“الدولة الإسلامية تدعي القيام بهجومٍ جريء على زورقٍ للبحرية المصرية”، هكذا خرجت العناوين يوم 17 يوليو. رغم عدم تداول أخبار بذلك الشأن على نطاقٍ واسع، فإن البحرية الأمريكية بالفعل قد تقاربت للغاية مع العسكرية المصرية. رغم ذلك يُتهم قادة العسكرية المصرية – من قِبَل وزارة الخارجية الأمريكية ضمن آخرين – بانتهاكاتٍ خطيرة لحقوق الإنسان. يُضعف التقارب المتزايد بين الجيشين عقب ذلك الهجوم للدولة الإسلامية كثيرا تأثير الولايات المتحدة على وضع حقوق الإنسان.

أصاب هجوم داعش فرقاطة مصرية – وهي سفينة رئيسية في البحرية المصرية – مشعلا إياها، وربما يكون قد تسبب بانفجارها (حسب داعش، لكن مصر نفت ذلك). استخدمت داعش صاروخا، يرجح أنه مضادٌ للدبابات، قادرا على تدمير هدف على بُعد ثمانية كيلومترات. الهجوم، ليس ضد هدفٍ “رخو” وإنما ضد البحرية ذاتها، يظهر قدراتٍ خطيرة لداعش. إن قناة السويس ضيقة – والسفن بها معرضة لهجماتٍ مماثلة بواسطة مسلحين على ضفتيها.

بالنسبة لمصر والولايات المتحدة، فإن الممر المائي الأهم هو قناة السويس، حيث تحصل مصر على 5 مليار دولار كعائدٍ سنويٍ منها. بالنسبة للولايات المتحدة فإنها مهمة استراتيجيا، لكلٍ من التجارة الهائلة المارة من خلالها والحركة المرنة التي توفرها للبحرية الأمريكية. لنأخذ قيام البحرية الأمريكية بالحراسة عندما كان من الممكن أن يساعد الأسطول الإيراني متمردي الحوثي. إذا أردنا ان تذهب سفنٌ في المتوسط إلى شبه الجزيرة العربية، ماذا سوف تفعل – هل تبحر بطول الطريق حول أفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح؟

تذكر ما هو واضح: كان قائد مصر، السيسي، هو قائد الجيش المصري قبل الفوز بالانتخابات كرئيس. لذا فالقرب من الجيش المصري يعني حيازة خط مباشر، وإن كان هادئا، لحكام مصر.

رغم مدى تقارب الجيشين المصري والأمريكي في الماضي، فإنهما الآن أكثر قربا بكثير. فبعد كل شيء، قام الرئيس أوباما في مارس برفع الحظر عن المعونة العسكرية الأمريكية لمصر، والذي فُرِض عندما قام الجيش المصري بانقلابٍ ضد نظام الإخوان المسلمين السابق. ناقشت في عمودٍ سابق أن الولايات المتحدة ليس لديها أي فكرة، حسب تقريرٍ لمكتب المحاسبة الحكومي الأمريكي، حول أين تتجه تلك المعونة وما إذا كانت فعالة.

لا تنتشر أخبار على نطاق واسع عن أن البحرية الأمريكية قد تقاربت للغاية مع الجيش المصري. تكاد عبارة “حليفة للبحرية الأمريكية” تُكتب في كل مكان على البحرية المصرية. استخدمت المعونة العسكرية الأمريكية لشراء العديد من القطع البحرية للأسطول المصري. جاءت أربعة زوارق صواريخ تم تقديمها لمصر – اثنين في الصيف الماضي، وآخرين في يونيو – من حوض بناء السفن في مدينة باسكاجولا بالمسيسبي. تضغط المسيسيبي بفعالية في الكونجرس من أجل بناء سفن بتمويلٍ أمريكي.

من الفرقاطات التسع في الأسطول المصري، هناك ست منهم هي سفن أمريكية سابقة أعطيت لمصر. ست من التسع. ليس فقط من الممكن، وإنما من المرجح، أن تكون الفرقاطة التي أصابتها أو فجرتها داعش كانت سفينة أمريكية سابقة.

