أؤمن انه لو كان هناك إله، فلن يكون بداخلك أو بداخلي ولكن في تلك المسافة الصغيرة بيننا، أؤمن أنه لو كان هناك أي سحر في العالم فسيكون في محاولة فهم الآخر أو مشاركته بشيء ما في محادثة.
before sunrise

في فيلمها الشهير «frances ha» تقدم «جريتا جيروج» تعريفًا فريدًا للحُب، يبدأ بمُتحابين ينظر كلٌّ منهما للآخر في فوضى حفل مزدحم، يُدرك كلٌّ منهما أنه نصف الآخر ونصيبه من العالم، لكن الحفل شديد الصخب، تسحبهما مُحادثات ومناوشات مُطولة مع الآخرين ولا يتبقى كعزاء يُميز كلًّا منهما عن نسيج عالم مزدحم يبتلعهما بانشغالاته وملهاته إلا نظراتهما المختلسة لبعضهما، نظرات تُشكل عالم سري وسحري لغته لا يفهمها سواهما، عالم صغير يقبع بسحره في جوف عالم ضخم أكبر لا يعبأ. ترى جريتا أن خيط الوصال الصغير ذاك، رغم هشاشته في مخطط الأشياء الكبرى واعتماده على أبسط صور المحادثة وهي النظرة، هو ما يعنيه الحب كفرادة تنقذ طرفيها من أن تبتلعهما برودة العالم أو صخبه.

ترى تلك الاستعارة الحُب باعتباره عالمًا سحريًّا يصنعه فردان بعناية ليختبآ فيه بفرادتهما من عالم ضخم أو حشد سيبتلعهما بلا رحمة. لكن الوجه الآخر لتلك الاستعارة هو أن غياب هذا الخيط الفريد، أو الشريك الذي سينقذنا بنظراته في حفل الوجود المزدحم ويستنطق مجهوليتنا، ونخلق معه فرادتنا، يعني أن الحفل سيصير مأتمًا لذات ابتلعها الحشد، يشبه الأمر أسطورة أفلاطون الشهيرة عن كون البشر خلقوا مزدوجي الجنس فقسمهم الله لأنصاف، كل نصف يهيم بحثًا عن نصفه الآخر الذي لو لم يجده فسيظل على تيهه للأبد.

هذا يجعل الوجود حفلًا صاخبًا مُمتدًّا، نقضيه في روع مُقلق بحثًا عمن يرانا ويصنع معنا عالمًا سحريًّا من الخلود ينقذنا من المشابهة.

 

في عام 1989 وبينما يزور المخرج الأمريكي ريتشارد لينكلاتر أسرته في فيلادلفيا، قابل Amy Lehrhaupt ليحيا ليلة سحرية مع امرأة لا يعرفها، محادثة مُطولة عبر فيها عن مكنون ذاته بخفة لغريب لا يعرفه، بينما فعلت إيمي الشيء نفسه، ليُنهي الليلة بوعد فريد من نوعه أن يُخلد هذا الوصال السحري الذي خلقته مُحادثة عابرة في ليلة ساحرة في فيلم سينمائي.

من رحم تلك الليلة السحرية التي تُشبه الحلم ولدت ثلاثية before التي يتحرر فيها لينكلاتر من قوانين الحبكة والسرد الخطي، يصف الثلاثية باعتبارها minimalist، والتي تعني رد الشيء لأبسط مكوناته وأصغرها، يرد لينكلاتر تجربة الحب لأبسط صورها وهو الوصال، ويرد الوصال لأبسط صوره وهي المُحادثة التي تخلق على مدار الثلاثية عالمًا سحريًّا يُشبه عالم جرويج، يستخلص به ثنائي فرادتهما من صخب عالم يُشكل الحكايات بلا رحمة على صورته. ويختبر الثنائي الوجه الآخر لسحر التجربة، وهو ما يتبقى من ذواتنا لو فقدنا خيط الوصال مع أحد يميزنا في حفل الوجود الصاخب. 

