محتوى مترجم
المصدر
كولومبيا جورناليزم ريفيو
التاريخ
2016/03/07
الكاتب
إيميلي بيل

ينتاب المشهد الإعلامي خاصتنا، المجال العام، وقطاع الصحافة، أمرٌ مثيرٌ للغاية، دون أن نلاحظ تقريبًا. وبالتأكيد دون أن يحظى ذلك الأمر تقريبًا بالملاحظة أو بمستوى الانتباه العام والنقاش الذي يستحقه. لقد تغيرت الأنظمة الإخبارية بشكل كبير خلال السنوات الخمس الماضية، ربما بشكل أكبر من أي فترة خلال القرون الخمس الماضية.

نظام النشر فى يد حفنة قليلة من البشر يتحكمون فى مصير الكثيريين

حيث نشهد قفزات هائلة في القدرات التقنية – كالواقع الافتراضي، بث الفيديو المباشر، روبوتات الأخبار ذات الذكاء الاصطناعي، التراسل الفوري، وتطبيقات المحادثات. كذلك نشهد تغييرات هائلة في وسائل التحكم والتمويل، ما يضع مستقبل نظام النشر خاصتنا في أيدي حفنة قليلة من البشر، أصبحوا يتحكمون الآن في مصير الكثيريين.

تم تصفية الأخبار من خلال خوارزميات ومنصات غامضة لا يمكن التنبؤ بها
تستخدم أغلبية المواطنين الأمريكيين البالغين موقع فيس بوك

وخلال العام الماضي، دشن تطبيق سنابتشات خاصية «ديسكوفر»، ليتيح قنوات لمواقع شهيرة مثل «باز فيد»، «وال ستريت جورنال»، «كوزمو»، «دايلي ميل». كما دشن فيس بوك خاصية المقالات الفورية، التي أعلن الموقع أنها ستكون متاحة لجميع الناشرين في أبريل. وسريعًا سارت شركتي أبل وجوجل على ذات الخطى، حيث دشنتا، على التوالي، تطبيقي «أخبار آبل»، و صفحات الموبايل المتسارعة. كذلك دشن موقع تويتر خاصية «مومنتس»، وهو تجميع للمواد واسعة الانتشار على الموقع، لتحكي قصص كاملة بشأن الأحداث الجارية.إنها أنباء سعيدة حقًا أن شركات منصات التواصل الاجتماعي جيدة الموارد تصمم أنظمة لتوزيع الأخبار. ولكن بينما ينفتح باب جديد، ينغلق آخر.ففي ذات الوقت الذي يتم فيه إغراء الناشرين لنشر منتجاتهم مباشرة إلى التطبيقات والأنظمة الجديدة، التي ستنمي سريعًا جمهورهم من مستخدمي الهواتف، أعلنت شركة آبل عن أنها ستسمح بتنزل برنامج لحجب الإعلانات من متجر التطبيقات الإلكتروني الخاص بها.