للمصادفة، فقد زار قائد عمليات البحرية الأمريكية الأميرال جرينرت الأسطول المصري يوم 11 يوليو عشية الهجوم تماما. وقد قابل قائد البحرية المصرية اللواء بحري أسامة منير ربيع. تحدث جرينرد ببعض التفصيل مع دفنس نيوز، مشيدا بدور البحرية المصرية. متحدثا بشأن قناة السويس، قال جرينرت “ما يفعلونه هو الحفاظ على الأسطول الأمريكي آمنا. إنهم يعطوننا الأولوية في المرور عبر القناة مع كل جهود التوسيع الجارية”.

وأشار إلى أن هناك خططا قيد التنفيذ لدى الولايات المتحدة لتطوير أو استبدال الفرقاطات الأمريكية الأقدم بالأسطول المصري.

كل هذا منطقي استراتيجيا. نحن نحتاج أسطولا مصريا قويا ونحتاج أن يكون قادرا على مواجهة داعش على وجه الخصوص، فمصر شريكٌ حيوي في مقاومة الجهاديين.

لكن ذلك التقارب يقوض بشدة تأثير الولايات المتحدة على وضع حقوق الإنسان. لعامين حتى الآن تقوم مصر بحملةٍ قمعية ضد كلا من الإخوان المسلمين والمجموعات الديمقراطية العلمانية. ومؤخرا في يوم 17 يوليو تم إطلاق النار على محتجين في القاهرة مما أسفر عن عددٍ من القتلى. يواجه الرئيس الأسبق للبلاد، محمد مرسي، عقوبة الإعدام. يتم احتجاز الصحفيين التابعين لوكالات الأنباء العالمية. أوردت وزارة الخارجية، في تقريرها لعام 2014 عن ممارسات حقوق الإنسان في مصر، أن:

“مشاكل حقوق الإنسان الأكبر كانت استعمال القوة من قِبَل قوات الأمن، من بينها عمليات قتل وتعذيب غير قانونية؛ قمع الحريات المدنية، من بينها قيود حكومية ومجتمعية على حرية التعبير والصحافة وحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات؛ وقيود على الإجراءات الواجبة في المحاكمات”.

ما زال هناك بعض القدرة لدى الولايات المتحدة على تحقيق شيءٍ ما، فبعض صحفيي الجزيرة ذوي الجنسيات المزدوجة قد تم إطلاق سراحهم من السجن، حيث ليس هناك شك في أن جهود الحكومة الأمريكية قد ساهمت في ذلك. كما أنه ليس هناك شك في أن وزارة الخارجية سوف تكرر ملاحظاتها بشأن حقوق الإنسان في مصر في تقرير العام الحالي.

لكن دعونا لا نخدع أنفسنا. عندما هاجمت داعش الفرقاطة المصرية، فقد أحدثت تقاربا بين الجيشين المصري والأمريكي. تأثيرنا على وضع حقوق الإنسان قد تضاءل.

صورة تظهر دخانا يتصاعد من القطعة البحرية المصرية، قبالة الشاطئ يوم 16 يوليو 2015. قال تنظيم الدولة الإسلامية الجهادي أنه قام بهجومٍ صاروخي على القطعة البحرية المصرية، وهو أول حادث من نوعه في تمردٍ بدأ منذ عامين. (سعيد الخطيب/ وكالة الأنباء الفرنسية)
صورة تظهر دخانا يتصاعد من القطعة البحرية المصرية، قبالة الشاطئ يوم 16 يوليو 2015. قال تنظيم الدولة الإسلامية الجهادي أنه قام بهجومٍ صاروخي على القطعة البحرية المصرية، وهو أول حادث من نوعه في تمردٍ بدأ منذ عامين. (سعيد الخطيب/ وكالة الأنباء الفرنسية)
صورة تظهر دخانا يتصاعد من القطعة البحرية المصرية، قبالة الشاطئ يوم 16 يوليو 2015. قال تنظيم الدولة الإسلامية الجهادي أنه قام بهجومٍ صاروخي على القطعة البحرية المصرية، وهو أول حادث من نوعه في تمردٍ بدأ منذ عامين. (سعيد الخطيب/ وكالة الأنباء الفرنسية)

المصدر