العشرينيات، سنوات السقوط من الشجرة

أليس كل شيء نفعله هو مُحاولة لكي نكون محبوبين أكثر؟
before sunrise

يبدأ فيلم before sunrise بمشاجرة على متن قطار في فيينا بين ثنائي في مُنتصف العمر تُربك فتاة تقرأ بجوارهما لتغير مقعدها ليصير جوار شاب يقتني كتابًا مثلها، يختبئ في عالمه السحري من واقع المشاجرة والطريق الرتيب. لتبدأ بينهما مُحادثة عن الحُب. وكل ما يُمكن فعله أو تجنبه لكيلا يصل عاشقان لتلك المشاجرة. تمتد المحادثة لتصير مغامرة في فيينا قوامها ليلة واحدة يقضيها الراكبان معًا، ليلة مُستعارة من عوالم سندريلا. 

يجسد مشهد البداية جوهر مرحلة العشرينيات أو مُقتبل العمر، ذلك الشعور المُسكر بالفرادة والتمرد على الأهل والكبار الذين يقدمون لنا نُسخة مستقبلية من قصتنا، ويخبروننا أن نسير على خُطاها، نحن لم نكتب قصتنا بعد ولا نعلم الكثير عما نُريده، لكننا نوقن بشدة مما لا نريده، نوقن بفرادة ترفض أن نكون امتدادًا أو تكرارًا لحيوات آبائنا. لذلك نفر من الواقع لعوالم سحرية نصطنعها، إما بكتاب أو بفرصة لمحادثة مع غريب يشبهنا في رغبته في الهروب لعالم سحري. يغلق البطلان الكتب ويصنعان معًا عالمًا سحريًّا قوامه محادثة.

 

تتحدث سيلين العشرينية عن رؤيتها دومًا لذاتها كعجوز مُستلقية على سرير الموت، وأن حياتها هي ذكريات تلك العجوز، وهي رؤية مُستمدة من اعتراف جدتها لها في خريف عُمرها أنها عاشت حياتها على ذكرى حُب أحدهم، صارت سيلين مؤتمنة على الحياة البديلة التي لم تعشها جدتها. تخبر رفيق القطار أنها مسكونة بفكرة الموت وهو ما جعلها تفضل السفر بالقطار بدلًا من الطائرة، مصير جدتها يحلق فوق رأسها ولا يُحررها منه إلا إيجاد نصفها الآخر الذي يُطمئنها أنها لن تحيا مأساة جدتها.

 

بينما يتحدث جيسي عن رؤيته لنفسه كطفل في الثالثة عشرة لم يكبر من يومها، يُسجل ملاحظاته طوال الوقت عما سيكونه مثل يوم اختيار الملابس قبل مسرحية، ذات ليلة سمع جيسي والديه يُخبرانه أنه جاء للعالم دون ترتيب، مثل خطأ ندم عليه الأبوان وقررا البقاء معًا لأجله رغم كراهيتهما بعضهما لبعض. لا يتذكر جيسي سوى لحظة واحدة من طفولته عندما رأى شبح جدته في قوس قزح، وأخبره أبواه أنه يتخيل، لأجل ذلك لم يكبر جيسي أبدًا، خوفًا من خوض عالم لم يتجهز لحضوره ولم يُفرغ له مكان، وخوفًا من أن يفقد سحر الطفولة.

تكشف المحادثة عن روحين عالقتين في أجساد الآباء والأجداد، تحيا سيلين في جسد جدتها ويحيا جيسي في جسد طفل يخاف المُغادرة لعالم ألقاه فيه الأبوان دون خطة، وبينهما يتكون خيط وصال دقيق يمنحهما الفرادة التي يتمنياها، تجد سيلين في حبيبها حلم الجدة بوصال نصفها الآخر ويجد جيسي في سيلين ما وصفه بملاك قادم من لوحات بوتيتشيلي يُخبره أن كل شيء سيكون بخير، أنه يُمكن أن يكبر ليجد مكانًا ينتظره مع نصف آخر يستنطق فرادته من حفل الوجود الصاخب.

