كانت عينا اللواء حديث الترقية «إرفين رومِل» تلمعان تحت ثنايا جبينه المقطّب بينما يصغي السمع إلى حديث الفريق «إريك فون مانشتين». لم يلتفت إلى الفوهرر بابتسامة رضا صافية كما اعتاد قائد الحراسة أن يفعل مع الزعيم، ولم يهتم الفوهرر بذلك أيضًا، فالجميع حول مأدبة الغداء التي دعا إليها «هتلر» كانوا مأخوذين بانفعال مانشتين وهو يسرد خطته المقترحة لغزو فرنسا.

أنهى مانشتين حديثه ثم هب واقفًا متأبطًا كابه العسكري، ومعلنًا مغادرته دون استئذان. هكذا كان الجنرال دومًا، معتدًا بنفسه، معجبًا بأفكاره، لا يتلطف كثيرا لإقناع الآخرين بها. حدّق الفوهرر في مانشتين أثناء مغادرته، حيث بدا بقامته الفارعة كعملاق يبتعد رويدًا رويدًا، ثم تمتم: «هو رفيق استثنائي بكل تأكيد، لديه مواهب عظيمة، لكنني لا أثق به».*

هلتر، فون مانشتين
هتلر مع الجنرال إريك فون مانشتين

كان هذا في السابع عشر من فبراير/شباط 1940 بعد نحو 5 أشهر من إتمام غزو الرايخ الناجح لبولندا. غزو استغرق شهرًا واحدًا عبر حرب خاطفة، حاسمة واستعراضية، تمامًا كما أرادها هتلر. ولكن على مدى الأشهر التالية، كان شبح معركة استنزاف طويلة على الجبهة الغربية على غرار ما حدث في الحرب الأولى يقض مضاجع القادة الألمان.

لم يكن في أفق الجبهة الغربية سوى خطة الفريق أول «فرانز هالدر»، رئيس هيئة أركان الفيرماخت (الجيش الألماني) آنذاك؛ هي تقريبًا ذات الخطة الكلاسيكية المعروفة بـ «خطة شليفن»: غزو فرنسا عبر البلدان المنخفضة، هولندا ولوكسمبرج وبلجيكا. هي خطة قديمة وضعها الكونت «ألفريد فون شليفن» أثناء رئاسته لهيئة أركان الجيش الألماني بين عامي 1891 و1906، لتحقيق انتصار سريع على الجبهة الغربية ضد فرنسا حال نشوب حرب بين الألمان وبين روسيا، حليف فرنسا في الشرق، قبل احتدام المعارك في الجبهة الشرقية.

ورغم فشل الخطة في الحرب الأولى، وهزيمة الألمان في معركة مارن الأولى 1914، إلا أن الألمان تعاملوا معها كما تتعامل الجماهير مع معتقداتها الراسخة حين يثبت فشلها: كان العيب في التنفيذ لا في خطة شليفن. لذلك، لم يكن جنرالات الفيرماخت، وعلى رأسهم هتلر، راضين تمام الرضا عن خطة هالدر، لكن وحده السؤال الصعب كان يفرضها على الجميع: ما البديل؟

حينذاك، كان مانشتين يتأمل الراين في كوبلنز بينما يعكف على البحث عن البديل. لقد ساءه كثيرًا حرمانه، قبل أشهر، من استلام قيادة أركان الفيرماخت خلفًا للجنرال «لودفيج بيك»، ومنحها لمنافسه القديم هالدر، بسبب رغبة الفوهرر في إحكام قبضته على الجيش قبل الحرب. الأمر بالنسبة له تحدٍ شخصي لإثبات أنه كان الأحق بالمنصب. لقد شجعه قائده «فون رونشتدت»، كما زاره نبي المدرعات في العسكرية الحديثة، الفريق «هانز جودريان»، الذي كان يقيم في فندق على مقربة من مقر مانشتين؛ وهناك اقترح عليه بعض التعديلات الاستراتيجية.

