أفضل 6 كتب للفيلسوف الألماني «فريدريك نيتشه»

«فريدريك نيتشه» (1844-1900)، هو الفيلسوف الألماني الأشهر، صاحب النظرة الصارمة والشارب الضخم. لطالما كان الطابع الأدبي الفريد من أهم مميزات كتابات نيتشه بشكل عام – فهو الشاعر والملحن والناقد الأدبي كذلك- كما فتح المجال أمام تأويل فلسفته بصور مختلفة.

ففي حين لا تعد قراءة أعمال نيتشه عملًا مجهدًا، فإن فهمها أحيانًا على الوجه الصحيح هو ما يحتاج إلى أناة وتعقل، خاصة المدونة على طريقة «الشذرات» (Aphorism). لكنها تجربة لن تخل على أي حال من متعة أدبية وذهنية رائقة.

نعرض في ما يلي قائمة ونبذة عن أفضل كتب نيتشه، التي سيجد فيها قطاع واسع من القراء تلك المتعة والفائدة، وشيئًا من الرصد لما شملته من أفكاره الرئيسية في أطوارها المختلفة.

1. إنساني مفرط في إنسانيته: كتاب للمفكرين الأحرار

يتناول الكتاب عدة موضوعات. مثل الميتافيزيقا، حيث أعلن نيتشه قطيعته معها وحاول تفسيرها وبيان منابعها، وأعلى في المقابل من مكانة العلوم الطبيعية. كما عارض المنظور المسيحي للخير والشر، وهو ما سيطوره على مدى كتبه التالية. وأنكر أي دور للعبقرية الشخصية أو الوحي الإلهي في الإبداع الفني، لينسب الفضل إلى العمل الجاد بدلًا منهما. كما حملت بعض الشذرات بذور فكرة الإنسان الأعلى (Übermensch).

نشر إنساني مفرط في إنسانيته بالألمانية عام 1878.

2. العلم المرح

خمسة أقسام من الأشعار والشذرات. يبحث فيها نيتشه تطور المعرفة الإنسانية، والقيود المسيحية التي ما تزال تكبلها، ويقدم تصوره للظروف التي دفعت الإنسان إلى استحضار فكرة الإله. ورغم انعدام الحقيقة المطلقة، فإنه يرى السعي الجريء نحو العلم بعثراته وعواصفه ضروريًا لتجديد المعرفة الإنسانية والتخلص من الأفكار الزائفة، مشيدًا بالفلسفة وأثرها على تحرير الفرد. يحمل الكتاب صورًا مبكرة لبعض أشهر أفكاره، مثل «العود الأبدي» و«موت الإله».

نشر العلم المرح بالألمانية عام 1882.

3. هكذا تكلم زرادشت: كتاب للجميع ولغير أحد

درة أعمال نيتشه وكتابه الأهم والأشهر، حوى أفكاره الرئيسية ناضجة، في مزيج من النثر والأشعار. في هذه الرواية الفلسفية، نتابع نسخة متخيلة من زرادشت المصلح الديني، نصحبه بعد سنوات قضاها في التأمل خلال رحلاته، نستمع على لسانه إلى تعاليم نيتشه.

يحدثنا زرادشت عن العود الأبدي، أي أن بمرور فترة زمنية كافية، ستتكرر جميع الظروف والشروط التي أنتجت الفرد وحياته وسياقاته، لتتكرر جميعها ثانية، بكل حدث وواقعة وقرار، ليس مرة أو مرتين، بل تكرارًا أبديًا. وكحل لمشكلة موت الإله – الواردة في أكثر من كتاب له بصور تقبل تأويلات مختلفة – يقدم نيتشه مفهوم الإنسان الأعلى نافذ الإرادة صاحب القوة الفاعلة – الذي يتفوق على الإنسان العادي بقدر تفوق الأخير على القردة – هدفًا جديدًا تسعى إليه البشرية.

