محتوى مترجم
المصدر
the conversation
التاريخ
2018/01/28
الكاتب
نايك بيسلي

أدركنا أخيرًا عام 2017 أن العقود الأربعة من الاستقرار الجيوسياسي الذي تتمتع به البلدان والمجتمعات الآسيوية؛ قد وصل إلى نهايته. وفي العام 2018، ستصبح النماذج الرئيسية التي ستهيمن على المنطقة واضحة أكثر فأكثر.عملت الصين والولايات المتحدة على إيجاد طريقة للعيش سويًا في السبعينات، ما مهد الطريق للنمو الاقتصادي الملحوظ في المنطقة. كما سعَت الولايات المتحدة الأمريكية بنشاط لإشراك الصين في الاعتقاد بأن التكامل الاقتصادي الصيني مع العالم سوف يؤدي في نهاية المطاف لتحرير النظام السياسي الصيني. لكن كما أوضح «شي جين بينغ» -في السنوات الخمس الأولى من توليه منصبه- أن هذا التفاؤل في غير محله. وأصبحت الصين الأكثر ثراءً، واستبدادية وقومية، وتزايدت النوايا حول تغيير البيئة الدولية إلى أخرى ترى أنها (أي الصين) تعكس مصالحها على نحو أفضل.في العام الأول في منصبه وعلى غير المتوقع، تعامل الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» مع الصين بلطف، وعلى النقيض من خطاب حملته، تواصلت إدارته مع الصين باعتدال، مع التركيز بشكل أساسي على إقامة علاقة شخصية جيدة مع «شي»، ومحاولة الحصول على المساعدة الصينية لإدارة الطموحات النووية لكوريا الشمالية. من المرجح أن يتغير ذلك في 2018. وكما هو مشار إليه في «إستراتيجية الأمن القومي» و«إستراتيجية الدفاع الوطني»، ترى الولايات المتحدة أن المنافسة الإستراتيجية بين القوى الكبرى هي أهم سمة من سمات البيئة الأمنية في البلاد. فالمشاركة النشطة للصين عن طريق الولايات المتحدة، ولو حدّها قدر من الاحتواء، شارفت على نهايتها. ينظر إلى الصين الآن على أنها دولة تسعى إلى تشكيل البيئة الدولية وفقًا لتصورها. نتوقع أن تتنافس الولايات المتحدة الأمريكية أكثر على قوة الصين ونفوذها، سواء في المنطقة أو على الصعيد العالمي.من المرجح أن يتخذ هذا شكلًا عسكريًا واقتصاديًا على حد سواء، حيث تنظر الولايات المتحدة الأمريكية إلى الصين على أنها خصم كامل الأوصاف. وهذا يعنى نوعًا من الإجراءات بشأن ما تعتبره الولايات المتحدة سياسة تجارية صينية «ضارة»، فضلًا عن تصعيد الخطوات العسكرية للرد على الأنشطة الصينية، لاسيما البحرية منها.لن تستجيب الصين للزيادة المحتملة في الضغط الأمريكي بهدوء. في الواقع، هناك خطر حقيقي واحد في عام 2018 وهو أن الصين ستضخم الأمور. ما تعلمته الصين من 2017 هو أن «ترامب» نِمرٌ من ورق. يُنظر إلى «ترامب» على أنه غير قادر ولا مستعد لمطابقة كلماته المنمقة مع أفعاله. ويمكن للصين أن تتجرأ على التصرف باستفزاز إذ لا يمكنها توقع الاستجابة الأمريكية المحتملة.من المحتمل أن تكون الجزر المتنازع عليها في بحر الصين الشرقي هي المكان الأكثر عُرضة لهذا. وتتعرض نزاعات بحر الصين الجنوبي لخطر أقل قليلًا في عام 2018، حيث حققت الصين أهدافها إلى حد كبير في هذه المنطقة. وفي حين أن الولايات المتحدة تفضل عدم حدوث هذا؛ فإنها يمكن أن تتأقلم مع العواقب في الوقت الحاضر. وفي حين أن المنافسة الصينية الأمريكية ستزيد من سخونة الإقليم، فإنها ليست بأي حال الطريقة الوحيدة التي ستشكل المنافسة بين القوى العظمى بهذه المنطقة.