محتوى مترجم
المصدر
TheGuardian
التاريخ
2016/05/24
الكاتب
Owen Gibson

بلغ إيريك كانتونا عامه الخمسين يومَ الثلاثاء الماضي، و مازال قادرًا على لعب الدُّور الذي أجاده دوْمًا؛ لعب دور إيريك كانتونا. فهو يقدِّم نموذجًا بسيطًا لمشجِّعي مانشيستر يونايتد بعد أن سارت الأمور نحو الأسوأ. هؤلاء الذين مازالوا يحاولون هضم نهاية حُقبة لويس فان خال المُرَة، وقدوم جوزيه مورينيو المرتقب.

يقول كانتونا، بنبرة مازحة لكنها جادة في نفس الوقت: «إنهم يفتقدونني». ثم يضيف «لقد فقدوا شيئًا ما. يمكنك أن تشعر بذلك. فإنه من الصعب أن تأتي بعد شخص قضى خمس وعشرين عاماً في النادي. سيظل المشجعون متأثرون بفلسفة فيرجسون حتى لو كنت مدربًا عظيمًا.»

«أُحِب جوزيه مورينهو ولكن طابع كرة القدم الذي يقدمه لا يعكس روح مانشيستر يونايتد. أنا أُحب شخصيته، وشغفه باللُّعبة، وحسِّه الدُّعابي. فهو شخصٌ ذكي للغاية، ويطالب لاعبيه ببذل 100% من مجهودهم وطاقاتهم. و هو بالطبع قادر على تحقيق المكاسب». «لكني لا أظن أن مشجعي مانشيستر يونايتد سوف يُحبون هذا النوع من كرة القدم،حتى لو قادهم إلى الانتصار. مورينيو يمكنه الفوز مع مانشيستر يونايتد. لكن هل سيتقبَّل الجمهور هذا النُّوع من كرة القدم، حتى وإن فازوا؟ لا أظُن ذلكْ».

ثم يضيف: «كان عليهم اختيار جوارديولا. فهو الإبن الروحي ليوهان كرويف. كم كُنتُ سأُحب أن أرى جوارديولا بمانشيتسر يونايتد. ففي رأيي هو الوحيد القادر على تغيير الفريق. الآن هو في مدينة مانشيستر، ولكنه على الجانب الخطأ منها».

عاد «كانتونا» هذا الشهر إلى «أولد ترافورد» ليشهد تعادلهم مع «ليستر سيتي» في «البريمييرليج». ويتحدث بإيمان تام عن رابطته الأبدية مع «مانشيستر»، وسكَّانها وثقافتها الشَّعبية بينما يجلس في بار فندقه المفضل في أحد شوارع مدينة «لشبونة» الضيقة التي انتقل إليها مؤخراً.

ومنذ أن ترك عالم كرة القدم خلفه، بدأ كانتونا لنفسه طريقًا جديدًا كصانع أفلام وثائقية وممثل وفنان. على الرغم من ذلك فهو يؤكد استعداده لمناقشة احتمالية العودة، غير المحتملة، لـ «أولد ترافورد». ولكن فقط كمدير فني للفريق. فيقول: «أنا منخرط في الكثير من الأعمال وسعيد للغاية. لكني سأوافق لو طلبوا مني أن أصبح مديرًا فنيًا لـ «مانشيستر يونايتد». لأن بوجود جوارديولا فى «مانشيستر سيتي» فهم يحتاجون شخصًا قادرًا على الفوز، وقادرًا كذلك على تقديم كرة قدم رائعة، وهذا الشخص هو أنا.»

عند سؤاله إذا ما كان جادًا، تعود إبتسامته، ويقول: «بالطبع أنا جاد. أنا أتظاهر بعكس ذلك، مثلما تكون في الحانة وتتظاهر بعدم الاهتمام. حينها كل الفتيات تنجذب إليك. فربما يعرضون علي تولي المنصب، عندما أقول أني غير مهتم به. وبالطبع إذا ما عرضوه علي، فسأبذل قصارى جهدي.»

لقد مضت تسعة عشر عامًا منذ أن صدم «إريك كانتونا» عالم كرة القدم، والذي كان مفتونًا تماماً بشخص كانتونا حينها، وأعلن تقاعده من اللعب في سن الثلاثين. ممَّا يعني مُضِي عقدين منذ أن قاد «مانشستر يونايتد إلى ثنائية موسم 1995-96. حينما إنهمرت كراته على مرمى نيوكاسل، ومدربهم كيفين كيجان حينها. مما خلده كجزء من أسطورة مانشيستر يونايتد». الأسطورة التى صُدِّرت لقاعدة مشجعي الفريق عالمياً.

