إذا كنت ممن عاصروا فترة النزول إلى الشارع فورًا بعد المُباريات والرهان على النتائج قبلها في جلسات المقاهي والآن تتوقع النتائج في «تعليق» علي تغريدة، فعلى الأرجح أنك ستكون من المهتمين بقراءة هذا المقال، إذا كنت ممن كانوا ينتظرون أمام منزل أحدهم لمُجرد رؤيته بعد هزيمة فريقه المُفضل ثم إلقاء بعض الكلمات عليه متبوعة بالنظرات وأحيانًا الأغاني في وجهه، والآن تقوم بمُشاركة منشور على الفيس بوك مع ذلك الصديق أو ذاك فمن المؤكد أنك ستهتم بقراءة ما يلي:

الرحلة لم تكن في تشجيع فرق الكرة بس بل كانت في كل شيء، الرحلة كانت من الحياة إلى الخيال، من الوجود إلي مُجرد التخيل، الفكرة تدور حولك أنت الذي تقرر، إما أن تعيش اللحظة كما يجب، وإما أن تكون مُجرد ذكرى على شبكة عنكبوتية. الفرق بين الآن والماضي يتمثل في قدرتك علي صناعة الحدث بدلًا من مُجرد مشاهدته، صياغة التعبير الساخر بدلًا من مشاهدته فقط، هذا هو الفرق الذي يُثير الشفقة على من لم يُعاصروا جمهورًا يحتفل في الشارع والآخر يخشى الخروج حتى من النافذة.


الشارع هو المعيار دائمًا

الشارع هو ملعب الجمهور حيث يمارسون فيه اللعبة بشكل هاوٍ كما أن مُباريات التنافُس والمُبارزة بالكلمات بين جماهير الأندية المُختلفة تكون في الشارع أيضًا.

منذ زمن ليس ببعيد كان وقت ما بعد المُباريات الجماهيرية في الشارع هو بمثابة ساحة الاحتفال لجمهور الفريق الفائز حيث الهتافات الجماعية والتي في الغالب تسخر من النادي المُنافس بكل الطُرق، الوضع كان يصل إلى الوقوف أمام بيوت مُشجعي الفريق الخاسر والغناء أمامهم والإصرار على رؤيتهم.

كذلك الرسم علي الجدران في الشوارع والميادين وحتى المُلصقات على وسائل المواصلات التي قد تجعلك تكره النزول من بيتك إن كُنت من الجانب المهزوم.


مواقع التواصل الاجتماعي

الآن نحن في زمن مختلف تمامًا، المُباريات تُتابع في صفحات الفيس بوك وتويتر وتُناقش في تدوينات عليهما وأيضًا عندما يُحب الجمهور أن يُمارس هوايته المُفضلة في السُخرية من الخاسر أصبح يُمارسها على الشبكات أيضًا، فالكوميكس أو الساركازم أو الترول كلها مُصطلحات دخلت وبقوة عالمنا الرياضي على الإنترنت واحتلت تقريبًا المكانة الأولى من حيث المُتابعة من الجماهير بالأخص صغار السن.

الأمر يكمن في مجموعة من الصور تحكي قصة عن طريق تتابعها مع بعض الجمل المعروفة في البلد محل النشر وتكون تلك الجمل مُقتبسة من الأفلام أو الأغاني المشهورة ويتم تحويلها للتعبير عن سُخرية من فريق أو جمهور ما.

ما بين النزول إلى الشارع وانتظار أحد جيرانك لمُجرد النظر في وجهه بعد هزيمة فريقه المُفضل وبين مُشاركة أصدقائك على الفيس بوك صورة تسخر من فريق ما، هكذا كانت رحلة التعبير عن الفرحة للمشجعين في الوقت الأخير. تلك الحالة لم تصل للعوام فقط، ولكنها أثرت في اللاعبين أيضًا سواء بمصر أو خارجها، فتقريبًا كل اللاعبين تصل لهم آراء الجمهور وسخريتهم منهم على مواقع التواصل الاجتماعي وبالتالي يكون لهم رد فعل سواء بالكلام أو بالفعل في الملعب أو خارجه.


مؤمن زكريا الذي لا يسمع الآخرين

بعد انتهاء إعارته من إنبي للزمالك وتعاقده مع الأهلي أصبح مؤمن في عداء شبه مُعلن مع نادي الزمالك وجماهيره، مؤمن كان يحتفل عند إحرازه هدفًا بأن يضع يديه على أذنيه ويُخرج لسانه، جمهور الزمالك أصبح يُشبّه مؤمن على صفحات التواصل الاجتماعي بالقرد بعد انتقاله للنادي الأهلي.

http://gty.im/537560640

رد فعل مؤمن كان باستمرار احتفاله بنفس الطريقة كلما أحرز مع الأهلي وخصوصًا في الزمالك، كما أنه أشار للجمهور بأن يحتفل مثله في مُباراة السوبر بين الغريمين في الإمارات.


عادل رامي واتهامات السمنة

kk

لم يستطع اللاعب ذو الأصول المغربية أن يتمالك أعصابه عندما نعته مُشجع بالسمين وسخر من وزنه الزائد في تغريدة علي تويتر وقام بوضع صورة له وهو يستعرض عضلات بطنه والتي تنفي زيادة وزنه ردًا على التغريدة وأتبعها بجملة «دع زوجتك تنظر إلى الصورة واسألها إذا كنت سمينًا أم لا».


