أنا لا أعطي فيس بوك أو أي كيان آخر مرتبط مع فيس بوك تصريحًا لاستخدام الصور، المعلومات، الرسائل أو المنشورات، سواء في الماضي أو المستقبل. وهذا البيان هو إشعار إلى فيسبوك لمنعه منعًا باتًا الإفصاح عن أو نسخ أو توزيع، أو اتخاذ أي إجراء آخر ضدي على أساس هذه الصفحة الشخصية أو محتوياتها. إن مضمون هذا البروفايل خاص ومعلومات سرية وإن انتهاك الخصوصية يمكن أن يعاقب عليها القانون «ucc 1-308-1 1 308-103» ونظام روما الأساسي.
منشور فيسبوكي شهير وزائف

كانت هذه الكلمات جزءًا من منشور شاركه الآلاف من المُستخدمين لشبكة فيسبوك الاجتماعية الآونة الأخيرة ويتكرر الأمر كل فترة رغم ثبات زيفه وعدم صحته، بل ويتردد أمام أعيننا مشاركات أخرى تفيد بقرب توفير شركة فيسبوك الخدمة مقابل اشتراك مادي وتتناقله الصفحات والحسابات الشخصية باعتراض لذلك؛ لكن شئت أم أبيت فهذه المشاركات التي تنتشر كالنار في الهشيم ما هي إلا من أجل اقتناصك أنت من قبل المحتالين.

نتصفح جميعًا موقع فيسبوك من أجل التواصل مع الأصدقاء والعائلة، وهناك من يعرف عنك القليل أو الكثير، لكن الغريب أن تجد موقعًا يعرف عنك أكثر مما يعرفه أهلك وأصدقاؤك عنك. نعم؛ فموقع فيسبوك «للتواصل الاجتماعي» لا يساعدك في التواصل الاجتماعي فحسب بل يستخدمك في زيادة أرباحه. صديقي؛ ليس هناك خدمة مجانية على الإطلاق، قد تُنكر علي هذا لاستخدامك الموقع بطريقة مجانية بالفعل؛ لكن في الحقيقة أنت من يدفع ثمن هذه الخدمة بعملة أخرى قد لا تنتبه إليها كثيرًا وهي «بياناتك»!


بياناتك مشاع

بموجب الاشتراك بالخدمة واستخدامك لشبكة فيسبوك مجانًا فأنت في مصيدة كبيرة مفادها أن تُباع لمن يدفع أكثر، فكيف تدفع بهذه العملة؟ وما هي البيانات التي يعلمها موقع فيسبوك عنك؟ وهل هذه البيانات مهمة جدًا أو سرية أم متاحة للجميع؟ جميع هذه التساؤلات سنجيبك عليها، لكن دعني أعرفك على بياناتك التي تقدمها لموقع فيسبوك مجانًا ودون أن تلقي لها بالًا، فقد تعطي فيسبوك هذه البيانات بيديك من خلال مشاركة أو دردشة مع أصدقائك أو يطلبها الموقع نفسه أثناء عملية التسجيل.

يعرف موقع فيسبوك عنك الآتي:

معلومات يعرفها فيسبوك عنك

هذه البيانات هي حصيلة عمل الموقع الذي يسخدمها لتوجيه الإعلانات المناسبة لك أيضًا، فكم من مرة بدت جميع الإعلانات مناسبة لك وحدك دونًا عن غيرك؟ وكم من مرة تساءلت عن كيفية الوصول إليك بما ترغب؟ بل تطرّق الأمر إلى عرض المعلومات ذات الصلة بما تتحدث به مع أصدقائك وعائلتك في الدردشة.

يصل فيسبوك إلى هذه البيانات الخطيرة عنك من خلال تصفحك لموقع فيسبوك نفسه أو تتبعك من خلال المتصفح ورؤية جميع المواقع التي تتصفحها يوميًا كل ذلك من أجل أكبر كمية من الإعلانات الموجّهة للمُستخدمين.

