تدور منذ صباح يوم السبت في السابع من أكتوبر معارك طاحنة بين الفصائل الفلسطينية وقوات الجيش الإسرائيلي، وأطلقت كتائب حماس عشرات الصواريخ من قطاع غزة باتجاه الأراضي المُحتلة، كما نجحت عناصر من الفصائل الفلسطينية في دخول مستوطنات إسرائيلية، وأعلنت إسرائيل حشد القوات واستدعاء الآلاف من قوات الاحتياط كما شنت هجمات جوية ضد قطاع غزة، وقطع الكهرباء ودخول المساعدات له.

في خضم تلك الخسائر العسكرية، تلوح خسائر اقتصادية تخاف منها دولة الاحتلال، عانت منها سابقًا في حربها مع غزة في عام 2014، التي قدرت التكلفة الاقتصادية فيها بنحو 2.5 مليار دولار ما يمثل 0.4% من الناتج الإجمالي المحلي للدولة، لذا تنتظر تلك القطاعات اهتزازات بسبب الحرب نستعرضها في السطور التالية.

انهيار الشيكل

أعلن بنك إسرائيل يوم 9 أكتوبر أنه يعتزم بيع ما يصل إلى 30 مليار دولار من العملات الأجنبية لحماية الشيكل من الانهيار بعد أن أعلنت البلاد رسميًا حالة الحرب، تأتي تلك الخطوة مع تراجع الشيكل فعليًا منذ بداية العام، حيث انخفض بنسبة 10% تقريبًا منذ وَسْط حالة من عدم اليقين بشأن الإصلاح القضائي والمخاوف من نشوب أزمة دستورية.

وعلى الرغم من إعلان بنك إسرائيل، فقد انخفض سعر الشيكل بأكثر من 2% ليصل إلى حوالي 3.92 للدولار في تعاملات صباح 9 أكتوبر مع استمرار القوات الإسرائيلية في الحرب مع حماس في البلدات القريبة من حدود غزة.

ويمثل انهيار الشيكل أمام الدولار واحدًا من مؤشرات انخفاض القيمة الشرائية للعملة، وقد يترتب على ذلك موجة من ارتفاع الأسعار ودخول الاقتصاد في مرحلة حرجة من معدلات التضخم وفقدان السيطرة على الأسعار.

كما سيتسبب انخفاض قيمة عملة دولة الاحتلال في دخول الدولة في أزمات مع النقابات العاملة والقطاعات التشغيلية بسبب المطالبة بزيادة في معدلات الأجور، لمواجهة التضخم المتوقع أن تعيشه البلاد، وبالنظر لما تعانيه الدولة أصلًا من موجة تضخم حادة قبل بدء معركة طوفان الأقصى، بخاصة في سوق العقارات والسلع المستوردة من الخارج، فإن دولة الاحتلال ستكون مقبلة على موجة أكثر صعوبة من التضخم.

قطاع السياحة

مع بدء عملية طوفان الأقصى، ظهر التأثر في قطاع السياحة سريعًا، حيث أظهرت الأرقام أن 229 رحلة كان مقررًا وصولها إلى مطار بن غوريون، قد تم إلغاؤها منذ بدء العملية حتى 10 أكتوبر 2023، يقع مطار بن غوريون الدولي الإسرائيلي على بعد أقل من 40 ميلًا من غزة، خارج تل أبيب مباشرة.

وألغت عديد من شركات الطيران رحلاتها من وإلى تل أبيب، موطن أكبر مطار دولي في إسرائيل، بعد أن أعلنت إسرائيل الحرب رسميًا على حماس، وقالت شركة الخطوط الجوية الأمريكية، في بيان لشبكة CNN، إنها ستعلق رحلاتها حتى يوم الجمعة لأنها تراقب الوضع على الأرض من كثب.

كما أوقفت عديد من شركات الطيران الدولية السفر في جميع أنحاء البلاد، وألغت شركة طيران كاثي باسيفيك في هونج كونج رحلتها، الثلاثاء، من وإلى تل أبيب. وتقول شركة طيران كندا إنها أوقفت جميع الرحلات الجوية في الوقت الحالي، وأعلنت شركتا طيران الهند ولوفتهانزا إلغاء رحلاتهما حتى 14 أكتوبر، وألغت الخطوط الجوية الكورية إحدى رحلاتها الأسبوعية الثلاث المنتظمة إلى تل أبيب يوم الإثنين، ومن المقرر أن تعقد اجتماعًا آخر يوم الإثنين لمناقشة الرحلات الجوية المستقبلية بين البلدين. ومع ذلك، قالت شركة الطيران إنها تخطط للطيران بطائرة بها 218 مقعدًا من تل أبيب، الثلاثاء، من أجل إعادة المواطنين الكوريين.

وكان من بين القتلى والأسرى والمصابين في الحرب، مواطنون من أكثر من عشرين دولة، منهم 25 مواطنًا أميركيًا أعلنت الولايات المتحدة قتلهم في عملية طوفان الأقصى، مما أثار مخاوف لدى حكومات العالم، والرغبة في إجلاء المواطنين من أماكن الصراع.

