العاشرة صباحًا .. غرفة الأطباء في واحدةٍ من كبريات مستشفيات العزل لعلاج حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد ..  حوارٌ بين طبيبيْن أثناء استلام وتسليم النوبة الصباحية.

  • أما المريض الجديد الذي أدخلته إلى العناية المركزة في سهرة البارحة على سرير 354، فشأنه عجيبٌ عجيب، ولكن لحسن الحظ أنك أنت تحديدًا يا شيخ محمد مَن ستتسلم تلك الحالة الآن (يقهقه في سخرية)، فأنت الوحيد القادر على التفاهم معه.
  • سأمحو محوًا تلك اللحية التي لا تكف عن نعتي بالشيخ كلما زاد طولها على مليمترٍ وربع.. ما قصة هذا المريض؟
  • لقد جاء إلى استقبال الطوارئ وهو يرتدي أزياءً فلكلورية عجيبة، ويكأنه قادمٌ رأسًا من كتاب التاريخ. وكان مُصابًا بارتفاعٍ شديد في درجة الحرارة، وضيق بالتنفس، ولم يكن بصحبته أحد، وكان يردد كلامًا غريبًا ومتشنجًا عندما سألوه عن التاريخ المرضي والشكوى الطبية، فاعتبر المدير الليلي حالته شديدة الخطورة، وأمر بإدخاله إلى المشفى لتلقي العلاج الطارئ، مع إبلاغ السلطات بعدم وجود أوراقٍ ثبوتية بحوزته.
  • ولماذا ذكرتَ أنني أجدر الناس بالتعامل مع مثل هذا الشخص؟! هل تراني استشاريًا في الطب النفسي؟
  • انظر إلى هذا المقطع الذي صوَّره أحد أفراد الأمن أمس في الاستقبال عندما ثارث ثائرة هذا المريض على الجميع.

يهدُرُ صوتُ المريض – رغم تسارع أنفاسه، وعلامات الوهن البادية عليه – في المقطع المصور بأبياتٍ شعرية عمودية، استطاع الطبيب محمد أن يميز من بينها:

وزائرتي كأنَّ بها حياءً ….. فليسَ تزورُ إلا في الظلامِ
يضيقُ الجلد عن نفسي وعنها … فتُوسعُهُ بأنواع السّقام
أبنتَ الدهرِ عندي كُلُّ بنتٍ ….. فكيفَ وصلتِ أنتِ من الزحامِ؟!
جرحْتِ مُجرَّحًا ما عادَ فيه ….. مكانٌ للجراحِ ولا الكِلامِ!
بنت الدهر: مصيبته، والمقصود الحمى / الكِلام: الجروح والإصابات
  • إنها أبياتٌ شهيرة لأبي الطيب المتنبي عندما أصيب بالحمى أثناء إقامته الإجبارية في مصر قبل 11 قرنًا.. غريبٌ فعلًا. هل هو باحثٌ في الأدب أو التاريخ وقست عليه الدنيا، فأذهبت عقله، وفوق ذلك أصيب بكوفيد-19؟!
  • الله أعلم يا صديقي .. عامةً هو مريضك الآن، وأتوقع أنكما ستشكلان ثنائيًا رائعًا في هذه النوبتجـ …

( يقطع حوارهما صوت جلبة كبيرة قادم من داخل جناح الرعاية المركزة، فيخرجان لاستطلاع الأمر )

  • ماذا يحدث هنا، لِمَ كل هذا الصياح؟ يوجه كلامه إلى تجمع من الممرضين قرب سرير المريض غريب الأطوار، والذي ألقى قناع الأكسجين بعيدًا، ونزع الأربطة التي كانت تكبّله بجوانب السرير، بينما كان ينظر للجميع في تحفزٍ لم يقطعْهُ أنفاسُه اللاهثة. 
  • ما المشكلة يا سيدي، ما الذي أغضبك؟!

