رعاية طفل واحد من الأمور الشاقة بما يكفي على الأبوين، لكن إنجاب الأسرة لطفلين توأميْن من الأمور التي يجب الاستعداد لها بشكل مناسب وإلا تحول الأمر لكارثة.

فما الذي يجب على الأبوين اللذين يخوضان تجربة التوأمين معرفته؟، وما الذي يجب علينا جميعًا أن نعرفه عن تربية التوائم خاصة وجميع الآباء مُعرضين في أي وقت لاحتمال إنجاب توأمين والمرور بهذه التجربة الخاصة؟.

كيف أعتني بهم وأختار ملابسهم وأشياءهم؟، وهل يمكن إرضاعهم طبيعيًا؟، وهل سيكفي اللبن أم سألجأ حتمًا للرضاعة الصناعية؟، وكيف تتم الرضاعة الطبيعية وتنظيم الرضاعة؟، وكيف أنظم وقت النوم لكليهما؟، وهل ينامان معًا في سرير واحد أم سريرين منفصلين؟، وكيف أتصرف حينما يستيقظ أحدهم ويوقظ الآخر؟، هل سأعيد محاولات تنويمهما معًا مرات ومرات كلما استيقظ واحد منهما؟، وكيف أطلب المساعدة ومِن مَن؟، وهل فعلاً تطبيق نظام دقيق هو المهرب الوحيد من كل هذه المصاعب؟، وكيف أضع هذا النظام أصلا؟ بل من البداية، كيف تتصرف الأمهات اللائي ينجبن توائم فعلا؟!.

عشرات الأسئلة تدور وتدور دون أجوبة، هنا نتعرف على الأجوبة الكاملة بالتفصيل.


هل أختار ملابسَ وألعابًا متشابهة أم مختلفة؟

بداية هناك اعتقاد ضمني دائمٌ أن التوأمين واحد! ربما لولادتهما معًا أو للشبه بينهما أو مرورهما بنفس الظروف معًا في كل تفصيلة صغيرة، وهذا أمر خاطئ، فكل منهما يحتاج لتنمية خاصة تناسب شخصيته واحتياجاته وميوله وما هو مُميز به عن الآخرين.

فبالتالي علينا اختيار الملابس المختلفة لكل طفل فيهما؛ لأن اختيار نفس الملابس ينقل لهما انطباعًا أنهما شخص واحد، وهما مختلفان لا شك، ليسا إنسانًا واحدًا، ولا يعني ولادتهما معًا أنهما واحد، بل هما اثنان منفصلان في كل شيء، ولا يجب علينا بث ما يضللهم عن هذه الحقيقة، أنتما اثنان ولستما واحدًا.

لذلك التنوع في اختيار الملابس والألوان والألعاب يساعدهما على سرعة إدراك أنهما شخصان منفصلان مختلفان وليسا شخصًا واحدًا ولا يجب أن يكونا، ولا يجب علينا تدعيم هذا الإحساس نهائيًا.


هل يمكن إرضاعهما طبيعيًا؟ وهل سيكفي اللبن الطبيعي لهما سويًا؟

نعم من الممكن إرضاع التوأمين رضاعة طبيعية فقط وذلك بواسطة تنظيم بعض الأمور، فالرضاعة الطبيعية أمر في غاية الأهمية للأطفال، ولا يمكن المقارنة نهائيًا بين الرضاعة الصناعية والطبيعية لا صحيًا ولا نفسيًا، فهما لا يستويان.

هل الرضاعة الطبيعية تستغرق الكثير من الوقت عن الرضاعة الصناعية؟

قبل الإجابة، احسبي كل الوقت المستغرق في كل خطوات إعداد الحليب الصناعي وتجهيز البيبرونة:

«غسل يديكِ»، «تدفئة الماء، إعداد الحليب ثم تركه يبرد» ثم وقت «غسل» و«تعقيم» البيبرونة في الماء الساخن، ثم أضيفي عليهم وقت «الإرضاع» نفسه، ستجدين أن الاثنين يستغرقان نفس الوقت تقريبًا، أضيفي توفير الأموال الضخم في حال عدم شراء لبن صناعي مع الفوائد الصحية والنفسية للطفل وبناء علاقته مع أمه من خلال الرضاعة الطبيعية والتي لا تقارن باللبن الصناعي، ستجدين أن الرضاعة الطبيعية في حال التنظيم أفضل وأنسب من الصناعية.

لذلك في البداية قد يبدو الأمر صعبًا، لكن بالممارسة واستخدام الوسادة الخاصة برضاعة التوائم وتجربة العديد من الأوضاع المناسبة حتى تستقري على الوضع المريح، ومن خلال التناوب في كل رضعة بين الصدرين، أو التناوب بين الصدرين كل 24 ساعة، فذلك يساعد على تنمية التواصل البصري لعيني الطفل بالتساوي.

ولاحظي أن يكون التوزيع في الرضاعة كافيًا ومناسبًا لكليهما، فذلك سيساعدك على إنتاج الكمية المناسبة لكليهما في نفس الوقت.

