محتوى مترجم
المصدر
carnegie endowment
التاريخ
2015/02/09
الكاتب
فريدريك ويري

حرب أهلية معقدة اندلعت في ليبيا الصيف الماضي وتدخلت فيها قوى إقليمية مجاورة لتشتبك الأحداث ويتعقد المشهد، وينخفض إنتاج ليبيا من النفط إلى 40,000 برميل يوميا في بعض الأحيان وربما أقل، بعدما كانت تنتج أكثر من 3 مليون برميل يوميا ليتم استنزاف إرثها وثورتها النفطية. فماذا يحدث في الحرب؟ وما الذي يدور فى ثكناتها العسكرية؟ وما هو حل الأزمة الليبية؟[1] .

شهادة على الحرب يرويها الباحث فريدريك ويرى المهتم بالقضايا الأمنية والإصلاح السياسي في ليبيا بمؤسسة كارنيغي للشرق الأوسط، وقد زار ليبيا في يناير الماضي ورافق قوات فجر ليبيا في الخطوط الأمامية لينقل مشاهد الحرب التي طالت الموتى في قبورهم، ويحكي لنا عن حال أهل مصراته والعاطلين على أبوابها وخزانات النفط التي تحولت لدروع واقية في الحرب.

وقد قمت بترجمة شهادة ويري التي نشرها موقع Atlantic وموقع مؤسسة كارنيغي.


عندما ألقت الشمس الغاربة بظلالها فوق هذا الامتداد القاحل من السواحل الليبية، سقطت أولى قذائف المدفعية هنا في سدرة وبن جواد. ومن فوق ساتر ترابي معد لعمليات الرصد، كان المقاتل الشاب يرتدي سترة كبيرة واقية من الرصاص، يحدق النظر عبر منظاره. على بعد ستة أميال كان الهدف: خزانات بيضاء ممتلئة بالنفط.

عبر جهاز الاتصال اللاسلكي أتى الصوت مستعجلا: سعدون، سعدون، الطائر هنا، الطائر هنا.

سعدون هو الاسم الكودي لقائد بدين في قوات فجر ليبيا ومرافقي على الخطوط الأمامية عندما زرت ليبيا في يناير الماضي؛ فإن رجاله -صبيانه بالأحرى- كانوا يمازحونه حول الجهد الذي يبذله لسحب بنيته الضخمة عبر الساتر الرملي.

لم يكن الطائر سوى طائرة ميج 21 أو ميج 23 تنتمى لقوات عملية الكرامة. هدير الطائرات تبعه أزيز الطلقات المنطلقة من المدافع المضادة للطائرات عبر السماء الصافية. ألقت الميج قذائفها على ميل من المكان وكانت ثاني وآخر غارة لهذا اليوم؛ وكالعادة لم تسبب أضرارا.

هذه هي المعركة من أجل أكبر الموانئ النفطية في ليبيا في بلدتي السدرة ورأس لانوف. إنها ليست سوى جبهة واحدة من حرب أهلية معقدة وكبيرة عصف بالبلاد منذ شهر مايو الماضي. لقد فتح هذا القتال ثغرات عميقة أمكن للقوى الإقليمية المجاورة والحركات الجهادية العابرة للحدود مثل القاعدة والدولة الإسلامية استغلالها. قتل أكثر من 2500 شخص منذ الصيف الماضي. قد يبدو هذا الرقم تافها مقارنة بتعداد الموتى في سوريا والعراق؛ إلا أن عدد سكان سوريا 3 أضعاف ونصف سكان ليبيا وكذلك العراق البالغ عدد سكانها خمسة أضعاف سكان ليبيا. واستمرار هذه الحرب لا يؤثر على الليبيين فقط وإنما يؤثر على الأمن القومي للدول الإفريقية والأوربية المحيطة.

يجب ألا ننخدع بحقيقة أننا يمكننا أن نبقى بعيدا عن ليبيا ، فليبيا لن تبقى بعيدة عنا

فيديريكا موغيرينى، مسئولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوربي.

على أحد جانبي الحرب هناك قوات عملية الكرامة تحت زعامة خليفة حفتر الضابط السابق في عهد القذافي والذى انشق عنه في الثمانينيات وعاد للبلاد في 2011. فى مايو الماضي أطلق حفتر العملية العسكرية المسماة بالكرامة لاستئصال المليشيات الاسلامية في بنغازي شرق ليبيا وإزاحة الإسلاميين من السلطة. حلفاء حفتر هم خليط من الوحدات العسكرية المتمردة، ورجال أمن ينتمون لعهد القذافي، وقبائل شرقية بارزة تطالب بالفيدرالية والحكم الذاتي لمنطقة الشرق، بجانب مليشيات من الزنتان ومدن أخري في الغرب.