على طاولة الغداء في برلين، انتابت الجميع رجفة مبرّرة عندما بدأ مانشتين يسرد خطته: «سنخترق صفوفهم عبر الأردن». الأردن Ardennes! بقعة غابات وعِرة الأرض تتخللها التلال والمستنقعات. «يستحيل أن نلقي بقواتنا هناك»، هكذا فكّروا بالطبع، كما فكّر الفرنسيون بالتأكيد أن الألمان لن يفعلوا.

لكن وجهه ظل صلبًا كقناع أبكم، حيث مد ذراعه وطوّقه كأنه يضم حبيبته بعنف عندما قال: «ستقوم المجموعة A المتقدمة من البلدان المنخفضة بهجوم خداعي لاستدراجهم في عمق بلجيكا. ولكن بعد أن تعبر المجموعة B نهر ميوز، سننعطف إلى الشمال لنحصدهم كما يحصد المنجل الزرع». أمر واحد لم يذكره مانشتين، هو مقترح جودريان.


مقترح جودريان أو الطريق إلى دانكيرك

هانز جودريان heinz guderian
هانز جودريان أمام جهاز الشفرة أثناء غزو فرنسا

«انتباه! إنها البانزر!» كان هذا هو عنوان كتاب اللواء (وقت صدور الكتاب) هانز جودريان الذي صدر عام 1937. «يجب أن تلعب الدبابات الدور الأساسي، بينما تخضع سائر الأسلحة لمتطلبات المدرعات»، كانت تلك فحوى الكتاب. شارك جودريان في الحرب الأولى، وقد أذهله السلاح الجديد الذي استعمله الحلفاء: الدبابة.

تقوم استراتيجية جودريان الخاصة علي تركيز المدرعات في أضعف نقطة من نقاط العدو، اختراقها بأقصى سرعة، وتطويق العدو فجأة، لينهار

عمل خلال حقبة ما بعد الحرب على جمع كافة المعلومات الممكنة عن السلاح الجديد وتطوره، وعكف على التفكير في إمكانات توظيفه ضمن استراتيجيات عسكرية جديدة. تأثر جودريان خلال تلك الفترة بأفكار ضباط إنجليز آنذاك، مثل «ليديل هارت»، و«جيفارد مارتل»، و«فولر»، عن حرب الحركة. «منذ 1929، ترسخت لدي قناعة» كما يقول جودريان لاحقا، «بأن تضمين الدبابات في كتائب المشاة سيكون من الخطأ لو حدث».

في 1933، طلب جودريان تزويد كافة الدبابات بجهاز اتصال لاسلكي؛ أعطى ذلك قوة هائلة لتشكيلات البانزر، فالقائد الآن يستطيع أن يناور على نطاق واسع وبأداء منظّم خلافًا لقوات العدو. وفي كتابه عام 1937، انتهى جودريان إلى استراتيجيته الخاصة: تركيز المدرعات في أضعف نقطة من نقاط العدو، اختراقها بأقصى سرعة، وتطويق العدو فجأة، لينهار.

تحوّل جودريان بالفعل إلى «قائد البانزر»، كما سيكون اسم مذكراته لاحقًا. تماهى جودريان تمامًا مع ساحرته الدبابة حتى أضحى ببشرته الداكنة يبدو كأنه جزءًا منها. في 24 فبراير/شباط 1940، قدّم هالدر الإصدار الرابع من خطة الانتشار المعنونة «الحالة الصفراء Fall Gelb»، بعد أن أمر هتلر بتبني خطة مانشتين. لم تتضمن الخطة الجديدة أكثر من تقدم أقسام البانزر عبر أردن إلى سيدان ثم الانعطاف قليلا إلى الشمال نحو أمين Amiens لتطويق الحلفاء. يبدو هذا متفقًا إلى حد بعيد مع ما خطة مانشتين وما دعا إليه جودريان في 1937.