أما إذا كان الطفلان في الحضّانة في المستشفى ولم تستطيعي إرضاعهما مبكرًا فمن المهم أن تقومي بشفط اللبن في الأيام الأولى حتى تحافظي على إدرار اللبن الكافي لهما حينما يشرفان المنزل.

لا تنسي شرب الكثير من الماء لأن زيادة هرمون الأوكسايتوسين الذي يزيد مع الرضاعة يجعلكِ تشعرين بالعطش الشديد.

كيف أعرف أن الطفلين يحصلان على ما يكفي من الطعام؟

طبيبك سيساعدك على التعرف على هل يحصل الطفلين على اللبن الكافي أم يحتاجان للبن إضافي عن طريق معرفة وزنيهما ومتابعتهما، مع العلم أن الأطفال حديثي الولادة يبدأون في كسب وزن بعد الولادة بعد اليوم الخامس حسب تقرير الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال.


كيف أنظم النوم؟

– حددي موعدًا واحدًا لنوم التوأميْن، والتزمي به، سيتعلم التوأمان مع الوقت العلامات التي تدل على اقتراب وقت النوم وسيستجيبان للنوم بسهولة بعد ذلك.- اجعلي لكل طفل سريرًا خاصًا به منفصلاً عن الآخر، لا توجد هناك مميزات لتقاسم التوأمين نفس السرير، وأيضًا الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال تحذر من نومهما سوية في سرير واحد لتجنب حوادث الاختناق ومتلازمة موت الرضع المفاجئة، ويمكنك جعل السريرين مقابلين لبعضهما بحيث يستطيع كل منهما رؤية الآخر فذلك يساعدهما على الشعور بالأمان.- ضعي كل طفل في سريره في الموعد المحدد للنوم حتى لو كان التوأمان مستيقظين، لتدربيهما على موعد النوم وتهيئتهما له.- دربيهما على الاستلقاء في سريرهما الخاص قبل النوم، وذلك بعد حمام دافئ لهما، ثم أنشطة التهيئة للنوم من قراءة قصة قبل النوم لهما، أو غناء بعض الأغاني، ثم وضعهما في سريرهما الخاص وهما مستيقظان، فذلك يساعدك على تجنب هزهما قبل النوم أو حملهما حتى يناما ويعتادا على النوم بمفردهما.- ضعي التوأم الهادئ أولاً في سريره الخاص كي يتبعه الآخر.- لا تشجعيهما على الاستيقاظ ليلا. طوال اليوم قومي بتدليلهما واللعب معهما واحتضانهما كما تريدين، في وقت النوم عند وضعهما في السرير قللي التفاعل على قدر الإمكان حتى يستسلما للنوم، إذا استيقظا في بداية نومهما تجنبي التواصل البصري معهما، ويمكنك فتح إضاءة خافتة، وضعيهما مباشرة في السرير بعد إطعامهما.- تقبلي الاختلاف بين التوأمين في سرعة التعود على النوم المنتظم فهو سيختلف من توأم للآخر، وكل توأم يختلف عن الآخر في القلق ليلاً أو الحاجة إلى الطعام ليلاً. فالانتظام في النوم يعود لحجم الطفل وليس عمره.- الستائر السميكة والموسيقى الهادئة الخافتة تساعدهما على النوم، ويفضل الابتعاد عن إضاءة الأنوار الخافتة أثناء نومهما.- قومي بلف التوأمين باللفافة الخاصة بهم جيدًا (Swaddle your babies)؛ فذلك يشعرهما بالأمان، ويُهيئهما للنوم. وتوقفي عن لفهما باللفافة عند الشهرين عندما يبدآن بالدحرجة (التقلب).

بعض الطرق التي تساعدك على لف الطفل في اللفافة الخاصة به ستتعرفين عليها في هذا الرابط.

– إذا بدأ أحد التوأمين بالبكاء خلال نوم الآخر، اطمئني فهذا لن يزعج التوأم النائم مثلما يزعجك، فالتوائم تتقبل الأنماط المختلفة بينها ويستوعبونها جيدًا منذ الحمل، ولديهم قدرة على التمييز بين الأصوات المتكررة حولهم وعدم الاكتراث لها. فبكاء أحدهما لا يستدعي أن تفصلي أحد التوأمين في غرفة أخرى إلا في حالة واحدة؛ إذا كان التوأم مريضًا أو لديه احتياجات خاصة، في تلك الحالة يمكنك وضعه بعيدًا عن توأمه.


