محتوى مترجم
المصدر
Jacobin
التاريخ
2018/09/07
الكاتب
أليكس هوشولي

تقدم الانتخابات العامة في البرازيل في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل مشهدًا سياسيًا استقطابيًا وفاسدًا، وذلك نتيجة خمس سنوات مضطربة سببتها الاحتجاجات الجماهيرية والركود الحاد والانقلاب الناعم الذي انفصلت فيه المؤسسة عن تسوية ما بعد الديكتاتورية عام 1988 لإقالة حزب العمال من السلطة!

يتصدر المرشح لولا دا سيلفا – الرئيس السابق ليسار الوسط – استطلاعات الرأي، لكن المشكلة هي وجوده في السجن بتهمة الفساد الناجمة عن تحقيقات لافا جاتو[1] سيئة السمعة. وبعد صدور حكم قضائي ضده في الخامس من سبتمبر/ أيلول، بات لولا غير مؤهل للترشح، بفضل قانون «الصفحة البيضاء» الذي قدمه هو بنفسه. ومع تأسيس الحزب الديمقراطي الاجتماعي البرازيلي، المنتمي إلى يمين الوسط، والمنافس اليميني المتطرف المستفيد من الركود الأخير، أصبحت المنافسة الرئاسية أكثر انفتاحًا من أي وقت مضى.

تعرض المنافس يائير بولسونارو، للطعن بالأمس في مسيرة انتخابية، من قبل رجل يدَّعي أنه «ينفذُ أمرًا من الرب». جادل زميل بولسونارو، الجنرال المتقاعد هاملتون موراو، على نحو خاطئ بأن المهاجم كان متشددًا من حزب العمال، متلاعبًا بمشاعر المناهضين للحزب. يصعِّد هذا الهجوم من مستويات العنف السياسي هذا العام، في أعقاب حادث تم فيه إطلاق أعيرة نارية على قافلة لولا في مارس/ آذار، وقتل عضو مجلس النواب اليسارية ماريو فرانكو في نفس الشهر.

سُجل 13 مرشحًا للتنافس على الرئاسة. لدى البرازيل 35 حزبًا سياسيًا، لكن عدد المترشحين أقل بكثير، حيث تتجمع الأحزاب في تحالفات كبيرة. قُسِّمَ الميدان بين رمزين من المترشحين فقط بثبات في استطلاع رأي: لولا غير المؤهل (مرشح حزب العمال) بمتوسط حوالي 35%، واليميني المتطرف يائير بولسونارو من الحزب الليبرالي الاجتماعي الذي بلغ متوسطه 20%. في استطلاعات الرأي، ودون لولا، فإن أي مرشحيّنِ لا يتجاوزان الـ30%. في الوقت نفسه، لدى جميع المترشحين الرئيسيين معدلات رفض تتجاوز الـ50%؛ ويعتزم ما يقرب من نصف الناخبين التصويت ببطاقات بيضاء أو لاغية أو لم يقرروا بعد. خيبة الأمل في الديمقراطية هي الشعور المسيطر.

خلال العقدين الماضيين، استقرت الانتخابات الرئاسية البرازيلية في تناوب بين يسار الوسط ويمين الوسط، بين حزب العمال والحزب الديمقراطي الاجتماعي البرازيلي. يتأثر السيناريو هذه المرة بأزمات متفاقمة مشتركة.

تظهر أرقام البطالة الرسمية بنسبة 12.4%، ويُخفي هذا معدلًا غير مستخدم بنسبة 25%، حيث توقف 4.8 مليون برازيلي عن البحث عن عمل – أي ما يعادل أيرلندا بأكملها. كان ما يقرب من ربعهم يبحث لعامين. وهناك أعمال وقتية طويلة الأجل؛ يعترف 64% من العمال بقيامهم بوظائف غريبة لتغطية نفقاتهم، مقابل 57% للعام الماضي.

اهتزت السياسة البرازيلية بسبب أزمة التمثيل العام. اندلعت المظاهرات الجماهيرية في يونيو/ حزيران 2013، قبل الكساد الاقتصادي. احتجوا في البداية على ارتفاع أسعار النقل، لكن سرعان ما توسعوا إلى مجموعة من المطالب الديمقراطية حول الخدمات العامة وما هو أبعد من ذلك. ورغم كل هذا فقد هزّت السياسة الوسطية المعتادة في عالم الأعمال، غير أنه لم ينم إلا عن خيبة أمل أكبر. وُجِّهت الاحتجاجات تدريجيًا إلى اليمين للتركيز بقوة على الفساد، ولا سيما في حزب العمال.