(خيَّم الصمتُ لنصف دقيقة، قبل أن يخرقه المريض رافعًا عقيرتَه ببيْتيْن من شعر المتنبي، ويكررهما عدة مرات في تأثر شديد)

ذراني والفلاةَ بلا دليلٍ ….. ووجهي والهجيرَ بلا لِثامِ
فإني أستريحُ بذا وهذا ….. وأتعبُ بالإناخةِ والمُقامِ!
(الفلاة: الصحراء القاحلة – الهجير: الحر الشديد)

تميل إحدى الممرضات على الطبيب محمد، متسائلة عما يريدُه المريض، وإن كان يُوجِّه سبابًا من نوعٍ ما، فأجابها:

  • إنه يريد أن يغادر عائدًا إلى الصحراء، ليواصل رحلته.
  • هل يسكن قرب الطريق الصحراوي يا دكتور؟!

لحسن الحظ، حجب القناع الطبي تعبيرات وجهه المستهجنة، والتي كانت ستُحرجُ الممرضة المسكينة كثيرًا.

المتنبي وأنا

على مدار الأيام التالية، كنتُ أقضي أكثرَ وقت نوبتجياتي بجوار سريره، أحاولُ أن أجاذبَه أطراف الحديث، وأكسِرَ الكثير من جبال الجليد بينه وبين زمكانه الحالي.

إنه يصر على أنَّه الشاعر المشهور أبو الطيب المتنبي. لم يذكر هذا صراحة، فهو لا يتكلم تقريبًا، وإنما يخاطبنا طوال اليوم من خلال أبيات شعر المتنبي حصريًا، وكأنه يترفَّع عن استخدام أية كلمات سوى تلك التى أنتجتها قريحته/قريحة المتنبي.

عندما كنتُ أسأله عن تفاصيل تاريخه المرضي، وكيف أصيب بالعدوى، اتجه بنظراته بعيدًا وكأنه يخاطب جمهورًا خياليًا في زاوية القاعة، وصاح:

يقولُ ليَ الطبيبُ أكلتَ شيئًا ….. وداؤُك في شرابِك والطعام
وما في طِبِّهِ أني جوادٌ ….. أضرَّ بجسمِهِ طولُ الجَمامِِ
الجمام: الراحة الكسولة

هذا على الرغم من أنني لم أذكر الطعام ولا الشراب طوال حديثي معه. 

وعندما ألزمتُه بوضع قناع الأكسجين نظرًا لانخفاض نسبة الأكسجين في دمائه على هواء الغرفة، والتي قد تودي بحياته، تحاملَ على وهَنِه، ونظرَ إليّ بتأثرٍ شديد، وقال:

غيرَ أنَّ الفتى يُلاقي المنايا كالحاتٍ ولا يلقى الهوانا!

رددت عليه بأن الاستشهاد بذلك البيت في هذا المقام إغراقٌ في المبالغة، وأن خلع الأكسجين ومقاساة ضيق التنفس دون داعٍ هي ضربٌ من إيذاء النفس وانتحارٌ بطيء، وليس من ضروب الشجاعة. 

توقعتُ أنَّ ذاتَه الفخورة ستشعرُ بالغضب إزاء هذا الانتقاد، لكنني تفاجَأت أن عينيْه قد التمعتَا ببريقٍ من الرضا، قد يكون مصدرُه أنه يُقدر إحاطتي بالكثير من شعره/شعر المتنبي، وتلميحي للبيت الذي يلي ذلك الذي استخدمَه ..

ولو كانتِ الدنيا تدومُ لحيٍّ …. لعددْنا أضلَّنا الشُّجعانا

لكنَّهُ بعدَها وجَّهَ صوبي ابتسامةً نادرة، أعقبها صمتٌ طويل أشعرني بمزيجٍ من الترقب والقلق، إذ خشيت أن تكون تلكَ الابتسامة الغريبة تجسيدًا لبيت المتنبي الشهير في التشكيك في صدق مشاعر أهل زمانه

فلمَّا صارَ وُدُّ الناس خِبا …. جزيْتُ على ابتسامٍ بابتسامِ 
(خِبًا: مكرًا ووخداعًا)

ومن أطرف المواقف وأغربها، ما فعله عندما قدَّمت له إحدى الممرضات طعام العشاء، وكانت قد تأخرت قليلًا في تقديمه إليه. لقد ألقى بالطعام على الأرض في لمح البصر، ثم هدرت عقيرتُه الغاضبة:

