والرحالة ناصر خسرو، وصاحب قلعة ألموت الحسن بن الصباح الحميري.

أول هؤلاء الأعلام كان القاضي النعمان بن محمد بن منصور بن أحمد بن حيون، المتوفى في 363هـ، والذي اشتهر في الأوساط الشيعية بلقب القاضي النعمان، وكثيراً ما تمت مقارنته ومضاهاته بالإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان المتوفى في 150هـ.

على الرغم من المكانة المهمة التي شغلها القاضي النعمان في عهود الخلفاء الفاطميين الأوائل، فإننا لا نعرف كثيراً عن أصوله أو الانتماءات المذهبية الأولى لأسرته قُبيل التحول للمذهب الشيعي الإسماعيلي، إذ ذهب بعض المؤرخين إلى أن أباه كان سنياً، على المذهب المالكي أو المذهب الحنفي، فيما ذهب البعض الآخر إلى أنه كان شيعياً، إثناعشرياً أو إسماعيلياً، وذلك بحسب ما يذكر الباحث المعاصر فرهاد دفتري في كتابه «الإسماعيليون».

ابن حيون، كان الفقيه المقدم في الفترة الأولى من الخلافة الفاطمية، إذ عاصر الأئمة الثلاثة الأوائل، المهدي والقائم والمنصور، كما كان ملازماً للمعز لدين الله الفاطمي أثناء فتحه لمصر، ويُحكى أنه قد حضر أول صلاة جمعة أقيمت فيه.

القاضي النعمان استكمل في القاهرة أبحاثه العلمية المُعمقة في الفكر الشيعي الإسماعيلي، ومن المُرجح أنه قد راجع في تلك الفترة مجموعة من كتبه الذائعة الصيت، ومنها «اختلاف أصول المذاهب»، و«افتتاح الدعوة»، و«دعائم الإسلام».

وعلى الرغم من الاختلاف المذهبي، فإن القاضي النعمان قد نال إشادة كبيرة من جانب مؤرخي أهل السنة والجماعة، ومنهم على سبيل المثال، شمس الدين الذهبي المتوفى 748هـ، عندما وصف النعمان في كتابه «سيّر أعلام النبلاء»، بقوله «وَله يَدٌ طُولَى فِي فُنُوْنِ العُلومِ وَالفِقْهِ وَالاختلاَفِ، وَنَفَسٌ طَوِيْلٌ فِي البحثِ، فَكَانَ علمُهُ وَبَالاً عَلَيْهِ. وَصَنَّفَ فِي الردِّ عَلَى أَبِي حَنِيْفَةَ فِي الفِقْهِ، وَعَلَى مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَانتصرَ لِفِقْهِ أَهْلِ البَيْتِ، وَلَهُ كِتَابٌ فِي اختلاَفِ العُلَمَاءِ، وَكتُبُهُ كبارٌ مُطَوَّلَةٌ. وَكَانَ وَافِرَ الحِشْمَةِ، عَظيمَ الحُرمَةِ، فِي أَولاَدِهِ قضَاةٌ وَكُبَرَاءٌ».

الملاحظة المهمة، أن صيت النعمان وعلمه في الجامع الأزهر لم ينقطع بوفاته في 363هـ، بل بقيت علومه محفوظة على يد مجموعة من علماء أهل بيته، الذين توارثوا منصب القضاء ومشيخة الجامع الأزهر على مدار ما يقرب من المائة عام، وكان من أهمهم كل من أبي الحسن علي بن النعمان المتوفى 374هـ، وأبي عبد الله محمد بن النعمان المتوفى 389هـ، والحسين بن علي بن النعمان المتوفى 394هـ، وعبد العزيز بن محمد بن النعمان المتوفى 401هـ، والقاسم بن عبد العزيز المتوفى 450هـ.

أيضاً، كان يعقوب بن كلّس (ت380هـ) واحداً من بين كبار الفقهاء الشيعة الذين ارتبطت سيرتهم بالجامع الأزهر في عهد الخليفة العزيز بالله (ت 386هـ)، ثاني الخلفاء الفاطميين بمصر. ابن كلّس، كان في الأساس يهودياً من أهل بغداد، رحل إلى بلاد الشام، ثم استقر بمصر، واعتنق الإسلام في دولة كافور الإخشيدي، فعينه الأخير في بعض المناصب المهمة في الدولة، ولما دخل الفاطميون لمصر، أعلن يعقوب عن تحوله للمذهب الشيعي الإسماعيلي، وصار من كبار علمائه، وألف مجموعة من الكتب المهمة الشارحة لأسس المذهب، ومنها «الرسالة الوزيرية»، التي جمعها من جملة الأقوال التي سمعها من الخليفة العزيز بالله، وقد اشتهرت هذه الرسالة بين الناس وكان الخلفاء يأمرون الناس بحفظها في الجامع الأزهر.