لقد أصبح ما أمضاه خارج عالم احتراف كرة القدم أكثر ممَّا أمضاه بداخله كلاعب غير متوقَّع وموهوب إلى درجة لا تُصدق. لكن ما لم يتغير قط هو قناعته بأنه اعتزل في الوقت المناسب تمامًا. فيظل الندم مفهومًا غير مألوف لدى كانتونا الذي يحكي قائلاً: «لقد صرَّحت في مقابلة بفرنسا، عندما كنت في سن العشرين، أنَّني أحمل شغفًا عظيمًا باللعبة، وأنَّني سأعتزل يوم أفقد هذا الشَّغف. لم يصدِّقني أحدٌ بالطبع حينها. لكنني اعتزلت بالفعل عندما فقدت شغفي، و لم أندم على ذلك قط. لكنه لم يكن بالأمر السهل. إنه من الصعب للغاية التأقلم مع الحياة بعد اعتزال كرة القدم الاحترافية. فكرة القدم مثل المخدَّرات. الرَّياضة مثل المخدَّرات. وأنت تحتاج إليها. لهذا أعتقد أن العديد من اللاعبين يصابون بالاكتئاب بعد تركهم لكرة القدم، لافتقادهم شيء ما. لكن ما ساعدني كثيرًا هو إمضائي الكثير من الوقت في العيش بداخل مخيِّلَتي، لو لم تكن لدي هذه الفرصة لُمتُّ.»

مازال كانتونا شخصًا فريدًا ومثيرًا للفضول والاهتمام. ويجمع بين العديد من المتناقضات. فبينما يأخذ فنَّه على محمل الجدِّ، إلاَّ أنه يشارك في حملات الدعاية الترويجية. وعلى الرغم من صداماته ونفوره من الإعلام، إلاَّ أنه يجيد استخدامها لمصلحته. خاصةً في الفترة التي تلت إيقافه عقب حادثة سيلهيرست بارك، وأيضًا بعد مواجهته مؤخرًا مع مصور «باباراتزي» في شمال لندن. لقد واكب وصوله إلى إنجلترا فجر حقبة البريمييرليج. واستطاع حصد العديد من الألقاب. وكان من أوائل من مهَّدوا الطريق أمام منتجات الرفاهية المستوردة. وكان مِمَّن فتحوا الطريق نحو عالم مديري الأعمال الخارقيين. بعلاقته الوطيدة مع شركة «نايكي»، وبإدراكه لقيمة اسمه التسويقية.

يكرر كانتونا دائمًا أن الربح المالي ليس هدفه الأساسي. كما أنه من اللاعبين السابقيين القلائل المستعدين لمناقشة الرأي القائل بأن كرة القدم المعاصرة فقدت شيئًا من روحها. لذلك فإنه يقترح أن تقوم الأجهزة المُنظِّمة بإلزام الأندية بتوفير 25% من تذاكر المباريات بأسعار مُخفَّضة مقابل حِصة من عائد البثِّ التلفزيوني. ثم يسترسل قائلاً: «كرة القدم رياضة شعبية. لذا فمن المهم أن تستطيع الطبقة العاملة تحمُّل تكلفة الذهاب إلي الاستاد لمشاهدة المباريات. فهذه الطبقة يأتي منها 95% من اللاعبين الصغار بكل مكان في العالم . إنهم بحاجة إلى الذهاب إلى الاستاد ومشاهدة المباريات الحيَّة، وليس فقط مشاهدتها عبر التليفزيون. ففي الاستاد يمكنك مشاهدة أشياء مختلفة.»

عندما سُئِل عن تأثير عائلة جليزر ومُلاك الأندية الأخريين القادميين من خارج البلاد، قال:«إنهم متماثلون جميعًا؛ السياسيون ورجال الأعمال والمديرون التنفيذيون في الفيفا. اليوم،معظم المُلاَّك قادمون من خارج البلاد،آتون من كل أرجاء العالم. فالأمر يعتمد على كيفية توجيه النادي. إن لم يكن رجل أعمال أمريكي فسيأتي رجل أعمال إنجليزي. إن لم يكن إنجليزي، فسيأتي رجل أعمال صيني أو ماليزي. كلهم متشابهون. فلقد تحولت اللعبة إلى تجارة. الفارق في حالة رجال الأعمال الإنجليز، يتمثل في الدراية بروح النادي والمجتمع.»