على الجانب المضاد لعملية الكرامة هناك قوات فجر ليبيا التي نشأت في يوليو والمكونة من جهاديين سابقين في الجماعة الاسلامية المقاتلة في ليبيا، وميلشيات تنتمي لميناء مصراته القوي، ومقاتلين من بعض أحياء طرابلس، بعض سكان البربر، وبعض التجمعات في الساحل والجبل الغربي. وقد قام ائتلاف فجر ليبيا بعقد تحالف تكتيكي مع مليشيات إسلامية في بنغازي تقاتل قوات حفتر؛ أنصار الشريعة كانت واحدة من هذه المليشيات، وهى التي سبق وأن صنفتها الولايات المتحدة كجماعة إرهابية.

كل جانب يدعي وجود برلمانه الخاص وحكومته وجيشه؛ إلا أن الأمم المتحدة وأمريكا والقوى العالمية الأخرى تعترف فقط بالحكومة المتحالفة مع قوات عملية الكرامة وبرلمانها في طبرق ومجلس وزرائها الذي ينعقد في مدينة البيضاء. 4 سنوات تقريبا مضت منذ أطاح الثوار الليبيين بحكم معمر القذافي بمساعدة حملة الناتو الجوية، ولا يوجد كيان سياسي متماسك يمكننا تسميته بالدولة الليبية. فبدلا من حكومة مركزية موحدة، توجد جهتان متنافستان يدعي كل منهما الشرعية والسيادة.

أغلق القتال عمليات إنتاج البترول في هذه المحطات وانخفض إنتاج ليبيا الكلي من النفط إلى خُمس مستويات الإنتاج قبل 2011

قامت الفصائل المتناحرة بغلق قنوات ليبيا إلى العالم الخارجي؛ فالمطارات الرئيسية في البلاد أصبحت تحت الأنقاض، والسفن التجارية باتت تتجنب الموانئ الليبية، وأغلقت أمريكا ومعها الكثير من الدول سفاراتها، وتوقفت بعض الشركات التجارية عن العمل، بينما احتياطيات البنوك المركزية في البلاد ومنشآتها النفطية صارت هدفا تركز عليه المعارك في الشهور الأخيرة [2].

المليشيات الفيدرالية المتحالفة مع حفتر تسيطر حاليا على محطات النفط في منطقتي سدرة ورأس لانوف. يقود هذه المليشيات رجل يدعي إبراهيم الجضران، وهو الذى ذاع صيته في 2013 بعد استيلائه على الموانئ لإجبار حكومة طرابلس على منح الشرقيين مزيد من التحكم في عائدات النفط. ومن المفارقة أن الجضران، وهو الذي كان من قوة الحرس المعنية بحماية محطات النفط، حاول دون جدوى العام الماضي بيع البترول في الأسواق السوداء. تحالف الجضران وقواته مع حفتر وبرلمان طبرق عندما بدأ الصدام بين الكرامة وفجر ليبيا.

في 13 ديسمبر الماضي، أطلقت قوات من فجر ليبيا ينتمي أغلبهم لمليشيات مصراته (عملية الشروق) لتعيد انتزاع المحطات النفطية من الجضران وقوات الكرامة الداعمة له. أغلق القتال عمليات إنتاج البترول في هذه المحطات وانخفض إنتاج ليبيا الكلي من النفط إلى خُمس مستويات الإنتاج قبل 2011 (كان الانتاج حوالي 3 مليون برميل يوميا في يناير. في أكتوبر الماضي كان 900,000 برميل يوميا). في 25 ديسمبر الماضي ضرب صاروخ أحد خزانات النفط مما أدى لاشتعال النيران التي غطت السماء بالدخان الكثيف وأدت لفقد 1.8 مليون برميل من النفط، ولم يخضع الحريق للسيطرة إلا بعد تسعة أيام من المكافحة الشاقة [3] .

لم يؤثر هذا النقص في إنتاج النفط الليبي على الأسواق العالمية إلا بصورة محدودة. ففي ظل الاستجابة لتدني الأسعار العالمي، كان قرار الأوبك بعدم خفض إمدادات النفط. مؤخرا، ارتفعت أسعر النفط بنسبة 4 % جزئيا بسبب القتال في ليبيا؛ ولكن عواقب ذلك الأمر علي قدرة ليبيا على التعافي وإعادة انتعاش اقتصادها تبدو صعبة وخطيرة إذا أخذنا في الاعتبار الضرر المتزايد الذي قد يلحق بالبنية التحتية للبلاد. هذه المنشآت النفطية هي في الواقع ميراث ليبيا وثروتها؛ تلك الثروة التي يجرى تبديدها الآن من كلا الجانبين.

