تصفح مطور تطبيق (اعرف شكل شريك حياتك المستقبلي) على فيسبوك صور أحد مستخدمي تطبيقه، وراح يقلب الصورة تلو الأخرى وهو يغمغم ساخرًا: «جميلة جدًا زاوية التصوير هذه، بالتأكيد صور الملف الشخصي الرئيسية له سيضعها كأفضل ما يكون، ولكن لنرى عينة من صور عريس المستقبل الخاصة…»، لينتقل إلى تلك الصور التي لا يراها إلا أصدقاء المستخدم، وغيرها التي غيَّر خصوصيتها لكيلا يراها سواه، وكذلك الصور التي قام برفعها ثم أعرض عن نشرها فحذفها من فيسبوك، ولكن – ياللمصيبة! – فإن فيسبوك لا يزال يحتفظ بنسخة منها ولم يحذفها بتاتًا، وأصبح كل هذا بين يدي المطور الآن!

فيضحك استهزاءً ثم يقول: «وبالطبع يتوقع هذا الدميم قبيح الشكل والمنظر أن يُظهر له التطبيق (سكارليت جوهانسون) كعروسته المستقبلية! لا بأس من إعطاء بعض الأمل الزائف لهؤلاء التعساء…»، لينتقل بعدها إلى المستخدم الذي يليه.

السيناريو السابق ليس إلا سيناريو تخيلي لأقل ما يمكن أن يحدث لأي مستخدم خلال الفترة الماضية قام باستخدام أحد التطبيقات الموجودة على فيسبوك أو التطبيقات الخارجية التي تعتمد على حساب فيسبوك الخاص بالمستخدم لكي يستطيع تسجيل الدخول.

ففي الفترة ما بين 12 و25 سبتمبر من عام 2018 اكتشف فيسبوك ثغرة في برمجيته تسمح لمطوري التطبيقات المرتبطة بفيسبوك بأن يطَّلعوا على كل صور المستخدمين الخاصة، من بينها الصور المنشورة على الحساب مهما كان نوع خصوصيتها (عام – أصدقاء – لي فقط)، وصور القصص Stories، وحتى تلك التي لم ينشروها ولكنهم رفعوها ثم حذفوها قبل النشر، وذلك لأن فيسبوك لا ينفك عن إثبات دناءته ويحتفظ بأي بيانات يستطيع الحصول عليها من المستخدم لاستخدامها لمنفعته، حتى ولو لم ينشرها المستخدم أصلًا، ولكن بمجرد ما إن وضع فيسبوك يده عليها فلا رجوع.

لماذا لم يكشف فيسبوك عن تلك الثغرة للمستخدمين إلا الآن؟ لا إجابة، ولكن الخبر لاقى سخطًا شديدًا، خاصة أن عدد الذين تأثروا بهذا الأمر وصل إلى 6.8 مليون مستخدم! والإجراء الذي اتخذه فيسبوك لتدارك الأمر – بجانب سد الثغرة طبعًا – هو أنه تواصل مع مطوري التطبيقات الذين يبلغ عددهم 876 مطورًا ليطلب منهم حذف نسخ الصور الخاصة التي حصلوا عليها عبر هذه الثغرة، نعم، هذا فقط ما فعله فيسبوك.

ولكن هل أنت من المتضررين؟ حسب تصريح فيسبوك فإن الأشخاص المتضررين قد تم إرسال تنبيهات إليهم بأن صورهم الخاصة قد تكون تسربت إلى من لا حق لهم في الاطلاع عليها، ولا شيء سوى هذا… فإذا جاءك هذا التنبيه فإنك من المتضررين، غير ذلك فإنك آمن – نسبيًا – على الأقل من تبعات هذه الثغرة.


ابدأ الآن بحماية خصوصيتك

حتى لا تعرض نفسك للوقوع في هذا الفخ الفيسبوكي مستقبلًا لو تكرر، وحتى تكون صورك في مأمن ولا تخشى أن تتسرب لأيد العابثين، إليك بعض ما يمكن فعله لتتجنب مثل هذه الثغرات الخطيرة…

لا تستسهل استخدام دخول التطبيقات عبر فيسبوك

بدافع الكسل غالبًا تجد مستخدم التطبيق يختار الدخول عن طريق فيسبوك، على الرغم من وجود أكثر من طريقة أخرى ومن ضمنها الطريقة التقليدية وهي الدخول بالإيميل، وهذه الأخيرة هي الطريقة الأفضل والأكثر أمانًا، فليس هنالك أي بيانات يمكن للتطبيق الوصول إليها عبر إيميلك، وحتى كلمة السر تقوم بتعيينها مختلفة عن تلك الخاصة بالإيميل.

ولكن اختيار الدخول عبر فيسبوك على الرغم من أنه أسهل ولا يكلف سوى نقرتين أو ثلاث على الأكثر، إلا أنه يسمح للمطور بربط تطبيقه بمساحتك الخاصة التي تحمل الكثير من البيانات الشخصية والخاصة جدًا التي لا ترغب في أن يراها أي شخص!

