أطفال برتب عسكرية: 6 دول عربية تُجند أطفالها في النزاعات

أطفال شيعة يتدربون على حمل السلاح
لا يجوز أن تقوم المجموعات المسلحة المتميزة عن القوات المسلحة لأي دولة في أي ظرف من الظروف بتجنيد أو استخدام الأشخاص دون سن الثامنة عشرة في الأعمال الحربية

المادة الرابعة من البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة

يظهر النجم الأمريكي «نيكولاس كايدج» بفيلم «lord of war» في قصر أحد جنرالات الحرب الأفريقية يبيع له السلاح مقابل حفنة من الماس، لينتهي هذا السلاح في أيدي أطفال تم تجنيدهم في صفوف القوات المتحاربة، بينما يظهر في مشهد آخر طفل مبتورة ذراعه بسبب هذه الأسلحة.

ويبدو أن هذا المشهد قد تقدمه «هوليود» مجدداً ولكن هذه المرة سيظهر في الصورة طفل عربي وليس أفريقيًا، بعد انتشار ظاهرة تجنيد الأطفال في الصراعات التى يشهدها الوطن العربي بعد أن كانت محصورة في دولتي السودان والصومال فقط من بين الدول العربية، وتظهر على استحياء في العراق.


1. سوريا: كل الأطراف متورطة

ما بين هجوم بالبراميل المتفجرة وغارة لطائرات التحالف الدولي، وحملة إعدامات لتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» أو الدفن في قوارب الموت بمقبرة البحر المتوسط؛ يأتى تجنيد الأطفال كفاصل أخير في مأساة أطفال سوريا، فالحرب المستمرة منذ 2011، لم تعدم وسيلة لتحويل حياة الأطفال إلى حجيم يفوق سنوات عمرهم.

و يكشف التقرير السنوي للأمم المتحدة الذى يغطي انتهاكات عام 2015، والصادر في يونيو/ حزيران 2016 تورط كافة الفصائل المتحاربة في تجنيد الأطفال ويأتي على رأسها تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»

وقال التقرير إنه:

تمت حالة من حالات تجنيد الأطفال واستخدامهم، وتم عزوها إلى كل من تنظيم داعش، 274 حالة، والجيش السوري الحر والجماعات المرتبطة به، 62 حالة، ولواء التوحيد، 11 حالة، واللجان الشعبية، 5 حالات، ووحدات حماية الشعب الكردية، 4 حالات، وأحرار الشام، 3 حالات، وجبهة النصرة، حالتين، وجيش الإسلام، حالة واحدة

و أضاف التقرير أن 56 % من الحالات التى تم التحقق منها كان الأطفال فيها أقل من سن 15 سنة، مما يمثل زيادة كبيرة بالمقارنة مع عام 2014، مع استمرار المرتبات المرتفعة وكذلك الاستقطاب الأيديولوجي أهم الأسباب الأساسية لانخراط الأطفال في صفوف القوات المتقاتلة في سوريا.

وقبل شهر واحد من تقرير الأمم المتحدة، دشن فريق «توثيق انتهاكات جبهة النصرة JNV» حملة «أطفال لا جنود» لمحاولة الحد من تجنيد الأطفال في الشمال السوري وذلك في مايو / آيار 2016.

وطبقاً للحملة فإن فريقها رصد تجنيد نحو 500 طفل عقب حملة «انفر» الذى أطلقها مركز «دعاة الجهاد»، برئاسة الداعية عبد الله المحيسني المقرب من النصرة، أبريل/ نيسان 2016، وتستهدف حملة «أطفال لا جنود » الأهالي إلى جانب أبنائهم، متضمنة جلسات نقاش معهم يديرها نشطاء ومدرسون، إضافة إلى الجرافيتي،كما توزع مواد دعائية للاطفال وذويهم تحذرهم من عواقب تجنيد الاطفال.

و يؤكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن جميع الأطراف المتحاربة تقوم بتجنيد الأطفال في سوريا، ووفقاً لتصريحات رامي عبد الرحمن مؤسس المرصد في أغسطس / آب 2016 إن تجنيد الأطفال بات ظاهرة لدى كل الفصائل المقاتلة في سوريا. وأضاف أن المعارك التي خاضها تنظيم داعش مع الوحدات الكردية في يوليو / تموز 2016 قد شهدت مقتل نحو 250 طفلا مما يعرفون بأشبال الخلافة، بينما شهدت معركة الكليات جنوب حلب قتل نحو 150 طفلاً كانوا يقاتلون في صفوف الفصائل الإسلامية الأخرى.

ويشير مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن فصائل مثل «لواء القدس الفلسطيني» وفصائل سورية أخرى تقاتل إلى جانب النظام السوري قامت بتجنيد قصر، مؤكدا في الوقت ذاته أن وحدات حماية الشعب الكردية هي الأخرى جندت أطفالا في صفوفها بالرغم من إنكارها ذلك.

وفي يوليو / تموز 2014 كشفت قناة «العربية» عن تجنيد المئات من القصر دون الـ18 عاماً في معسكرات قتالية خاصة يشرف عليها ضباط من جيشه، بالإضافة إلى تدريب عدد كبير من طلاب وطالبات المرحلة الثانوية على استخدام السلاح والأعمال المسلحة، للزج بهم في المعارك ضمن صفوف جيش النظام، في كتيبة أطُلق عليها اسم «كتيبة البعث»، لعسكرة الصغار في المدارس التعليمية.


2. العراق: أشبال صدام البداية وداعش والأكراد متورطان

كانت العراق من أوائل الدول التي عملت على تجنيد الأطفال، وطبقاً لكتاب «بعث العراق.. سلطة صدام قياماً وحطاماً» للكاتب اللبناني فإنه في عام 1997 أصبح الأطفال بين سن 12 – 17 عاما الانتساب لمعسكرات تجرى فيها تدريبيات قتالية قاسية، وبعد 3 سنوات أقيم المعسكرات لمدة 3 أشهر سنوية ضمن برنامج «أشبال صدام» وتتم معاقبة الأهالى المتخلفين عن إرسال أبنائهم إلى هذه المعسكرات بعقوبات اجتماعية مثل إلغاء بطاقة التموين العائلية.

وفي 2010 كشف تحقيق نشرته شبكة «أريج» للصحافة الاستقصائية، كشف قيام تنظيم القاعدة بتجنيد الأطفال في «ديالي» و«الأنبار» ضمن تنظيمات خاصة للأطفال حملت أسماء «طيور الجنة» لأبناء التنظيم، وكذلك «أشبال الجنة» المسئول عن استقطاب الأطفال والمراهقين ذي المواصفات الصالحة للمعارك القتالية، وتبدأ مهامها من المراقبة لعمليات الاغتيال وانتهاء بالعمليات الانتحارية.

ووفقا لتقرير الأمم المتحدة السنوي عن عام 2015، فقد تم تجنيد واستخدام 37 طفلاً. ومن أصل هذه الحالات، نسبت 19 حالة منها إلى داعش، وست حالات إلى حزب العمال الكردستاني وغيره من الجماعات المسلحة الكردية، و12 حالة إلى مجموعات تندرج تحت مظلة قوات الحشد الشعبي.

قال التقرير إنه تم التحقق من حالات تجنيد الأطفال التي قامت بها قوات الحشد الشعبي، من إجبار ثمانية فتيان على الانضمام إلى معسكر تدريب عسكري وتجنيد أربعة فتيان لقوا حتفهم أثناء المعارك التي دارت ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق. ورصد التقرير بلاغات عن وقوع 174 عملية أخرى لتجنيد الأطفال، 169 من قِبل تنظيم داعش، و3 من قِبل حزب العمال الكردي، و2 من قِبل قوات الحشد الشعبي، ولكن لم يتسن التحقق من هذه العمليات. وقد تم رصد بلاغات أخرى عن أطفال مجندين لدى التنظيم في الأنبار ونينوى تورطوا في تنفيذ عمليات إعدام.