كما يحدثنا عن «إرادة القوة» التي تبدو أحيانًا كمفهوم نفسي وأحيانًا بيولوجي وأحيانًا ميتافيزيقي كوني. لكن يمكن اعتبارها القوة الرئيسية المحركة للبشر نحو الترقي وإنفاذ الإرادة. مع الانتباه إلى التباين في فهم الفلاسفة لكثير من هذه الأفكار. نشر هكذا تكلم زرادشت في أجزاء متفرقة بالألمانية ما بين عام 1883 و1885.

4. ما وراء الخير والشر: تباشير فلسفة للمستقبل

296 نصًا متفاوت الطول، ما بين المقالة والشذرة. يهاجم فيها نيتشه الفلسفات الدوجمائية، القائمة على مسلمات زائفة، داعيًا فلاسفة المستقبل إلى نبش تلك المسلمات وتنقية البنى الفلسفية منها، وعدم الوقوع في أسر منظور معين. فالمنظورية تصبغ الحياة بمجملها، إذ لا يملك البشر رؤية مشتركة للحياة وقضاياها والقيم العليا.

كما يحاول استقصاء تاريخ المنظومات الأخلاقية، مهاجمًا المنظومة الأخلاقية للأديان السائدة في عصره، معلنًا عبثية إلزام جميع البشر – على الاختلاف الشاسع بينهم – بمنظومة أخلاقية واحدة. متطرقًا إلى المرأة وفساد روحها. مختتمًا بالحديث عن الروح النبيلة، وهي روح منعزلة ووحيدة معذبة، لا يمكن تصنيفها إذ تسامت فوق الغوغاء، ولذا دائمًا ما يساء فهمها.

نشر ما رواء الخير والشر بالألمانية عام 1886.

5. في جينالوجيا الأخلاق

كتاب جريء وثوري وعظيم التأثير، يتكون من ثلاث مقالات. تحدث فيه نيتشه عن أخلاقيات السادة في مقابل أخلاقيات العبيد. حيث أنشأ الأقوياء الأصحاء الأحرار النوع الأول من الأخلاق، لكن العبيد والضعفاء في المقابل أبدعو أخلاقياتهم الخاصة التي تخدمهم، وفيها صارو هم «الأخيار» وصار الأقوياء نافذي الإرادة «أشرار».

كما يتتبع نيتشه جذور بعض المفاهيم – مثل «الذنب» – التي اكتسبت معانيها الحالية وانتشرت بفضل ذيوع أخلاق العبيد. إذ أعاد السادة توجيه عنفوانهم وقوتهم إلى ذواتهم، لتصبح القوة دافعًا إلى الشعور بالخطيئة واحتقار الذات. ولا شك أن نيتشه قد وضع الأخلاق المسيحية واليهودية تحت مظلة أخلاق العبيد.

نشر في جينالوجيا الأخلاق بالألمانية عام 1887.

6. هذا هو الإنسان

عاش نيتشه حياة امتزجت فيها المأساة مع العبقرية. فمن مسيرة أكاديمية واعدة جعلته أصغر أستاذ لكرسي فقه اللغة الكلاسيكي بجامعة بازل في تاريخها – إذ نالها قبل إتمامه الخامسة والعشرين – إلى مرض الزهري ونوبات جنون متتالية خلال العقد الأخير من عمره. وخلال تلك السنوات خاض نيتشه الحرب وشهد ويلاتها، وعاش قصة حب فاشلة، وانتهت أكثر صداقاته بالقطيعة والنفور، وعانى عزلة أكاديمية وأزمات صحية أجبرته على التقاعد.

يصب نيتشه معاناته بأكملها في هذا الكتاب، ويقدم صورة جديدة للفيلسوف بعيدًا عن الصورة الأكاديمية الجامدة، يحلل أفكاره ويرصد تطورها، ويرجع معاناته إلى البحث الجاد والجريء عن الحقيقة. يأتي العنوان (الترجمة الأصح: هو ذا الإنسان، كما وردت في الإنجيل) في معارضة صريحة لنص وارد على لسان السيد المسيح، كأنما يصر على إدانة الصورة المسيحية للإنسان والأخلاق، مقدمًا رحلته ومسيرته بديلًا لها.

كتب نيتشه هذا هو الإنسان قبل وفاته بعامين، أي عام 1888، ونشر للمرة الأولى عام 1908.