هل يُمكن قياس هذه البيانات وتتبعها شخصيًا؟

نعم، يُمكنك ذلك؛ فهناك أداة رائعة تُدعى «Data Selfie»، يمكنك تنصيبها كإضافة على متصفح كروم، تساعدك على اكتشاف البيانات التي ترصدها خوارزمية فيسبوك لتتبع نشاطك وتقديم إحصائيات مرئية بها. تستطيع هذه الأداة تتبع نشاطك بالكامل عبر موقع فيسبوك ورصد ما تشاهده والوقت المنقضي في مشاهدة مشاركات معينة وتقديم تقارير وافية بذلك. تستطيع التعرف على المشاركات التي قضيت بها وقتًا أطول وهناك تحليلات تنبؤية بالانتماء السياسي ومعرفة المفضلات الشخصية، كما أنها تقوم بحفظ البيانات محليًا على جهازك لاجتناب سوء استخدام هذه البيانات.

اقرأ أيضا : فيسبوك يستغل إحباطات المراهقين العاطفية لجني مزيد من الأرباح


خطك الزمني منتقى بعناية

بُنيت عملية عرض المشاركات في فيسبوك منذ البداية على الوصول إلى محتوى شخصي وفريد لكل شخص منفرداً، فوفقًا لفيسبوك، يستطيع المُستخدم نظريًا حسب عدد أصدقائه والصفحات المشترك فيها الوصول إلى أكثر من 1500 مشاركة يومية، لكن المُستخدم العادي لن يتمكن من مشاهدة سوى 100 مشاركة تقريبًا في صفحته الرئيسية، فيتم انتقاء هذه المشاركات من بين الـ1500 تبعًا لاهتماماتك وسلوكك كمُستخدم داخل الموقع وأحيانًا خارجه.

استخدم فيسبوك خوارزمية «edgerank» حتى عام 2013 وقد استجابت لعدّة عوامل:

  • عدد المرات التي تتفاعل فيها مع صديق أو صفحة أو شخصية عامة نشرت مشاركات عبر فيسبوك.
  • عدد الإعجابات، المشاركات والتعليقات على مشاركة من أي شخص أو صفحة.
  • مقدار التفاعل على نوع معين من المشاركات حتى وإن كان التفاعل عن طريق إخفاء مشاركة أو الإبلاغ عنها.

لكن تحول الأمر بعد ذلك للذكاء الاصطناعي، فقد بدأ فيسبوك طرح خوارزمية جديدة تعتمد في عملها على الذكاء الاصطناعي وذلك لتوفير مشاركات شخصية وفريدة لكل مستخدم على حدة، وتسخير آليات الذكاء الاصطناعي في تصنيف وتخصيص وانتقاء الخلاصات لكل مُستخدم وتصفية المحتوى المُسيئ وتسليط الضوء على الموضوعات الشائعة وتصنيف نتائج البحث وغير ذلك الكثير من عمليات الترتيب والانتقاء داخل الشبكة الاجتماعية.

يُمكننا تلخيص هدف الذكاء الاصطناعي في هذه الخوارزمية في جملة واحدة وهي «تقديم المحتوى الأكثر مُلاءمة لكل شخص وبصفة فريدة» آخذين في اعتبارهم الدقة المتناهية وسرعة التجربة والهندسة المميزة.


كيف تعمل هذه الخوارزمية؟

لطالما كان العامل الرئيسي الذي يُركّز عليه الموقع هو زر «الإعجاب والتفاعل» وليس لأنه يظهر في جميع المُشاركات بالموقع، ولكنه المعيار الذي يُحدد اهتماماتنا وتأثير هذه المُشاركات على المُستخدم وذلك منذ تقديمه لأول مرة بالموقع عام 2007، فمن خلاله يتم تخزين المعلومات حول ما يُبهجك كمُستخدم أو ما يُضايقك، وهلم جرا. تعتمد الخوارزمية على بعض الاعتبارات المهمة وهي:

نقاط الصلة

عندما يأتي الأمر إلى اختيار المشاركات للمُستخدم، فإن الموقع يأخذ في اعتباره مئات المتغيرات التي يُمكن من خلالها التنبؤ بسلوك أي مُستخدم مثل الإعجاب، المشاركة، التعليق، إخفاء المشاركات أو حتى تحديد المشاركات كمحتوى غير مرغوب به.