ولا أُمسي لأهلِ البُخلِ ضيفًا …. وليسَ قِرىً سوى مُخِّ النعامِ!
قِرى: طعام الضيف

حاولتُ التدخل لتهدئة الموقف، وللدفاع عن الممرضة المسكينة التي لم تقصِد أن تتأخر عليه، فنظر إليَّ بغضبٍ ظاهر، أتبَعَهُ بإتحافي ببيتٍ من الشعر كنتُ أخشاه:

وصِرتُ أشكُّ فيمن أصطفيهِ …. لعلمي أنهُ بعضُ الأنامِ
وآنَفُ من أخي لأبي وأمي …. إذا ما لم أجِدْهُ من الكرامِ
آنف: أكره

حاولت جاهدًا أن أتبيَّن منه هل له أقرباء أو أصدقاء أو معارف، فكان يتجنب الحديث في هذا الشأن بإصرار يفوق إصرار الفهد في أمتاره الأخيرة قبل الانقضاض على الفريسة. لكن يبدو أن إلحاحي بدأ يؤتي بعض ثماره، فقرر أن يعاجلني ببيتٍ شعريٍّ كئيب يغلق باب الحوار :

نبكي على الدنيا وما من معشرٍ ….. جمعتهُمُ الدنيا فلم يتفرَّقوا

عليلُ الجسمِ ممتنِعُ القيامِ  

أعترف أنني بعد قضاء ثلاث نوبتجيات بجوار هذا المريض غريب الأطوار قد بدأتُ أصدق أنَّ هذا هو فعلًا أبو الطيب المتنبي. أستغفر الله العظيم، لا أقصد أنني أؤمن بتناسخ الأرواح، أو بعودة الموتى قبل يوم البعث .. هل يكون السفر عبر الزمن الذي بشّرنا أينشتاين بإمكانه رياضيًا؟! حقيقة لا أدرى. هل هو حالةٌ متقدمة من حالات التقمص وإتقان التمثيل؟

إنه ظاهر الذكاء رغم شدة المرض، شرحتُ له موجزًا سريعًا عن زماننا، ومجملِ أحواله، فثارت ثائرته كأبي الهول في أغنية الديناصور الشهيرة لفرقة كايروكي الموسيقية، وقال كما توقَّعتُ:

نامتْ نواطيرُ مصرٍ عن ثعالبِها ….. فقد بشِمْنَ وما تفنى العناقيدُ 
نواطير: حراس / بشِمْن: سمنوا من كثرة ابتلاع خيرها

ثم ارتفع صوته مجلجلًا في كافة أرجاء المكان:

أكًلَّما اغتال عبدُ السوءِ سيِّدَهُ …. أو خانَهُ، فلهُ في مصرَ تمهيدُ؟!

كرَّرها مراتٍ عديدة، حتى ظننتُ أنه لن يتوقَّف أبدًا إلا وقد انقطعت أنفاسه تمامًا، واضطررنا لوضعِه على جهاز التنفس الصناعي. حمدتُ الله كثيرًا أن معظم المتواجدين لا يفقهون شيئًا في الشعر العربي الفصيح، وإلا أصبحت أن وهذا المتنبي في موقفٍ لا نُحسَد عليه.

أُعجِِبَ كثيرًا بمواقع التواصل الاجتماعي، وأصرَّ أن أُنشِئ له حسابًا على «فيسبوك» سماه: (غريبُ الوجهِ واليدِ واللسانِ)، وكان أول منشورٍ له هو:

أقمتُ بأرضِ مصرَ فلا ورائي ….. تخبُّ بيَ الركابُ ولا أمامي
قليلٌ عائدي، سَقِمٌ فؤادي ….. كثيرٌ حاسدي صعبٌ مرامي
تخب بي الركاب: تصدر النوق أصواتًا أثناء حركتها / مرامي: هدفي وغايتي