وفي السياق نفسه، يحتمل أن كثيراً من الدعاة والفقهاء الإسماعيليين المشهورين قد ارتبطوا بالأزهر في بعض فترات حياتهم، ومنهم على سبيل المثال، داعي الدعاة المؤيد في الدين الشيرازي (ت 470هـ)، الذي أشتهر بخبر مناظراته مع الشاعر الشهير أبي العلاء المعري (ت449هـ)، والمؤرخ الإيراني الشهير ناصر خسرو (ت453هـ)، والذي زار مصر وتحدث باقتضاب عن الجامع الأزهر في كتابه «سفر نامة»، فقال «وفي القاهرة أربعة مساجد جمعة الأزهر وجامع النور وجامع الحاكم وجامع المعز…». ومن المُرجح أنه قد زار الأزهر كثيراً، وتلقى فيه مجموعة من الدروس والمحاضرات التي أثرت فيما بعد في تكوينه المعرفي والمذهبي.

الحسن بن الصباح الحميري (ت518هـ)، زعيم طائفة الحشاشين في إيران كان أيضاً من بين طلبة العلم الذين حضروا بعض حلقات العلم في الجامع الأزهر، وذلك أثناء مكوثه في مصر لمدة عام ونصف العام في عهد الخليفة الفاطمي المستنصر بالله (ت487هـ).

كما ارتبط الأزهر أيضاً بسيرة مجموعة من العلماء الذين مروا على مصر في العصر الفاطمي، ولعل أشهرهم كان الحسن بن الهيثم (ت430هـ)، الذي استدعاه الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله (ت411هـ) إلى مصر لتنفيذ مشروع إقامة سد عظيم للنيل في أسوان، ومكث ابن الهيثم فترة طويلة في رحاب الجامع الأزهر، ومن المؤكد أنه قد حضر كثيراً من دروس العلم فيه، كما يُرجح أنه قد ألقى فيه بعض المحاضرات في مباحث العلوم الطبيعية.

ويذكر محمد عبد الله عنان أسماء العديد من أعلام الفكر والأدب الذين توثقت صلاتهم بالأزهر في العصر الفاطمي، ومنهم الكاتب والمؤرخ الشهير عز الملك المسبحي (ت420هـ)، والفقيه والمحدث والمؤرخ أبو عبد الله القضاعي (ت 454هـ)، والنحوي اللغوي أبو الحسن الحوفي (ت 430هـ)، وأبو العباس أحمد بن هاشم المصري (ت 445هـ)، صاحب الدراية الواسعة بعلم القراءات، وأبو الحسن طاهر بن أحمد المصري المعروف بابن بابشاذ (ت 469هـ)، العالم النحوي المعروف.

الأزهر جامعة إسماعيلية

إذا كان الأزهر قد أُسس في البداية ليكون مسجداً جامعاً يحمل الصبغة الشيعية الإسماعيلية، فإنه سرعان ما تطور ليصبح بمثابة الجامعة التعليمية، التي عملت على نقل العلوم الإسلامية عموماً، والإسماعيلية خصوصاً، في شتى جنبات العالم الإسلامي.

في هذا المعنى، يذكر محمد عبد الله عنان:

«لم يُنشأ– الأزهر- في الأصل ليكون جامعة أو معهداً للدرس، وليس ثمة في ظروف إنشائه ثم في ظروف حياته الأولى ما يدل على أنه أنشئ لمثل هذه الغاية، وإنما أنشئ الجامع الأزهر ليكون مسجداً رسمياً للدولة الفاطمية في حاضرتها الجديدة، ومنبراً لدعوتها الدينية، ورمزاً لسيادتها الروحية…»

أول ما درّس بالأزهر، كان الفقه الفاطمي على مذهب الشيعة، وخصوصاً مؤلفات القاضي ابن حيون، وكان المؤيد في الدين الشيرازي من أوائل من ألقى محاضراته في الأزهر، وهي المحاضرات التي وضح وشرح فيها مناظراته الشهيرة مع أبي العلاء المعري في عهد الخليفة المستنصر بالله.

وبحسب ما يذكر المؤرخ تقي الدين المقريزي المتوفى 845هـ في كتابه «اتعاظ الحنفا»، فإن تلك المحاضرات الفقهية قد بدأت في شهر صفر من عام 365هـ- أي بعد ما يقرب من أربع سنوات فقط من بناء الأزهر- وكان المحاضر هو القاضي علي بن النعمان، إذ «حضر إلى جامع القاهرة وأملى مختصر أبيه في الفقه عن أهل البيت ويعرف هذا المختصر بالاقتصار وكان جمعاً عظيماً‏، وأثبت أسماء الحاضرين».

