محتوى مترجم
المصدر
Chatham House
التاريخ
2015/08/24
الكاتب
حسن حسن

لقد كان هجوم النظام هذا العام على الأرجح الأسوأ من حيث الخسائر البشرية والدمار. ولقد أسفرت غارة جوية على سوق في دوما عن مقتل أكثر من مئة مدني وجرح المئات. كما كان الوضع الإنساني في الزبداني كارثيا بالمثل: ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمم المتحدة لسوريا، وصف الأمر بـأنه «مستويات غير مسبوقة من الدمار» في المدينة، آخر معاقل المتمردين في منطقة القلمون.

وقد دفع التصعيد التكهنات بأن الجانبين قد يحاولان دعم مواقفهما التفاوضية بعد أن بدأت إيران وروسيا سلسلة من النشاطات الدبلوماسية. يوم الخميس، نقلت رويترز عن دبلوماسي غربي قوله إن زيادة العمليات الحربية هي طريقة الأطراف المتصارعة للتحضير لإيجاد حل سياسي: «لا يزال ذلك هشًا، لكن هذه هي الخطوة الأكثر تضافرًا حتى الآن لإيجاد حل سياسي. كل شخص يحتاج إلى حل سياسي. لقد استُنفد الجميع».

لكن التصريح يظهر كصدى لآمال أنصار المعارضة بدلًا من التفكير داخل وخارج سوريا.


التفكير الرغبويّ

تطل المطالبة على حقيقة أن هؤلاء الذين يقودون التصعيد في الأعمال العدائية لا يرغبون في حل سياسي. بدأت كل من جبهة النصرة وأحرار الشام، وقد قادا المكاسب الناجحة الأخيرة في الشمال، حملات منسقة في إدلب وسهل الغاب في بداية العام، قبل أشهر من بدء أي مبادرات دبلوماسية. وكان هجوم نظام الأسد في الزبداني في إطار حملته التي يقودها حزب الله لتعزيز قبضته على منطقة القلمون بالقرب من لبنان. وتتفق مجزرة النظام بحق المدنيين في سوق دوما مع حملته للانتقام والإرهاب كلما عبر المتمردون خطوطًا معينة.

أيضًا، نظام بشار الأسد ليس لديه النية لمشاركة السلطة بشكل فعلي أو السماح للمعارضة بالمساعدة في إدارة البلاد. وهو ما ينبغي أن يكون مؤسسًا بالفعل. تعلم الحكومة تمامًا أن أنصار المعارضة ليسوا مهتمين بنصر حاسم بقيادة المتمردين. وأي خطط طارئة لديها بشأن تنامي قوة المتمردين لا تنطوي على تسليم للسلطة.

أنصار النظام، أيضًا، لم يغيروا نظرتهم تجاه الصراع، على الرغم من الإيماءات الدبلوماسية التي تقدمها إيران، بما في ذلك خطة «منقحة» لسوريا وروسيا، مثل تنظيم زيارات من قِبل مسؤولي النظام إلى سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية.

السبب الاكثر ترجيحًا لهذه اللفتات هو اللعب على إحجام العديد من أنصار المعارضة من أجل زيادة الدعم للمتمردين. وقد أعربت الدول الغربية بشكل خاص عن مخاوف من أن الارتفاع الأخير في المساعدة والتنسيق العسكري الذي تقدمه دول الخليج وتركيا، يمكن أن يتسبب في خروج الوضع في سوريا عن نطاق السيطرة.

وقد ورد أنه خلال اجتماع مع ما يسمّى بأصدقاء سوريا، طلبت الدول الغربية صراحة من ممولي المعارضة الإقليميين النظر في مثل هذا السيناريو وعدم السماح للنظام بمواجهة تهديدات وجودية.

وقد دفعت هذه المخاوف محادثات داخل المعسكر المؤيد للمعارضة بدلًا من المعسكر المؤيد للنظام، عن إعادة تنشيط العملية السياسية. وسجل ممثلو المملكة العربية السعودية في تلك الاجتماعات، على سبيل المثال، أن الحل السياسي لا يمكن تحقيقه لأن روسيا غير مستعدة لممارسة أي ضغط على نظام الأسد. ولذلك، فإن العديد من البلدان التي تقف على جانب المعارضة تتشبث يائسة بأي فتات من روسيا، حتى لو لم تقدم تلك المبادرات أي شيء جديد.

التفكير الرغبوي عند جزء من المعسكر المؤيد للمعارضة في كثير من الأحيان يترجم إلى تذبذب وتحركات الفاترة. على سبيل المثال، دعم المخيم الجهود المشتركة من قِبل تركيا وقطر والمملكة العربية السعودية لدعم جيش الفتح في شمال سوريا، وهو تحالف للمتمردين قام بتحقيق مكاسب مثيرة للإعجاب ضد الجيش السوري في إدلب منذ شهر مارس. وبعد أن بدأ تحالف المتمردين التقدم نحو معاقل النظام في وسط وغرب سوريا، بدأ أنصاره في التفكير ثانية حول هذه الخطوة.

ولدى الولايات المتحدة وتركيا أيضًا خلافات عميقة حول دور القوى الكردية في شمال شرق سوريا ومحاربة الدولة الإسلامية في العراق وسوريا. وقد تشارك عضوا حلف شمال الأطلسي في حرب كلامية على ما يدعى «منطقة أمنية خالية- [من تنظيم الدولة الإسلامية]» من المفترض أنهم وافقوا على إنشائها في الشمال.

يدرك نظام الأسد وداعموه الأجانب هكذا خطوط صدع بين الفريق المؤيد للمعارضة. والطريقة الوحيدة التي يرغبون فيها لتحسين وضعهم التفاوضي هي الانتظار. وفي نهاية المطاف، يأملون أن المتمردين سينقسمون ويرهقون جدًا وسيتحول أنصارهم إلى النظام لمساعدته في قتاله ضد الجماعات المتطرفة.