لا يدور before sunrise إلا حول سحر العشرينيات، عندما ننفلت ببطء من فرع شجرة عائلتنا بحثًا عن فرادة لا نُكرر فيها قصتها، لكننا نجد أنفسنا نروي قصة الفرع أكثر ما نروي قصتنا التي لما تبدأ بعد، نروي قصة السجن الذي نريد مغادرته، والمشابهة التي نريد التحرر منها. تقول سيلين إن كل جيل يحاول التمرد على ما سبقه، تمرد أبويها في ربيع 1968 على الجامعة والحكومة وكل السلطات، والآن يتمرد جيلها على جيل الأبوين نفسه، الجديد لا يجد هويته إلا بالتمرد على القديم الذي منحه حق الوجود، لكن كل تمرد لا يخفي إلا رغبتنا في أن نكون محبوبين ممن منحنا هبة الوجود. 

 

لا يثق الطرفان أنهما بمجرد التدلي من الفرع والسقوط من الشجرة في عالم التجربة سيجدان المُعجزة، يختبران معجزة الوصال ولا يوقنان أنهما في حضرة مُعجزة، يخبر جيسي سيلين أن الحب ربما يكون أنانية شخصين يخافان الوحدة، بينما تخبره أن كل ما نفعله هو لكي نكون محبوبين أكثر. لا يمكن التيقن من المعجزة إلا بالعودة لرتابة اليومي والمُعتاد، لذلك يفترق الحبيبان على أمل بلقاء وأن يختبر الزمن جودة معجزة عمرها ليلة واحدة لا أكثر.

الثلاثينيات، الواقع مُحاكاة حزينة لفردوس قديم

الذكرى شيء جميل ما دمت ليس عليك التعامل مع الماضي، تلك الفكرة اللعينة بوجود شخص ما يكملنا فكرة شريرة وتجعلنا أسرى لها.
before sunset

يمثل هذا الجزء من الثلاثية العودة من مُعجزة الوصال للرتابة التي تُخبرنا أننا كنا في حضرة معجزة، بعدما اختبر المرء بالوصال العالم السحري الذي يخلقه الحب، والذي يستنطق فرادتنا في حفل الوجود، يشبه الخروج من هذا العالم الطرد من الفردوس.

تمر 9 أعوام على لقاء سيلين وجيسي، ويوقن كلاهما أنهما مرا بمعجزة لن تتكرر، يحاول «ريتشارد لينكلاتر» الوفاء بوعده القديم عبر شخصيته السينمائية، وبينما يخلد لينكلاتر حكايته في فيلم، يُخلد جيسي ذكرى وصال حبيبته في كتاب يؤلفه عنها، أملًا أن يصير الكتاب رسالة أدبية عابرة للقارات يجد عبرها الأديب الأمريكي حبيبته الباريسية. والتي تحضر بالفعل لحفل توقيعه في باريس ويحدث اللقاء الثاني.

 

يدور الجزء الثاني حول ما يعنيه الطرد من الفردوس، يظل هاجس الحبيبين هو محاولة العودة لفردوس الوصال، ندرك فشل سيلين في حياتها العاطفية لأنها تُحاكم كل أحبائها على قالب حبيبها القديم ومعجزة ليلة فيينا، تدرك الوجه الشرير للمعجزة، وهو أن السحر لا يولد إلا مع إنسان بعينه، نصف آخر لو لم نجده فعلينا قبول التيه الأبدي حتى نستعيده، بينما يروض جيسي التيه بمحاكاة الفردوس في صورة أدبية. وهو ما يصنعه البشر مع كل ما نعجز عن وصاله، بدءًا من الألوهة والمطلق وصولًا للجمال، كل خبرة لا نجيد وصالها نحولها لفن. لذلك يتزوج جيسي ويُنجب ليطيع متطلبات ذاته الواقعية، بينما يروض ذاته الداخلية التي لا ترضى إلا بوصال يشبه ما اختبره قبلًا في فيينا.

