تؤكد تقارير نية شركة «أمازون» القيام بخطوة كبيرة في حربها التنافسية الشرسة مع شركة «فيسبوك». في ظل القوة المتنامية لفيس بوك، كان من المفاجئ لمتابعي المنافسة في سوق تطبيقات التواصل الاجتماعي الذي تسيطر على جزء كبير منه فيسبوك، أن تقوم أمازون باختيار فيسبوك لتكون منافستها.

تظل فيسبوك في الوقت الحالي هي الفارس الأهم في مجال التواصل الاجتماعي، الشركة التي يرأسها «مارك زوكربيرج» تمتلك تطبيقًا هو الأكثر تحميلًا على الهواتف الذكية عبر العالم، كما يمتلك تطبيق الرسائل «Messanger» ومنافسه الأول أيضًا «Whats app». فهل يمكن لأمازون التي لا تمتلك نفس التاريخ التنافسي في هذا المجال تهديد عرش فيسبوك؟


صراع العروش: من يتسيد عرش التكنولوجيا؟

تتمتع فيسبوك بأفضلية مريحة في مجال تطبيقات الهواتف الذكية، وتمتلك قاعدة مستخدمين تتيح لها فرصًا ضخمة للنجاح في تنفيذ أي فكرة جديدة من حيث توفر سبل التسويق السهل، وسهولة الوصول للمستخدمين المستهدفين عن طريق منصاتها المختلفة. في المقابل تتمتع أمازون بأسبقية كبيرة في مجال التجارة الإلكترونية، وتبتعد أمازون في هذا المجال بخطوات واسعة عن كل منافسيها الذين يناوشون من بعيد لتحريك المنافسة الراكدة واختبار سبل جديدة لصناعة المال.

إحدى تلك الطرق التي قامت فيها فيسبوك باختراق سوق التجارة الإلكترونية لقياس إمكانية توجيه استثمارات أكبر في هذا المجال، كانت محاولتها لتقديم خدمة تجارية عبر التطبيق الخاص بها لمستخدميها في أمريكا. «فيسبوك جيفتس» أو هدايا فيسبوك هي خدمة جديدة تقدمها فيسبوك لمستخدمي التطبيق في الولايات المتحدة الأمريكية.

تتيح الخدمة الجديدة من فيسبوك تبادل الهدايا بين المستخدمين، وتستفيد فيسبوك في هذه التجربة من معرفتها الواسعة باهتمامات المستخدمين، وأذواقهم وتواريخ المناسبات الخاصة بهم لتشجيع الأشخاص المقربين بتبادل هدايا قيّمة عبر الخدمة. لتنفيذ هذه الخدمة على أرض الواقع قامت فيسبوك بشراء منظومة توزيع هدايا تسمى «كارما»، وقامت أيضًا بتوقيع شراكات مع أكثر من 100 شركة لتقديم منتجاتهم عبر خدمتها الجديدة.

في الوقت الذي تستعد فيه أمازون لإطلاق تطبيقها الخاص للرسائل، تعلن فيس بوك أن تطبيق «Messenger» الخاص بها قد تم تحميله على 1.2 مليار جهاز إلكتروني، كدليل على مدى النمو الذي وصلت إليه الشركة من حيث حجم ونجاح تطبيقاتها. في نفس السياق، تقوم العديد من الشركات الأخرى بتطوير برامج الدردشة الآلية المرتبطة بـ«Messenger»، وهي برامج تقوم بمحاكاة الدردشة مع مستخدمين بشر. هذه التطبيقات تستخدمها الشركات لطلب المنتجات الخاصة بأمازون والشركات الصغيرة التي تقدم خدمات مماثلة.


كيف ستضمن أمازون فرصها في المنافسة؟

الشيء المؤكد عند تناول خبر نية أمازون لإطلاق نسختها الخاصة من تطبيقات التواصل الاجتماعي أنها لن تجد المنافسة سهلة، فسوق تطبيقات الرسائل يعج بالمنافسين الكبار مثل «Messenger»، و«Telegram»، و«Line»، و«Skype» وغيرها من التطبيقات التي تتيح لمستخدميها خواصًا متعددة لتوفير كل ما يحتاجه من المستخدم من أجل تجربة تواصل فريدة وسهلة.