في أوائل عام 2016، وجهت رابطة من المصالح القوية اتهامات لروسيف دون أساس قانوني. كان هذا هو الفعل الرئيسي لـ«الانقلاب الناعم» الذي يُفهم على نحو أفضل كعملية وليس حدثًا. بدأ هذا مع الاحتجاجات الجماهيرية اليمينية المناهضة لحزب العمال في 2015 تحت شعار «مكافحة الفساد»، واستمرت حتى سلسلة من الإصلاحات المضادة للنيوليبرالية المترددة التي قامت بها حكومة ميشيل تامر الجديدة غير المنتخبة. على الصعيد الاجتماعي والسياسي، أدى هذا إلى خلق اتجاه جديد من المشاعر المعادية «المشاعر المضادة لحزب العمال»، وأفضل ممثل لها هو بولسونارو (اليميني المتطرف)؛ الاتجاه الآخر هو الذي بقي مجتمعًا حول حزب العمال.

يبقى أكبر تساؤل حول قدرة حزب العمال على إقناع الناخبين بدعم بديل لولا المختار من قبل الحزب، عمدة ساو باولو السابق فرناندو حداد، وزميله في الانتخابات، مانويلا دافيلا، من الحزب الشيوعي اليساري المعتدل في البرازيل. على الرغم من أن الحزب ما يزال يقدم نداءً خاصًا أخيرًا للمحكمة العليا ولجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، فإن الواقع هو أن لولا لن يكون رئيسًا. مع ذلك، كلما ظل اسم لولا لوقت أطول في المباراة – حسب منطق حزب العمال – كانت فرصة حدّاد أفضل.


مكافحة الفساد كأداة لتقويض السياسة

لولا-وروسيف
الرئيس الأسبق لولا دا سيلفا يُقلد الرئيسة السابقة ديلما روسيف وشاح رئاسة البرازيل بعد فوزها في الانتخابات الرئاسية

الاقتصاد والفساد هما المخاوف الكبيرة للناخبين. يوجد 9 من بين 10 نواب اتحاديين يخضعون حاليًا للتحقيق لإعادة انتخابهم. على الرغم من خضوع كتلة واسعة من الكونغرس للتحقيق، فإن 6% فقط من النواب الموجودين في المجلس لن يترشحوا مرة أخرى. يرجع هذا جزئيًا إلى الرغبة في الاحتفاظ بالحصانة في الكونغرس. لكن يعتمد ذلك أيضًا على توقع ارتفاع مستويات الرفض وانخفاض نسبة الإقبال (التصويت إلزامي، لكن الغرامة تعادل دولارًا أمريكيًا واحدًا فقط؛ وسيقوم الكثيرون أيضًا بإبطال أصواتهم أو التصويت ببطاقات فارغة) مما سيؤدي إلى إعادة انتخاب عدد كبير من الممثلين الحاليين.

مع ذلك، ركز المترشحون ووسائل الإعلام بشكل غير متناسب على الفساد على حساب الاقتصاد، مما سمح للمترشحين بلفت الانتباه، في حين أنهم يتجنبون الأسئلة الصعبة حول الوظائف والتضخم.

تتصاعد الاتهامات والاتهامات المضادة، بغض النظر عما إذا كان دليل التهمة موضع شك نفسه أم لا. يطرح الخطاب السائد حول مكافحة الفساد تساؤلات حول قدرة الدولة على إدارة الاقتصاد بشكل عادل وفعَّال، ونزع هذا الشرعية من إجراءات الدولة لصالح اليمين النيوليبرالي، الأزمة الحقيقية أن يُناقش من خلال الفساد جميع القضايا الأخرى، الفقر وعجز الموازنة والجريمة والخدمة الصحية، وإليك واحدة من مفارقات سياسة مكافحة الفساد؛ يمكن أن تؤدي خيبة الأمل إلى رفع القدم الشعبية عن دواسة الوقود الديمقراطية، مما يوسع المسافة بين السياسة والشعب.


المؤسسة

إحدى الشهادات على الاستقطاب السياسي في البرازيل وارتفاع معدلات الرفض هو مصير جيرالدو ألكمين حتى الآن. صاحب المركز الثاني في انتخابات الرئاسة عام 2006، وحاكم أغنى ولاية في البرازيل وأكثرها اكتظاظًا بالسكان، ومؤسس حزب يمين الوسط الرئيسي في البرازيل، وهو المُطَّلع الأوحد. مع ذلك، فعلى الرغم من كونه المرشح المفضل للشركات الكبيرة، فإنه يتخلف في استطلاعات الرأي.