حتى الحرب، كان كثيرون في قطاع السفر، بما في ذلك وزير السياحة، متفائلين بتوقعات عام 2023، مع أنّ إحصاءات الزوار لا تزل متخلفة عن أعلى مستوياتها قبل الوباء، حيث أعيد فتح الدخول أمام السياح فقط في يناير 2022.

وفي ذلك العام، سجلت إسرائيل 2.6 مليون سائح – أي أقل بحوالي 41% من 4.55 مليون زائر في عام 2019، وهو عام قياسي، وفي عام 2019، شكلت السياحة 2.6% من إجمالي الربح المحلي لإسرائيل و3.8% من العمالة، وفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

ويمثل قطاع السياحة واحدًا من أهم القطاعات التشغيلية في إسرائيل، حيث سجل القطاع السياحي في الأشهر الأخيرة تحسنًا ملحوظًا في عدد السياح الوافدين من الخارج بعد سنوات من الركود.

وقال مؤسس هيئة السياحة الإسرائيلية، بن جوليوس، الذي يدير إحدى أكبر وكالات السياحة في البلاد، إن السوق بدأ يشهد انتعاشًا أكثر جذرية من الوباء في الأشهر الستة الماضية فقط، وقال مؤسسها إن الوكالة تتوقع هذا الشهر وحده وصول نحو 15 ألف سائح. لكنهم اضطروا منذ ذلك الحين إلى إلغاء مئات حجوزات الرحلات.

البورصة

تراجعت أسهم الشركات المدرجة في الولايات المتحدة وأوروبا، التي لها انكشاف على إسرائيل يوم الإثنين مع قلق المستثمرين من أن يؤثر تصعيد الصراع مع حركة حماس الفلسطينية على عملياتها، حيث تراجعت سوق الأسهم الإسرائيلية بنسبة 6.5% يوم 8 أكتوبر، وتراجعت معها السندات المحلية بعد الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس، وكانت الأصول المحلية يُنظر إليها على أنها مكان مستقر في الشرق الأوسط، إلا أنها اهتزت فعلًا هذا العام بعد جهود الحكومة لإضعاف السلطة القضائية وما تلاها من احتجاجات حاشدة أدت إلى زعزعة استقرار الأسواق، وتتزايد المخاوف بشأن تصعيد الحرب.

فيما تجاوزت خسائر البورصة لليوم الثاني لمعركة طوفان الأقصى 16 مليار دولار، وعن القطاعات الأكثر تضررًا من هذه الخسائر، فقد تكبد قطاع التكنولوجيا خسائر بنحو 2.2 مليار دولار، انخفض منتج تكنولوجيا القيادة الذاتية: Mobileye Global بنسبة 5%، وانخفض سوق اقتصاد الوظائف المؤقتة Fiverr International (NYSE: FVRR) بنسبة 3% تقريبًا.

على صعيد سوق المال والبورصة، سجل مؤشر العقارات تراجعًا بنسبة 6.37%، كما تأثر بخسائر بنحو 4.1 مليار دولار، وقطاع التمويل بنحو 5.1 مليار دولار، بينما سجل بنك هابوليم خسائر بنحو 5.03%.

 بينما شهدت بورصة تل أبيب تأخرًا في موعد الافتتاح صباح يوم الإثنين لمدة 10 دقائق، بسبب الانخفاض الكبير قبل بدء التداول، وبحسب قواعد البورصة في التداول المستمر لتل أبيب، إذا انخفض المؤشر بنسبة 8%، يتم التوقف لمدة نصف ساعة، ليعود بعدها استئناف التداول، وإذا استمر المؤشر في الانخفاض بنسبة 12% بعد استئنافه، يتم إيقاف التداول لنهاية اليوم.

قطاع الشركات

للحرب في غزة تداعيات حقيقية على الشركات المحلية والشركات الناشئة، ويتعرض قطاع التكنولوجيا المزدهر في البلاد الذي يشكل حوالي خمس الاقتصاد لضربة قوية بشكل خاص، حيث يستدعي الجيش الإسرائيلي حوالي 360 ألفًا من قوات الاحتياط وقد شهدت بعض الشركات الناشئة استدعاء نصف موظفيها للخدمة، ومن المرجح أن تشهد الشركات الناشئة على وجه الخصوص أزمة من استدعاء موظفيها، نظرًا لصغر سن العاملين لديها، وقد يؤدي ذلك إلى تعطيل قطاع التكنولوجيا، الذي يمثل ما يقرب من خمس الاقتصاد الإسرائيلي.

 كما قام أحد أكبر بنكين في البلاد، بنك لئومي، بإغلاق بعض الفروع، كما قامت شركة FedEx بتعليق خدماتها في إسرائيل ويستمر القتال في تعطيل الأعمال والأسواق. وطلبت الشركات من موظفيها المقيمين في إسرائيل البقاء في منازلهم، في حين أوقفت شركة شيفرون عملياتها مؤقتا في منصة رئيسة للغاز الطبيعي قبالة ساحل إسرائيل.