في السنوات الأخيرة شاعت فكرة الكومباوند السكني، لا سيما في المدن الجديدة بمصر، وباتت الفكرة مُتّهمة بتكريس الطبقية والعزلة الاجتماعية.

فكرة الكومباوند كمسمى بدأت تقريبًا في مصر منذ تسعينيات القرن الماضي، كفكرة مستوردة دخيلة على المجتمع المصري.

إلا أن المتأمل للتاريخ المصري، لا سيما القاهري، يجد إرهاصات للفكرة منذ أكثر من ألف عام، مع اختلافات نسبية بينها وبين ما هو قائم الآن، ولكن من المؤكد أن فكرة التجمعات السكانية داخل أسوار، أو خلف بوابات، مسألة عرفتها بالتأكيد القاهرة الإسلامية.

فالقاهرة الفاطمية حين أسسها جوهر الصقلي، كانت عبارة عن كومباوند يضم بداخله قصر الحكم الفاطمي وبجواره عدد من القصور الصغيرة الخاصة بالطبقة الحاكمة، فضلًا عن المسجد والخدمات الخاصة بسكان هذا الكومباوند.

هذا الكومباوند كان له سور وبوابات ويمتنع على أي شخص من غير سكانه أن يدخله إلا لعلة، وكان المصريون من سكان الفسطاط غير مسموح لهم بالمبيت داخل أسوار القاهرة (الكومباوند) أو الوجود بداخله ليلًا، حيث كانت البوابات تغلق ويطرد أفراد الأمن كل غريب بداخله.

بعيدًا عن القاهرة الفاطمية، فإن أحياء «مدينة مصر والقاهرة» حين التصقت وبانت شخصيتها الموحدة نسبيًا في العصر الأيوبي وترسخت بقوة في العصر المملوكي، لم تغب عنها الفكرة، بعد أن اتحدت مدن «الفسطاط، القطائع، العسكر، القاهرة»، وما بينها من متخللات، وما استحدث وأضيف إليها من مساحات كانت خارجها وصارت كيانًا واحدًا.

ولقرون ممتدة كانت الحارات لها بوابات تغلق على من فيها، وفي الغالب كان سكان هذه الحارات من تركيبات سكانية طبقية متجانسة، تبنى في الغالب على أساس الحرف والمهن أو القبلية.

المهم أن فكرة وجود سكان داخل حدود مكانية مغلقة كانت سمة من سمات القاهرة التاريخية؛ فكل فئة أو تجمع سكاني، في حواري «القاهرة الفاطمية» أو «مدينة مصر» كان يحجبه عن الأغراب باب وحراس.

 لكن الحواري كانت تتميز عن الكومباوندات الحالية بأنها كانت تفتح نهارًا لدخول الأغراب لقضاء مصالحهم، ولكنها كانت تغلق ليلًا على أهلها فقط، وظل الحال هكذا حتى قدوم الحملة الفرنسية مصر عام 1798م.

ولا تزال أبواب القاهرة، بل وبعض أبواب الحارات قائمة حتى الآن، منذ القرون الوسطى، بعد أن هدم الفرنسيون ومن بعدهم محمد علي باشا أغلب أبواب الحارات، التي تجاوزت 60 حارة، وفي بعض التقديرات اقتربت من 100 حارة.

في سطورنا التالية نستعرض التسلسل التاريخي للفكرة (الأسوار والأبواب) وتطورها في القاهرة، ونبين ما تبقى من آثار لها، وملابسات إنشاء تلك الأبواب.

ولكن قبل ذلك دعونا نؤكد أن الحارة المصرية في القرون الوسطى، لم تكن مجرد شارع ضيق كما قد يرد في مخيلتنا.

فمصطلح «الحارة» استخدمه المؤرخون بدءًا من العصر الفاطمي، للتعبير عن الأحياء الصغيرة التي كانت تسكنها القبائل أو الجماعات التي كانت تكون الجيش الفاطمي، وبعد تمدد القاهرة إلى خارج أسوارها ظل مصطلح «الحارة» يطلق على تلك التجمعات أو الأحياء أو الخطط التي نشأت خارجها.

وفي الغالب كانت الحارة تمثل شارعًا طويلًا نسبيًا، تتفرع منه أزقة وشبكة من الشوارع أو السكك الصغيرة المسدودة.

