شهد هذا الأسبوع إقامة مباريات الذهاب الأربعة في الدور نصف النهائي لبطولتي دوري الأبطال أوروبا والدوري الأوروبي؛ نصف المشوار إلى ميلانو حيث نهائي دوري الأبطال؛ نصف المشوار إلى بازل حيث نهائي الدوري الأوروبي.

مانشستر سيتي 0-0 ريال مدريد: مباراة الأشباح الغائبة

يمكن أن توصف هذه المباراة للمتابع غير الجيد لكرة القدم بأنها المواجهة بين الـ BBC ومدربهم «زين الدين زيدان» أمام الفريق الذي أنفق ما يزيد على المليار يورو على استقدام اللاعبين خلال السنوات القليلة الماضية. لكن المباراة التي شاهدناها بالفعل، كانت بين فريق ريال مدريد الذي فاز بصعوبة بالغة على فريق «رايو فايكانو» المتواضع في الجولة السابقة من الدوري الإسباني، وبين فريق «مانشستر سيتي» الذي خسر رسميًا الدوري الإنجليزي الأسبوع الماضي بعد وصول ليستر سيتي للنقطة 76.

في الوقت الذي يحاول فيه زيدان إثبات قيمته كمدرب هام، نجد بيليجريني فاقدًا للاهتمام الحقيقي بالمنافسة.

يمكننا بسهولة أن نقيّم هذه المباراة من خلال فهم دوافع كلٍ من المدربين قبل خوض اللقاء. ففي الوقت الذي يحاول فيه زيدان إثبات قيمته كمدرب هام بالوصول إلى نهائي دوري الأبطال، نجد بيليجريني على الناحية الأخرى فاقدًا للاهتمام الحقيقي بالمنافسة، وعاجزًا أو ربما غير مبالٍ بإيجاد حلول للتنظيم الدفاعي الذي لعب به الميرنجي. وعلى الرغم من القوة الهجومية الضاربة التي يمتلكها المدرب التشيلي، إلا أن مهاجمه أجويرو وصانعي اللعب دي سيلفا ودي بروين فشلوا طوال الوقت الأصلي للمباراة في تشكيل خطر حقيقي على مرمى نافاز حارس ريال مدريد. فريق كامل لم يستطع التصويب على مرمى خصمه باستثناء كرة واحدة من ضربة حرة احتسبها الحكم في الدقيقة 91، وقام بتنفيذها دي بروين.

قدوم «بيب جوارديولا» هو الشبح الذي سيطر على مباراة مانشستر سيتي. الجميع ينتظر قدوم المدرب الإسباني بصورة أثرت سلبًا على أداء وطموحات الفريق، وقتلت بشكل كامل اهتمام مدربه الحالي متوسط النجاح. بليجيريني لا ينتظره مكان في أحد الفرق الأوروبية الكبيرة، وربما تكون هذه هي فرصته الوحيدة في المستقبل القريب من أجل الوصول لنهائي أوروبا، ولكنه لا يظهر الاهتمام الكافي لإنجاح هذه الفرصة. وربما تكون إصابة دي سيلفا وغيابه المحتمل عن مباراة العودة هي العقاب العادل لـ بيليجريني.

على الجانب الآخر يحظى زيدان باحترام الجميع، حتى وإن لم يقدّم الدليل على أهميته كمدرب حتى الآن. بدأ زيدان المباراة من دون الاسم الأكبر في فريقه، فشبح غياب “كريستيانو رونالدو” عن المباراة كان اللقطة الأهم من جانب الريال في ذلك اليوم، لكن على الرغم من ذلك نجح زيدان تمامًا في السيطرة على اللقاء. قيّد زيدان ظهيريه كارباخال ومارسيلو بمهام دفاعية واضحة، وكافأه لاعبو الوسط كازيميرو وكروس ومودريتش بفرض سيطرته وإيقاعه على أحداث المباراة. زيدان هو من يقرر متى يكون الاستحواذ من نصيب ريال مدريد وهو من يقرر توقيت الانكماش للخلف واللعب على الهجمات المرتدة. وبالنظر إلى إحصائيات التصويب على المرمى نجد للريال 3 تصويبات من أصل 13 أمام تصويبة واحدة من أصل 4 للسيتي.

يوم الأربعاء القادم تُقام مباراة العودة بين الفريقين على ملعب سانتياجو برنابيو. ونتيجة اللقاء الأول 0 – 0 تعني أن حظوظ الفريقين متساوية نظريًا، وإن كانت عوامل الأرض في صالح الملكي الإسباني وكذلك عودة رونالدو، وغياب سيلفا عن السيتي. ولكنها في ذات الوقت مباراة غير متوقعة يمكن أن تنتهي بتفاصيل صغيرة مثل ضربة ثابتة أو هجمة سريعة لـ أجويرو تهدي التأهل للسيتيزينس.