اليوم وتيرة القتال قد انخفضت إلى نوع من الحرب الهادئة لكن الطاحنة. إنها حرب على إيقاع قذائف الهاوتزر وصواريخ الجراد. تستخدم قوات حفتر قاذفات قنابل روسية قديمة أثناء النهار، بينما في الليل تستخدم طائرات هليكوبتر MI-HIND من بقايا السلاح الجوي في عهد القذافي. أحيانا، يرسلون السفن لقصف قواعد مصراته اللوجستية الموجودة في بلدة مهجورة الآن من مدينة بن جواد. في أحيان أخرى يقومون بضرب المطار والميناء في مصراته نفسها. وبينما تأتى معظم قذائفهم المدفعية في الصباح الباكر، فعلى قوات مصراته أن تنتظر حتى وقت متأخر من بعد الظهر ليقوموا بالرد، وذلك حتى تكون الشمس وراء ظهورهم.

لقد شعر المرافقون لي بالإهانة والإساءة وذكروا لي أن هذه القنابل تسقط على الموتى أكثر من سقوطها على الأحياء

في بن جواد أراني سكان مصراته المواقع حيث قامت طائرات حفتر بقصفها، وهي مدرسة وبنك وورشة ميكانيكية. عندما زرت البنك رأيت ما يبدو لي بعض القنابل العنقودية التي لم تنفجر!! وهي سلاح محرم في العديد من الدول ولكن ليس من بينها ليبيا! (مارك هيزنى من هيومان رايتس ووتش تعرف على هذه القنابل؛ وهي روسية المصدر من طراز PTAP-2.5M استخدمها سلاح الجو التابع للقذافي في 2011 ولكن أحدا لم يلق عليها الضوء في ذلك الحين).

في التلال المنحدرة خارج المدينة قمنا بزيارة أنقاض مقبرة حيث مزقت قنبلة ثمان إلى تسع جثث. لقد شعر المرافقون لي بالإهانة والإساءة وذكروا لي أن هذه القنابل تسقط على الموتى أكثر من سقوطها على الأحياء. «حفتر لا يمكنه حتى أن يدع الموتى فى سلام» قالها أحد المقاتلين.

أثناء فترات التوقف عن القتال، يقوم الشباب من قوات المدفعية في المواقع المضادة للطائرات بالاستراحة في الظل على الشاحنات ليلعبوا البطاقات ويدخنوا التبغ من الشيشة. وفي الليل يجتمعون في ثكنات مؤقتة في بن جواد يشاهدون فيلم BRAVE HEART على التلفزيون التونسي وأحيانا يشربون الخمرة الليبية المعروفة باسم بوكا. ينامون 4 أو 5 في الغرفة ويستيقظون في الصباح لتناول الإفطار المصنوع من العجوة وزيت الزيتون.

عندما وصلت إلى الجبهة كان قد تم الإعلان عن وقف الحرب تزامنا مع محادثات السلام بواسطة الأمم المتحدة؛ إلا أنها انهارت في غضون ساعات وكلا الطرفين يلقي باللوم على الآخر. أخبرني أحد المقاتلين في مصراته أن قذيفة مدفعية قتلت واحدا من مقاتليها عمره 19 عاما. تحدث سعدون عبر اللاسلكي إلى قائده ليأذن له بالرد والانتقام وقد حصل عليه على الفور. في منطقة التجمع بالقرب من بن جواد يحمل المقاتلون صواريخ جراد طويلة المدى على منصة إطلاق الصواريخ والمحمولة على الشاحنة وسط هتافات منخفضة النبرة تردد باستمرار: الله أكبر. بعد ساعتين بدأ دوي وابل القصف مصحوبا بوميض الصواريخ ليشق الأفق المظلم.


يقود عملية (الشروق) في ليبيا رجل أنيق وملتح اسمه صلاح الجبو تدرب كمهندس هيدروليكي ويتحدث الإنجليزية بطلاقة مع دقة محسوبة في كلامه ومعاملاته. سجن الجبو مرتين أثناء حكم القذافي للتعبير عن آرائه. ويعمل في مصنع للصلب في مصراته وبالخارج في إيطاليا وتايلاند والصين. الآن يقود الجبو كتيبة من القوة الثالثة المتحصنة بمصراته قوامها 3000 جندي معظمهم من مصراته. يقول الجبو أنه لم يكن يتخيل يوما أن يكون رجلا عسكريا.