من فيلم Before Sunset 

يتلو جيسي حكاية شعبية عن جنود النازي الذين قرروا فور تحرير الحلفاء لباريس تدمير الكنائس والمتاحف وإيفل انتقامًا من هزيمتهم، لكن ينتهي الأمر بزر تفجير بيد جندي ألماني يحبس أنفاسه في حضرة الجمال، يأتي الحلفاء ليجدوا إصبعه متجمدًا على الزناد، كان الجمال أقوى من قُدرته على تدميره.

تدلل الحكاية في رمزيتها على عجز الحبيبين عن مجاوزة ليلة فيينا، العجز عن قبول الرتابة اليومية واختيار شركاء أكثر واقعية من ليلة قديمة. يعترف كلاهما أنهما أسيرا حلم مراهقة غير عقلاني، لكنهما مثل الجندي المسكين لا يستطيع تدمير ذكرى جمالية آسرة. حتى لو كان تدميرها الطريقة الوحيدة لمجاوزتها.

يصير اللقاء بينهما ماضيًا قديمًا يطل بوجهه ليخبرهما أن يستعيدا ذواتهما القديمة، تخبره سيلين أن قراءة كتابه وضعها أمام مرآة الفتاة الرومانسية التي كانتها يومًا، تخبره أنها استنفدت كل رومانسيتها وطاقة الحب لديها في ليلة واحدة ولم تُجِد استعادتها أبدًا.

في الجزء الأول تتحدث سيلين عن مقبرة نهر «الدانوب» التي يُدفن فيها مجهولون يلفظهم النهر ولا يتعرف أحباؤهم عليهم، تتعلق بقبر فتاة في الثالثة عشرة، رأتها سيلين عندما زارت المقبرة في نفس العمر، صارت سيلين امرأة بينما الطفلة ظلت طفلة. في ثلاثينياتها يغادرها أحباؤها وهم لا يفهمون لماذا كل ما يقدمونه لا يكفيها، تحيا مجهوليتها في حفل الوجود الصاخب مثل الموتى الذين يلفظهم النهر، تدرك أنها في ثلاثينياتها لكن قلبها لم يجاوز الثالثة والعشرين وليلة فيينا.

لذلك يكلل لينكلاتر الجزء الثاني بالنهاية السعيدة، اختبر الحبيبان بما يكفي رتابة اليومي وكل الحلول الناقصة التي يصطنعها البشر لمعايشة محنة الحنين للفردوس، أدرك الحبيبان أنهما كانا في حضرة مُعجزة وعليهما استعادتها ولو بالتضحية بحياتهما التي صنعاها ببطء بعد الفراق.

الأربعينيات، أن يجاوز حفل الوجود مُنتصفه

يجب أن يتعلم المرء الحب مثلما يتعلم الموسيقى، أولًا يأسرنا اللحن، نُميزه ونعزله كحياة منفصلة، ثم نبذل جهدنا لنتسامح مع نزقه وغرابته، نصبر على حدته في التعبير عن نفسه، وأخيرًا تأتي اللحظة التي نعتاده ونقبل بتواضع أنه أفضل ما يمكن تحقيقه في هذا العالم، في تلك اللحظة يكشف ما اعتدناه جمالًا جديدًا لا يمكن وصفه.
نيتشه

في عام 1963 قدم بوب ديلان أغنيته الشهيرة dont think twice its alright والتي كتبها عندما هجرته حبيبته Suze Rotolo لتكمل دراستها في إيطاليا، يستبق ديلان فراق حبيبته بكلماته، لكنه يُجمل سبب الفراق في جملة شعرية:

أعطيتها قلبي، لكنها أرادت روحي.

في الجزء الأول، يخبر جيسي سيلين أن المرء لا يطيق صحبة نفسه طوال الوقت، كل فيلم شاهده كان واحدًا من الجمهور، كل قبلة كان أحد طرفيها، كل خبرة يمر بها في العالم تكون بصحبة نفسه، أما بصحبتها ينسى نفسه للحظات ويختبر العالم من خلالها، لكن لو ظلا معًا طوال الوقت ألن تصير نسخة من نفسه، ألن يسأما بعضهما من بعض؟ تخبره سيلين أن تلك الصحبة تخلق جمالية خلابة، ما يراه مللًا ستراه جمالًا يفصح عن نفسه بالطريقة نفسها كل يوم.