كما يتحدث كانتونا عن قلقه من احتمالات التأثير المدمِّر الناتج عن غَمر اللاعبين الصغار وأُسَرِهم بالكثير من الأموال. فيقول،بينما يستعيد ذكريات سنواته الأولى مع نادي أوكسير: «كنتُ دائمًا ما أسمع الناس، منذ أن كنتُ صغيرًا، وهم يتذمرون حول لاعبي كرة القدم الذين يتقاضون أموال أكثر من اللازم.لكني لم أسمع أبي قط وهو يقول لي أو يجعلني أعتقد أن عليَّ اللعب من أجل المال، وهذا هو الفارق الجوهري في زماني. لقد كان الأمر يدور فقط حول الشَّغف .. حول الحلم». «ربما يعود السبب إلى تأثير الإعلام. فهذا الجيل هو جيل تليفزيون الواقع. كل ما يهمهم هو الهراء؛ سيارات، ومشاهير، وكل هذه الأشياء التي لسنا في حاجة فعلية لها. لقد كانت الأمور مختلفة كثيرًا في زماني. أما الآن فالأهل يريدون من أطفالهم أن يكسبوا النقود وأن يصبحوا من المشاهير.»

دائمًا ما كانت العلاقة بين كانتونا والاتحاد الفرنسي لكرة القدم معقدة وقابلة للاشتعال. وهكذا كانت علاقته مع المدربين الوطنيين المتعاقبين. وربما لا يكون أمرًا غريبًا عندما يعلن تشجعيه لإنجلترا وليس فرنسا هذا الصيف بمنافسات يورو 2016. فهو يؤكد بحماس: «لا أهتم على الإطلاق بفرنسا. أنا رجل إنجليزي عندما يتعلق الأمر بكرة القدم. الدم الإنجليزي الأزرق يجري في عروقي.» ثم يستطرد:«لا يحتاج مدربو الفرق الإنجليزية إلى إقامة معسكرات تدريب تستمر شهورًا قبل بدء المنافسات. لأن عندها سيفقد اللاعبون كل طاقتهم. وسوف يتبدد حماسهم بجلوسهم سويًا لفترة طويلة. تقتضي العقلية الإنجليزية الظهور قبل المباراة بثلاث ساعات .. لعب المباراة .. الاستمتاع بالمباراة. لو كنتُ المدير الفني لمنتخب إنجلترا، لما جمعت اللاعبين معًا قبل شهر من المسابقة. الألمان يستطيعوا فعل ذلك والإيطاليون كذلك. لكن الإنجليز سوف يؤدُّون بصورة أفضل إذا ما اجتمعوا قبل بدأ المباراة مباشرة. ربما تستطيع أن تتذكر حينما فاز فريق الدانمارك بالبطولة الأوروبية. كانوا قد أمضوا الأسبوع السابق للبطولة بأكمله في أجازة سويًا. بعض الثقافات تستطيع إمضاء شهرين متتالين معاً. لكن الشعب الإنجليزي لا يستطيع تحمل ذلك. هذا لا يعني افتقارهم إلي الاحترافية،فهم في غاية الاحترافية والنظام. هذا فقط ليس جزء من طباعهم».

يعترف كانتونا أنه يتمنى انتصار البرتغال. ففي رأيه أن رونالدو يستحق الفوز. كما إنه سيتمكن حينها من المشاركة في الاحتفالات بواقع إقامته مع أسرته بمدينة لشبونة البرتغالية. ويقول كانتونا أنه شديد السعادة بحياته في مدينة لشبونة. فعلى حد تعبيره: «أشعر هنا أنني على قيد الحياة.» يشارك كانتونا في الفيلم الكرواتي «أنكا» الذي سوف يُعرض لاحقًا هذا العام. كما يخطط للمشاركة في فيلم أخر باللغة الصينية.

لا يشعر كانتونا بأية مرارة في قلبه عندما ينظر إلي مشواره الكروي. فهو يقول:«لقد بذلت قصارى جهدي. فعلت كل ما استطيع فعله. أحيانًا تفوز. وأحيانًا أخرى تخسر. لقد حاولت جهد استطاعتي وليس لدي ما أندم عليه. إذا ذكَّرتَ كل شخص قبل المباراة أن يبذل قصارى جهده، وأن يعطي كل ما لديه للملعب، كي لا يشعر بالندم إن خسر،عندها تستطيع النوم كطفل صغير. لذا فأنا أنام كطفل صغير.»