وكانت الحارات معزولة عن بعضها، ولكل منها الخدمات الخاصة بها، من حمامات ومساجد وأسواق… وظلت هذه الحالة مستمرة من العصر الفاطمي وطيلة العهود الإسلامية، ولكنها أخذت تفقد طابعها العسكري الذي بدأ مع الفاطميين، وتتحول إلى حارة شعبية بالتدريج.

فسكان الحارات الأوائل وإن كانوا قد قسموا قبليًا، فإنهم كانوا بالأساس فرقًا في الجيش الفاطمي، وهو ما انتهى تدريجيًا، حتى تلاشى تقريبًا في العصر الأيوبي (1174م حتى 1152م).

سور القاهرة الأول وبواباتها: ضرورة عسكرية

في زمن كانت الصراعات العسكرية به على أشدها بين الفاطميين وأعدائهم، كالعباسيين والقرامطة، كان لزامًا أن تكون عاصمتهم ومقر إقامة خليفتهم أو إمامهم، محصنة عسكريًا، ولذلك حين بنيت القاهرة لزم إحاطتها بسور وبوابات.

بنى القائد الفاطمي جوهر الصقلي (توفي 381هـ- 992م) سور القاهرة في البداية بالطوب اللبن، وشيده على شكل مربع، طول كل ضلع منه بلغ ألفًا وثمانين 1080 مترًا.

بلغت مساحة القاهرة في أول تأسيسها 166400 مترًا مربعًا، منها 240141 مترًا مربعًا مساحة قصر الخلافة، و120050 مترًا مربعًا مساحة ما عرف بالبستان الكافوري، ومثلها للميادين، وأقيمت على المساحة الباقية، وقدرها 686000 متر مربع، حارات المدينة، وتُرِك جزء منها خاليًا لاستيعاب الزيادة السكانية التي ستنمو مع الأيام والسنين.

كان بالسور 9 أبواب تغلق مساءً، أعدت على شكل أقواس، وزالت هذه الأبواب فيما بعد لأسباب كثيرة، منها أن بناء السور كان بالطوب اللبن، على الرغم من سمكه الكبير الذي كان يكفي لأن يمشي فوقه فارسان معًا، وكان حجم الطوبة الواحدة حوالي ثلثي ذراع أي ما يعادل (58سم * 34سم).

من الناحية الجنوبية للسور كان هناك بابان متلاصقان (قوسان)، اصطلح على تسميتهما مجتمعين بـ«باب زويلة»، نسبة إلى إحدى قبائل البربر التي كانت ضمن قوام جيش جوهر الصقلي.

هذا الباب هو الذي دخل منه الخليفة الفاطمي المعز لدين الله القاهرة لأول مرة، قادمًا من عاصمته القديمة «المهدية» بتونس، التي انتقل منها إلى القاهرة.

دخل المعز من القوس الأيمن للباب، وتزاحم الناس حوله وتجنبوا الدخول من القوس الأيسر، وشاع بينهم أن من دخل من القوس الأيسر لا تُقضَى له حاجة.

أما السور الشمالي فكان به بابان متباعدان، وهما باب الفتوح على يسار الخارج من القاهرة، وباب النصر على يمين الخارج منها.

ومن المثير أن مسجد الحاكم بأمر الله الواقع الآن داخل سور القاهرة بجوار باب الفتوح، حين بني كان خارج السور، ودخل داخل السور بعد سنوات طوال حين بنى بدر الجمالي سورًا آخر، جعل المدينة أوسع مما كانت عليه.

أما السور الغربي للمدينة، فكان ملاصقًا لشاطئ الخليج المصري، الذي كان متفرعًا من النيل، وبشكل كبير يقوم مقامه حاليًا ما يعرف بشارع بورسعيد.

واحتوى السور الغربي على بابين هما «باب الفرج» و«باب سعادة»، مكان «باب الفرج» حاليًا تشغله مديرية أمن القاهرة، أما «باب سعادة» فيقع إلى شمال باب الفرج، ويشغل موقعه الآن جامع ومدرسة السلطان جمق، في نهاية درب سعادة من جهة شارع الأزهر.

أما السور الشرقي للمدينة، الذي كان محازيًا لجبل المقطم، فشمل بابين هما «باب القراطين» و«باب البرقية».

