لا يجب أن تتكلم بمثل هذا الكلام عن من دفع ضريبة الدم، ويجب عندما يتكلم أي عضو عن القوات المسلحة أن يقف إجلالاً واحترامًا سواء كانوا سابقين أو حاليين ولن أقبل في هذه القاعة التي تنتحي بكل أعضائها إجلالاً واحترامًا للقوات المسلحة بمثل هذا الحديث.

كانت هذه هي كلمات رئيس البرلمان المصري علي عبدالعال رداً على النائب محمد أنور السادات أثناء مناقشة قانون زيادة معاشات العسكريين في يوليو/ تموز 2016، وهي الأزمة التي وضعت النائب في خانة المغضوب عليهم داخل البرلمان المصري.

وفي قائمة طويلة ضمت كل من أثار غضب الأكاديمي الذي أصبح رئيساً للبرلمان بدعم من ائتلاف «في حب مصر» الموالي للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الغضب الذي انتهى بإسقاط عضوية السادات ضمن جلسة حشد لها ائتلاف دعم مصر.


أزمات عبدالعال مع السادات متعددة

أزمات السادات مع عبدالعال طويلة كانت بدايتها في قانون معاشات العسكريين الذي انتقده السادات بشدة في حضور ممدوح شاهين مستشار وزير الدفاع للشئون الدستورية والقانونية، فقال «كنا نتمنى أن يزيد المعاش ولكننا غير مطلعين على النظام الأساسي للأجور ولا نعرف مرتبات القوات المسلحة».

وتابع: «ولكن السؤال للسيد مساعد وزير الدفاع، ما هو حكم معاشات السادة الضباط الذين يتقلدون مناصب مدنية مثل الوزراء والمحافظين ورؤساء المدن ويحصلون على مرتبات؟»، متسائلاً: «ما هو موقف المعاشات التي يحصلون عليه؟».

أما الأزمة الثانية، فكانت في يوليو/ تموز 2016 بسبب تهديد السادات بتجميد عمل لجنة حقوق الإنسان بسبب تعطيل رئيس المجلس لعمل اللجنة، وعدم السماح بالقيام بأعمالها في زيارة السجون والتفتيش عليها، بالإضافة إلى تداخل أعمالها مع لجنة التضامن برئاسة عبدالهادي القصبي، بشأن قانون الإعاقة.

ورد عليه الدكتور على عبد العال آنذاك بقوله: «أرفض اتهامي بتعطيل عمل اللجنة، ولا يجوز أن نسمح للجنة بالعمل، والأخرى تقوم بالفرجة عليها لا يجوز هذا المنطق إطلاقًا.. إذا وصل الأمر لذلك سأفتح باب الترشح على هذه اللجنة مرة أخرى ولن نقبل أي تهديدات أو ضغوط».

وجاءت الفرصة لرئيس المجلس في أغسطس/ آب 2016 لتوجيه السهام ضد السادات بعد سفر وفد من لجنة حقوق الإنسان للعاصمة لمدينة جنيف السويسرية لحضور مؤتمر ينظمه مركز «الحوار الإنساني»، وذلك على الرغم من رفض الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، لهذه الرحلة.

السادات رد على الهجوم المتكرر باستقالته من رئاسة لجنة حقوق الإنسان، في نهاية أغسطس/ آب 2016 وكانت الاستقالة نوعاً آخر من الهجوم على عبد العال حيث جاء في نصها «بمناسبة قرب انتهاء دور الانعقاد الأول وبمراجعة ما تم من أعمال وأنشطة اللجنة وعدم تعاون رئاسة المجلس وأمانته والحكومة في عدم الاستجابة للمذكرات والطلبات التي سبق تقديمها من اللجنة وأعضائها وتخص قضايا وشكاوى المواطنين ومظالمهم وأيضًا ما يخص التواصل مع العالم الخارجي في التزامات مصر الدولية والدفاع عن صورة مصر، أرجو قبول استقالتي من رئاسة اللجنة، وتفضلوا بقبول وافر الاحترام».

إسقاط العضوية

استقالة السادات لم تكن النهاية، ففي سبتمبر/ أيلول 2016 وجهت اتهامات للسادات بإرسال شكوى ضد عبدالعال لاتحاد البرلمان الدولي وهو ما نفاه في مداخلة إعلامية قال فيها:

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 أعلن عبد العال أن بعض النواب تقدّموا بشكوى ضد النائب محمد أنور السادات لتزويره توقيعاتهم مشروعات قوانين تقدم بها النائب مثل «العدالة الانتقالية»، في نفس الشهر اتهمت وزير التضامن الاجتماعي السادات بتسريب مسودة قانون الجمعيات الأهلية لسفارات أجنبية في مذكرة قدمتها للمجلس.