جيرارد بيكيه وانقلاب السحر على الساحر

بعد خروج ريال مدريد بطريقة شبه كوميدية من بطولة كأس ملك إسبانيا بعد إشراك تشيرشيف الموقوف من قِبل الاتحاد الإسباني نشر بيكيه المعروف بعدائه الشديد لمدريد وانتمائه الكتالوني الواضح تغريدة على حسابه الشخصي بتويتر لا يوجد بها أي كلمات ولكنها تحتوي تعبيرات وجه تدل على السخرية حيث البكاء من زيادة الضحك.

pique-tuit-021215
pique-tuit-021215

بعد هذا الموقف كان ينشر جمهور ريال مدريد نفس التغريدة في كل موقف يتعرض فيه بيكيه للإحراج في الملعب أو يتعرض فيها برشلونة للهزيمة.


بيتر تشيك وحضور ذهني داخل الملعب وخارجه

العملاق التشيكي ينشط على تويتر بشكل كبير وكما يمتاز في الملعب بتصدياته الرائعة يمتاز على تويتر برد السخرية بشكل أقوى.

ردَّ تشيك على أحد المُشجعين الساخرين منه على تويتر حين سأله « كيف يؤدي كورتوا في حراسة مرمى تشيلسي؟»، حيث كان تشيك احتياطيًا في ذلك الوقت لكورتوا فردَّ تشيك ساخرًا من المشجع الذي كان واضحًا من اسمه أنه أحد مشجعي مانشستر يونايتد قائلًا له: « إنه يؤدي أحسن من فريقك».

kkkk
kkkk

الأمر لم يقف عند هذا الحد مع بيتر حيث وافق بالرأي على تغريدة تسخر من عدم قُدرة ميسي التسجيل في مرماه – حتى وقت كتابة التغريدة – وعدم إحراز جيرارد للقب الدوري الإنجليزي ولا مرة حين سأله أحد المشجعين: «هل عدد أهداف ميسي في مرماك هو نفس عدد مرات فوز جيرارد بالدوري؟» فردَّ قائلًا: «أنت على حق».

ppp
ppp

حينما يغضب الظاهرة رونالدو

أشعل توني كروس مواقع التواصل الاجتماعي بتغريدة في بداية عام 2017 بوضع صورة تحتوي علم ألمانيا مكان الرقم 7 وعلم البرازيل مكان الرقم 1 في إشارة للهزيمة التاريخية 7-1 للبرازيل على يد الألمان في كأس العالم 2014 .

3BC29F9E00000578-4079956-image-a-5_1483284758121
3BC29F9E00000578-4079956-image-a-5_1483284758121

لكن رونالدو دا ليما الظاهرة البرازيلية لم يمر الموقف أمامه مرور الكرام وقام بوضع صورته بقميص البرازيل في كأس العالم 2002 أمام منتخب ألمانيا في النهائي والذي انتهى 2-0 لصالح البرازيل فقام بوضع علمي البرازيل مكان 2 وعلى ألمانيا مكان الصفر في رقم 2017 !

تلك الواقعة أثبتت أن الأمر لم يعد مقصورًا على الجماهير بل واللاعبين أيضًا أصبحوا يشاركون الجماهير تلك العادة سواء كانت السخرية من جمهور المنافس أو من لاعبين مثلهم وهذا يدل على أن اللاعبين يقرأون كل ما يُكتب على المواقع الإلكترونية بل ويتأثرون أيضًا ولذلك نرى رود فعل أحيانًا تكون غير متوقعة خارج وداخل الملعب.


صفحات عالمية وعربية

yy

حب السُخرية من الخصم أو المزاح حول كرة القدم بشكل عام لم يقتصر على بعض الحسابات الشخصية بل أصبحت هناك مواقع وصفحات ضخمة مُتخصصة في صنع «الكوميكس» بشكل شبه يومي مثل «Troll Football» التي كان انطلاقها بمثابة ضربة البداية للعديد من الصفحات المماثلة حول العالم.

في عالمنا العربي بشكل خاص انطلقت في الآونة الأخيرة عدد من الصفحات الساخرة المميزة و لعل أبرزها «Uefa Sarcasm Society» وكذلك «Arsenal Comics»، بل امتد الأمر ليقوم مشجعو كل نادٍ بإنشاء صفحة خاصة للسخرية من الأمور التي لا تروق لهم في ناديهم المُفضل.

لعل الشيء الأبرز في تلك الصفحات هو انخفاض مُعدّل أعمار الشباب المسؤولين عن تلك الصفحات بشكل ملحوظ وبالرغم من ذلك وبالرغم أيضًا من ضعف الإمكانيات المتاحة لهؤلاء الشباب إلا أن تلك الصفحات تحقق انتشارًا واسعًا في الوسط الرياضي يعجز عنه الكثير من البرامج التليفزيونية والتي تتكلف مئات الآلاف وأحيانًا ملايين، بل إن تلك الصفحات كانت أحيانًا أخرى عاملاً مهمًا وقويًا في جذب قطاع كبير من الشباب لمتابعة كرة القدم نتيجة إعجابهم بناتج تلك الصفحات من «الكوميكس» والتعليقات الساخرة.

الأمر في مُجمله اجتاح عالم الرياضة وكرة القدم بشكل خاص ليصبح التنافس في الملعب بين اللاعبين وفي المُدرجات بين الجماهير لا يكفي للشعور بالنشوة، وبالتالي فإن الفيسبوك وتويتر يوفران وسيلة أخرى نستطيع من خلالها إكمال شغفنا بكرة القدم، وإن كان يظل هناك شعور ما باحتلال الجزء الإلكتروني للتنافس بين الجماهير مساحة أكبر من التنافس المعهود بين الجماهير في الشوارع و المُدرجات وهذا بالطبع الجانب السلبي للأمر لأن كرة القدم لن تكون أبدًا يومًا ما عبارة عن حرب من الصور.