شركات الصرافة سرطان في جسم الاقتصاد المصري ولا بد من إلغائها، وأتمنى أن يتقدم أحد النواب بقانون لإلغاء هذه الشركات التي تدمر الاقتصاد.
رئيس مجلس النواب المصري علي عبد العال

غلق شركات الصرافة أصبح قاب قوسين أو أدنى، بعد دعوة علي عبد العال، رئيس مجلس النواب المصري، للتقدم بقانون يلغي هذا السرطان الذي أصاب جسم الاقتصاد المصري، بحسب وصفه. وقد كانت الخطوة الأولى في طريق ذلك موافقة البرلمان على تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ومكتب لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب بشأن مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003م.

تضمن التعديل السجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز خمسة ملايين جنيه؛ لكل من خالف أحكام المادة 111 من هذا القانون أو المادة 114 والقرارات الصادرة تطبيقًا لها. وجاء ذلك التعديل بناءً على طلب واقتراح من البنك المركزي وكان مبرره في ذلك ما يشهده سوق الصرف الأجنبي من تدهور، إضافةً إلى خطورة الدور الذي تلعبه بعض شركات الصرافة في مجال النقد الأجنبي وما تقوم به من ممارسات بهدف التلاعب بأسعار الصرف، والتي أدت إلى ارتفاع أسعار الدولار في الفترة الأخيرة وهو ما يشكل خطورة بالغة على الاقتصاد الوطني.

وأوضحت اللجنة البرلمانية المنوط لها دراسة التعديلات على القانون، أن الأمر استلزم تغليظ العقوبة على تلك الممارسات خارج القنوات المشروعة التي نظمها القانون، وذلك برفع الحدين الأدنى والأقصى للغرامة المقررة لتوفير اعتبارات الردع العام والخاص لمقترفي تلك الجرائم ولضبط التعامل في النقد الأجنبي الذي سيؤدى في النهاية لضبط الأسواق وتحقيق الأمن القومى المصري، من خلال الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي. فهل هذا هو الحل الأمثل لضبط أسعار الصرف مرةً أخرى في السوق المصري؟


من أين تأتي أزمة النقد في مصر؟

مصطفى شاهين، مدرس الاقتصاد بأكاديمية أوكلاند الأميركية

أعلنت الحكومة المصرية في نهاية يوليو/تموز الماضي، أنها تسعى لتمويل برنامجها الاقتصادي بنحو 21 مليار دولار إجمالًا على مدى ثلاث سنوات بدعم من صندوق النقد الدولي. وتأتي الاستعانة بصندوق النقد بعد اتساع الفجوة التمويلية لدى الحكومة وتفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد، حيث تخطى سعر الدولار في السوق الموازية 112 جنيهًا مصريًا مقارنة بـ 8.88 جنيهات لدى البنوك وبلغ الدين الخارجي لمصر 53.4 مليار دولار بنهاية مارس/آذار الماضي، وهو ما يعادل 16.5% من الناتج المحلي الإجمالي.

وتأتي خطوة الاقتراض من صندوق النقد الدولي في ظل نقص حاد في النقد الأجنبي، تزامنًا مع عدم نجاح البنك المركزي في القضاء على السوق الموازية أو حتى تخفيف حدة هبوط الجنيه من خلال الإجراءات التي اتخذها خلال الفترة الماضية، سواء بخفض سعر العملة المحلية في مارس/آذار الماضي، أو طرح العطاءات الاستثنائية للدولار، أو سحب تراخيص الشركات.

وهو ما يشير إلى وجود عجز مزمن في السوق المصرية نتيجة غياب الموارد الدولارية، الأمر الذي يُنذر بأن حجب شركات الصرافة سوف يكون له تداعياته السلبية على المستثمر الأجنبي الذي لمس بنفسه خلال الفترة الماضية عجز البنك المركزي عن تحقيق مطالبه بتوفير الدولار. ويرجع ذلك إلى أن تذبذب سعر الدولار سيمنع المستثمر من تحديد قدر أرباحه المتوقع، وهو ما سيدفعه للهرب من السوق، وسيكون لذلك أثر سلبي بارتفاع الأسعار وتقليل فرص العمل.


هل يكون غلق شركات الصرافة حلًا؟

لقد ثارت التساؤلات في الفترة الماضية بشأن «السعر الموحد» الذي تحدث عنه السيسي، إذ تتداول وسائل إعلام مصرية أن الحكومة تنوي رفع السعر الرسمي للدولار من 8.88 جنيهات إلى عشرة جنيهات على الأقل، وتقول أن هذا هو ما عرضته الحكومة على صندوق النقد الدولي مقابل الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار على ثلاث سنوات بدلًا من التعويم الكامل للجنيه الذي يفضله الصندوق.