في 10 مايو/آيار 1940، تقدمت قوات الجيش الألماني المجموعة B من الشمال في اتجاه الغرب بمحازاة الساحل، بعد عمليات إنزال ناجحة في هولندا التي استسلمت سريعًا. بالتزامن مع ذلك، كانت قوات الجيش الألماني المجموعة A، وقوامها الأساسي من تشكيلات البانزر، تتقدم في الأردن، وفي 13 مايو/آيار كانت تشكيلات البانزر قد وصلت إلى نهر ميوز، وتحديدًا إلى سيدان نقطة الانعطاف التي حددها هالدر في خطته. لعبت القوات الجوية الألمانية دورًا أساسيًا في تقويض الدفاعات الفرنسية في سيدان على وادي ميوز.

بداية من 14 مايو/آيار 1940، بدأ جودريان ينفّذ خطته منفردًا. في البداية، أرسل القسم البانزر العاشر إلى الجنوب مع قوات النخبة، وهو مقترح مانشتين الأصلي الذي حذفه هالدر من الخطة. كان ذلك حيويًا جدًا لإرباك الهجوم المضاد الفرنسي من خط ماجنيوت. وبالفعل احتدمت المعركة في هضبة ستون ولم تنته إلا في 17 مايو/آيار، ولولا ذلك لتقدمت قوات الجيش الفرنسي الثاني بقيادة الجنرال «شارل هانزيج» نحو التشكيلات الألمانية في سيدان.

خطة مانشتين لغزو فرنسا 1940
خطة مانشتين لغزو فرنسا 1940

صدرت الأوامر من هتلر إلى الفريق «فون كلايست» قائد تشكيلات البانزر بإيقاف التقدم حتى تتمترس الدبابات الألمانية في سيدان، وهكذا أيضا أمر الفريق فون رونشتدت قائد الجيش الألماني المجموعة B. لكن جودريان وروميل تجاهلا الأوامر، وهدّد الأوّل فون كلايست دافعًا إياه إلى الموافقة على تقدم تشكيلات البانزر غربًا عبر وادي نهر السوم حتى الوصول إلى القنال الإنجليزي. كان هتلر فزعًا بخصوص هذا الجناح الجنوبي من جيشه الذي تقدّم وحده وسط الفرنسيين في مغامرة جنونية. ماذا كان يحدث؟

كان مقترح جودريان ليس الاختراق في سبيل مهاجمة الجيش الفرنسي من موقع أفضل. كانت استراتيجيته عوضًا عن ذلك هي الالتفاف السريع نحو القنال الإنجليزي بتشكيلات البانزر. هكذا، تنقطع خطوط الاتصال، خطوط الإمداد، تنهار قوات العدو. أخبر مانشتين هتلر في اجتماعهم بتلك الخطة، صحيح أنه لم يخبره بأن ذلك اقتراح جودريان، لكن ما حصل هو أن هالدر لم يهتم بذلك. مغامرة جودريان الجنونية تمت على كل حال، وسقط أكثر من نصف مليون من قوات الحلفاء في المصيدة، البحر من خلفهم والعدو من أمامهم.


دانكيرك: معجزة أم منحة من هتلر إلى الحلفاء؟

في الثاني من يونيو/حزيران 1940، كان آلاف الجنود قد عادوا إلى بريطانيا في عملية إخلاء أطلق عليها «العملية دينامو». أكثر من مائتي ألف من الجنود البريطانيين كانوا محاصرين في شمال فرنسا، تم استعادتهم إلى أرض الوطن مع آلاف الفرنسيين كذلك. وقتها،وصف القس «والتر ماثيو» ما حدث بأنه معجزة. كان ماثيو بالطبع يعني أن الرب تدخّل في الظروف الطبيعية لإنقاذ البريطانيين استجابة لصلوات الأمة. غير أن وصف المعجزة تمت علمنته لاحقًا ليكون وصفًا يتعلّق بعظمة الأمة البريطانية الديمقراطية لا بتدينها. هل ما حدث على كل حال كان معجزة، بالتدخل الإلهي المباشر أو بعظمة الأمة أو الجيش البريطاني؟

بحلول العشرين من مايو/آيار، كانت أوامر التوقف المتتالية التي أصدرها مجلس القيادة العليا للفيرماخت نتيجة فزعه من تقدم مجموعات البانزر وتعرضها لهجوم مضاد من الحلفاء، قد عطّلت ما رآه جودريان، وما صار هالدر مقتنعًا به بحكم الأمر الواقع، سباقًا نحو موانئ الساحل. سمح ذلك لقوات الحلفاء، خاصة الإرسالية الإنجليزية التي ما زالت تحتفظ بنظامها، بتنظيم صفوفها في تلك الموانئ.

