أثارت الصورة التي نشرت مؤخرًا للمرشد العام السابق لجماعة اﻹخوان المسلمين مهدي عاكف ،خلال جلسة محاكمته في القضية المعروفة إعلاميًا بأحداث مكتب الإرشاد التي كانت بعام 2013، ضجةً واستنفارًا حقوقيًا لظهوره في حالة صحية متدهورة بشكل كبير وهذا ما أكدته وفاء عزت زوجته.

والتي أضافت أنها قدمت طلبات عديدة للنائب العام وقاضي المحاكمة لخروجه للعلاج لكنها قوبلت إما بالرفض أو التجاهل وعدم تلقيها ردًا عليها، وأشارت عزت إلى أن زوجها كان يعاني من سرطان بالبنكرياس وظروف ومكان حبسه والإهمال الطبي الذي تعرض له أثر على حالته الصحية.


الحالة تدهورت وعاكف يطالب بالعودة للسجن

أكد المحامي عبد المنعم عبد المقصود، عضو فريق الدفاع عن مرشد الإخوان الأسبق، بأن موكله حالته الصحية في تدهور شديد نتيجة للإهمال الطبي الذي تعرض له داخل السجن خلال فترة حبسه الاحتياطي، مؤكدًا على أن التحاليل والفحوصات الطبية التي أجريت له بمستشفى القصر العيني الذي نقل له مؤخرًا لتلقي العلاج أثبتت أن السرطان تمكن من الكبد وامتد إلى الكلى.

وأشار عبد المقصود إلى أن الأسرة تمكنت أمس الثلاثاء من زيارة عاكف بعد منعهم عدة مرات،مؤكدًا على أن عاكف طالب أسرته وهيئة الدفاع أن تتقدم بطلب للعودة إلى السجن مرة أخرى بسبب سوء المكان المحتجز به لتلقي العلاج والذي يسمى عنبر المسجونين، وأكد عبد المقصود أن كل الطلبات التي قدمت للنائب العام للمطالبة بالإفراج عن عاكف لم يرد عليها حتى الآن.

كما أكدت عليا محمد مهدي، نجلة مرشد الإخوان السابق، على تدهور حالة والدها، فيما نفت الأنباء التي ترددت عن خبر عودته للسجن مرة أخرى وأكدت على أنه ما زال محتجزًا بعنبر المسجونين بالقصر العيني لتلقي العلاج اللازم له.


الإفراج الصحي ضرورة ملحة والإجراءات الجنائية تنصف عاكف

قال المحامي الحقوقي بمركز عدالة، محمد الباقر، أن نقل مهدي عاكف المرشد السابق لجماعة الإخوان إلى مستشفى القصر العيني غير كافٍ بالمرة، وأنه لابد من الإفراج الصحي عنه وخصوصًا أنه لا يزال محبوسًا احتياطيًا ولم يتم الحكم عليه حتى الآن، فيما أ كد على أنه تم الإفراج الصحي مؤخرًا عن 10 من المتهمين بالقضية المعروفة إعلاميًا بغرفة عمليات رابعة منهم متهم توفي عقب تنفيذ الإفراج لسوء حالته الصحية داخل السجن.

كما أكد المحامي الحقوقي بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات، حليم حنيش، أن قانون الإجراءات الجنائية يتيح الإفراج الصحي في حالة تدهور الحالة الصحية للمتهم المحكوم عليه، بينما عاكف محبوس احتياطيًا فقط وبالتالي من الأجدر تطبيق هذا عليه وخصوصًا أنه مسن حيث يبلغ من العمر 88 عامًا، وأشار حنيش إلى أن عاكف ليس الوحيد الذي تناله هذه المعاملة في سجون النظام وإنما هي طريقة النظام للتنكيل بمعارضيه.

وأكد عبد الغفار شكر، نائب المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن المجلس في اجتماعه الشهري الذي عقد الأربعاء الماضي أوصى بالتواصل مع الجهات المسئولة وعلى رأسهم الرئاسة ووزارة الداخلية لإعداد مذكرة رسمية بشأن مرشد الإخوان السابق مهدي عاكف والمستشار محمود الخضيري أيضًا؛ للمطالبة بعلاجهما في إحدى المستشفيات الخاصة حيث الرعاية الصحية الجيدة أو العفو الصحي عنهم وفقًا لقانون الإجراءات الجنائية.

من جانبها تضامنت حملة الحرية للجدعان مع مرشد الإخوان السابق وناشدت الحقوقيين بضرورة التضامن معه والمطالبة بالإفراج الصحي عنه لما طاله من تدهور حالته الصحية نتيجة للإهمال الطبي المتعمد خلال فتره حبسه الاحتياطي.

ونشرت الحملة دعوة التدوين عن مرشد الإخوان السابق التي أطلقتها أسرته للمطالبة بضرورة الإفراج الصحي عن مهدي عاكف، وقالت الأسرة في بيانها إن «مهدي عاكف المرشد العام السابق للجماعة لم يجدد قيادته ليكون أول مرشد سابق إعمالاً لمبدأ تداول السلطة، ولم يتولى أي منصب رسمي خلال فترة حكم الإخوان، ومعتقل دون أن يكون متورطًا في أي جريمة ولكن فقط كجزء من التنكيل والانتقام».


