مع بداية كل عام يتجدد الأمل لدى الملايين حول العالم في أن يحققوا أهدافهم العنيدة، فيقومون بكتابة قائمة قرارات العام الجديد New Year’s Resolutions، التي غالبًا ما تضم أهدافًا مثل: إنقاص الوزن، وممارسة الرياضة، وبناء علاقات أفضل، وإدخار المال، وتعلم مهارة أو لغة جديد.

يُعدُّ الارتباط بالتقويم لمراجعة النفس والتخطيط للمستقبل عادة شائعة لدى كثيرين، وتقليد متجذر بعمق في تاريخ البشرية، حيث قامت معظم الثقافات على اختلاف التقويمات التي تتبعها بالاحتفال ببدايات العام، وإقامة مهرجانات دينية تضمنت تقديم الوعود للآلهة وتجديد الولاء للحكام.

تاريخ تعهدات العام الجديد

احتفال البابليين بالعام الجديد هو أقدم عيد عرفته البشرية ولا يزال يُحتفل به حتى الآن، حيث تعود احتفالات رأس السنة الآشورية أو أكيتو إلى عام 2000 قبل الميلاد، ولكنها لم تبدأ في يناير وإنما في منتصف مارس لتستمر 12 يومًا، وتضمنت طقوسًا ومواكب واستعراض تماثيل الآلهة واستشراف العام الجديد بالنبوءات والتعهدات للملك، واعتقد البابليون أنهم ينالون رضا الآلهة إذا التزموا بتعهداتهم.

وفي روما القديمة أيضًا كان الاحتفال بالعام الجديد في منتصف شهر مارس، وارتبط بقطع العهود مع الآلهة، قبل أن يُعلن يوليوس قيصر عام 46 قبل الميلاد الأول من يناير بداية التقويم، تمجيدًا للإله الروماني يانوس ذي الوجهين، حيث يرمز أحدهما للماضي والآخر للمستقبل، وهو حامي البوابات والممرات.

أما عن التاريخ الحديث لعادة اتخاذ قرارات بمناسبة العام الجديد فيرجعه البعض إلى القرن السابع عشر حيث عُثر في يوميات الكاتبة والطبيبة الاسكتلندية آن هالكيت على صفحة بعنوان «قرارات» بتاريخ الثاني من يناير وكتبت فيها عددًا من التعهدات مصحوبة بآيات توراتية.

وفي بداية القرن التاسع عشر أصبح استشراف العام بقرارات صالحة ممارسة شائعة، بل ونقضها والسخرية منها أيضًا، وجاء في مقالة في مجلة ووكر هيبرنيان في عام 1802: «قرر رجال الدولة ألا يكون لديهم أي هدف آخر غير مصلحة بلادهم»!

وجاء في مقال لصحيفة بوسطن عام 1813 أول استخدام لعبارة «قرارات العام الجديد» اتهم فيها الكاتب اتخاذ القرارات بالذريعة لسوء السلوك طوال شهر ديسمبر وحتى ليلة رأس السنة الجديدة.

قرارات العام الجديد حول العالم

في عام 2013 أطلق جوجل زايتغايست سؤالًا للأشخاص من جميع أنحاء العالم حول قراراتهم للعام الجديد، وأظهرت البيانات التفاوت في تطبيق هذه العادة التي تنتشر بشكل كبير في أمريكا الشمالية وأوروبا مقارنة مع أفريقيا وآسيا، كما تنوعت الأهداف والأولويات التي قررها المشاركون.

وأشارت النتائج إلى أن الصحة الجيدة كانت الهدف الأكثر شيوعًا في الولايات المتحدة ومصر، بينما تصدرت الرومانسية رغبات الأشخاص من أستراليا واليابان، فيما ركز الروس على الأهداف التعليمية، وفي الهند كانت الأهداف المهنية هي الأكثر شعبية.

ويعد الأمريكيون هم الأكثر احتفاءً بقرارات العام الجديد، التي تشكل جزءًا كبيرًا من احتفالهم ببداية العام، وتتخذ القرارات طابعًا عمليًا يُركز على تحسين الحياة وإصلاح المشكلات، وتقترب إيطاليا منها في ذلك، حيث يُطلق الإيطاليون على قرارات العام الجديد اسم buoni optiti وتعني «النوايا الحسنة».