استخدمت البحرية البريطانية أكثر من 800 سفينة ومركب بحري لإجلاء أكثر من 300 ألف جندي من قوات الحلفاء حوصروا في ميناء دانكرك

وفي الثاني والعشرين من مايو/آيار، أعطى هتلر أمرًا جديدًا بالتوقف، ثم عاد فأكّده في الرابع والعشرين من الشهر نفسه في زيارته لمقر قيادة الفريق فون رونشتدت. لماذا فعل هتلر ذلك؟ لا أحد بإمكانه أن يجزم. قد يكون هتلر قد أراد أن يقنع الإنجليز بإمكانية سلام منفرد معهم. ربما أراد الفوهرر أن يجامل صديقه قائد القوات الجوية الألمانية الفريق هرمان جورينج. لكن ما فعله هتلر على كل حال هو أنه أعطى الإنجليز أكثر مما كانوا يحلمون به. في الخامس والعشرين من مايو/آيار، صدر الأمر من مكتب الحرب في بريطانيا بإجلاء قوات الحلفاء المحاصرة في شمال فرنسا.

على مدى نحو عشرة أيام، أقامت القوات البريطانية خطوط دفاع حول دانكريك، وتحملت مسئولية ذلك وحدها بعد استسلام الجيش البلجيكي في 28 مايو/آيار. استخدمت البحرية البريطانية بالتعاون مع حلفائها أكثر من 800 سفينة ومركب بحري. حتى المراكب الصغيرة الشخصية، قد استخدمت لإجلاء القوات.

أغرقت القوات الجوية الألمانية من بينها نحو 250 سفينة ومركب. تم إجلاء أكثر من 300 ألف من قوات الحلفاء، بينهم نحو مائتي ألف من البريطانيين، من أصل نحو 400 ألف هو قوام قوات الإرسالية البريطانية. استخدمت البحرية البريطانية بقيادة الكابتن «وليام تنانت» حتى الشواطئ لإجلاء القوات، حيث كانت مرافق الموانئ قد تضرّرت تمامًا.

على الرغم من كل ذلك، لم تكن دانكيرك انتصارًا للحلفاء بحال. لقد خسر الفرنسيون نحو 300 ألف قتيل وأكثر منهم جرحى ومفقودون وأسرى، بينما قتل من القوات البريطانية نحو 70 ألفًا فضلا عن الأسرى والجرحى والمفقودين كذلك.لم يتطوع الصيادون وأصحاب المراكب الخاصة لإنقاذ قوات الجيش في مشهد وطني من طراز «الشعب والجيش يد واحدة» كما تروى دانكيرك شعبيًا، بل خضعت تلك المراكب لأطقم البحرية الملكية البريطانية. كما ساعدت أحوال الملاحة والطقس على إنقاذ البحرية البريطانية من الطائرات الألمانية، فيما عدّه الإنجليز منحة إلهية لهم. قبل كل ذلك، لعبت أوامر التوقف المتتالية من هتلر دورًا جذريًا في إعطاء الفرصة لهذا الإجلاء.

يلخّص هالدر في يومياته كل ما حدث في دانكيرك وأعطى الفرصة للألمان، فيكتب:


لن نستسلم أبدا

براوخيتش [القائد الأعلى للفيرماخت] غاضب … كان الجيب لينغلق عند الساحل فقط ما لم يتم إيقاف مدرعاتنا في الخلف. الطقس السيئ أحبط قدرة القوات الجوية، وعلينا الآن أن نقف ونراقب آلافًا مؤلّفة من قوات العدو تفر إلى إنجلترا مباشرة من تحت أنوفنا.