كما شمل السور بابين لم نعثر على ما يحدد مكانهما بالضبط، وهما «باب القنطر»، و«باب الخليج».

صلاح الدين على خطى الفاطميين

السور الذي بناه المعز تهدّم سريعًا، ما اضطر الوزير الفاطمي بدر الدين الجمالي إلى بناء سور آخر موازٍ له، ولكنه بناه هذه المرة بالحجر، وكان أقوى وأشد تحصينًا، وذلك بين عامي 480و485هـ/ 1087و1092م، في عهد الخليفة الفاطمي المستنصر بالله.

وهو السور الذي ما زالت أجزاء كبيرة منه باقية إلى يومنا، بعد امتدادات ألحقها به بهاء الدين قراقوش، وزير السلطان صلاح الدين الأيوبي، بين أعوام (566-572هـ / 1161-1176م).

بنى الجمالي سوره على مسافة أبعد من سور جوهر الصقلي، وصار شكل السور مستطيلًا بعد أن كان مربعًا، أي أن أطلال السور القديم صارت معالم قديمة داخل سور بدر الجمالي.

وأطلق عوام الناس على أبواب السور الجديد نفس أسماء أبواب السور القديم تقريبًا، حتى وإن سماها الجمالي بأسماء جديدة، ولاتزال 3 أبواب من أبواب الجمالي قائمة إلى الآن، فضلًا عن باب رابع اكتشفت آثاره.

فالأبواب القائمة هي «زويلة»، «النصر»، «الفتوح»، أما الباب الرابع فهو «باب البرقية» شرقي المدينة، الذي كان قد دفن واكتشفت آثاره عام 1957م في أثناء رفع الأنقاض التي كانت تفصل المدينة عن قرافة المماليك لفتح طريق صلاح سالم وشارع الدراسة.

وعثر على الباب مدفونًا تحت أكوام المخلفات الواقعة شرقي الجامع الأزهر، في الزاوية التي يتفرع منها شارعا المنصورية والدراسة.

وهذه الأبواب كتب عليها بدر الجمالي أسماءً لم يتداولها الناس؛ فباب النصر كتب عليه «باب العز»، وباب الفتوح كتب عليه «باب الإقبال»، وباب البرقية كتب عليه «باب التوفيق».

وحين قرر صلاح الدين بناء قلعته شرقي المدينة، فوق جبل المقطم، قرر أن يوسع السور ليضم القلعة مع المدينة القديمة، لتشمل كذلك الفسطاط، فضلًا عن كل التوسعات التي جرت خلال قرون، بجانب قلعة المقس التي بناها على النيل، التي يقع مكانها الآن جامع الفتح بميدان رمسيس، حيث كان النيل وقتها يمر من هناك.

إلا أن صلاح الدين مات قبل أن يتم وزيره بهاء الدين قراقوش بناء السور أو القلعة، ولكنه كان قد مد سور القاهرة حتى باب الشعرية، وكذلك حتى المنطقة التي عرفت بباب البحر، بالقرب من رمسيس الآن.

كذلك وصل السور إلى قرب موضع القلعة في موضع عرف وقتها بـ«الصُوَّة»، الذي يقع الآن بين القلعة ومسجد الرفاعي.

أبواب الحارات: بداية قبلية عززتها ضرورات أمنية

كما أشرنا سابقًا إلى أن تقسيم التجمعات السكانية إلى أماكن مغلقة نشأ بفعل التنوع القبلي الذي كان عليه الجيش الفاطمي، كذلك فقد كان ضرورة أمنية نظامية في ما بعد، بخاصة بعد أن اتسعت القاهرة والتحمت بالفسطاط والتوسعات الجديدة.

ونلمح هذا الجانب الأمني في الأوامر التي أعلنها زين الدين كتبغا المنصوري، نائب الغيبة، الذي أوكل إليه السلطان المملوكي المنصور بن قلاوون إدارة شؤون مصر والقاهرة خلال سفره إلى دمشق.

حيث جاء في أوامره ما يلي:

لا يمشي أحد بالمدينة ولا ضواحيها في الحسينية والأحكار في الليل، إلا لضرورة، ولا يخرج أحد من بيته لغير ضرورة ماسة، والنساء لا ينصرفن في الليل ولا يخرجن ولا يمشين جملة كافية.