ولكن بالنسبة للجبو وقوات مصراته فإن الأمر أخطر بكثير من مسألة النفط، إنهم يسعون إلى منع عودة ما يسمى الدولة العميقة

على جانبي الصراع، فإن فكرة وجود جيش ليبي موحد ومنظم أقرب للخيال منها إلى الواقع. فعليا توجد كوكبة كبيرة من المجموعات المسلحة المتنافسة وغير الموحدة. العديد من قوى مصراته التي تحارب من أجل بترول ليبيا هي ذاتها التي دافعت عن المدينة أثناء حصارها الأسطوري في 2011 في معركة محورية وصفت بأنها ستالينغراد ليبيا؛ تلك المعركة التي مهدت الطريق لتحرير طرابلس وإسقاط القذافي. يقول الجبو أنه كان يقود حينها الجبهة الشرقية للدفاع عن المدينة.

اليوم، انتشرت هذه الكتائب في النصف الغربي من هذا البلد الشاسع. ميلشيات القوة الثالثة تقاتل حلفاء حفتر من قبائل الزنتان وورشفانة من أجل السيطرة على قاعدة جوية استراتيجية. في الصحراء الجنوبية، وصلوا إلى عاصمة إقليم سبها التي كانت حتى وقت قريب تعصف بالقتال العرقي بين التبو والطوارق والعرب. في مصراته يعلنون أنهم يحافظون على السلام، فهم يصرحون بأن قاعدتهم الموجودة عند سفح القلعة العثمانية في المدينة ونقاط تفتيشهم المتجولة قد سمحت للمحلات والمستشفيات لتستأنف العمل؛ لكن بعض السكان المحليين ينتقدهم ويعتبرهم قوة محتلة جديدة تنحاز لقبيلة ضد أخرى كما فعل القذافي قبل ذلك كثيرا.

التهديد بفرض عقوبات اقتصادية على قادة عملية الشروق حقيقي. وقد أخبر مسئولون أمريكيون الجبو أنهم ينظرون بعين الاعتبار إلى هذه الإجراءات. وقد ألمح جابو أنهم تلقوا بالفعل تحذيرات من الأمم المتحدة. ولكن بالنسبة للجبو وقوات مصراته فإن الأمر أخطر بكثير من مسألة النفط، إنهم يسعون إلى منع عودة ما يسمى الدولة العميقة بقيادة حفتر والمدعومة من الأنظمة المعادية للثورة في مصر والإمارات.

من جانيهم يرى قادة عملية الكرامة أن هذه المعركة هي نضال من أجل حماية ثروة البلاد النفطية من الحكومة المتطرفة التي يسيطر عليها الإسلاميون المتطرفون والإرهابيون. يدعى المسئولون في الكرامة أن قوات من جماعة أنصار الشريعة الإرهابية تقاتل بجانب قوات مصراته في الخطوط الأمامية في شرق بن جواد. قادة الشروق أنكروا هذه التهمة كثيرا، وقد تأكدت بالفعل أنه لاوجود لهذه المجموعات عند زيارتي للخطوط الأمامية.

السؤال الجوهري الآن هو إذا ما كانت قوات مصراته وبقية الفصائل في ليبيا لديها ما يكفى من القوة والنفوذ للحفاظ على اتفاق سلام

«نحن لم نبدأ الحرب بعد» هكذا أخبرني أحد القادة الصغار في الخطوط الأمامية تحت الظلال داخل مستودع للسلاح بالقرب من بن جواد، وهو يتباهب بـ PALADIN، وهي قذيفة هاوتزر هائلة ذاتية الدافع يصل مداها لأكثر من 20 ميل تم الاستيلاء عليها من مخازن القذافي أثناء الحرب. اتهم قوات الجضران بأنها تستخدم صهاريج تخزين النفط كدروع واقية، وتضع المدافع أمامها حتى لا نقوم بضربها. وقد أكد أن PALADIN لم تستخدم بعد خوفا من ضرب خزانات النفط ونشوب حريق جديد؛ بل والأسوأ من ذلك، هو استعمال الجضران للمرتزقة التشاديين التبو. يبدو كلامه سلسلة من التهديدات وأنصاف الحقائق وتبادل الاتهامات كما هو الحال دائما عند كلا الطرفين!