وفي المقابل، فإن هناك العديد من الشعوب التي تستقبل العام الجديد برغبات الحظ السعيد أكثر من وضع الأهداف، كتناول عدد معين من حبات العنب عند منتصف الليل في إسبانيا وكولومبيا تجنبًا لسوء الحظ في العام المقبل، ويكتب البعض رغباتهم في ورقة يحملونها معهم طوال العام ويحرقونها يوم 31 ديسمبر ليكتبوا رغبات جديدة للعام الجديد.

مارك زوكربيرج يتوقف عن الآمال السنوية

اعتاد الرئيس التنفيذي لفيسبوك مارك زوكربيرج منذ عام 2009 ولمدة عقد كامل أن يعلن عن قراراته للعام الجديد ويشاركها مع العالم، وجرب طيفًا واسعًا من التحديات مثل: ارتداء ربطة عنق كل يوم، وبناء نظام ذكاء اصطناعي لمنزله، وتعلم لغة الماندرين، وزيارة جميع الولايات الأمريكية، والتعرف على أشخاص جدد.

وفي عام 2015 طلب من متابعيه مشاركته المزيد من الأفكار لتحدي العام الجديد حيث تلقى أكثر من 40 ألف مقترح، وفي عام 2016 طلب من المتابعين أن يشاركوه التحدي الجديد بالركض 365 ميلاً هذا العام، ثم أعلن في نهاية العام بداية عام 2020 أنه سيتوقف عن وضع تحديات للعام الجديد، وسيركز على المدى الطويل محاولًا التفكير فيما سيكون عليه العالم، وكذلك حياته الشخصية في عام 2030.

أهداف العام الجديد في أرقام

أظهر استطلاع رأي للعام 2023 أجراه موقع Scholaroo أن 23% قاموا بالتخطيط لأهداف العام الجديد، وارتفعت النسبة إلى 40% لدى الفئة العمرية الأصغر من 18- 29 عامًا، الذين أعطوا أهمية لتحسين علاقاتهم وحياتهم الاجتماعية أكثر من بقية الفئات العمرية.

وأظهر الاستطلاع ذاته أن الرجال يهتمون أكثر بالأهداف الوظيفية، فيما أعطت النساء أولوية أكبر لتجارب السفر الجديدة.

وكانت نتائج استطلاع معهد «ماريست بول» الأمريكي لعام 2019 أكثر وضوحًا في الدلالة على العلاقة العكسية بين العمر ووضع أهداف العام الجديد، حيث أعلن غالبية المشاركين في الاستطلاع وتبلغ أعمارهم 45 عامًا أو أصغر أنهم يخططون لوضع قائمة بقرارات العام الجديد، مقابل 28% فقط ممن يبلغون 45 عامًا فأكبر.

وكشف استطلاع رأي أخير أجراه موقع Statista.com وأتاح للمشاركين اختيار أهداف متعددة، عن تصدر الأهداف الصحية قائمة أهداف الأمريكيين لعام 2023، حيث قال 52% إنهم يريدون التمرن وممارسة الرياضة أكثر، وفي المرتبة الثانية اختار 50% من المشاركين في الاستطلاع تناول الطعام الصحي والوجبات المطهوّة في المنزل ضمن أهداف العام، وفي المرتبة الثالثة جاء إنقاص الوزن بنسبة 40%، فيما جاء توفير المال في المرتبة الرابعة بنسبة 39%، وقضاء المزيد من الوقت مع العائلة والأصدقاء في المرتبة الخامسة بنسبة 37%، أما القرارات الأقل شيوعًا فكانت تقليل الضغط الوظيفي، ثم الحد من التدخين وتناول الكحوليات.

وأظهر استطلاع سابق عن الفروق الجندرية في وضع الأهداف، أن نسبة الرجال تزيد في أهداف: الحصول على وظيفة، وقضاء وقت أقل على وسائل التواصل الاجتماعي، والمزيد من الوقت في عمل ما يحبون، وزادت نسبة النساء الطامحات في تكوين عائلة والادخار وتعلم لغة جديدة والتفكير الإيجابي، وتقاربت نسب الجنسين فيما يتعلق بالأهداف الصحية كتناول الطعام الصحي والإقلاع عن التدخين.