وفي تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش، صدر في 30 أغسطس/ آب 2016، نقلت المنظمة عن شهود عيان أن مجموعتين مسلحتين من «الحشد العشائري» جنّدتا ما لا يقل عن 7 أطفال كمقاتلين من مخيم ديبكة في 14 أغسطس/ آب 2016 واقتادتهم إلى بلدة قريبة من مدينة الموصل، حيث تستعد قوات الأمن العراقية لشن هجوم على تنظيم الدولة الإسلامية، لطرده من المدينة.


3. ليبيا: أشبال الخلافة تخرج من المساجد

اعتمد تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» أسلوب تجنيد الأطفال في كل الدول التي له فروع بها ومن بينها «ليبيا».

وطبقاً للمركز الليبي لدراسات الإرهاب، فإن التنظيم أسس أول معسكر لتدريب الأطفال على الأعمال القتالية وتخريج «أشبال الخلافة» في درنة شرق ليبيا في 2014، تلاه معسكر آخر في سرت، ثم صبراتة وبني غازي، ويتلقون فيها تدريبات قتالية عنيفة بالإضافة إلى ما يشبه عمليات غسل الدماغ لتحفيزهم على العمليات الإرهابية تحت مسمى الجهاد.

و طبقاً لتقرير لشبكة «سي إن إن» فإن التنظيم يعتمد أسلوب الترغيب والترهيب عن طريق تقديم الأموال وغيرها من الأمور المحببة إلى أطفال، وتقديم مكافآت عن عمليات الاغتيال حتى لو اقتصر دور الطفل على المراقبة، وتتم مضاعفة المبلغ إذا قام الطفل نفسه بالاغتيال، كما يتم استخدام الأطفال كمرشدين على الناشطين والمعارضين للتنظيم، وأن تجنيد الاطفال يبدأ داخل المساجد التي يسيطر عليها التنظيم.

ونقل التقرير عن نائبة بالبرلمان الليبي أن التنظيم تجاوز التجنيد في المدارس ووصل إلى التعبئة من خلال المدارس بفرض منهج دراسي جديد، بالإضافة إلى قنوات التنظيم.


4. اليمن: السنة والشيعة يتفقان على تجنيد الأطفال

في تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» في مارس / آذار 2016 بعنوان «طفولة على حافة الهاوية»قالت المنظمة إنها تمكّنت من توثيق 848 حالة من ضمنها أطفال تصل أعمارهم إلى 10 أعوام تم إجبارهم على القتال.

وقالت المنظمة في نفس التقرير إن كل أطراف الحرب الدائرة متورطة في تجنيد الأطفال، وأنها ضاعفت من استخدام الأطفال في العمليات القتالية.

وبحسب تصريحات لمسئولي اليونيسيف فإن هناك 40 ألف طفل في صفوف الجيش اليمني، بينما لا يعرف عدد الأطفال المجندين في الجماعات المسلحة.

وفي التقرير الأمم المتحدة السنوى اتهمت المنظمة الحوثيين باعتبارها الطرف الأكثر تورطاً في تجنيد الأطفال، بينما قالت تقارير حقوقية محلية باليمن إن الحوثيين تورطوا في تجنيد 10 آلاف طفل في صفوفها، وهو الرقم الذى لم يتم تأكيده أو نفيه.


5. السودان: تجنيد الأطفال ينتهي في الشمال ويتزايد في الجنوب

كان السودان من الدول العربية الأولى في ظاهرة تجنيد الأطفال، حيث انتشرت الظاهرة منذ نهايات القرن الماضي، وكانت الحرب في دارفور سبباً في ازديادها، إلا أن شمال السودان تشهد حالياً خطة برعاية الأمم المتحدة للقضاء عليها، بينما تشهد جنوب السودان ازديادا خطيرا في انتشار الظاهرة.