بشكل أكثر تحديدًا، تتنبأ خوارزمية فيسبوك بجميع هذه النتائج بدرجة معينة من الثقة، وهذا المعيار يُطلق عليه اسم «نقاط الصلة» وهو ارتباطك وصلتك بكل مشاركة، ولكل مشاركة تظهر في صفحتك الرئيسية نقاط صلة تحدد طبيعة ظهور هذه المشاركة مرة أخرى أو اختفائها. وهذا يعني أن كل مرة تقوم فيها بتسجيل الدخول إلى الموقع فإنه يعرض لك المشاركات التي تفاعل معها الآلاف من قبلك باعتبارها الأكثر احتمالًا لتتفاعل معها وتدخل الإعلانات أيضاً في مسألة نقاط الصلة من حيث التفاعل أو التجاهل.

تحديد أولويات الأصدقاء

اعتمد موقع فيسبوك على إشارات غير مباشرة مثل الإعجاب والتعليق والمشاركة مع الآخرين وذلك لعرض ما يريد المستخدمون رؤيته على صفحاتهم الرئيسية. لكنه أضاف مؤخرا خيارات أخرى لتصفية المشاركات التي لا يرغب المُستخدمون بمشاهدتها، لكن ماذا عن تعزيز مشاركات المُستخدمين التي يريدها الآخرون؟

عادة ما يهتم الأصدقاء بعدم تجاهل التحديثات المهمة من أصدقائهم المقربين، ولذلك كانت هناك تغييرات في خوارزمية الصفحة الرئيسية التي أعطت المزيد من التحكم للمُستخدمين أنفسهم، وفي أبريل من عام 2015، بدأ الموقع في منح الأولوية (في شكل مستويات صلة) لمشاركات الأصدقاء عوضًا عن الصفحات التي يتابعونها، وفي يوليو من نفس العام، بدأوا إطلاق ميزة «أظهرها أولًا» والتي تسمح لك باختيار حسابات معينة لمتابعتها خطوة بخطوة – سواء كانت صفحات أو أشخاص- وستجدها في الجزء العلوي من صفحتك الرئيسية.

الوقت المنقضي في المشاركات

ابتداء من يونيو عام 2015، بدأ موقع فيسبوك بتتبع كمية الوقت الذي يقضيه المُستخدم في مشاهدة مشاركات معينة، ولا يخفى عليهم بالطبع أن الوقت المنقضي قد يعتمد على سرعة الإنترنت الخاص بك أو طول المشاركة نفسها، فهم على وعي تام بذلك. بحسبة بسيطة، إذا قضى المستخدم أوقاتًا طويلة في تصفح مشاركات معينة بخلاف مشاركات أخرى في الصفحة الرئيسية فهذا دليل على أن المحتوى ذو صلة جيدة بهم، وهذا يتطرق إلى شيء آخر وهو ترجيح ظهور هذه المشاركة في الصفحة الرئيسية لأصدقائك أيضًا.

التعامل مع مشاركات الفيديو

لجأت الشبكة الاجتماعية إلى بعض المعايير الأخرى لمعرفة مدى انخراط المُستخدم مع الفيديو وذلك عن طريق مراقبة تفاعل المُستخدم مع الفيديو نفسه مثل تشغيل الصوت أو التبديل إلى وضع ملء الشاشة أو تفعيل الدقة العالية. لذا إذا قمت بزيادة الصوت لأعلى وجعل الفيديو بملء الشاشة فإن ذلك سيتم تفسيره إلى اهتمام بالفيديو وإظهار المقاطع المماثلة في الصفحة الرئيسية. لا يعني التحديث مشاهدة المستخدمين للمزيد من المقاطع بشكل عام في الصفحة الرئيسية، إلا إذا كان هناك تفاعل هستيري مع الفيديو.