دعم الحزب الديمقراطي الاجتماعي (يمين الوسط) الانقلاب، متوقعًا من ورائه إعادة الحزب إلى السلطة في هذه الانتخابات. في الجو العام المعادي للمؤسسة، جمع ألكمين 7% فقط في صناديق الاقتراع. أعطى الرئيس تامر – غير المؤهل لخوض الانتخابات، وربما الأقل شعبية في تاريخ الاقتراع المسجل، مع نسبة تأييد تبلغ 2% – ألكمين قبلة الموت مؤخرًا بإعلانه مرشح الحكومة. وهذا أمر غريب خاصة أن حزب تامر – حزب الديمقراطية البرازيلي ذا الأقلية – له مرشحه الخاص، وهو هنريك ميريليس – وزير مالية تامر!

يواجه ألكمين سيناريو ماكرًا. يحتاج إلى وقوف بولسونارو على يمينه. كما أن فشل الحملة في النهوض جذب أيضًا منافسين آخرين من يمين الوسط، بما في ذلك ميريليس (الحزب الديموقراطي البرازيلي: 1% في استطلاعات الرأي) وألفارو دياز (بوديموس: 6%)، وهذا الأخير لم يُعرف إلا بكونه مؤيدًا قويًا لحملة لافا جاتو، ووعده بإعادة تأسيس الجمهورية إذا انتُخب.

في الوقت نفسه، يجب أن يفوز ألكمين على الناخبين في المركز. في صالحه، اختتم ألكمين صفقة مع أحزاب «المركز الكبير» وهي «مجموعة من الأحزاب غير الأيديولوجية، أقرب إلى اليمين» التي تضمن له أكبر حصة من وقت التلفزيون المجاني من أي من المرشحين. لا يزال من المهم رؤية مدى أهمية التلفزيون الآن في بلد تستخدم فيه وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع لنشر الاتصالات السياسية – لدى تطبيق واتساب 120 مليون مستخدم في البلاد. بغض النظر عن ذلك، تظل آلة الحزب الديمقراطي الاجتماعي البرازيلي هائلة، إذا مُزقت عبر التقسيمات الداخلية.


المشهد جهة اليسار

تجد هذه الهفوات المتكررة التي قام بها الحزب الديمقراطي الاجتماعي البرازيلي في وضع أكثر تعقيدًا. قضت المحكمة الانتخابية العليا بأغلبية 4 مقابل 1 ضد ترشيح لولا، مع معارضة القاضي لـ طلب الأمم المتحدة بعدم استبعاد لولا. الفرصة الوحيدة الباقية للولا هي الاستئناف الخاص أمام المحكمة العليا، حيث يجوز للمحكمة أن تصدر أمرًا قضائيًا في حالة وجود الدعوى مع قاضٍ مناسب.

قد يتسبب نمط التأخير القانوني هذا إلى نشرات انتخابية وأوراق اقتراع إلكترونية تبرز لولا كمرشح لحزب العمال. حيث ارتفع لولا في استطلاعات الرأي، مؤخرًا. كما تشير بعض الاستطلاعات إلى أن ثلثي أو أكثر من ناخبي لولا سيتحولون إلى حداد؛ الذي ارتفع إلى 15% في استطلاع حديث للرأي عندما وُصف صراحة بأنه «مدعوم من لولا».

يهدف ترك لولا في الانتخابات لأطول فترة ممكنة أيضًا إلى مساعدة مرشحي الحزب في الكونجرس. يأتي ذلك على حساب تدعيم ملف حداد، الذي لا يزال معروفًا قليلًا خارج ساو باولو ولم يشارك بعد في مناظرات رئاسية متلفزة في حين أنه لا يزال مجرد مرشح نائب الرئيس. يحتفظ الحزب بقاعدته القوية في شمال شرقي البلاد الفقير، لكنه سيخسر بشدة في الجنوب الشرقي. تملك السيدة مانويلا دافيلا، نائبة رئيس الوزراء حداد، قاعدتها في ولاية ريو غراندي دو سول الواقعة في أقصى الجنوب، التي قد تكون مفيدة، حيث تشير بعض التوقعات إلى أن حزب العمال قد فاز هناك ليحظى بفرصة.