وفقًا للتقارير التي تناولت الخبر، فإن أمازون تنوي إطلاق تطبيقها الخاص «Any Time» مع مجموعة من الخواص التي ستوفر لمستخدميها مميزات خاصة جدًا، حيث تعالج في التطبيق كل عيوب التطبيقات الموجودة بالسوق حاليًا، كما تضيف مميزات جديدة وحصرية لمستخدميها. وتقول المصادر إن تطبيق «Any Time» سيكون له العديد من الخواص أهمها:

  • يمكن لمستخدمي التطبيق الوصول لأصدقائهم عن طريق الاسم فقط.
  • تشفير كامل للمحادثات بين الطرفين.
  • محادثات صوت وفيديو فردية وجماعية.
  • التعبير بفيديوهات الـ«GIFs» والصور والوجوه التعبيرية «emojis»
  • ألعاب بداخل التطبيق.
  • وسائل لتعديل الصور ومقاطع الفيديو.
  • برامج دردشة آلية «chatbot» تتضمن التحدث إلى خدمة العملاء وغيرها من الخدمات دون مغادرة التطبيق.

هذه الخواص ستتيح للمستخدم الاحتفاظ بسرية بعض البيانات مثل رقم الهاتف، والذي يضطر بعض المستخدمين لوضعه على بعض التطبيقات من أجل الوصول لأصدقائهم، فيتم تعرضهم للتحرش في بعض الأوقات نتيجة سوء استخدام هذه الخاصية. كما تؤكد التقارير على ضمان الخصوصية في المحادثات بين المستخدمين من خلال خيار التشفير المعقد لبعض الرسائل أو المحادثات المهمة مثل المحادثات التي تحتوي على أرقام الحسابات البنكية وغيرها من المعلومات السرية. كما ستتيح الخدمة لمستخدميها التواصل مع مقدمي خدمات متنوعين مثل رجال الأعمال والمطاعم والحجوزات وغيرها من الخدمات التي تختص بها بعض المواقع في الوقت الحالي.

ربما سيكون التحدي الأصعب لتطبيق «Any Time» هو جعل الأشخاص يستخدمون التطبيق في الوقت الذي لا يزال أصدقاؤهم لا يعرفون أنهم يستخدمون التطبيق. تقول بعض التقارير إن أمازون سوف تستخدم خاصية التعرف على الأصدقاء بالاسم في حل هذه المعضلة. لم يتم تحديد الآلية التي ستمكن أمازون من فعل ذلك، لكن التوقعات تشير إلى أن التطبيق سيطلب إذنًا بالسماح له بالوصول لتطبيقات أخرى للوصول لأسماء الأصدقاء معتمدًا في ذلك على قواعد البيانات الخاصة بالتطبيقات الأخرى على الهاتف.


لماذا تتكبد أمازون هذه المخاطرة؟

قد يتساءل الكثيرون عن السبب الحقيقي وراء مخاطرة بوضع العلامة التجارية للشركة في هذه التجربة التنافسية الصعبة للغاية، لكن ما تتناوله التقارير التسويقية الخاصة بالدور الهام الذي أصبحت تقوم به تطبيقات الرسائل تضفي الكثير من المعقولية حول هذا القرار.

تطبيقات الرسائل أصبحت فرس الرهان في الوقت الحالي لزيادة معدلات التفاعل من المستخدمين. فقد تم اختيار التطبيقات الخاصة بالرسائل أن تكون الميزة الأكثر شعبية للهواتف الذكية بنسبة 34% في الولايات المتحدة. وطبقًا لهذه الإحصائية فإن أمازون تسعى –مثل فيسبوك- لإبقاء المستخدمين على منصتها لأكثر وقت ممكن.

كذلك أصبحت الرسائل في الآونة الأخيرة هي الوسيلة الأسرع بالنسبة للمستخدمين للوصول إلى الشركات ومقدمي الخدمات المختلفة. فنصف المستخدمين في الولايات المتحدة يفضلون استخدام واحد من تطبيقات الرسائل للوصول لخدمة العملاء. سوف تستغل أمازون هذه الميزة لتطبيقات الرسائل عبر تطبيقها الجديد «Any Time» لتصبح وسيلة سهلة بالنسبة لعملائها، كذلك ستكون بالنسبة للعلامات التجارية الأخرى المشاركة لأمازون ومستخدميهم.

الأمر الآخر الذي لا يقل أهمية بالنسبة لأمازون هو دعم خدمة المحادثات الآلية الخاصة بها «أليكسا» لتصبح أقوى في منافسة «كورتونا» و«سيري». بهذا التطبيق سوف تصبح «أليكسا» جزءًا أساسيًا في التعامل اليومي لمستخدمي أمازون عبر «Any Time». لن يساعد هذا الأمر «أليكسا» في معدل انتشارها وشعبيتها فقط، لكنه سيعني أيضًا المزيد والمزيد من المعلومات التي تستطيع معالجتها يوميًا وبالتالي تحسنًا مهمًا في قدرتها التقنية وجودتها.