غير أن الخطوة الأهم في سبيل تحول الأزهر إلى جامعة حقيقية، قد وقعت في عهد الخليفة الثاني العزيز بالله، على يد وزيره يعقوب بن كلّس، «فإن الوزير أبا الفرج يعقوب بن كلس سأل العزيز بالله في حمله رزق جماعة من العلماء كانوا بمسجد القاهرة، وأطلق لكلٍّ منهم كفايته من الرزق، وبنى لهم دارًا بجانب الجامع الأزهر، فإذا كان يوم الجمعة حلقوا بالجامع بعد الصلاة، وتكلموا في الفقه، وأبو يعقوب قاضي الخندق رئيس الحلقة والملقي عليهم إلى وقت العصر، وكانوا سبعة وثلاثين نفرًا»، وذلك حسبما يذكر أبو العباس القلقشندي المتوفى 821ه في كتابه «صبح الأعشى في صناعة الإنشا».

هذا التحول المهم سرعان ما لحق به تحول آخر على الصعيد المادي والاقتصادي، وذلك عندما أوقف الخليفة الحاكم بأمر الله مجموعة من الأوقاف على الجامع الأزهر، وكانت تلك الأوقاف توفر مبالغ معينة من المال الذي يحتاج إليه الأساتذة والطلبة، مما هيأ لهم الفرصة لمواصلة التعلم والدراسة دون الانشغال بطلب الرزق.

كل تلك الشواهد تؤكد دور الأزهر التعليمي المهم في العصر الفاطمي، وهو الرأي الذي يقف معه أكثرية الباحثين، بينما يرفضه باحثون آخرون، بدعوى أن تلك الأوقاف لم تكن مستمرة أو ثابتة، وكثيراً ما تعرض الأزهر للإهمال والتهميش، خصوصاً مع بزوغ نجم «دار الحكمة» التي استأثرت بالرعاية الفاطمية، ولعل المستشرق الألماني هاينز هالم كان من أهم الباحثين الرافضين لاعتبار الأزهر جامعة، وقد لخص رأيه في تلك المسألة في كتابه «الفاطميون وتقاليدهم في التعليم»، إذ يقول «إنه من الصعب جداً إطلاق تسمية جامعة على هذا المشروع؛ فقد تكون من إلقاء محاضرات عامة في الفقه وفقاً للمذهب الإسماعيلي فحسب، وتلقى الفقهاء مرتبات من الخزنة الخاصة للخليفة أو الوزير. حتى أنه لم يكن هناك من وقف يضمن الاستمرارية لهذا المعهد».

كيف ظهر الأزهر في التدين الشعبي الفاطمي؟

على العكس من الانطباع السائد، فإن الأزهر الفاطمي لم يستأثر وحده بتأدية الطقوس والشعائر بشكلها الرسمي، إذ لم يزد نصيبه في كل عام، عن زيارة واحدة من الخليفة الفاطمي ليؤدي فيه صلاة الجمعة، وكان حاله في ذلك كحال جامع الحاكم بأمر الله، وجامع عمرو بن العاص، والذي شهد كل منهما زيارة واحدة من الخليفة في كل عام.

الملاحظة المهمة أيضاً، أن الجامع الأزهر لم يحظ بالمرتبة الأولى فيما يخص إقامة الاحتفالات الفاطمية الشعبية، ذات الصبغة الشيعية، وذلك على العكس من المساجد التي ضمت رفات الأولياء من آل البيت، ومنها على سبيل المثال المشهد الحسيني، والذي كان شاهداً على أكثرية المناسبات الفاطمية، ومن بينها عيد الغدير، وعاشوراء والمولد النبوي.

مع ذلك، يمكن القول إن المناسبة الاحتفالية الأهم، التي أقيمت في ساحة الجامع الأزهر، قد تمثلت في «ليالي الوقود»، والتي تشير لليلتي الأول والخامس عشر من رجب، والأول والخامس عشر من شعبان، فضلاً عن ليلة الإسراء والمعراج، وكل تلك الليالي كانت تحظى بأهمية كبيرة في المعتقد الشيعي الإسماعيلي.

وبحسب ما ينقل لنا المقريزي في كتابه المهم «المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار»، فإن الخلفاء الفاطميين قد اعتادوا على الحضور إلى منظرة تقع بجوار الجامع الأزهر، في تلك الليالي تحديداً، وكان القاضي يعمل على إشعال عدد كبير من الشموع والقناديل، ويتابع بنفسه قراءة المقرئين للقرآن، وإنشاد المنشدين للأدعية والابتهالات الدينية، فيما توزع الحلوى والأطعمة على الحضور، والذي كان السواد الأعظم منهم يتألف من الأعيان والخاصة.

من هنا يمكن القول إن الأزهر لم يستقطب إليه السواد الأعظم من العامة أو أصحاب الطبقات الدنيا أو المهمشة، بل بقي بمثابة الرمز الرسمي الذي يعبر عن توجهات السلطة الفاطمية، وهو الأمر الذي ظهرت نتائجه فيما بعد، عندما تعرض الأزهر– دوناً عن باقي المساجد ذات الحضور الطقوسي الشيعي، ومنها المشهد الحسيني على سبيل المثال- للإغلاق والإهمال في عصر الدولة الأيوبية، حتى أعيد افتتاحه في عهد السلطان المملوكي ركن الدين بيبرس، بعد أن حولت دفته المذهبية ناحية المذهب السني.