ومن أهم مساوئ سياسات السعر الموحد للصرف هي أنه يعطي فرص كبيرة للمضاربين في السوق، لكي يتلاعبوا به لعلمهم أن البنك المركزي سيتدخل لإنقاذه وتثبيته.

وبالتالي لن يتاح للحكومة تطبيق مثل هذه السياسة بدون غلق شركات الصرافة لوقف عمليات المضاربة في السوق. إلا أن هذا يعد صعبًا نسبيًا، لأن كل صاحب شركة صرافة أقام كيانًا موازيًا له في الظل، وحركة السوق لا يمكن لأحد التحكم فيها، حيث أن تجارة العملة لم تتوقف على شركات الصرافة فحسب بل يمارسها التجار الكبار للحصول على كمية الدولارات لإشباع تجارتهم وهو ما لا تستطيع الحكومة توفيره للتجار.

كما أن في حال نجاح البرلمان في فرض رغبته في غلق شركات الصرافة؛ ستعود السوق السوداء و«تجار العملة» بشكلهما التقليدي من جديد؛ حيث بيع الدولارات على القهاوي وفي المخابئ بعيدًا عن أعين الحكومة حينًا وبعلمها وبالتعاون معها في أحيان أخرى، كما كان الوضع قبل إصدار قانون الصرافات في 1991.

هذا إلى جانب إمكانية استعانة الحكومة بشركات الصرافة في حل جزء من الأزمة الاقتصادية في مصر كما حدث في عام 1991م، حيث باعتماد قانون الصرافات استقر نسبيا سوق النقد بعد تدهوره في عهد الراحل أنور السادات واتباع سياسات الانفتاح الاقتصادي. ولا يمكن إغفال دور الصرافات في حل أزمة النقد التي تضخمت في عهد حكومة عاطف عبيد والتي تخطى فيها الدولار حاجز الـ 7.30 جنيهات. وكان للصرافات دور كبير في إنهاء الأزمة بفضل معاملاتها مع البنوك والتي دعمت الثقة مرةً أخرى في الجنيه بعد أن بدأ المستثمرون في سحب استثماراتهم من مصر.


الحكومة تستخدم العصا لحل الأزمة

موافقة الحكومة على هذا القانون تعكس وجود أزمة كبيرة في سوق الصرف الأجنبي في مصر وتكشف عن عدم وجود فوائض من الدولار لدى الدولة تستطيع من خلالها تغطية حاجة السوق.
هذا القانون يأتي ضمن القرارات العسكرية التي تصدر باسم البنك المركزي في اعتقاد بأنها من الممكن أن تساعد في حل أزمة الدولار وهو ما لا يمكن حدوثه.
أشرف دوابة، أستاذ التمويل والصيرفة الإسلامية

أشار السيسي في حديثه أول أغسطس/آب الجاري إلى أن سبب المشكلة هو «فكرة تشكلت في وجدان المصريين خلال خمس سنوات» جعلتهم يتعاملون مع الدولار على أنه سلعة، حسب قوله. وحذر الذين «يخزنون الدولار» من أنهم سيجرون غدًا إلى البنوك لتحويله. تأتي تحذيرات السيسي بعد أن فشلت حملات مباحث الأموال العامة على شركات الصرافة في القضاء على السوق الموازية، وبلغ سعر الدولار في السوق الموازية 13.50 جنيهًا الشهر الماضي، بينما يبلغ سعره الرسمي لدى البنوك 8.88 جنيهات. فكان مصير شركات الصرافة مثله مثل مصير الغريم السياسي للسيسي.

وعلى أعقاب ذلك قال اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن 72% من شركات الصرافة يمتلكها إخوان أو مشاركون فيها بنسب، وهذه الشركات هي التي خلقت السوق الموازية.

وعلى إثر ذلك أكد اللواء سامح أبو هشيمة، خبير الأمن القومي، أنه إذا تم استهداف اقتصاد أي بلد من خلال التأثير على سعر صرف العملة الوطنية، يكون من حق الدولة اتخاذ الإجراءات اللازمة التي من شأنها حماية اقتصادها الوطني. فهل تنجح العصا على العقل في حل أزمة مصر الاقتصادية؟

المراجع
  1. سياسات مصر النقدية حرام على البرلمان بأمر رئيسه
  2. مصر تستخدم العصا الغليظة مع أزمة العملة
  3. رئيس البرلمان المصري يطالب بإلغاء شركات الصرافة
  4. بالفيديو تصريحات السيسي اليوم المثيره حول ارتفاع سعر الدولار 1 8 2016
  5. اللواء أبو هشيمة: غلق شركات الصرافة "أمن قومي"