لكن ثارت ثائرتُه، وحنِقَ على جحود الزمان وأهلِه، لأن التفاعلات والإعجابات وطلبات الصداقة لم تنهمر عليه كالمطر كما توقّع، وكذلك شعر بإحباط شديد لأنه لم يجد حسابًا لحبيبته خولة الحمدانية، ولا لأخيها سيف الدولة الحمداني. تفاعل حِنقُهُ مع إحباطه، فتولَّد عنهما طاقة نووية من الغضب الخام، أودَعها منشورًا ثائرًا جديدًا:

أقرارًا ألذُّ فوقَ شِرارٍ ..… ومرامًا أبغي وظُلمي يُرامُ
حتى تشرقَ الحجازُ ونجدٌ ….. والعراقانِ بالقنا والشامُ 
(يتوعد المتنبي بالانتقام لما يراه ظًلمًا له بشنِّ بحربٍ تطال فيها رماح جيشه الجزيرة العربية والكوفة والبصرة والشام)

أوشكت أن أكتب عنده تعليقًا «والله كبَّرت الموضوع يا أبا الطيب»، لكنني خشيت أن أغضبَه أكثر، فحاولت تهدئة خواطره، ونصحتُهُ بأن يسيطر على غضبه، لأن الانفعال يمثل ضغطًَا كبيرًا على صحته، ومناعته، وقد تتدهور صحته ويحدث ما لا يُحمَد عُقباه. نظر إليَّ في إباءٍ وشمَمٍ قائلا:

وإنّي لمن قومٍ كأنَّ نفوسَهم ….. بها أنَفٌ أن تسكُنَ اللحمَ والعظما 
أنَفٌ: كراهية

ثم أشاح بوجهه عني، وغطَّ في نومٍ عميق.

هروب؟!

فرُبّّتَما شفيتُ غليلَ صدري ….. بسيْرٍِ أو قناةٍ أو حُسامِ
(بيتٌ للمتنبي يؤكد فيه أنه لا يحب الاستقرار، ويفضل عنه السفر والحرب ومصادقة الرماح والسيوف)

احتلَّ التوتر المحموم كل زاوية في أعماقي، إنها المرة الأولى التي يحدث فيه ذلك الموقف في هذا المستشفى الكبير. لقد اختفى هذا المتنبي، وكأنه كان حديثًا من خرافة أو منام.  كيف يمكن لمريض عناية مركزة مصاب بالتهاب رئويٍّ أن يفر من هذا المكان الضخم المُدجَّج بالعاملين وبكاميرات المراقبة، والمطل على شارع رئيسي، دون أن يشعر به أحد، أو يُقتَفى له أيَّ أثر؟!

ما يبعث على الصدمة أكثر هو حالة اللامبالاة في عيون الجميع هنا، وكأنَّ شيئًا لم يكن. هل يكون هناك قلق كبير لا أراه على وجوههم خلف الأقنعة؟ لو كان هذا صحيحًا لكان من المفروض أن أتلمَّس توترًا كبيرًا في الأجواء، لكنني في الواقع أشعر بأجواءٍ اعتيادية مستفزة للغاية، وكأن ما اختفى ليس مريضًا من لحمٍ ودم، إنما هباءٌ منثور، أو طيفٌ من خيا … خيال؟!

ترددتُ كثيرًا قبل أن أسألَ التمريض عما حدث، ثم فعلت، وياليْتني لم أفعلْ. لقد تضاعفت صدمتي أكثر عندما أخبرونني أن سرير 354 لم يكن مشغولًا من الأساس على مدار الأيام الثلاثة الماضية! انعقدَ لساني ولم أستطِع أن أنطِق بمثقال ذرةٍ من رد. 

هرعت بشكلٍ مضطرب إلى سرير المريض، وبحثت في الأدراج، فوجدت ورقةً صغيرة  دُوِّنَ فيها هذان البيتان من شعره/شعر المتنبي:

وضاقتْ خُطَّةٌ فخَلُصْتُ منها ….. خلاصَ الخمرِ من نسجِ الفِدامِ
وفارقْتُ الحبيب بلا وداعٍ ….. وودَّعْتُ البلادَ بلا سلامِ
الفدام: قماشٌ كان يستخدم لتصفية الخمر من الشوائب قديمًا

لكن كانت أم الصدمات بالنسبة لي في هذا اليوم، أن الخط الذي كُتِبَت به الأبيات هو خطٌّ مألوف للغاية، لأنه ببساطة خطي ! ….. شعرت بأن كل ما حولي يهتز ويتذبذب كإرسال تلفزيوني يتعرض للتشويش، وأخذت أنظر إلى يدي فشعرت أنها تنحني كالمعلقة التي كان ينظر إليها الطفل في بيت العرافة في فيلم ماتريكس الشهير.