هل تساعد قرارات السنة الجديدة على تحقيق الأهداف؟

ربما لا يوجد ما هو أكثر إنعاشًا من بداية جديدة للتحرر من البأساء، من طلقة البداية التي تخبرك بأن الأماني لا تزال ممكنة، وكل ما عليك أن تختار من بين دفاتر التخطيط الملونة، أو التطبيقات العديدة، وتطلق لخيالك العنان وتبدأ في كتابة قائمة بأهدافك لتغيّر واقعك وتصبح أفضل نسخة من نفسك.

ولكن الواقع يثبت أن البداية المتفائلة وحدها لا تكفي، حيث يفشل أكثر من 90% من الأشخاص في الالتزام بقرارات العام الجديد.

التفاؤل له مخاطره، وقد يسبب التفاؤل الأعمى أضرارًا لا تقل عن التشاؤم للصحة الجسدية والنفسية، لأن المبالغة في تقدير الذات والتقليل من احتمالية مواجهة أحداث سلبية وهو ما يُعرف بانحياز التفاؤل، قد يسبب الإحباط وتكرار اتخاذ قرارات سيئة نتيجة سوء تقدير العواقب وضعف تقييم التجارب.

بل إن هذا التفاؤل المفرط قد يكون سببًا رئيسيًا للفشل في تحقيق الأهداف، لأن الاستغراق في الصورة الكلية الوردية يجعل من الصعب على الأشخاص توقع وملاحظة العثرات والنقاط السوداء لتجنبها أو الاستعداد لها.

لا يقتصر ضرر التفاؤل المفرط عند وضع الأهداف في بداية العام على الأهداف الصحية والاجتماعية والمهنية للأفراد، بل يتعداها إلى الطب والاقتصاد، وقد ربط بعض الباحثين – بشكل جزئي- بين متلازمة الأمل الكاذب وما يُعرف بتأثير يناير حيث وجدوا أن مؤشر ثقة المستهلك يبلغ ذروته في يناير، وتؤدي التوقعات المتفائلة للمستثمرين في مطلع العام إلى ارتفاع أسعار أسهم الشركات التي يكون أداؤها ضعيفًا وتخيب آمال المستثمرين بقية العام.

استخدام الجيل Z قانون الجذب لتحقيق أهداف العام الجديد

أشار بعض الباحثين إلى أن الجيل Z وضع بصمته على عادة قرارات العام الجديد فجعلها مرتبطة بالجذب الباطني، واستخدام الأفكار والمشاعر لتحقيق الأهداف في الواقع.

وكشفت إحصاءات وسائل التواصل الاجتماعي، وبخاصة «تيك توك» عن رواج قانون الجذب بين المراهقين على مستوى العالم، واستخدامهم ممارسات مثل التأمل والتجلي لجعل قرارات العام الجديد حقيقة.

تزامن بدء ولع المراهقين بمفاهيم الجذب والتجلي وتطبيقها لتحقيق الأماني، مع فترة الإغلاق والتباعد الاجتماعي بسبب الوباء في 2020، حيث ارتفعت عمليات البحث على Google عن التجلي Manifestation بنسبة 600%، أما الإحصائيات الأخيرة فتشير إلى وصول المنشورات المتعلقة بالتجلي على تيك توك إلى 15 مليونًا، فيما تجاوزت المشاهدات 9 مليارات.

هل نيل المطالب بالتمني؟

إذا كان نيل المطالب بالتمني فلماذا تتبعثر أهداف العام الجديد شيئًا فشيئًا، ولماذا يفشل معظم الناس في تحقيق رؤية العام الجديد التي كتبوها ورسموها بكل حماس ومارسوا من أجلها العديد من تطبيقات الجذب وشاهدوا عشرات الفيديوهات.

الإيجابية السامة والتفاؤل المفرط يضران بالصحة النفسية، ويعرقلان تحقيق الأهداف مثلهما في ذلك مثل التشاؤم والغرق في السلبية.

