ما هي موجة الحر – heat wave؟

تعرف موجة الحر بأنها ارتفاع نسبي في درجة الحرارة لمدة طويلة، مصاحبًا بارتفاع في نسبة الرطوبة، ولا يمكن تحديد قيمة ثابتة لدرجة الحرارة هذه، بل تقاس بالنسبة إلى متوسط معدلات درجات الحرارة في المنطقة التي تتعرض لتلك الموجة، فدرجات الحرارة التي يمكن أن تعتبر عادية في دول المناطق الحارة قد تعد في الوقت نفسه كموجة حر في دول المناطق الأبرد.


ما أسباب موجة الحر الحالية؟

تتعدد التفسيرات حول أسباب هذه الموجة. فقد عزا عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك عبدالعزيز الشمري -في حوار مع شبكة سكاي نيوز- موجة الحر الشديدة إلى تأثير الدورة الشمسية الرابعة والعشرين، التي بدأت عام 2008، وتنتهي في عام 2020، ويحدث خلال الدورات الشمسية، بحسب الشمري، انفجارات هائلة على سطح الشمس، ما يرسل موجات حرارية هائلة إلى الأرض تسبب ارتفاع درجات الحرارة.

كما اعتبر البعض أن موجة الحر الأخيرة، واحدة من مظاهر التغيرات المناخية الناتجة عن التصحر، التمدن السريع، واحتلال الإسفلت لمساحات شاسعة من الأرض.وكالعادة مع كل موجة حر، اندفع البعض إلى النظر إلى الموجة الحالية كحلقة في سلسلة التغيرات المناخية الناتجة عن ظاهرة «الاحتباس الحراري – Global Warming»، حيث أدت زيادة النشاط البشري بوجه عام، والصناعي بشكل خاص، إلى زيادة كمية غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو.كما ارتفع المعدل الحراري السنوي للأرض من 15.5 درجة مئوية إلى 16.2 درجة مئوية في الـ100 سنة الأخيرة، ما جعل الخبراء يفكرون بما سينعكس عليه هذا، لاسيما الكوارث التي ستحدث في فصلي الشتاء والصيف.شرح ظاهرة الاحتباس الحراري بأسلوب مبسط:


أشهر موجات الحر التي عانى منها العالم

1. شيكاغو 1995:

استمرت نحو 5 أيام وتجاوز عدد الوفيات بسببها 700 وفاة، كان أكثرهم من الفقراء الذين لم يتحملوا شراء مكيفات الهواء أو أولئك الذين رفضوا فتح النوافذ والأبواب ليلا خوفا من الجريمة. وقد وجهت للسلطات حينها اتهامات بالإهمال وعدم الاستعداد، فلم تتنبه حينها إلى خطورة الموقف ولم تصدر تحذيراتها للمواطنين إلا في اليوم الأخير. بالإضافة إلى تأخر خدمات الإسعاف ونقل المصابين وسوء خدمات المستشفيات واكتظاظها عن آخرها.

2. أوروبا عامي 2003 و2006:

تعد موجة الحر التي ضربت العديد من بلدان وسط وغرب أوروبا عام 2003 من أخطر الموجات. فقد ارتفعت درجات الحرارة بمعدلات غير مسبوقة لم تسجل منذ عام 1540، وراح ضحيتها أكثر من 20.000 شخص، أكثرهم من فرنسا التي بلغ عدد ضحاياها نحو 15.000. وقد جاء العدد الضخم من الوفيات نتيجة تعود السكان علي صيف أقل حرارة وقلة الوعي بكيفية التصرف في حالات كهذه، إضافة إلى افتقار الكثير من الأبنية إلى مكيفات الهواء.

وفي عام 2006 شهدت أوروبا موجة أخرى من موجات الحر الشديد؛ ولكن جاء اعتماد التوعية من قبل المواطنين ونشر رسائل الوقاية والتوصيات الصحية على نطاق واسع من قبل السلطات ليقلل من معدل الوفاة (في فرنسا بلغ معدل الوفاة هذه المرة 5000 بدلا من 15000).

3. أستراليا 2012-2013:

تمكن صيف 2012-2013 في أستراليا من تحطيم العديد من الأرقام القياسية، وبلغت درجات الحرارة أعلى مستوياتها منذ 80 عاما، ما أدى إلى العديد من الوفيات واشتعال الحرائق التي شهدتها البلاد في الغابات بسبب موجات الحر المتعاقبة.

4. موجات الحر في 2015:

شهدت العديد من المناطق حول العالم موجة حر شديدة، سيما منطقة الشرق الأوسط وبلدان غرب أوروبا. عرفت الهند وباكستان العدد الأكبر من الضحايا، فقتلت الحرارة في باكستان نحو 1700 شخص وعدد مماثل في جارتها الهند، إضافة إلى عشرات الضحايا في مصر والسوادان وبلدان أخرى. ويفاقم من الأزمة انقطاع الكهرباء وتردي البنى التحتية لأغلب بلدان المنطقة، إضافة إلي نقص الوعي الصحي وفقر الموارد الطبية ما يزيد من معاناة السكان في هذه المناطق.


