محتوى مترجم
المصدر
Foreign Affairs
التاريخ
2017/01/17
الكاتب
إدواردو كامبانيلا

يُسلط المقال، الذي نشرته مجلة السياسة الدولية «فورين أفيرز»، منتصف يناير/كانون الثاني الحالي، للمحلل الاقتصادي في بنك يوني كريديت الإيطالي والمستشار الاقتصادي بمجلس الشيوخ، إدواردو كامبانيلا، الضوء على الحركات الانفصالية، والدور الذي يلعبه التكامل الاقتصادي في ذلك الصدد وتداعيات مسألة الانفصال على أوروبا لاحقًا.ويورد المقال أبرز الأمثلة على الحركات الانفصالية في إسبانيا ممثلاً في إقليم كاتالونيا، وبريطانيا ممثلاً في أسكتلندا، مشيرًا إلى وعد رئيس إقليم كاتالونيا كارليس بوتشديمون بإجراء استفتاء على الانفصال عن إسبانيا. وبالانتقال إلى الجانب الآخر، فقد أعلنت الوزيرة الأولى بأسكتلندا نيكولا ستيرجن صراحةً على أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يشجع على إجراء استفتاء جديد على استقلال أسكتلندا.ويتطرق المقال لذكر عوامل ازدهار تلك الحركات كالمظالم التاريخية، وعدم التجانس الثقافي، والتوترات السياسية في كل من كاتالونيا وأسكتلندا. ويرى المقال أن التاريخ أو الثقافة ليسا مبررين لذلك «الطلاق المؤلم» على حد وصفها، إلا أن الشيء الأكثر أهمية في ذلك الصدد هو الاقتصاد؛ معتبرًا أن المناخ الاقتصادي الحالي يدعم دعاوى الانفصال.

ويعيد المقال إلى الأذهان ما واجهته الحركات الانفصالية من مصاعب لكسب الدعم الشعبي إبان السنوات بين ظهور اليورو وبداية فترة الكساد داخل أوروبا،ويلفت إلى أن الأزمات المالية تسببت في توترات لدى الحركات الانفصالية حول تناقص الموارد، مضيفًا أن تلك التوترات تتسم بالحدة حال كان هناك فارق شاسع في توزيع الثروات بين منطقة وأخرى. وينوه إلى أن زيادة العوائق على التجارة والهجرة وصعوبة مرور البضائع والأفراد عبر الحدود يجعل مسألة سعي المناطق الانفصالية لتوسيع فرصها الاقتصادية، وهو ما حدث في أسكتلندا قبل انضمام بريطانيا إلى النادي الأوروبي في عام 1973.ويعتبر المقال أن عملية التكامل الأوروبي تسهم في انهيار المنافع الاقتصادية لدى أي دولة كبرى؛ ما يجعل مسألة الانفصال أكثر بريقًا وإغراءً للحركات الداعية له. ويوضح أن التكامل الاقتصادي يعمل على تقسيم الدول على أسس اقتصادية وليست ثقافية؛ ما يسهم في زيادة الشقاق بين المناطق المستفيدة من التكامل القاري والمناطق الأخرى المهمشة.ويؤكد أن التداعيات السياسية للانفصال قد تكون مدمرة لأوروبا، فالانفصال ينطوي على مفاوضات طويلة لتقسيم الأصول والممتلكات وتوترات جديدة بين الحكومات المركزية والأقاليم الأخرى، كما يؤدي ذلك لافتقاد القارة لنفوذها العالمي.أما على صعيد الدور الأوروبي في ذلك الصدد، فيشير المقال إلى أن أفضل رادع للحركات الانفصالية هو التهديد بعدم منحها العضوية لدى الاتحاد الأوروبي، ويرى أنه في حال حصول كاتالونيا وأسكتلندا على الاستقلال، فلن يستطيع الاتحاد الأوروبي تجاهل مطالبهم بالحصول على العضوية، كما أن ذلك سيسهم في عزل ملايين الأشخاص عن بقية القارة. وينوه إلى معارضة زعماء كبار في أوروبا كرئيس فرنسا تشارل ديجول ورئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارجريت تاتشر لمسألة التكامل الاقتصادي، إذ يرون أنها تمثل تهديدًا للدولة من خلال إعادة إحياء الحركات الانفصالية بشكل كبير.ويوضح أن الانفصال هو الحصيلة الأخطر للتكامل الاقتصادي؛ ما يجعل تدخل الحكومات ضروريًا قبل أن تصبح الحركات الانفصالية أكثر تشددًا وتصبح التسوية معها مستحيلة. أما على صعيد إجراءات مواجهة الحركات، فينبغي مراقبة درجات دعمها الشعبي ومعرفة ما إذا كانت هناك إجراءات قضائية ينبغي اتخاذها لإيقاف تلك الحركات.أيضًا، ينبغي على الحكومات المركزية التفكير في إعادة التفاوض حول شروط علاقاتها مع الحركات الانفصالية مثل منح مناطقها درجة أعلى من الحكم الذاتي. ويحذر المقال من اتخاذ مواقف متشددة مع تلك الحركات مثل تضييق الخناق عليها ومقاطعة أقاليمها اقتصاديًا أو التهديد بالتدخل العسكري، معتبرًا أن جميع ما سبق سيأتي برد فعل عكسي ويغذي السخط لدى ساكنيها.وينصح إدوارد كامبانيلا رئيس وزراء إسبانيا مانويل راخوي باختيار حل فيدرالي لمنح مزيد من الحرية لبرشلونة، لاسيما في مسألة إدارة الإيرادات الضريبية للإقليم. كما يتوجه بالنصيحة لرئيس وزراء بريطانيا أيضًا تيريزا ماي بإبقاء أسكتلندا داخل الاتحاد الأوروبي.ويختتم بالإشارة إلى أن أي نهج استباقي نفعي سيحول دون حدوث الكثير من الانفصالات ويسهم في تفادي التقسيم وسيكون من شأنه السيطرة على التوترات، ووقتها ستصبح أوروبا أكثر توحدًا سياسيًا وتكاملاً ثقافيًا.