أتليتكو مدريد 1-0 بايرن ميونخ: الجميلة والوحش

المخ في مواجهة العضلات؛ هذا هو المعنى الذي انتشر في العديد من الصحف والمواقع عند توصيف مواجهة بيب جوارديولا ودييجو سيميوني في لقاء نصف النهائي. وهذا هو واقع ما حدث في الملعب خلال هذه المباراة.

من جانب الأتليتي كانت البداية كلاسيكية تمامًا كما اعتدناها خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة. لعب الفريق بخطة 4-4-2 تقليدية تمامًا، وبدأ بالضغط العالي على الخصم في منتصف ملعبه؛ مما شكل خطورة كبيرة على مرمى الألماني مانويل نوير، قبل أن يستطيع ساؤول نيجويز أن يترجم ذلك الضغط إلى هدف شديد الأهمية والجمال، ربما هو الأهم والأجمل في مسيرة ساؤول حتى الآن. ثم يأتي القسم الثاني من خطة سميوني المعتادة؛ حيث يتمركز في المنطقة الخلفية من الملعب متخليًا عن الاستحواذ لفريق الخصم، وانتظار هجمة مرتدة يؤكد بها نتيجته. وهو ما كاد أن ينجح فيه فيرناندو توريس في الشوط الثاني من المباراة عندما تسلم الكرة من أنطونيو جريزمان مراوغًا ديفيد ألابا الظهير البافاري، قبل أن ينهي لعبته بتصويبة متقنة ارتطمت بالقائم الأيمن لمرمى البايرن.

لم يتلقّ الفريق الاتليتي أي هدف على ملعبه كالديرون في دوري الأبطال بعد الدقيقة 60.

قبل هذه المباراة ظهرت إحصائية دالة جدًا على التفوق الدفاعي الاتليتي في حقبة مدربه دييجو سيميوني؛ حيث لم يتلق الفريق أي هدف على ملعبه كالديرون في دوري الأبطال بعد الدقيقة 60، وهذا ما استطاع الفريق الحفاظ عليه حتى الآن. كذلك استطاع أن يخرج بشباكه نظيفة للمرة رقم 14 في آخر 16 يخوضها على ملعبه!.

على الجانب ظهرت إحصائية شديدة الدلالة على شكل لعب بايرن ميونخ عمومًا في حقبة جوارديولا، حيث اختلف التشكيل الأساسي للفريق في بداية كل مباراة لمائة مرة متتالية. فجوارديولا لا يوجد لديه لاعب أساسي بالمعنى الدارج، واستطاع البافاري أن يستحوذ على الكرة بنسبة تفوق الـ 70% خلال أحداث المباراة. لكن دفاع أتليتكو استطاع الحفاظ على تماسكه حتى النهاية. ولعل الكرة الأخطر للفريق الألماني طوال اللقاء كانت تلك التسديدة التي ارتطمت بالعارضة بعدما سددها المدافع ديفيد ألابا بقوة. بحيث يكون المجموع النهائي لمحاولات البايرن هو 16 تسديدة منها 9 على المرمى وواحدة ارتطمت بالعارضة و4 تصديات للحارس الألماني أوبلاك الذي استطاع الحفاظ على نظافة شباك الأتليتي. ورغم نجاح البايرن في إتمام 594 تمريرة في مقابل 159 لأتليتكو إلا أن المباراة انتهت بفوز الأخير.

نستطيع القول أن سيميوني خرج بما يريده من المباراة. لم يتلق هدفًا في ملعبه، وتقدم بآخر. ويكفيه الآن أن يحرز هدفًا واحدًا في مباراة العودة يوم الثلاثاء المقبل في ملعب الأليانز إيرينا في ميونخ كي يضمن التأهل. فحسب قناعة سيميوني وحسب الأرقام، فإنه من الصعب جدًا أن تتلقى مرماه ثلاثة أهداف في مباراة واحدة وهو الدفاع الأقوى في أوروبا حاليًا.


فياريال 1-0 ليفربول: الجرينتا وحدها غير كافية

قبل بداية هذه المباراة مرّ ليفربول بأسبوع طويل، بدأ بمشكلة مدافعه مامادو ساخو والذي ثبت تناوله لأدوية حارقة للدهون تحتوي على مواد ممنوعة من قِبل الاتحاد الدولي لكرة القدم، وتم إيقافه لمدة شهر قبل القرار النهائي في الأمر. وتعادل الفريق كذلك في ملعبه الأنفيلد أمام نيوكاسل الذي يصارع الهبوط مع مدربه الحالي ومدرب ليفربول السابق رافا بينيتز. وفي المقابل يقدم فياريال واحدًا من أفضل مواسمه، حيث يمتلك الفريق ثالث أفضل خط دفاع في الليجا الإسبانية، وهو كذلك الفريق الذي لم يستقبل إلا هدفًا واحدًا على أرضه في بطولة الدوري الأوروبي.

