محتوى مترجم
المصدر
Why China Isn’t Hosting Syrian Refugees
التاريخ
2016/02/26
الكاتب
ليانغ بان

أدَّت الحرب الأهلية في سوريا، والتي تمتدُّ الآن إلى ما يقرب من نصف عقد من الزمن، والتقدُّمات الإقليمية للدولة الإسلامية، إلى أسوأ أزمة لاجئين يشهدها العالم منذ عقود. غادر أكثر من 4.7 مليون سوري وطنهم، وتدفقوا إلى البلدان المجاورة، فضلًا عن أوروبا. وقد أرهق تدفق اللاجئين الموارد في المنطقة، وأثار نزعات كراهية الأجانب والعداء للمهاجرين في البلدان الأوروبية، مما ساعد على صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة هناك.

لكن الصين، الدولة الأكثر سكانًا في العالم وثاني أكبر اقتصاد، ظلت على الهامش. وفقًا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بكين، قبل نهاية شهر أغسطس من عام 2015، كان هناك تسعة لاجئين و 26 من طالبي اللجوء السوريين في الصين. كانوا من بين الـ 795 المسجلين لدى الأمم المتحدة كـ «أشخاص معنيين»، أو نازحين، معظمهم من الصومال ونيجيريا والعراق وليبيريا ويعيشون في الصين بشكل مؤقت ريثما يتم نقلهم. يواجه عملاق شرق آسيا تحديات سياسية وديموغرافية ودينية واقتصادية معقدة حالت دون النظر إلى المهاجرين المسموح لهم داخل حدوده. حتى مع ذلك، إذا كان للصين أن تصبح قوة عالمية مسؤولة، فإنه يجب عليها إعادة تقييم الإيديولوجية التي منعتها من اتخاذ دور فاعل في تخفيف تلك الأزمة العالمية.

تجادل السلطات الصينية أن الدول الغربية قد تسببت في الانهيار الحاصل في سوريا الذي أسفر عن ذلك النزوح الجماعي، مما يجعل الحل من مسؤوليتهم

بغض النظر عن صحة هذه التوقعات، مع ذلك، إنها دول غير غربية لديها قوة اقتصادية صغيرة وأوضاع أمنية غير مستقرة، هي التي تتحمل العبء الأكبر من السكان المشردين. تشير الإحصاءات الصادرة عن منظمة العفو الدولية أنه في حين قد استوعبت تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر أكثر من 4.5 مليون لاجيء سوري، قدمت الدول الأخرى في جميع أنحاء العالم إعادة توطين أقل من 200 ألف لاجيء. ومن شأن هذه الأرقام أن تكون مجرد قطرة في بحر بالنسبة إلى سكان ومساحة أرض وقوة اقتصادية الصين.

حتى ولو استضافت الصين كل اللاجئين السوريين لكانت نسبتهم لعدد السكان أقل من النسبة المماثلة في تركيا

من شبه المؤكد أن الصين تعتمد خطة لإعادة توطين اللاجئين من شأنها أن تساعد في تخفيف العبء الثقيل عن الدول النامية الأخرى في المنطقة التي يطغى عليها حاليًا تدفق تواجهه. تفتقر الصين إلى المؤسسات التي تفضي إلى دعم الهجرة على نطاق كبير. على الرغم من أن الصين قد صدقت على بروتوكول الأمم المتحدة المتعلق بوضع اللاجئين في عام 1982، لا يزال البلد يفتقر إلى المؤسسات الوطنية المعنية . كان فقط في عام 2012 أن تبنت الصين قانون إدارة الدخول والخروج المنقح الذي سمح لسلطات الأمن العام بإصدار شهادات هوية للاجئين وطالبي اللجوء. وفقًا لصحيفة وقائع صدرت في أغسطس 2015 عن المفوضية، لا تقدم الحكومة الصينية المساعدة للاجئين في الصين.

ثم هناك «البطاقة الخضراء» الصينية التي لا تقدم غير «ممر ضيق إلى الإقامة»، وفقًا لمذكرة من قِبل ميليسا يفكوويتز، التي تقود برنامجًا في معهد القانون بين الولايات المتحدة وآسيا في جامعة نيويورك للقانون. وتشير الإحصاءات الرسمية الصينية أنه اعتبارًا من عام 2013، فقط 7300 بين 600 ألف أجنبي مقيم في الصين لديهم إقامة دائمة. (في عام 2013 وحده، أصبح ما يقرب من مليون شخص من المقيمين الدائمين في الولايات المتحدة). أما الجنسية فأمر نادر للغاية.

لا تشجع العقيدة السياسية الصينية بنشاط قبول المهاجرين غير الصينيين، حيث أن هذا يعد-طبقا للعقيدة السياسية الصينية- تفضيلا سياسا لبلد المنشأ

وهناك أيضًا دعم شعبي لا يذكر لإعادة توطين اللاجئين. لقد كانت بكين منذ فترة طويلة ثقيلة الوطأة فيما يتعلق بالتحكم في عدد السكان، وتنفيذ سياسة الولادة التخطيطية التي امتدت لعقود، والإكراه عن طريق الغرامات الصارمة والعقوبات وعمليات الإجهاض حتى القسري منها والتعقيم. على الرغم من أن تلك السياسة أصبحت أقل صرامة في السنوات الأخيرة، فإنه سيكون صعبًا على الشعب إذا سمحت الحكومة فجأة للاجئين الأجانب بملء البلاد.