يلفت مؤسس علم النفس الإيجابي مارتن سليجمان الانتباه إلى الفرق بين الإيجابية الصحية والتفاؤل المزيف بقوله

هناك الكثير من الأصوات التي تطلب منا المشاركة في أنشطة يعدون بأنها ستساعدنا على الشعور والتفكير والتصرف بشكل أفضل، ويدعي معلمو التنمية الذاتية أن برامجهم فقط هي ما نحتاجه للتفكير الإيجابي، وجذب الأشياء الجيدة إلى حياتنا، وكثيرًا ما نضع أهداف العام الجديد على أمل تحسن سلوكنا، ولكن المهم أن تكون التدخلات الإيجابية مستندة على أدلة علمية، وأن يتم تطويرها واختبارها من قبل الباحثين لاستخدام الأساليب العلمية

تشير الدراسات إلى أن أغلب الناس يفشلون في الالتزام بقرارات العام الجديد، وأنه بحلول فبراير يكون قد تم التخلي عن 80% من رؤية العام الجديد، حيث تستسلم الغالبية وتتخلى عن أهدافها في غضون أسبوع إلى ستة أسابيع، وقالت بعض الدراسات إن 8% فقط هم من يحافظون على القرارات التي تعهدوا بها لأنفسهم في بداية العام.

كيف تضع أهدافًا واقعية؟

التفاؤل وحده لن يؤدي إلى التغيير، قد يكون شرارة كافية للبدء، مثله في ذلك مثل تقنيات الجذب وطرق التحفيز مثل التأمل والنوايا الإيجابية ولوحات الأحلام، ولكن كما نعرف فإن النية الطيبة وحدها لا تكفي.

يمكن استعراض أهم أسباب الفشل في تحقيق أهداف العام الجديد في ضوء الأهداف الذكية SMART، التي تختصر أهم 5 معايير لوضع الأهداف الواقعية، وهي أن تكون محددة، وقابلة للقياس، وقابلة للتحقيق، ومتعلقة، ومحددة زمنيًا.

1. غير محددة، كالأمنيات الفضفاضة مثل السلام النفسي وراحة البال، وعيش حياة صحية، والنجاح المهني.

2. غير قابلة للقياس، وبالتالي لا يمكن تقسيمها إلى أجزاء صغيرة، ولا قياس التقدم فيها يوميًا، 

3. غير قابلة للتحقيق لكونها ضخمة أو صعبة للغاية، وهي من التأثيرات الضارة للتفاؤل المفرط، التي لا تؤدي إلى الوقوع في الإحباط فحسب، وإنما في تنامي الشعور بالعجز نتيجة محاولة تكلف ما لا يُطاق، وهو نقيض الصبر الذي يقتضي القدرة على التحمل مما يجعل مجالًا للاستمرارية والانضباط.

4. غير متعلقة، بأن يتبنى الشخص أهدافًا غير أصيلة، لا تعبر عن رغباته ولا احتياجاته بقدر ما تعكس ما هو شائع وما يتأثر به وبخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي.

فقد يضع شخصًا ضمن أهدافه للعام الجديد السفر وزيارة أماكن جديدة، فقط لينفي عن نفسه تهمة التشبه بالشجرة، وذلك على الرغم من أن أولوياته الحالية تحتاج المزيد من الاستقرار والتركيز.

توصي «كريسا كارمو» عالمة النفس بكلية طب ماونت سيناي الأمريكية بأن يختار الشخص أهدافه وفقًا لما يهمه أكثر في الحياة، لأن الالتزام بالأهداف يكون أسهل بكثير إذا كان متماشيًا مع الأولويات.

5. تفتقد الإطار الزمني، قد يكون الهدف محددًا وقابلًا للتحقيق والقياس ولكنه يفتقر إلى الجدول الزمني الذي يسمح بمراجعة فاعلية الأساليب وتقييم مدى النجاح في الوصول إلى الأهداف الصغير والمتوسطة على طول الطريق.