في الجزء الأخير يتفحص الطرفان المعجزة بعدما استنفدتها سنوات الوصال، ما بقي منها، وما هلك، في الجزء الأول يتحدث الحبيبان عن قدرتهما السحرية على خلق زمنهما الخاص، على اختلاس ليلة من عمر الزمن ومخطط الأشياء، ليلة صنعها لينكلاتر على صورة الحلم، أجمل من أن تكون حقيقية، وأكثر ثقلًا في ذكراها من خفة الحلم، بينما في الجزء الأخير يخضع الحبيبان لسطوة الزمن الحقيقية وقدرة حفل الوجود الصاخب على سحق العالم السحري الذي يحفظ للحبيبين فرادتهما.

يشكو جيسي من رغبة حبيبته طوال الوقت في تغييره، في جعله نسخة مُكتملة من حلم الجدة القديم، صورة مثالية لحبيب خيالي يعجز عن مطاولتها مهما فعل، يخبرها أنه أعطاها حياته وقلبه كاملًا ، لكنها تريد روحه نفسها، وهو ما يعجز عن منحها إياها لأنه بتسليم فرادته ولو لحبيبته يموت.

يعد before midnight أقل أجزاء الثلاثية شعبية، لأن المحادثة لا تخلق الوصال ولا تستعيده، إنما يحضر الغضب كجزء أصيل من المحاورة، لا يحضر الحب أبدًا خلوًا من أشباحه، يتخفى في الحب رغبات التملك والاستحواذ والابتلاع مثلما يتخفى الجنود في حصان طروادة الذي قدم نفسه كهدية لمدينة تنتظره.

 

لا تبقى المعجزة اعتمادًا على سحرها الخاص إنما بقدر مهارة أصحابها في استبقائها، يحاول الطرفان في الجزء الأخير التحرر من كمالية الفردوس، يُخبر جيسي حبيبته أن ما يملكانه قد لا يناسب تصورها الخيالي، أن شبح الجدة العجوز يطاردها ليخبرها أنها ستنتهي وحيدة، وأن عليها بلوغ مزيد من الكمال، لكن تلك الرغبة تخلق شرورها وتفسد قصة الحب كاملة، يخبرها جيسي أن ما يملكانه أقل سحرًا من ليلة فيينا، وأقل جمالًا من استعادتهما لوصالهما في باريس، لكن معجزته لا تكمن في سحره أو جماله، إنما قدرته على النجاة من فعل الزمن، يُفقد الزمن الأشياء نضارتها ولمعانها، ولكن ما يبقى يكتسب بخدوشه وندوبه جمالية المقاومة.

تمثل الأربعينيات مُنحدر الهبوط من نصف الحياة الأول للنصف الثاني، عندما يوقن المرء أن ما مر من عمره أكبر مما سيأتي، ندرك أن حفل الوجود الصاخب قارب على نهايته وأننا قضينا نصفه في عوالمنا السحرية، فهل كانت تستحق؟

 

يصف نيتشة تجربة الحب مثل موسيقى نسمعها، نميزها، نستعذب غرابتها، نروض حدتها ثم نعتادها، وبعد الاعتياد تخلق تلك الموسيقى جمالية خاصة تحفظها من الملل.

ينتهي before midnight باستعانة جيسي بخياله الأبدي ليخترع آلة زمن يذهب بها مع حبيبته للثمانين، ليخبرها شبحها العجوز الذي يشبه جدتها أن الأربعينيات هي أجمل سنوات عمرها، لكنها لن تُدرك ذلك إلا في الثمانين، يستعيد جيسي حبيبته من رحم الاستعارة التي تحياها كعجوز تحيا بأثر رجعي، تحيا ما سيأتي في صورة ذكريات مُستعادة، تبتسم سيلين بينما يحل منتصف الليل على حبيبين حققا النجاة قبل شروق الشمس وبعد غروبها.