تهدد استراتيجية الحزب مكاسب انتخابية قصيرة الأجل للضعف والانقسام على المدى الطويل. أولًا، يخاطر بوضع مرشح ضعيف محتمل كـ حداد، الذي لم يكن لديه الوقت لترسيخ نفسه. حداد أكاديمي سابق، وتكنوقراطي صميم، يفتقر إلى صلاته بقاعدة شعبية، ولم يثبت بعد التجربة السياسية أو الكاريزما المطلوبة لبناء التحالفات. بالتالي سيعد حزب العمال رئيسًا ضعيفًا. أُعِدَّت ديلما روسيف التي تم إقصاؤها على مدى سنتين كخليفة لولا في انتخابات 2010، وما زال لديها وقت عصيب خلال الجولة الأولى من الانتخابات، رغم أنها كانت في النهاية منتصرة في الجولة الثانية. سيكون لدى حداد بضعة أسابيع.

المترشح الرئاسي فرناندو حداد

ثانيًا، ستواجه رئاسة حداد في نهاية المطاف مجلس نواب معاديًا وغير متعاون. فازت روسيف مع ائتلاف واسع، متضمنًا الحزب الديمقراطي البرازيلي، الذي سمح لها بالحكم، على الرغم من إثباتها أيضًا فشلها عندما تمرد حلفاؤها السابقون. تحالف حزب العمال أصغر بكثير على المستوى الفيدرالي هذه المرة. تعني الفترات الاقتصادية المستقيمة وتعديل التقشف المدرج في الدستور أن مجال المناورة محدود.

دمج نموذج الحوكمة الذي لقبه الحزب بلوليسمو[2]، بسياسات الاقتصاد الكلي الأرثوزكسي وسياسات النماء الجديدة، مع التوفيق الطبقي باعتباره النمط الرئيسي للعملية السياسية. على الرغم من فعاليتها من 2003 إلى 2010، فإنها لن تعمل هذه المرة؛ هناك حاجة لمقاربة أكثر تطرفًا، تواجه فيها المصالح الراسخة، وليس البحث عنها كحلفاء محتملين.

ثالثًا، والأهم من ذلك، لولا هو الصمغ الذي يمسك بالحزب ويمنحه نجمه القطبي. نرى بالفعل الخطوط العريضة لحزب ما بعد لولا، حيث يفتقر إلى التماسك الوطني. كان أسلوب عمل الحزب على مدى العقود الماضية هو قيام أحزاب الدولة بإقامة تحالفات مع مختلف الأطراف في الطيف السياسي (شاملًا في النهاية تلك التي دعمت الانقلاب). لكن يمكن للولا أن يجمع كل ذلك معًا. ماذا يحدث دونه؟

كما يفتقر الحزب إلى تماسك برنامجه. فرسالة لولا في الأساس هي العودة إلى الوضع السابق، قبل الانقلاب البرلماني. إلغاء الإصلاحات المضادة النيوليبرالية الأسوأ التي شهدها تامر هي بداية ضرورية، لكن ليس أكثر من ذلك. كان هناك برنامج للتوظيف الكامل، والإصلاح السياسي، والاستثمار الإنتاجي وعكس انخفاض التصنيع – كل هذه وغيرها الكثير من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة، أو انقلاب، أو تثبيت. في توجيه استراتيجيته حول لولا كشخصية كاريزمية موحدة، جعل الحزب نفسه يعتمد عليه كشخص، ما قد يكون – بشكل مأساوي – سقوطًا للحزب.

لذا كانت استراتيجية حزب العمال في الانتخابات الرئاسية هي استبعاد منافس يسار الوسط الرئيسي، سيرو غوميز من حزب العمل الديمقراطي، حيث يظهر في استطلاعات الرأي بنسبة تتراوح من 7 إلى 12%، ما إذا كان السيناريو يشمل لولا. فشل سيرو في التوصل إلى اتفاق مع المركز الكبير، واعتمد الحزب الشيوعي بشدة على الحزب الاشتراكي البرازيلي الوسطي لرفض التحالف مع حزب سيرو الديمقراطي التقدمي، وبالتالي عزله.

من حيث السياسة الاقتصادية ذات الصورة الكبيرة، ليس هناك الكثير للتمييز بين برامج حزب العمال وحزب العمل الديموقراطي، حتى إذا كان مؤشر حزب العمل الديموقراطي الأضعف يعتمد على التقاليد التنموية البرجوازية من أعلى إلى أسفل، بينما يحتفظ حزب العمال بدعم الطبقة العاملة المنظمة والحركات الاجتماعية التي ظهرت منها. مع ذلك، يقود هذا التشابه الظاهر البعض من يسار الوسط إلى الحلم بتذكرة حزب العمال/ حزب العمل الديموقراطي المدمجة لسيرو وحداد.