في الوقت نفسه، تعاني مصراته من الخسائر الاقتصادية للحرب. خلال الأسبوع الذي قضيته الشهر الماضي أخبرني رجال الأعمال بانكماش أرباحهم. لقد كانت الشاحنات المحملة بالبضائع مصدرا للدخل لسكان مصراته لفترة طويلة. اليوم يجلس العاطلون عند بوابات المدينة ولم يعد لديهم الكثير من الأماكن ليذهبوا إليها للعمل، فالنصف الشرقي من ليبيا بات محظورا وغير مسموح بالذهاب إليه الآن.

إذا كان هناك حل للخروج من الأزمة فهو حوار تدعمه الأمم المتحدة. السؤال الجوهري الآن هو إذا ما كانت قوات مصراته وبقية الفصائل في ليبيا لديها ما يكفى من القوة والنفوذ للحفاظ على اتفاق سلام في ظل سلطة المليشيات ذات الطبيعة شديدة الانقسام والتفتت؟ أخبرني الجبو أنه لا يوافق على هذه المحادثات ولكنه سيتبع الأوامر مهما كانت نتائجها. وعلى نحو متصاعد فإن التهديدات المتزايدة من الدولة الإسلامية يمكنها أن ترجح الكفة ناحية المعتدلين.


ستكون معركتنا القادمة مع أنصار الشريعة والدولة الإسلامية

هكذا أخبرني الجبو القائد بقوات فجر ليبيا. في الأسبوع الماضي، شنت ولاية طرابلس التابعة للدولة الإسلامية هجوما على فندق كورنثيتا بالعاصمة طرابلس أسفر عن مقتل تسعة أشخاص بينهم مسئول أمني أمريكي.

تمثل هذه الاعترافات أهمية بالغة؛ فمليشيات مصراته في قوات فجر ليبيا دائما ما وُجهت لها الاتهامات بالتناقض وازدواجية المعايير في التعامل مع التهديدات الجهادية في ليبيا. شخصيات رئيسية تحدثت معها في المدينة اعترفت بأنها أمدت بالسلاح والمال مجلس شورى ثوار بنغازي الذي يضم تنظيم أنصار الشريعة، ولكنهم أصروا بأنهم كانوا يدعمون فقط المليشيات الثورية الشرعية في المجلس كقوات درع ليبيا وقوات راف الله السحاتي وليس أنصار الشريعة والمجموعات الجهادية المتصلة بالقاعدة.

بالعودة إلى بن جواد، يجلس مقاتل اسمه علي ليدخن خارج ثكنته في الساحة المهجورة صباح يوم مغادرتي. قبل يومين انتقلت إلى الخطوط الأمامية مع كتيبته التي كانت تنقل قذائف الهاوتزر. الآن يبدو أنه مُنهك ومتعب للغاية، يريد رؤية طفليه في مصراته والاطمئنان على والده الذي يجرى عملية جراحية في القلب في الأردن. يقول: «أربع سنوات مرت على الثورة وما زلنا فى ساحات القتال؛ أريد العودة إلى منزلي».


[1] أكد ويرى كثيرا أن حل الأزمة في ليبيا هو الحوار الذي ترعاه الأمم المتحدة وأمريكا؛ وهو ما يؤكد عليه الكثير من الباحثين ومراكز الأبحاث الأمريكية. وقد أعلنت الولايات المتحدة وأوروبا مؤخرا تأكيدها على الحل السياسي للأزمة الليبية والحفاظ على الثروة النفطية ورفض التدخل العسكري المصري.[2] يقع البنك المركزي الرئيسي في طرابلس تحت سيطرة قوات فجر ليبيا، وبالتالي لا يستطيع برلمان طبرق التصرف في عائدات البترول الدولارية. وقامت حكومة طرابلس بتعيين ما شاء الله الزاوي محافظا للبنك وعين برلمان طبرق علي الهبري محافظا للبنك ولكنه لم يستطع السيطرة عليه مما دعا إلى إنشاء بنك مركزي جديد في الشرق. وقد وقع هجوم على فرع البنك الرئيسي في بنغازي في 21 يناير الماضي واتهمت فجر ليبيا حكومة البيضاء بالوقوف وراء هذا العمل. الجدير بالذكر أن هناك اتفاق ضمني بين الطرفين على تجميد عائدات البترول وعدم صرفها إلا لأجور الموظفين.[3] وقع الحريق في ميناء سدرة وهو أهم موانئ ليبيا النفطية على الإطلاق، وتبلغ سعة التخزين الإجمالية فيه 6.2 مليون برميل. وقد دمر الحريق 7 صهاريج من أصل 19 وفقد أكثر من 1.8 مليون برميل بخسارة قدرها 213 مليون دولار. وقد استغرق إطفاء الحريق 9 أيام بعد التعاقد مع شركة أمريكية مقابل 6 ملايين دولار.