هل سأحصل على وقت خاص بي أم سأقضي يومي كله في رعاية التوأمين؟

ليس عليكِ خدمة التوأمين طوال الوقت، بل:

– عليك طلب المساعدة أولاً من الأب، عليه أن يشاركك في خدمة التوأمين، تقاسما الوقت سويًا، حتى لو لم يكن لديه الوقت الكافي وحتى لو استطاع حملهما لمدة زمنية بسيطة، تستطيعين خلالها الابتعاد عن الأطفال نهائيًا أو الخروج للتمشية أو مقابلة أصدقائك.- ربما تستطيعين طلب المساعدة من والدتك، أو أحد الأقارب، إذا أردتي الخروج مع زوجك للاستمتاع ببعض الوقت معًا بعيدًا عن الأطفال.- من العوامل المساعدة أيضًا على تخفيف الضغط عليك استشارة طبيب يشجعك على رعاية الأطفال، والرضاعة الطبيعية، ويعطيكِ الدعم الكافي لمتابعة رعاية التوائم.- حاولي التواصل مع أهالي لديهم توائم أيضًا لدعمك، فذلك يشعرك أنك لست وحيدة في هذا العالم، وأن هناك آخرين يمرون بما تمرين به، ويستطيعون مساعدتك من خلال تجاربهم. – الحصول على قسط كافٍ من النوم من أهم متطلباتك للحفاظ على اتزانك الانفعالي واستعادة نشاطك.- ممارسة بعض الرياضة، أو المشي قليلاً يوميًا.- قومي بعملك في الأوقات التي ينام فيها التوأمان نهارًا، أو عندما يكونان في الحضانة. ومن الأفضل أن تحصلي على عمل تستطيعين القيام به من المنزل.- من الأشياء الهامة لدعمك أيضًا توفير شخص يساعدك في ترتيب وتنظيف المنزل والقيام بالمهام الأساسية في المنزل كالطبخ والتنظيف، فذلك سيوفر عليك الكثير من الوقت لعمل الأشياء التي تفضلينها.


كيف ترى إحدى الأمهات التي أنجبت توأمين هذه التجربة؟

كنت وحدي تمامًا مع التوأمين، لا يوجد أي أقارب معي، وزوجي لا يتقن التعامل معهما جيدًا، كان يساعدني في بعض الأوقات بالاهتمام بابني الأكبر، لكن بعد ذلك أصبح ابني الأكبر ذو الثلاثة أعوام هو الذي يساعدني في العناية بالتوأمين.أصبحت على ذلك الحال مدة حوالي 6 أشهر تقريبًا، مررت خلالهم بتحديات وضغوط كثيرة، كان الاثنان يبكيان ليلاً في نفس الوقت في بعض الأوقات، في البداية كنت أذهب إليهما مباشرة، ثم بعد ذلك أصبحت أُحضر رضعتهما الخاصة أولاً قبل الدخول إليهما ثم أنيمهما مرة أخرى بعد إعطائهما اللبن.كنت أحضر الجدول الخاص بكل واحد فيهما حتى لا أنسى من الذي حصل على اللبن، الورقة والقلم والجدول الخاص بكل واحد منهما من أهم الأساليب التي ساعدتني على تنظيم التعامل معهما وعدم نسيان موعد رضاعتهما أو تغيير الحفاضات الخاصة بهما.وبالنسبة لمواعيد نومهما كان لديهما موعد ثابت يوميًا، فالنظام والروتين من أهم الأشياء التي ساعدتني في التعامل معهما.لم أكن أستطيع الخروج بهما إلا نادرًا وعند الخروج بهما أستمع لبعض التعليقات التي لا تعجبني من أُناس لا أعرفهم وأراهم للمرة الأولى، كأن يوقفني أحدهم في مكان عام ويزيل غطاء العربة الخاصة بهما ليراهما، أو ليدعُ ابنته تأتي لرؤية طفليّ، أو ربما يسألني أحد عن أسباب حملي في توأمين: هل بسبب الأدوية؟، أم بالوراثة؟، أم أنه حمل طبيعي حصل دون أي تدخل؟، بعد سنة وشهرين ألحقتهما بحضانة فأصبح لدي وقتي الخاص أقوم فيه بعملي الخاص من المنزل، وأذهب في بعض الأوقات لممارسة الرياضة، أو أقابل بعض الأصدقاء، وأصبح لدي وقت كافٍ للنوم مرة أخرى، فالحصول على قسط كافٍ من النوم من الأمور الهامة جدًا لكي أستعيد نشاطي وأحافظ على سلامي النفسي.أحصل من زوجي على الكثير من الدعم النفسي فهو يقدر ما أقوم به لأجل أطفالنا، وأيضًا يساعدني من خلال الدعم المادي، وبعض الأوقات يساعدني في رعايتهما عندما أطلب منه الدعم، وكذلك أيضًا بدأت بالتواصل بالأسر التي تمتلك توائم فذلك يشكل دعمًا لي أيضًا.

في النهاية رعاية طفلين من نفس العمر أمر بطولي، لا تكلفي نفسك فوق طاقتها، وتقاسمي هذه الرعاية مع زوجك حتى لا تنهاري أمام الطفلين، وتذكري أنكِ تجتهدين لمعرفة أفضل الطرق لمساعدتهما والاعتناء بهما. اطلبي الدعم متى أردتِ ذلك.