المخاطر التي يمكن أن تسببها موجة الحر

1. ازدياد معدل الوفيات

يسبب ارتفاع درجة الحرارة موت مئات البشر سنويا في بلدان العالم المختلفة , ويؤدي موجات الحر إلي زيادة مطردة في معدل هذه الوفيات , ولعل أشهر أسباب الوفاة هي ما يعرف بـ«ضربة الشمس – sun stroke» التي تنجم عن التعرض لمصدر حرارة (مثل أشعة الشمس) لفترة طويلة، أو القيام بنشاط جسمي في جو حار.

ويعتبر الشخص مصابًا بضربة الشمس إذا تجاوزت حرارته 40%، ومع أن الجسم لديه آليات لخفض درجة حرارة الجسم فإنه يفشل في ذلك في حالة الإصابة بضربة الحر، ما يؤدي إلى بقاء درجة حرارة الجسم مرتفعة.

وقد يؤدي الارتفاع في درجة الحرارة إلى حدوث تشنجات لدى المصاب، كما قد يصاب بالإنهاك الحراري الذي تشمل أعراضه التعرق الشديد والغثيان والدوار. ومع استمرار ارتفاع درجة حرارة الجسم، فإن الضرر قد يصل إلى الدماغ والكلى والعضلات، ما يسبب عواقب خطيرة على الصحة وقد يسبب الموت.

2. التأثيرات على قطاعات الزراعة والاقتصاد والبيئة

كما هو الحال مع الانسان، قد تؤدي الحرارة الشديدة إلى نفوق عدد كبير من الكائنات الحية، والتأثير على التوازن البيئي. فقد أدت موجة الحر الأخيرة إلى اختناق عدد كبير من الدواجن، وسجّل نفوق أعداد من المواشي، إضافة إلى الأسماك والأحياء البحرية التي تتأثر بارتفاع درجة حرارة المياه، الأمر الذي يؤثر بالسلب على عشرات العوائل التي تعتمد على هذه القطاعات كمصدر للدخل. كما سيؤدي إلى رفع أسعار المواد الغذائية المرتبطة بهذه القطاعات.

تؤثر الحرارة كذلك بالسلب على قطاع الزراعة، إذ ترتفع معدلات التبخر ما يؤدي إلى شح المياه، وتوسيع رقعة الجفاف وتلف المحاصيل. كلها عوامل قد تؤدي إلى تهديد الأمن الغذائي، وارتفاع أسعار المواد الغذائية خاصة في الشرق الأوسط الذي يحتوي على مساحات واسعة من الأراضي القابلة للتصحر، فضلًا عن انخفاض نسبة الأرض المزروعة أصلًا، وندرة الغابات بما لها من أهمية في موضوع المحافظة على البيئة كونها تعتبر «رئة الطبيعة» لإنتاج الأكسجين.

كما أن انتشار أكوام النفايات في بعض المناطق يؤدي إلى تعرضها للتخمر السريع بسبب درجات الحرارة المرتفعة، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة كبيرة في توليد الحشرات، وانبعاث الروائح والبكتيريا، عدا عن تسرب مياهها إلى باطن الأرض.


كيف نتجنب الأضرار الناتجة عن موجة الحر؟

أولًا: داخل المنزل:

1. التعرض لوسائل التبريد (تكييف، مراوح، …إلخ) والتأكد من إغلاق النوافذ والأبواب لحفظ الجو الداخلي للمنزل.

2. إغلاق الستائر لمنع دخول حرارة الشمس داخل المنزل، ولحفظ درجة حرارة المنزل الداخلية.

3. تعليق المناشف المبللة في المنزل لتخفيض درجة الحرارة الداخلية.

ثانيًا: خارج المنزل:

1. يفضل الامتناع عن المشي في الشمس لمسافات طويلة، أو استعمال المظلة الشمسية أو القبعات الواقية لتجنب التعرض المباشر.

2. لا تسر في الخارج، أو تمارس التمارين الرياضية في الجو الحار.

3. حاول البقاء تحت الظلال لتجنب آشعة الشمس المباشرة.

4. لا تترك الأطفال داخل السيارة لتجنب حالات الاختناق والوفاة.


العلاج: كيف تنقذ شخصًا تشك في إصابته بضربة شمس؟

يعتمد علاج ضربة الحرارة على تبريد جسم المصاب واستدعاء الطوارئ فورًا، ويفضل أن يتصل شخص بالإسعاف بينما يقوم آخر بالتعامل مع المصاب، وذلك عبر الآتي:-

1. إبعاد الشخص عن مصدر الحرارة، كإدخاله إلى البيت أو إبعاده عن أشعة الشمس ووضعه في مكان ظليل.

2. إدخال المصاب في مكان مليء بالماء البارد (البانيو في المنزل)، أو صبّه عليه.

3. وضع كمادات الثلج.

4. إعطائه الماء البارد نسيبًا بكميات معقولة لتعويض السوائل التي فقدها الجسم بفعل التعرق وارتفاع درجة الحرارة.

نصائح للحفاظ على درجة حرارة الجسم

1. الإكثار من شرب الماء أو السوائل حتى لا تصاب بالجفاف أو ضربة شمس.

2. الإكثار من الاستحمام يساعد في إبقاء الجسم منتعشًا وصحيًا.

3. ارتداء الملابس الخفيفة ذات الألوان الفاتحة خاصة الملابس القطنية.

4. تناول وجبات صغيرة مقسمة على مدار اليوم، وعدم الاكثار من تناول البروتين.