رفعت جماهير إستاد المادريجال لافتات تحمل الرقم 96 في إشارة إلى التضامن مع جماهير ليفربول الـ 96 الذين لقوا مصرعهم.

أهم أحداث المباراة كانت قبل البداية بدقائق، وقبل النهاية بدقائق. حيث رفعت جماهير إستاد المادريجال لافتات تحمل الرقم 96 في إشارة إلى التضامن مع جماهير ليفربول الـ 96 الذين لقوا مصرعهم عام 1989 في نهائي كأس إنجلترا، وهي الحادثة المعروفة بكارثة هيلزبروه. وقد انتهت التحقيقات فيها قبل أيام، وأدانت سلطات التحقيق قوات الشرطة التي أهملت مسئوليتها بتنظيم دخول الجماهير؛ مما أدى للتدافع الذي تسبب بدوره في وفاة المشجعين. وقبل النهاية بدقائق كانت أهم أحداث المباراة ذاتها، حيث أضاع ظهير ليفربول الأيمن ألبرتو مورينو انفرادًا تامًّا بمرمى الخصم، كان من شأنه أن يكون نصف بطاقة تأهل للمباراة النهائية. وبعد هذا المشهد بدقيقة واحدة، ينجح دينيس سواريز في تمرير كرة ضرب بها خط ظهر ليفربول كاملاً، وتصل إلى أدريان الذي يحرز منها هدف التقدم للغواصات الصفراء قبل لحظات من النهاية.

كرة الهدف الذي أحرزه الفريق الإسباني تستطيع أن تلخص كل مشكلات ليفربول الفنية خلال هذه اللحظة من الموسم. فأولها هو سوء التغطية من الظهير الإسباني مورينو، والذي يفتح ثغرة دائمة مع انطلاقاته للأمام، وكذلك مشكلة إصابات منتصف الملعب التي ضربت ليفربول فجأة في لقائي الذهاب والعودة أمام دورتموند الألماني والتي خسر بسببها جهود كابتن الفريق هندرسون، ولاعب الوسط الألماني إيمري تشان. حيث لم يضغط أي من لاعبي المنتصف على دينيس سواريز قبل تمرير كرة الهدف. وتظهر كذلك مشكلات خط الدفاع في الفريق، فعلى الرغم من المباراة الكبيرة التي قدمها المخضرم حبيب كولو توريه، إلا أن سوء تمركزه كان أحد أسباب هدف أدريان.

يدخل فريق فياريال المباراة القادمة في أنفيلد يوم الخميس وهو يعلم أن التعادل بأي نتيجة كافٍ لصعوده. بينما يحتاج فريق ليفربول إلى الفوز بفارق هدفين من أجل الصعود، وهي مهمة صعبة خاصة مع إصابة المهاجم الشاب البلجيكي أوريجي، والشائعات حول عدم مشاركة ستوريدج بسبب خلاف مع الجهاز الفني للفريق.


شاختار دونيسك 2-2 أشبيلية: مباراة خارج التوقعات

شهدت مباراة شاختار دونسيك وأشبيلية تسجيل 4 أهداف من مجموع 6 تم تسجيلها في أوروبا هذا الأسبوع.

على الرغم من أن أشبيلية الإسباني هو بطل الدوري الأوروبي في نسختيه الأخيرتين، إلا أن ازدحام الأسبوع الأوروبي بالأسماء الكبيرة جعل مباراته ضد شاختار دونيسك الأوكراني هي المباراة الأقل من حيث الجماهيرية في هذا الأسبوع. وعلى عكس التوقعات كانت هذه المباراة هي الأمتع والأغزر في الأهداف، حيث شهدت وحدها تسجيل 4 أهداف من مجموع 6 تم تسجيلها في أوروبا هذا الأسبوع.

شهدت المباراة تقدم الفريق الأندلسي في الدقيقة السادسة من المباراة بقدم لاعب الوسط فيتولو ماتشين، قبل أن يسجل ستيباننكو وبونفيم هدفيّ التعادل ثم التقدم لأصحاب الأرض قبل نهاية الشوط الأول. واستمر الحال بنتيجة 2 – 1 حتى الدقيقة 81 من اللقاء عندما احتسب الحكم ضربة جزاء لأشبيلية تصدى لها المهاجم الفرنسي كيفين جاميرو، وسجّل منها هدف التعادل.

قبل نهاية المباراة دفع مدرب الفريق الأوكراني ميرسيا لوسيسكو بثلاثة مهاجمين دفعة واحدة، لعلمه بالصعوبة البالغة التي سوف يواجهها على ملعب الفريق الإسباني في مباراة العودة يوم الخميس القادم. ولكن المباراة انتهت بالتعادل، وزادت معها فرص الفريق الإسباني للوصول إلى نهائي البطولة للمرة الثالثة على التوالي.