نعم، من المفترض ألا يسمح فيسبوك لمطوري التطبيقات إلا بالوصول للمعلومات الضرورية لتستطيع الدخول على تطبيقاتهم فقط، ولكن كما رأيت فإن فيسبوك ليس جنة بلا أخطاء، بل هو من صنع بشر لهم زلاتهم، فهذا الجيش من العاملين المهرة فيه لم تعصمهم مهاراتهم أو خبراتهم أو حتى عددهم الضخم من ترك ثغرة تبتلع فيلًا كهذه لتكون وبالًا على رأس المستخدمين.

توقف عن جعل حياتك مشاعًا

لا ترفع صورًا على فيسبوك إلا وأنت متأكد أنك سترضى أن تكون معروضة على الشبكة إلى الأبد، وضع في اعتبارك أنه لسوف يراها كل من يمتلك جهازًا متصل بالإنترنت على الكرة الأرضية، لأن لا أمان لإعدادات الخصوصية التي أثبتت عدم جدواها بسبب خطأ برمجي كلف المستخدمين نشر صور حياتهم الخاصة التي من المفترض ألا يراها سوى من يختارونهم بأنفسهم، فأصبح كل مطور يستخدم دخول فيسبوك يستطيع المرح بها كما يشاء.

ومعنى الرفع هنا ليس النشر، لكن مجرد اختيار الصورة داخل فيسبوك يعرضها للرفع واحتفاظ فيسبوك بها رغمًا عنك حتى لو غيرت رأيك وقررت عدم نشرها، لذلك تريث قبل أن تتخذ هذا القرار.

وحاول في العموم ألا تظل تنشر صورك الخاصة (عاطل على باطل)، فالإنترنت مهما كان ليس المكان المناسب ولا المؤمَّن جيدًا لمشاركة تفاصيل الحياة اليومية، حتى ولو رأيت الجموع تفعل هذا، فالجموع تسير وراء الشائع وهي مطمئنة ولا يخطر ببالها عواقب ما تفعله إلا بعدما تقع.

توقف عن استخدام التطبيقات عديمة الفائدة

التطبيقات على غرار (اعرف وظيفتك من ملامح وجهك) أو (أي شخصية كارتونية تمثلك) أو (ماذا سيكون شكلك بعد 10 سنوات)، وغيرها من التطبيقات غير ذات النفع وغير الضرورية والتي تعتمد على الوصول لصورك لكي تظهر لك النتيجة، فقط اعتزلها على فيسبوك.

لو أردت تطبيقات وألعابًا مثلها فمواقع الويب كثيرة ومليئة تستطيع الإبحار فيها كما تريد، ولن ترفع فيها سوى صورة واحدة ستختارها أنت بنفسك، أما على فيسبوك فهناك خطر أن يستطيع التطبيق الوصول إلى المزيد من الصور غير المرغوب في الوصول إليها.

ومن رأيي أن تكف عن هذا النوع من التطبيقات والألعاب من الأساس، فهناك وسائل ترفيه أكثر فاعلية ومرحًا من هذه لا تضطرك إلى استخدام صورك الشخصية، وتستطيع قضاء وقت لطيف معها.

امنع فيسبوك من الوصول إلى صور هاتفك

عندما تريد رفع صورة عبر تطبيق فيسبوك لأول مرة، سيطلب منك التطبيق السماح بالوصول إلى ذاكرة جهازك الداخلية، وستكون مضطرًا للقبول لكي تتم عملية الرفع بنجاح، ولكن لماذا تترك له صلاحية الوصول إلى الذاكرة مفتوحة بعدها؟

فمن الأفضل بعدما يتم الرفع بنجاح أن ترفض وصول فيسبوك للذاكرة إلا في المرة القادمة التي تحددها، ويمكنك عمل ذلك من خلال الخطوات الآتية:

على جهاز أندرويد: اذهب إلى إعدادات الهاتف، ثم اختر التطبيقات، ومنها ادخل على تطبيق فيسبوك، وستجد هناك كلمة الصلاحيات Permissions فقم بفتحها، وتأكد من تعطيل صلاحية الوصول إلى الذاكرة الداخلية للجهاز Storage.

خصوصية، اختراق، صور فيسبوك، اختراق صور فيسبوك
على جهاز iOS:
ستذهب إلى إعدادات الجهاز، ومنها ستقوم بفتح إعدادات تطبيق فيسبوك، وستجد في البداية التحكم في الوصول إلى صور الجهاز، فتأكد من تعطيلها.
خصوصية، اختراق، صور فيسبوك، اختراق صور فيسبوك
خصوصية، اختراق، صور فيسبوك، اختراق صور فيسبوك

هناك أيضًا خيار ليس له لزوم ستجده في قسم الصور على صفحتك الشخصية على تطبيق فيسبوك باسم Photo Tools، اجعلها غير فعالة كما في الصورة كي لا يكون لفيسبوك وصول دائم للصور على جهازك ويرفع الصور تلقائيًا.

خصوصية، اختراق، صور فيسبوك، اختراق صور فيسبوك
خصوصية، اختراق، صور فيسبوك، اختراق صور فيسبوك

وفي النهاية، يجب علينا أن ننتبه جيدًا لما نقوم بنشره على فيسبوك من صور ومعلومات وأي شيء آخر، فهو قد يستخدم ضدنا في أي وقت سواء كان ذلك بقصد من أحد المترصدين بنا، أو عن طريق الخطأ مثل تلك الثغرة البلهاء التي أودت بخصوصية صور 6.8 مليون مستخدم لفيسبوك إلى التهلكة.