نصائح التخطيط للعام الجديد

1. اصعد السلم

لا يُمكن إغفال أهمية التدريج لتغيير أو بناء أي عادة، وهو ما أكدته عميدة كلية علم النفس المهني بشيكاجو الدكتورة ميشيل نيلون، بقولها: «من الصعب أن تستيقظ يومًا وتقرر أنك فجأة ستغير عادة مارستها لفترة طويلة، لذا من الأفضل أن تمنح نفسك بعض الوقت للتفكير والتخطيط للتغيير».

لذا يُوصي دينيس روسو، أستاذ السلوك التنظيمي والسياسة العامة بكلية هاينز في جامعة كارنيجي ميلون الأمريكية، بتقسيم الأهداف الكبيرة إلى وحدات صغيرة، لأن القفز إلى تغيير كبير ليس أمرًا مستدامًا لمعظم الناس، وقد تبدو الأهداف بعيدة المدى ومربكة وصعبة، لذا فإن تقسيم الأهداف إلى أخرى أصغر يساعد على الالتزام بتحقيقها.

2. أهمية الدعم الاجتماعي

أظهرت بعض الدراسات التأثير الإيجابي للدعم الاجتماعي على تحقيق الأهداف، فإذا كنت مسؤولًا أمام صديق يتابع تقدمك في تحقيق هدفك فإن هذا من المرجح أن يزيد من احتمالات النجاح.

3. تخطي الإخفاقات

من المهم لتحقيق الأهداف عمومًا، ومن بينها أهداف العام الجديد توقع الإخفاق، وعدم الإحباط أمام الانتكاسات، فمن الطبيعي لمن قرر تحديد وقت استخدامه لمواقع التواصل الاجتماعي أن يتخلى عن التزامه عمدًا أو نسيانًا في بعض الأيام، ولا ينبغي لمن قرر اتباع نظام غذائي صحي أن يتراجع بالكلية إذا ما ضعُف أمام قطعة حلوى ليعتبر نفسه عاجزًا وغير قابل للإصلاح، لأن مفتاح تحقيق الأهداف هو الاستمرارية وليس المثالية.

وبحسب دراسة تتبعت من نجحوا في تحقيق أهداف العام الجديد لمدة عامين، فإن 53% منهم انتكسوا مرة واحدة على الأقل بسبب ضعف التحكم الشخصي أو الإجهاد المفرط أو المشاعر السلبية، ولكن هذا لم يمنعهم من مواصلة السعي.

القرارات تختلف عن العادات ولكنها تحتاج إليها

تختلف قرارات العام الجديد عن العادات، فهي خطة ذاتية للتغيير قائمة على التحفيز والرؤية الكلية، أما العادات فهي ما نفعله كل يوم، وبينما يزيد الوقت العادات قوة ورسوخًا، فإنه يُضعف القرارات التي قد تتلاشى تمامًا كما أظهرت عشرات الأبحاث.

من الواضح إذًا أن العادات هي من تقضي على أهداف التغيير، وسرعان ما تطغى بوجودها الثقيل البطيء على حماس البدايات، وسرعان ما تنطفئ شرارة القرارات وتعود الأنماط والعادات القديمة.

وبحسب الدكتورة أماندا ريبار الأستاذ المساعد في جامعة كوينزلاند الأسترالية ومؤسسة مركز تحفيز السلوك الصحي، فإن قوة العادات يكمن في أنها تتم دون وعي ولا نية، وبأقل جهد معرفي، لذا فهي خارجة عن تأثير التحفيز ودوافع التغيير.

ولن تكون قرارات العام الجديد ذات جدوى إلا إذا تم استغلال الدافع القوي للتغيير لإحلال العادات بغيرها، ومحاربتها بنفس أسلوبها عبر بناء سلوكيات جديدة والاستمرار في القيام بها رغم فقدان الدافع، إلى أن تصبح سلوكيات معتادة منفصلة عن عمليات التحفيز الواعي.

وحتى تتحقق أهداف العام الجديدة، تنصح الدكتورة أماندا بالتركيز على السلوك أكثر من النتيجة، والتأكد من أن الأهداف تتناسب بشكل جيد مع بقية جوانب حياتك، وأن تجد طريقة لتحقيقها تتميز بكونها مُرضية أو سهلة أو ممتعة.