في كتابه «الجماعات المتخيلة»، يضع «بندكت أندرسون» مفهوم المتخيّل بين الواقعي والزائف. فالمتخيّل، كما يشرح «عزمي بشارة» في مقدمته للكتاب، ليس والخيالي مترادفين، فالمتخيّل إنما يتقوّم على أسس مادية، ولكنه يقوم بتحويلها في الوعي؛ أي أن المتخيّل كما يمكن أن نعرّفه هو المادي منعكسًا في الوعي البشري، أي المادي كما يرسمه الوعي البشري ويفهمه.

والمادي بذلك لا يفقد واقعيته وفاعليته، بل يتحوّل إلى موجود جديد واقعي، يفعل ويؤثر في حياة البشر، أي أنه واقعي إذا ما فهمنا أن الواقعي ليس هو المادي فحسب، كما شرح كارل بوبر ذات مرة. والتاريخ بالنسبة للجماعات البشرية ليس هو الوقائع فحسب، وإنما هو تلك الوقائع بعد أن نظمها الوعي البشري في ملاحم لها دلالاتها الرمزية، أي بعد أن يمسي «متخيلا».

تموقعت دانكيرك من بين معارك الحرب العالمية في الذاكرة البشرية رمزا لرفض الاستسلام؛ ولإمكانية تجاوز الهزيمة مهما كانت قاسية. ففي 23 يوليو/تموز 1967، وفي أول خطاب للرئيس «جمال عبد الناصر» بعد هزيمة يونيو/حزيران،يستشهد عبد الناصر بدانكيرك في تأكيده ضرورة النضال القاسي لتجاوز الهزيمة:

كلنا لو نفتكر أيام الحرب العالمية التانية، نفتكر إزاى الإنجليز ناضلوا بعد هزيمتهم فى دانكرك، الحرب مش معركة واحدة وتسليم، ولكن النضال أكبر من كده، بيستطيع أن يصمد ويثبت ويقاوم، يمكن له أن ينتصر

ثم يعود و يكرر الاستشهاد نفسه في خطبته اللاحقة في افتتاح الدورة الجديدة لمجلس الأمة نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه.

لكن دانكيرك في الذاكرة الأوروبية كانت تحتل موقعًا أعمق من ذلك. فقد رآها الغربيون، كما وصفتها النيويورك تايمز آنذاك:

طالما بقي اللسان الإنجليزي حيًا، ستظل كلمة دانكيرك كذلك حية ككلمة مقدسة. ففي هذا المرفأ، هذا الجحيم الذي استعر كما لم يقع قط، وفي نهاية معركة خاسرة، تساقطت الخروق والعيوب التي قد كانت تخفي روح الديمقراطية. هناك، مهزومة لكن غير خاضعة، في روعة باهرة، انتصبت في وجه العدو، إنها ذلك الشيء الذي يلتمع في نفوس الأحرار؛ ذلك الشيء الذي لا يمكن أن يتحكم فيه هتلر. إنه كامن في التقليد الديموقراطي العظيم. إنه مستقبل، إنه انتصار!

عاشت دانكيرك في الذاكرة الغربية رمزًا لقدرة الديمقراطية الغربية على الوقوف في وجه تهديدات اليمين مهما كانت قوية، طالما تكاتفت الأمة ضدها. وعاش من تلك الذكرى خطاب وينستون تشرشل يومئذ حيث يقول:

سوف نذهب إلى النهاية.. سوف نقاتل في فرنسا، سنوف قاتل في البحار والمحيطات، سنكافح بثقة متزايدة وقوة متنامية في الجو، سندافع عن جزيرتنا مهما كان الثمن. سنقاتل على الشواطئ، سنقاتل على السهول، سنقاتل في الحقول وفي الشوارع، سنقاتل في التلال. لن نستسلم أبدًا.

* كافة الوقائع المتعلّقة بالتخطيط الألماني والمعركة التي لم يتم عزوها إلى مصدر محدد، مستقاة من كتاب: K-H Frieser, The Blitzkrieg Legend, Annapolis, MD: Naval Institute Press, 2005. ولم يتدخل فيها الكاتب بالطبع سوى بإعادة الترتيب والصياغة والتطعيم بمعلومات من مصادر أخرى معزوّة إلى مصادرها.