أما آخر الأزمات فكانت في يناير/ كانون الثاني 2017 بعد أن كشف السادات عن شراء المجلس لثلاث سيارات مصفحة تبلغ قيمة الواحدة 18 مليون جنيه، إحداها مخصصة لرئيس المجلس، وهو ما رد عليه عبد العال بأن موازنة البرلمان أمن قومي، ونتيجة لتلك الأزمات أوصت لجنة ا لقيم بالبرلمان المحال لها السادات بإسقاط عضويته، بالإضافة إلى حرمانه من حضور جلسات دور الانعقاد الحالي، لتوافق لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية فى مجلس النواب، أمس الأحد، على توصيات لجنة القيم بالمجلس، بأغلبية 40 نائبًا، ومعارضة نائبين وامتناع نائبين آخرين عن التصويت.

وعقب يوم واحد من قرار لجنة القيم، قرر المجلس في جلسته العامة المنعقدة 27 فبراير/ 2017 إسقاط العضوية عن السادات.


صيام أول المشاغبين

ولم يكن السادات أول المغضوب عليهم بالمجلس، فقد سبقه النائب المستقيل سري صيام، وكان الأخير وهو رئيس مجلس القضاء الأعلى سابقا، المرجح بقوة لمنصب رئيس البرلمان، إلا أن ائتلاف دعم مصر حسم المنصب لـعبد العال، مما تسبب في مناوشات كلامية تعمد فيها صيام إحراج عبد العال.

وكان بين هذه المناوشات اعتراض صيام على عدم إتاحة الفرصة لمرشحي منصب وكيل المجلس بتعريف أنفسهم للمجلس، وهو ما رفضه عبد العال ونشب سجال بين صيام وعبد العال حول قانونية ذلك في يناير/ كانون الثانى 2016.

وفي اليوم التالي اعترض صيام على نهج عبدالعال في إعطاء الكلمة، قائلا: «أرسلت لك منذ أكثر من نصف ساعة طلبًا لإعطائي الكلمة، ومع ذلك لم تلتفت إليه، في حين لاحظت نوابًا آخرين صعدوا المنصة ومنحتهم وقتًا واستمعت إليهم».

وأضاف صيام أنه كان يستوجب تشكيل اللجان المختصة الـ19 بعد انتخاب الرئيس والوكيلين، حتى لا يحدث الخلاف، مشيرًا إلى أنه «تم اختياره لرئاسة لجنة دون أن يعرف من اختاره»، متسائلاً: «كيف يعمل مجلس بدون لائحة داخلية؟» ليرد عليه عبدالعال قائلاً : «الرئيس والوكيلان تم وفق الدستور».

وانتهت المناوشات بين صيام وعبد العال بتقديم الأول استقالته التى جاء فيها «أن ثمة مناخًا يقلص من فرص أداء واجبه والالتزامات التى تفرضها أمانة المسئولية بحكم خبرته في مجال التشريع وبما يحتمه شرف التعيين بالمجلس من جانب فخامة رئيس الجمهورية وهو شرف يعتز به».

وتابع صيام أنه لكل هذه الأسباب، فإنه من المؤكد قصور قدراته بعديد صورها عن مواجهة ظروف المناخ السالف ذكره، قائلًا: «أتقدم باستقالي من المجلس طبقًا لأحكام الدستور ولائحة المجلس» في فبراير / شباط 2016.


طنطاوي المطرود

الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب شخص له احترامه لأنه منتخب، ولكن أنا أشعر وكثير من الأعضاء من اليوم الأول بعدم وجود تعاون وسعة صدر من قبل انتخابي رئيس لجنة حقوق الإنسان، وبعد انتخابي رئيسًا للجنة لم يكن هناك تعاون لتحقيق ما هو متعلق باختصاصات ونشاط اللجنة.

ومن المشاغبين بالبرلمان النائب أحمد طنطاوي الذي طرد من الجلسات 3 مرات الأولى، لاعتراضه على عمليات سير الجلسات العامة في يناير/ كانون الثاني 2016، أما الثانية، فكانت لاعتراضه أثناء مناقشة المواد الجديدة للائحة الداخلية للبرلمان في فبراير/ شباط 2016، أما الثالثة، فكانت في ديسمبر/ كانون أول 2016 بسبب اعتراضه على عدم منحه الكلمة أثناء مناقشة قانون الإعلاميين، وهو ما رفضه طنطاوي فقام عبد العال بإحالته للتحقيق قبل أن يتدخل عدد من النواب.

واقعة أخرى لطنطاوي مع عبد العال بعد مناوشات أثناء جلسة إسقاط عضوية النائب توفيق عكاشة حيث اعترض عبد العال على حضور طنطاوي بملابس «كاجوال» فرد عليه قائلاً «هو الزي المناسب بالهوى أم باللائحة؟» في مارس / آذار 2016.

وكان طنطاوي عضو تحالف 25/ 30 له العديد من المواقف المناهضة للحكومة داخل المجلس منها أزمة تيران وصنافير مما وضعه في صدام دائم مع عبد العال.

وسواء انتهت أزمة السادات بإسقاط عضويته بتصويت المجلس على ذلك أم استطاع الاستمرار، إلا أن المؤكد أن قائمة المشاغبين ستطول، طالما اعتبر عبدالعال كل انتقاد للحكومة انتقاصًا من هيبته الشخصية، وهجوماً على الدولة، رغم أن مهمة البرلمان مراقبة أداء الحكومة.