لكن استراتيجية لولا هي أن حزب العمال سيحتفظ بسيادة هذا الطرف الآخر. يتمثل الحساب في أن قاعدة اليسار أكثر صلابة من اليمين، لذلك من الأفضل التركيز على الهيمنة على هذا التصويت.

وفي هذه الأثناء، يتأرجح المرشح اليساري المتطرف جيليرمي بولس (حزب الاشتراكية والحرية)، زعيم حركة العمال المشردين، ونائبته من السكان الأصليين سونيا جواجاجارا، بنسبة 1% من التصويت ولدى الحزب الحد الأدنى من وقت البث المجاني. هذا على الرغم من بعض العروض القوية جدًا في المناظرات المتلفزة حتى الآن والتي عبر بها بولس بقوة، مع عروض ذكية واعية وحيوية.

على الرغم من ذلك، كان الهدف هو قيام بولس بمنح حزب الاشتراكية والحرية أداء أفضل بكثير في الاستطلاع، لكن حتى الآن هناك خيبة أمل. لكن الهدف الثانوي كان تقريب حركة العمال المشردين والحزب، مما سمح له بالوصول إلى ما وراء قاعدته في الطبقة البرجوازية الصغيرة والطبقة المثقفة. على أي حال، فإن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تتيح لبولس فرصة النجاح لو أن لولا ألقى دعمه خلف مرشح حزب الاشتراكية والحرية، بدلًا من واحد من حزبه.


استقطاب جديد

فرناندو حداد، البرازيل
فرناندو حداد، البرازيل

الاستقطاب الرئيسي للانتخابات إذن، هو بين حزب العمال وبولسونارو. قد تبدو للبعض كمعركة بين اثنين من الأطراف. يطرح بولسونارو دولة خارجية سلطوية تتخلص من الحثالة – سواء السياسيون أو المجرمون. في هذه الأثناء، سيكون لولا يساريًا شعبويًا، يقف لصالح الفقراء ضد جمهورية غير شرعية.

سيكون هذا خطأً خطيرًا. يمثل بولسونارو فقط الوجه الأكثر رجعية للنخب المتخلفة. وهو وطني اقتصادي سابق، تحول، مؤخرًا، إلى ليبرالية السوق الحرة المتطرفة، بفضل الخصخصة، وخفض الضرائب، واستقلال البنوك المركزية. تمثل مقترحاته بشأن قانون قتل الفقراء مجرد امتداد للعلاقات القمعية القائمة بين الدولة والفقراء في البرازيل.

أما لولا من جانبه، وبغض النظر عما قد يقوله نقاده اليمينيون المضطربون. هذه ليست مسألة سياسة؛ فبشكل أساسي، يشكل برنامجه نيل الحقوق التي وعد بها دستور البرازيل عام 1988، وطريقة عمله في الحكومة، أي مسألة الملاءمة والتوسط. جعله الميل نحو اليمين في البرازيل يبدو متطرفًا، وبأي شكل من الأشكال يمثل فوز ولي عهده له أملًا في توقيف الانقلاب المروع في البرازيل، على الأقل في الأجل القريب.

ملخص ما سبق، أن يمين الوسط «المعتدل» فقد هيمنته على معسكره في الانقلاب، حيث انهارت مع قواعد الديمقراطية التي من المفترض أنها تؤيده خلال هذه العملية. وبسبب الفوضى السياسية التي تلت ذلك، مُكِّن ليمين بولسونارو الفاشي. أدى الانقلاب والأزمة الاقتصادية والمناخ المناهض للسياسة وإضعاف قدرة الدولة على التوجيه إلى تقسيم الميدان الانتخابي.

ومع هذا يحتفظ حزب العمال بفرصة حقيقية للفوز بالرئاسة، على الرغم من افتقاره إلى قوة البرنامج، لكن فقط إذا تمكن لولا من نقل أصواته بكفاءة إلى حداد. بالنسبة للكثيرين، فإن ذلك يمثل عودة إلى الحياة الطبيعية الديمقراطية.

لكن من يشكّل حكومة سيحكم مجتمعًا استنزفه الركود الاقتصادي وخاب أمله سياسيًا. قد تتعثر هذه الجمهورية، لكن لا توجد قوة قادرة حاليًا على إعادة تنشيط مؤسسات وهياكل البلاد الحالية، ناهيك عن تغييرها جذريًا.


[1] إجراء تحقيق جنائي مستمر من قبل الشرطة الاتحادية البرازيلية، فرع كوريتيبا، والقيادة القضائية من قبل القاضي سيرجيو مورو منذ 17 مارس 2014.[2] نسبة إلى لولا دا سيلفا.