سياسيون وقوى حقوقية يدافعون عن عاكف

قال الكاتب والناشط اليساري تامر وجيه تعليقًا على حبس «عاكف»: «اللي حابسين المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين الأستاذ محمد مهدي عاكف، وهو رجل يناهز التسعين وفي حالة صحية متدهورة، ناس أحقر من أن يوصفوا بأي أوصاف بشرية»، مضيفًا: «الانتقام عندهم متعة في حد ذاتها -حاجة كده زي نظرية الفن للفن- مش حتى خطة وحشية للإجهاز على الأعداء» حسب تعبيره.

من جانبه دوّن الحقوقي ومدير الشبكة العربية للحقوق جمال عيد عبر صفحته مدافعًا عن مرشد الإخوان السابق قائلاً: «ممكن تظل سياسيًا في خصومة معه، لكن لأنه تسعيني ومريض، فإنسانيًا أفرجوا عن مهدي عاكف».

فيما أدانت منظمة هيومن رايتس مونيتور الإهمال الطبي الذي تسبب في تدهور حالة مهدي عاكف صحيًا، وطالبت بضرورة الإفراج عنه أسوةً بالدساتير والمواثيق الدولية، كما طالبت بضرورة وقف الانتهاكات غير القانونية بحق المُعتقلين السياسيين في سجون النظام .

حيث ذكرت في بيانها الذي أصدرته في أواخر الشهر الماضي بشأن عاكف أنه «يعاني من مجموعة من الأمراض من بينها «قصور في شرايين المخ نتج عنه قلة في الدم، وهو الذي تسبب بدوره في الإغماء المتكرر بجانب كبر سنه، فهو مصاب بأمراض الشيخوخة وضيق التنفس ومصاب في العمود الفقري»، مؤكدة أن الحق في الحصول على الرعاية الطبية اللازمة حق أساسي تقره جميع الدساتير والإعلانات العالمية والمواثيق الدولية.


الإهمال الطبي قتلٌ عمدٌ وعاكف ليس الوحيد

قال طاهر مختار، عضو حملة الإهمال الطبي بالسجون جريمة، إن الحرمان من الحق في العلاج هو ظاهرة ممنهجة في السجون المصرية ويمارس ضد كل السجناء سواء بتهم سياسية أو جنائية، وإن كان السياسيون يواجهون إمعانًا في التنكيل مثلما يحدث مع مهدي عاكف، وأضاف أن الضباط المسئولون بالسجون يرون أن السجن يُفقد السجين كل حقوقه الإنسانية ما دام محبوسًا بما فيه الحق في الصحة والعلاج.

وأشار مختار إلى أن هناك العديد من الحالات الأخرى التي تعرضت خلال الفترة الأخيرة للإهمال الطبي بل الحرمان المتعمد لحقهم في العلاج في السجون المصرية الآن؛ مثل أحمد نصر عبيد، وهشام جعفر، وشوكان وغيرهم، وفي النهاية وجب التأكيد أن الحرمان من الحق في العلاج في السجون هو بمثابة قتل عمد وقد توفي العديد من الضحايا نتيجته خلال الفترة الأخيرة.

وأعلن الكاتب الصحفي سعيد شعيب تنازله عن الدعوى القضائية التي كان قد رفعها ضد محمد مهدي عاكف، مرشد جماعة «الإخوان المسلمين» السابق، بتهمة السب والقذف، بعد حصوله على حكم لصالحه فيها، وذلك نظرًا لظروف مرض الأخير.

وقال الكاتب الصحفي في بيان نشره عبر صفحته: «كنت أتمنى أن ينصفني القضاء والإخوان وأنصارهم في السلطة. ولأنهم الآن في السجون، ولأنني حصلت على ما أريد، وتقديرًا للظروف الصعبة التي يمر بها الأستاذ مهدي عاكف شفاه الله وعافاه، أعلن عن تنازلي عن حقوقي، متمنيًا لبلدي مصر أن تصبح دولة الرحمة والعدل، الرحمة والعدل أحق بهما الخصوم قبل الأصدقاء».


مرشد الإخوان السابق في سطور

الجدير بالذكر أن مرشد الإخوان السابق محبوس منذ ثلاث سنوات قضاها بالحبس الانفرادي تنقل خلالها المرشد داخل عدد من السجون، كان بدايتها في سجن العقرب،وانتهى به الأمر داخل سجن طرة. وعلى الرغم من تدهور حالته الصحية وخضوعه لعملية جراحية اﻷسبوع الجاري، لم تتركه إدارة السجن داخل المستشفى وعاد إلى محبسه حتى تدهورت صحته مرة أخرى وتم نقله إلى مستشفى القصر العيني، كما أنه تم الحكم عليه بالسجن 25 سنة وأعيدت محاكمته مرة أخرى أمام دائرة جديدة بعد الطعن على الحكم.

يُذكر أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيه اعتقال محمد مهدي عاكف المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين، فقد قبض عليه في أول أغسطس 1954م، وتم الحكم عليه بالإعدام بتهمة تهريب اللواء عبد المنعم عبد الرؤوف -أحد قيادات الجيش وأحد أعلام الإخوان- والذي أشرف على طرد “الملك فاروق”- ثم خُفف الحكم إلى الأشغال الشاقة المؤبدة، حيث خرج من السجن سنة 1974م في عهد الرئيس المصري الراحل أنور السادات ليزاول عمله كمدير عام للشباب بوزارة التعمير.

كما قُدِّم للمحاكمة العسكرية سنة 1996م في القضية المعروفة بسلسبيل، والتي ضمت وقتها عددًا كبيرًا من قيادات الإخوان المسلمين، وكانت التهمة حينها بأنه المسئول عن التنظيم العالمي للإخوان المسلمين ، وحُكم عليه بثلاث سنوات، ليخرج من السجن في عام 1999م.