ليلٌ داخلي/ غرفة كبير الأطباء في مصحة نفسية مرموقة 

اكتستْ وجنتا الشابة الصغيرة بنهرٍ صغيرٍ من الدموع الحارة، وهي تجلسُ قبالة مكتب الطبيب الأشيب، والذي اعتدل  في مجلسه ووجَّه كلامَه إليها قائلًا:

  • لا تقلقي .. لقد حدث تقدمٌ كبير في حالةِ أخيكِ في الأيام الأخيرة، وأوشكتِ الهلاوسُ السمعية والبصرية على الاختفاء، وعاد إليه جزءٌ كبير من بصيرتِه، واختفت معظم الأفكار الغرائبية التي كانت تصدر منه، وخلال أسابيع قليلة من هذا التحسن يمكنُ أن نقول إنه قد تجاوز إصابته بالفصام الشديد الحاد. ولعلَّك قد لاحظتِ فارقًا في نظرات عينيِه وطريقة حديثه.
  • هل يمكن أن يعود قريبًا إلى عمله وسابق حياتِه الاجتماعية؟
  • دعينا نؤجل هذه الخطوة قليلًا، إذ أخشى أن أعرضَه إلى ضغوطٍ نفسية شديدة قبل الأوان، وأنتِ تعلمين أن الضغط الذي أحدثه وفاة والديْكما، وصديقه المقرب بعد إصابتهم بكورونا، وجلدِه لذاته كسببٍ في نقلِ العدوى إليهم رغم التزامه الشديد بالإجراءات، قد أدخله في تلك الدوامة المرضية الخطيرة. وسنبدأ في المرحلة القادمة إلى جانب الأدوية القوية في استغلال بصيرته المُستعادة من أجل تعديل أفكاره، وتصحيح المفاهيم التي وضعته تحت طائلة هذا الضغط الكبير. لكن دعيني أخبرك أن أخاك من أكثر الحالات اللافتة التي واجهتُها في حياتي.
  • إنه دائمًا ما كان متميزًا في مجال دراسته وخارجه، فلا بد أن مرضَه لم يكن أقل تميزًا وثِقلا.
  • بالفعل، يبدو أنه كان يجمع بين المعرفة والذكاء، ولاحظت أنه طوال اليوم يكتب أشعارًا ميَّزتُ عن طريق جوجل أنها للمتنبي، وأظن أن عقله الباطن وكمحاولةٍ لتخفيف وطأة وقائع تلك الوفاة، صنع له عالمًا موازيًا يكون فيه داخل مستشفى العزل يعالج حالات كورونا، ومنها المتنبي شخصيًا. احتفظي بتلك الكراسة التي يبدو أنها كانت تذكرة المريض أبو الطيب المتنبي، رقم 354، وبها بروتوكول علاجٍ كامل للمتنبي من الإصابة بكورونا !. تصوَّرتُ أنه سيغضب كثيرًا لاختفائها، لكن يبدو أن إفاقته التدريجية قد أنستْه أمر الكراسة، ومرض المتنبي برُمَّتِه !
  • أنا صراحةً لا أفقه كثيرًا في الشعر والتاريخ، ولكن أخي بالفعل كان كثير الشغف بالمتنبي، ويضع أشعاره في كل زاويةٍ من حوائط غرفته ..

احتضنتِ الكراسة بتأثرٍ شديد، وانهمرت دموعها على الصفحة الأولى منها حتى امتزجت بالحبر الذي كُتب به فيها:

لولا مفارقةُ الأحبابِ ما وجدتْ ….. لها المنايا إلى أرواحِنا سُبُلا