في المنطقة الغربية من منطقة شينجيانغ، كابد السكان المسلمون لفترة طويلة من مراقبة وثيقة ومن القمع من قبل الحكومة التي تخشى من الحركات الانفصالية

إن هذه الخطوة أيضًا لا تحظى بشعبية من الناحية الاقتصادية. خلال قمة الأمم المتحدة عام 2015، تعهد الرئيس الصيني شي جين بينغ بـ 2 مليار دولاروأعلن إعفاء كبير من الديون لمساعدة التنمية في البلدان الفقيرة. وقد رحب المجتمع الدولي بالتحرك، ولكن عاب النقاد المحليون هذا السخاء الصيني، بحجة أن الحكومة تقوم بعمل خيري دولي مبالغ فيه بينما عدد كبير من السكان في الوطن لا يزال تحت خط الفقر. كانت الانتقادات لاذعة بحيث اضطرت بكين لتحريك آلتها البروباغندية لمواجهة الرأي العام. وفي ظل المناخ الاقتصادي الحالي في الصين، مع نمو يتباطأ بدرجة كبيرة، فإن الناس يتوقعون من حكومتهم استخدام مواردها المالية لإصلاح الاقتصاد، وليس مساعدة الرعايا الأجانب.

لكن التردد في قبول اللاجئين ربما، في جذوره، يُعدّ مشكلة ثقافية. فكما كتب الباحث بنديكت أندرسون، الأمة «تتصور كمجتمع، لأنها، بغض النظر عن عدم المساواة الفعلية والاستغلال الذي قد يسود فيها، ينظر إليها كما هو الحال دائمًا كرفاقية عميقة وأفقية». إن السرد القومي للولايات المتحدة الأمريكية دينامي وشامل. يصف البلد نفسه كأمة تجدد نفسها من خلال وصول أناس يتركون الماضي وراءهم وكمكان «للجماهير المتجمعة التواقة إلى التنفس بحرية». أما السرد الصيني للأمة فهو على نحو أكثر استاتيكي وحصري. يؤكد التاريخ المشترك والتراث المشترك. على الرغم من أن بكين تدافع عن مفهوم التنوع العرقي، يركز الخطاب على التعايش بين الجماعات العرقية الـ 56 المعترف بها من قِبل الحكومة.

كانت آخر مرة قبلت الصين فيها لاجئين على نطاق واسع في عام 1979 أثناء الحرب الصينية الفيتنامية

من المؤكد أن الصين لا تقف وحدها في ترددها في استضافة اللاجئين. الدول العربية، مثل المملكة العربية السعودية وقطر والكويت والإمارات العربية المتحدة، وكذلك الدول المتقدمة مثل اليابان، وسنغافورة، وكوريا الجنوبية تعطي وجهًا باردًا لمسألة اللجؤ السورية. وفي حين أن الولايات المتحدة تعيد توطين اللاجئين وطالبي اللجوء أكثر من أي بلد آخر في العالم، فإنها أعادت توطين أقل من 3 آلاف من السوريين منذ عام 2011، وفقًا لمركز معالجة اللاجئين، وهي منظمة تديرها وزارة خارجية الولايات المتحدة.

إذا كانت الصين تطمح في العلو بين القوى العالمية وتلبية التوقعات الدولية، فإنها يجب أن تتحلى بالشجاعة السياسية لإعادة تصور نفسها

إذا كانت الصين تطمح في العلو بين القوى العالمية وتلبية التوقعات الدولية، فإنها يجب أن تتحلى بالشجاعة السياسية لإعادة تصور نفسها. وعليه أن تعمل الكثير في سبيل ذلك. لدى عملاق شرق آسيا معدل بطالة منخفض ومستقر. والعديد من مدنها الكبيرة تتميز بشبكات نقل عام واسعة النطاق وتفتقر إلى الأحياء الفقيرة الشائعة جدًا في العديد من الدول النامية الأخرى. ويبلغ عدد سكانها الشيخوخة قبل الأوان، وهي تواجه أزمة سكانية تلوح في الأفق؛ يمكن للهجرة أن تساعد في منع الركود الاقتصادي على المدى الطويل المرتبط بنقص العمالة الشابة والعدد المتزايد من المعالين المتقاعدين.

كما لاحظ باحث العلاقات الدولية يان شيتونج، يمكن للسياسة الخارجية الصينية الجديدة العثور على مصدر لسلوكها في الأخلاق الكونفوشيوسية. والنظام الصيني التقليدي للأخلاق، كما يفسر يان، يؤكد أن «مجال قلق أي حاكم إنساني يجب أن يكون العالم كله، وليس فقط سكان دولة واحدة».