تذكرنا أزمة «دوكلام» في العام الماضي بأن الحدود الواسعة بين الصين والهند موضع نزاع كبير. نتوقع أن تؤدي طموحات الهند وثقة الصين إلى مزيد من التوترات في جبال الهيمالايا. فوجئت الصين قليلًا من رد الهند في «دوكلام»، وستتعلم من هذا الموقف. وحينما -وليس إذا- تختبر الصين الهند مرة أخرى، فإنه من المحتمل أن ينطوي الأمر على مستوى أعلى من المخاطر العسكرية.في أواخر عام 2017، اجتمع كبار المسؤولين من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان والهند وأستراليا، وأحيوا «المبادرة الرباعية»التي أُسست قبل عقد من الزمن. يُنظر لهذا التحرك العلني باعتباره جهودًا لتنسيق سياسات البلدان التي تقدر قيمة التجارة الحرة بين الهند والمحيط الهادئ. ومن حيث المضمون، يتعلق الأمر بالتعاون للحد من التأثير الصيني والحفاظ على النظام الليبرالي. وسيتخذ «الرباعي الجديد» خطوات أخرى في 2018، وستستجيب الصين بطرق تزيد من حدة التوترات الإقليمية.سيشهد هذا العام كذلك مزيدًا من الانخفاض في أسهم الليبرالية في آسيا. ظهرت الليبرالية خلال فترة من الزمن في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وانضمت الصين إلى منظمة التجارة العالمية، كانت الديمقراطية في مسيرة في جنوب شرق آسيا، واعتبرت العولمة الاقتصادية شيئًا جيدًا محضًا. لكن ليس بعد الآن؛ لا توجد ديمقراطيات في جنوب شرق آسيا. يخرب «رودريغو دوتيرت» الليبرالية في الفلبين، بإغلاق موقع إخباري حيوي، ويخشى البعض من أن القانون العسكري الذي فرضه في الجنوب المضطرب يمكن توسعته في جميع أنحاء البلاد في عام 2018.دمرت «كمبوديا» مظهرها الديمقراطي، في حين أن عملية إرساء الديمقراطية في «ميانمار» ما زالت محدودة للغاية. وحتى في اليابان والهند، فإن الأفكار الليبرالية تواجه تحديًا من القوميين الحساسين للنقد. وفي عام 2018، ستواجه الأفكار الليبرالية في آسيا بيئة شاقة أكثر فأكثر، خاصة وأن المنافسة الجيوسياسية ستشجع مناصري الأفكار الليبرالية السابقين على وضع المصالح قبل القيم من أجل إدارة تلك المسابقة.مع الأسف سنرى هذا العام أزمة «الروهينجا» لا تزال قائمة، مع عدم كفاية الحوافز السياسية للجهات الفاعلة الدولية للمساعدة في إنهاء الأزمة. إن مواءمة المصالح بين الجيش والحكومة في «نايبيداو» تعني أسوأ أزمة إنسانية في المنطقة على مدى عقود.هناك أيضا فرصة جيدة في عام 2018، حيث سنعمل على كيفية العيش مع كوريا الشمالية النووية. وستدرك الولايات المتحدة في نهاية المطاف أنه ليس لديها خيارات لإدارة الأزمة -أو على الأقل لا شيء يحمل تكاليف مقبولة- وأنه يمكن إدارة الشمال النووي. والواقع أن كوريا الشمالية التي تشعر بالأمان قد تتكفل أخيرًا بنوع من الإصلاحات الاقتصادية التي يحتاجها سكانها، والتي يمكن أن تدمج البلد المعزول في الاقتصاد الإقليمي.أصبحت آسيا المتنازع عليها واقعًا جيوسياسيًا وجغرافيًا اقتصاديًا. في عام 2018 سنرى مدى الحدة التي سيصبح عليها التنافس. إن القومية الجريحة للصين، والولايات المتحدة المتقلبة التي لا يمكن التنبؤ بها، والقيادة السياسية الضعيفة في العديد من القوى الإقليمية تعني أن العام المقبل في آسيا سيكون أكثر شقاءً من عام 2017.