وكانت الحكومة السودانية بالخرطوم قد وقعت اتفاقا لوقف تجنيد الأطفال مع منظمة الطفولة التابعة للأمم المتحدة «اليونيسيف» في مارس /آذار 2016، وهو ما يعد اعترافا رسميا من الحكومة بتجنيدها للأطفال رغم إنكارها، فيما وقعت الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال نفس الاتفاق في أغسطس/ آب 2016، وبموجب هذا الاتفاق فإن الحكومة السودانية والحركة ستقومان بإطلاق سراح الأطفال المجندين لديها على دفعات.

وفي الجنوب حذرت اليونيسيف في أغسطس/ آب 2016 مما اعتبرته «زيادة كبيرة» في أعداد الأطفال المجندين في الحرب الدائرة بالجنوب منذ 2013.

واندلعت الحرب الأهلية في جنوب السودان في 2013، ومنذ ذلك التوقيت فإن 16 ألف طفل تم تجنيدهم سواء لصالح الجيش النظامي، وكذلك الفصائل المسلحة.

ويتم تجنيد الأطفال في السودان أما بالترغيب بالمال، أو عنوة حيث يتم اختطاف الأطفال وبيعهم للميليشيات المسلحة.


6. الصومال: الحرب تلقي بالأطفال في أتون المعركة

منذ اندلاع الحرب الأهلية في الصومال في 2009، وتشهد الصومال تسارعا لوتيرة تجنيد الأطفال، وكشف تقرير لليونيسيف صادر عن عام 2013، عن تجنيد 1293 طفلا قبل جهات مختلفة من بينها حركة الشباب التى جندت 908 أطفال، والقوات المسلحة الوطنية الصومالية والميليشيات المتحالفة معها 209 حالات، وحركة أهل السنة والجماعة 111 حالة، والقوات المسلحة لصوماليلاند 15 حالة، وعناصر مسلحة غير معروفة 36 حالة.

وطبقاً للتقرير فإن المدارس الصومالية كانت تستخدم كمعسكرات لتجنيد الأطفال، كما اتهمت المنظمة في التقرير كافة الفصائل والأطراف المتنازعة في الصومال بالتورط في تجنيد الأطفال.

ويمكن القول إنه في الوقت الذى تحاول القارة السمراء صاحبة الريادة في عمليات تجنيد الأطفال التخلص من هذا الإرث المهدد للمستقبل، فإن الدول العربية ستشهد خلال السنوات المقبلة جيلاً من الأطفال مزقته الحروب، وصنعت منه جيشاً من القتلة المحترفين، بعد تورط كل أطراف النزاع العربي في اليمن وسوريا وليبيا والعراق في تجنيد الأطفال.

المراجع
  1. بان كي مون يستنكر تجنيد الأطفال في سوريا والعراق في تقرير يفصل استغلال الأطفال في القتال
  2. “أطفال لا جنود” حملة للحدّ من تجنيد أطفال سوريا
  3. تجنيد الأطفال – وقود حرب سهل يشتعل لأجيال
  4. "طيور الجنة".. أدوات قتل تحت عباءة "القاعدة"
  5. أوقفوا تجنيد الأطفال في العراق
  6. كتاب " بعث العراق… سلطة صدام قياماً وحطاماً" حازم صاغية
  7. تجنيد الأطفال باليمن.. الحوثيون يغتالون المستقبل
  8. مئات الآلاف من أطفال اليمن يعانون
  9. أطفال اليمن ينتقلون من مقاعد الدراسة إلى ساحات المعارك
  10. "داعش" يستمر في الانتشار داخل ليبيا عبر تجنيد الأطفال وغسل أدمغتهم
Tracking pixel