تسجيل الصوت، حقيقة أم خيال؟

أثيرت ضجّة كبيرة حول خصوصية المستخدمين في موقع فيسبوك وتصنته صوتيًا على المُستخدمين وأعقبه رد موقع فيسبوك في صيغة مُباشرة بعدم تنصته على المستخدمين، كانت هذه الضجة بسبب أحد المقالات التي أشارت إليها غرفة أخبار فيسبوك في تصريحها «مقالة صحيفة الإندبندنت» والتي أكدت فيها على تصريح أثير من قبل «كيلي بيرنز» المدرسة بجامعة جنوب فلوريدا حول استخدام تطبيق فيسبوك لميكروفون المُستخدم من أجل جمع المعلومات وتقديم الإعلانات الموجّهة إليك، وأكّدت المقالة أيضًا أن الأستاذة بيرنز اختبرت ذلك عمليًا رغم عدم اقتناعها التام، فما هي الحقيقة؟

صدّق أو لا تصدق؛ لم تؤكد بيرنز بدليل قاطع على قيام فيسبوك بذلك وإنما كان الأمر إثارة للشائعات، وبرغم ثقة الجميع في تتبع فيسبوك لكل مُستخدم في الكثير من المهام إلا أنها أكدت على عدم ثقتها في قيام فيسبوك بالتصنت صوتيًا وتوجيه الإعلانات بناء على حديثها الصوتي مع الأصدقاء.

ما الحل إذن؟

فيسبوك حماية خصوصية

الحل بسيط جدًا، فما أكده موقع فيسبوك هو أن الوصول إلى الميكروفون يأتي من خلال إذن شخصي منك أولًا، فلمَ لا نمنع عنهم هذا الوصول؟! ويتم ذلك من خلال إعدادات تطبيق فيسبوك أو ماسنجر فيسبوك في هاتفك الذكي وتصل إليه بهذه الطريقة:

هواتف أندرويد: الإعدادات> التطبيقات> فيسبوك> التصريحات أو الأذونات… وستجد خانة مخصصة للميكروفون قم بإلغاء تفعيلها.

هواتف iOS: الإعدادات > الخصوصية > الميكروفون… وقم بإلغاء التفعيل لتطبيق فيسبوك.

وبذلك تمنع الموقع من التنصت عليك إذا كان يقوم بذلك بالفعل.

يتضح في النهاية أننا نعيش في دوامة كبيرة من اختراق للخصوصية واستهداف كامل لما تحب أو تكره، الكل يشهد بذلك سواء أنكرت الشركات التقنية هذا أم لا، فكيف سيعرضون لك الإعلانات التي تجذبك دون معرفة شخصيتك واهتماماتك؟ يبحثون في كل صغيرة وكبيرة حولك كي يستهدفونك بأبسط الطرق وأكثرها تعقيدًا. أضحى مُستخدم الإنترنت هو القيمة الأساسية لكل منتج إلكتروني أو موقع، يبيع فيك ويشتري كل من يعلم عنك معلومة واحدة، وأصبح علم البيانات هو العلم المسيطر على أغلب المنتجات الجديدة الآن كي تصل إلى الشريحة المُستهدفة.

في التقارير المقبلة سنناقش سويًا أفضل الطرق لضبط إعدادات الخصوصية والأمان في مختلف الشبكات الاجتماعية.

المراجع
  1. How the News Feed Algorithms Work on Facebook, Twitter & Instagram
  2. 98 personal data points that Facebook uses to target ads to you