ويتبين من تلك الأوامر مدى التشديد على غلق أبواب الحارات، بواسطة الجنود المماليك، حيث جاء:

يرتب جماعة من الجند مع الطواف في المدينة لكشف الأزقة و«غلق الدروب» وتفقد أصحاب الأرباع، وتأديب من يخل بمركزه مع أصحاب الأرباع، و«تكون الدروب مغلقة»، وكذلك يجرد جماعة بالحسينية والأحكار وجميع المراكز ويعتمد فيها هذا الاعتماد، ومن وجد في الليل قد خالف المرسوم وتَمَشَّى لغير عذر يُمسَك ويُؤَدب.

ثم يكمل كتبغا المنصوري في مرسومه:

ويحترز على «الأبواب» غاية الاحتراز، وتتفقد في الليل وخارجها وباطنها، وعند فتحها وغلقها، والأماكن التي يجتمع فيها الشباب، وأولو الزعارة ومن يتعانى العبث والزَّنْطَرة، لا يفسح لأحد في الاجتماع بها في ليل ولا نهار.

هذا النص الذي سقناه يشير إلى احتمالية قوية لوجود أبواب على الحارات في عهد المنصور قلاوون (689هـ – 1290م)، بخلاف أبواب القاهرة الموجودة بسورها.

إلا أن أستاذ التاريخ الدكتور أيمن فؤاد سيد يرى أن أول إشارة في مصادر التاريخ لأبواب الحارات جاءت في فترة لاحقة، وتحديدًا عند ابن تغري بردي.

حيث أشار المؤرخ المملوكي المتأخر إلى أن السرقات كانت قد كثرت في عام 864هـ/1459م، ما دعا الأغنياء إلى إقامة بوابات على الحارات والدروب، وعينوا لها بوابين لحراستها، فكانت تغلق عقب صلاة العشاء، بينما كان بعضها يغلف عقب الغروب.

وبنيت بوابات أخرى للحارات عام 903هـ – 1497م، وكذلك حين كان العثمانيون على وشك احتلال مصر عام 922هـ-1516م، حيث ساد الاضطراب السياسي، والمشاحنات بين طوائف الجنود المماليك داخل القاهرة.

الحملة الفرنسية وتاريخ جديد للقاهرة

ظلت أبواب الحارات قائمة طيلة العهد العثماني حتى وصول الحملة الفرنسية مصر عام 1213هـ – 1798م، وضمن التخريب الذي مارسه جنودها كان خلع أبواب الحارات من الأقواس، حتى أبواب الدروب المسدودة غير النافذة إلى غيرها.

ونقل الفرنسيون جميع الأبواب الخشبية التي خلعوها إلى بركة الأزبكية، عند رصيف الخشاب، حيث جرى تكسير الخشب وبيعه للاستخدام كفحم للوقود.

إلا أن بعض بوابات الحواري ظلت موجودة حتى بدايات عهد محمد علي باشا (تولى الحكم عام 1805م)، الذي أمر فور أن دانت له الأمور بنزع البوابات الباقية على الدروب.

ولا تزال بعض آثار هذه البوابات قائمة حتى الآن، وهي الأقواس الحجرية التي كانت تركب بداخلها الأبواب الخشبية، التي سجلتها لجنة حفظ الآثار العربية كآثار، وجرى ترميمها، ومنها:

باب حارة برجوان، بوابة بيت القاضي بجوار قسم الجمالية، باب طرباي بباب الوزير، باب حارة زقاق المسك بالخيامية، باب حارة الألايْلي بالغورية، وباب درب المبيضة بالجمالية… وغيرها.

وحين وصل جنود الحملة الفرنسية مصر كان عدد حارات القاهرة على أقل تقدير نحو 58 حارة، والبعض يصل بهذا العدد إلى قرب المائة حارة، وفي الغالب بلغ متوسط عدد الحواري نحو 63 حارة، وزعت كالتالي:

23 حارة داخل سور القاهرة الفاطمية، و19 بالمنطقة الجنوبية (الفسطاط وما حولها حتى السيدة زينب والحلمية حاليًا)، و20 في المنطقة الواقعة في البر الغربي للخليج (عابدين ووسط البلد حاليًا)، وأكثر من واحدة بناحية الحسينية، شمال القاهرة الفاطمية (حي الحسينية الحالي).