أيًا من مستخدمي هواتف «آي فون» يمكنه الآن حجب جميع الإعلانات على الهواتف الذكية

بعبارة أخرى، إن كنت، كناشر، قد وجدت البديل، من أجل استخدام أحد تلك المنصات في تحقيق الأرباح، في الإعلانات على الهواتف الذكية، فإن أيًا من مستخدمي هواتف «آي فون» يمكنه الآن حجب جميع الإعلانات. وتعد المقالات التي تظهر داخل خاصيات مثل، «ديسكفر» التابع لسنابتشات أو المقالات الفورية التابع لفيس بوك، إلى حد كبير، حصينة ضد الحجب، رغم أنها ليست حصينة كليًا. وبشكل فعال ومحتمل، قد ينتهي أمر الحصة الصغيرة بالفعل من الأرباح التي قد يحصل عليها ناشري الإعلانات الرقمية على الهواتف بشكل مستقل. وبالتأكيد، قد نضيف أن الناشرين استحقوا ذلك لاستخفافهم بملأ صفحاتهم بإعلانات لم يردها أحد من الأساس.في ضوء ذلك، هناك ثلاثة بدائل أمام الناشرين التجاريين.أحدها هو أن يدفعوا بالمزيد من موادهم الصحفية بشكل مباشر إلى تطبيق مثل فيس بوك والمقالات الفورية التابع له، حيث يكون حجب الإعلانات غير مستحيل ولكنه أصعب من حجبها على المتصفح. كما أوضح لي أحد الناشرين: «نتطلع إلى كم الأرباح الذي قد نجنيه من الهواتف، ونشك في أنه حتى إن قدمنا جميع موادنا الصحفية إلى فيس بوك مباشرة، سنظل أفضل حالًا في الوضع الحالي». رغم ذلك، تعد المخاطر مرتفعة جدًا عند الاعتماد، بالنسبة للأرباح وأعداد الزائرين، على موزع واحد.أما البديل الثاني فيتمثل في بناء شركات وجمع أرباح أخرى بعيدة عن منصات التوزيع. وتقبل حقيقة أن السعي وراء جمهور واسع عبر المنصات الأخرى لا يمثل عاملًا هدامًا فقط، بل يؤدي بشكل نشط إلى الإضرار بالممارسة الصحفية، حيث ينتقل الأمر إلى قياس مستوى مشاركة الجمهور، وليس حجمه.تتم دراسة تطبيق نظام العضويات أو الاشتراكات في ذلك السياق على نطاق واسع. فللمفارقة، تنطوي الشروط المسبقة لاستخدام تلك الوسائل على امتلاك اسم تجاري قوي يشعر المشتركون بالانجذاب إليه. وفي عالم يتم فيه توزيع المحتوى على نطاق واسع، يعد تحقيق تلك الغاية أصعب كثيرًا عما كان عليه عندما كانت مرتبطة بالمنتجات المادية المعبئة. وحتى في الحالات القليلة لنجاح نظام الاشتراكات، فإنه عادة لا يعوض التراجع في الإعلانات.يتمثل الحل الثالث بالتأكيد في صنع إعلانات لا تبدو كالإعلانات المعتادة مطلقًا، حتى لا تتمكن برمجيات الحجب من اكتشافها. حملت تلك الطريقة اسم «المقالات الإعلانية» أو «الرعاية»، ولكنها تعرف حاليًا باسم الإعلانات المُضمنة، وقد نمت لدرجة تمثيلها لحوالي ربع الإعلانات الرقمية في الولايات المتحدة.

تتبنى المنصات الاجتماعية خوارزميات لمحاولة فرز المنشورات إلى «هام»، «حديث»، و«رائج»

يرجح أن عملية إعادة وساطة المعلومات، التي بدت سابقًا وكأنها في طور التحول إلى الديمقراطية عبر تعزيز تقدم شبكة الويب المفتوحة، ستجعل آليات تمويل الصحافة أسوأ قبل أن تتحسن. وبالتطلع إلى آفاق الدعاية على الهواتف المحمولة ومستويات النمو العدوانية التي ستضطر شركات آبل، فيس بوك، جوجل، وغيرها إلى تحقيقها لإرضاء سوق المال، من المعقول أن نقول إنه إن لم ترد منصات التواصل الإجتماعي الكثير من الأموال إلى المصدر، سيتحول إنتاج الأخبار على الأرجح إلى مسعى غير ربحي، بدلًا من كونه محركًا للرأسمالية.حتى تحقق الاستدامة، ستحتاج شركات الأخبار والصحافة إلى تغيير قاعدة تكاليفها بشكل جذري. ويبدو مرجحًا أن الموجة التالية من شركات الإعلام الإخباري ستكون متأثرة بنموذج الاستديو في التعامل مع الحكايات، المواهب، والمنتجات المختلفة وسط مجموعة واسعة من الأجهزة والمنصات. وبينما تحدث هذه النقلة، سيصبح نشر الصحافة مباشرة إلى فيس بوك أو المنصات الأخرى القاعدة وليس الاستثناء. حتى أنه قد يتم التخلي عن غاية الحفاظ على الموقع لصالح التوزيع المفرط. وستذوب تلك المسافة بين المنصات والناشرين بالكامل.حتى إن درست الأمر من وجهة نظر الشركة التكنولوجية، تجد أنك تتخذ قرارات حساسة بشأن كل شيء بدء بالوصول إلى المنصات، صيغة الصحافة أو الخطاب، تضمين أو حظر محتوى معين، قبول أو رفض العديد من الناشرين.يعد ما يحدث حاليًا للطبقة الحالية من الناشرين الجدد سؤالًا أقل أهمية بكثير من الآخر المتعلق بنوع الأخبار والمعلومات التي يريد المجتمع أن ينشأها، وكيفية تمكننا من تحقيق ذلك.