هذه الحارات ضمها الفرنسيون، بعد خلع أبوابها، داخل 8 أقسام إدارية، وظل تقسيمها قائمًا ربما حتى بدايات القرن العشرين أو نهايات القرن التاسع عشر، وهذه الأقسام هي:

الأزبكية، باب الشعرية، الجمالية، الدرب الأحمر، الخليفة، عابدين، السيدة زينب، مصر العتيقة.

وعلى كل قسم أو ثمن من الثمانية أثمان عين الفرنسيون شيخًا عرف منصبه بـ«شيخ الثمن» وكان راتبه الشهري الذي يتقاضاه من مديرية أو محافظة القاهرة مائة قرش (جنيه)، هذا المنصب الذي تطور في ما بعد إلى منصب «رئيس الحي» بعد اتساع المدينة وتحديثها في حقب لاحقة.

وكل قسم أو «ثمن» شمل بدوره حارات أو شياخات، وعلى رأس كل حارة أو شياخة جرى تعيين «شيخ حارة»، وهو منصب ربما بقي أثره حتى يومنا.

ولم يكن شيخ الحارة يتقاضى راتبًا من الدولة، وإنما كان يكسب رزقه مما عرف بـ«رسم الحلوان»، وهو رسم يحصله شيخ الحارة من مستأجري الأملاك في حارته، وجرت العادة أن يقدر هذا الرسم بقيمة إيجار شهر واحد للعقار، يدفعه الساكن لشيخ الحارة بعد استلامه لمسكنه.

بعد هذا الاستعراض يمكننا القول، إن الضرورات العسكرية والأمنية التي فرضت نفسها على القاهرة ومصر في فترات متلاحقة، أدت إلى تلك الكيانات المغلقة، وإن تلاصقت، وعزز هذا الانغلاق من تجانس وترابط الكيانات السكانية، سواء مهنيًا مثل «حارة النحاسين» أو «حارة المبيضة» أو قبليًا مثل «درب الأتراك».

صحيح أن التقسيم السكاني وفقًا للحرف والمهن لم يكن جديدًا على القاهرة أو «مدينة مصر»، في العصور الفاطمية أو الأيوبية أو المملوكية أو العثمانية، حيث عرفته الفسطاط منذ عهد عمرو بن العاص، فيما عرف بـ«القيسارية» التي تجمع كل أصحاب مهنة في تجمع سكاني واحد، فإن إغلاق الحواري بالبوابات زاد من ترسيخ وتدعيم هذه التجمعات.

هذا التقسيم السكاني لا يزال أثره واضحًا بقوة في القاهرة الفاطمية وامتداداتها حاليًا، فحين تمشي هناك الآن تشاهد أصحاب محلات الأقمشة وقد تكتلوا في «الحمزاوي»، وتجد تجار التحف والأنتيكات مجتمعين في خان الخليلي، وتجار النجف والكريستال في درب البرابرة.. وغيرهم.

حتى وإن كان أصحاب هذه المحال لا يسكنون بجوارها الآن، فإن هذا التكتل ليس ببعيد عن التأثر بما كان في العصور الوسطى، حين كان التجار والحرفيون وكذلك القبائل يسكنون في تجمعات متماسكة في كيانات مغلقة أو شبه مغلقة.

المراجع
  1. «اتعاظ الحنفا»، المقريزي
  2. «النجوم الزاهرة»، ابن تغري بردي
  3. «صبح الأعشى»، للقلقشندي
  4. «سفر نامة»، ناصر خسرو
  5. «نصوص من أخبار مصر، لابن المأمون»، تحقيق أيمن فؤاد سيد
  6. «تاريخ الكنائس والأديرة»، المؤتمن أبو المكارم
  7. «تاريخ البطاركة»، لابن المقفع
  8. «وصف إفريقيا»، ليون الإفريقي
  9. «عجائب الآثار»، الجبرتي
  10. «الخطط التوفيقية»، علي مبارك
  11. «نصوص ضائعة من أخبار مصر»، أيمن فؤاد سيد
  12. «القاهرة: خططها وتطورها العمراني»، أيمن فؤاد سيد
  13. «خطط الطرابيلي: أحياء القاهرة المحروسة»، عباس الطرابيلي.