محتوى مترجم
المصدر
ٍScience Magazine
التاريخ
2016/06/22
الكاتب
ميتش ليزلي

هل يعنى الموت نهاية وجودنا حقًا؟ أرهقت تلك المسألة كبار المفكرين من أفلاطون إلى فرقة (بلو أويستر كالت)! الآن تظهر دراسة أن جانبًا واحدًا على الأقل يستمر للحياة وهو أن الجينات تبقى مفعلة لأيام بعد موت الحيوانات!

يمكن للباحثين استثمار ذلك «النشاط بعد الوفاة» في توفير سبل أفضل للحفاظ على الأعضاء الموهوبة للاستزراع والوصول لوسائل أكثر دقة في تحديد متى تم الاعتداء على ضحايا القتل!

قبل أن تسأل، لم يكن يحاول بيتر نوبل – عالم الأحياء الدقيقة بجامعة واشنطن في سياتل – وزملاؤه معرفة ما الذي يسمح للزومبي بالتجول في الأرض ليستهزئ بعقول الغافلين. لقد أرادوا اختبار طريقة جديدة طوروها من أجل تحديد قياسات النشاط الجيني. اتخذ بحثهم منعطفًا رهيبًا بالفعل – فمنذ سنتين قاموا بنشر ورقة بحثية عن وجود الميكروبات في أعضاء الجسم المختلفة بعد الموت – ثم قرروا تطبيق طريقتهم على عينات من جثث بعد الوفاة. يقول نوبل: «هي تجربة ناجمة عن فضول فقط لنعلم ماذا يحدث عند الموت!».

عنوان تلك الدراسة أنه من المرجح أن نحصل على معلومات كثيرة عن الحياة من خلال دراسة الموت.
بيتر نوبل

بالرغم من إشارة العلماء الذين قاموا بتحليل أنسجة من الكبد والدم لجثث بشرية إلى نشاط بعض الجينات بعد الموت إلا أن نوبل وزملاءه قاموا بتقييم منهجي لأكثر من 1000 جين. قام الفريق بمعرفة إذا ما كان أي من هذه الجينات يعمل في أنسجة الفئران والأسماك المخططة المتوفاة حديثًا، متعقبين التغيير لأربعة أيام في السمكة ويومين في القوراض.

افترض الباحثون في البداية أن نشاط الجينات سيقف بعد فترة وجيزة من الموت كما أجزاء السيارة التي نفد الوقود منها. لكنهم لاحظوا ثورة مئات الجينات. بالرغم من زيادة نشاط معظم تلك الجينات في الأربع وعشرين ساعة الأولى من الوفاة ثم قلة نشاطها، لوحظ استمرار نشاط البعض الآخر في الأسماك لأربعة أيام بعد الموت.

العديد من جينات الموت تلك له فائدة في الحالات الطارئة ؛فهي تؤدى مهام مثل: تحفيز الجهاز المناعي والالتهاب ومواجهة التوتر. كان البعض الآخر من الجينات أكثر إثارة للدهشة. “من المدهش حقًا تفعيل جينات النشوء بعد الموت” يستطرد نوبل. تقوم تلك الجينات بطبيعة الحال على تخليق الجنين ولكن لا يعود لها حاجة بعد أن يولد. ويقول الباحثون أن أحد التفسيرات لصحوتهم تلك بعد الوفاة هو أن الظروف الخلوية للجثث الميتة حديثًا تماثل تلك الموجودة في الأجنة.

وجد الفريق أن الجينات المحفزة للسرطانات تصبح أكثر نشاطًا، «هذا ما يفسر خطر الإصابة بالسرطان عند من تلقوا أعضاءً للاستزراع من المتوفين حديثًا» يستطرد نوبل. قام هو وزملاؤه بنشر تلك النتائج على bioRxiv الأسبوع الماضي وأدلى بأنها تخضع للمراجعة لتنشر في مجلة علمية.

«هى دراسة نادرة» قال عالم الصيدلة الجزيئية أشيم مالهوترا بجامعة المحيط الهادي في هيلزبورو بولاية أوريغون، والذي لم يشترك بالبحث. «من المهم معرفة ما يحدث للأعضاء بعد الموت خاصة إذا كنا سنستخدمها للاستزراع، نهج الفريق في قياس النشاط الجيني يمكن استخدامه كأداة تشخيصية للتنبؤ بجودة عملية الاستزراع».

قدم نوبل وزملاؤه في ورقة بحثية مرفقة على bioRxiv استخدامًا آخر محتملًا لقياس النشاط الجيني، يوضح أنه يمكن أن يوفر تقديرات دقيقة لوقت الوفاة. أثارت تلك النتائج إعجاب ديفيد كارتر، عالم الطب الشرعي بجامعة تشاميناد في هونولولو. يقول: “بالرغم من أهمية تقدير وقت الوفاة بالنسبة للعديد من التحقيقات الجنائية إلا أننا لسنا جيدين بما يكفي في ذلك”.

فغالبًا ما تعتمد تلك التقديرات على أدلة لا علاقة لها بالجسد، مثل المكالمات أو النصوص الأخيرة على هاتف المجني عليه. يستطرد كارتر: «ابتكر نوبل وزملاؤه نظامًا ذا قدرة كبيرة للمساعدة في تحقيقات الوفاة».

لا يستفيد أي من الفأر أو السمك المخطط بأي من الجينات التي يتم تفعيلها بعد موتهم. أنماط النشاط الجيني التي لاحظها الباحثون من المحتمل أن توضح ما يحدث عندما تنحل شبكة الجينات المتفاعلة المعقدة والتي تحافظ على عمل الكائن الحي. يمكن مثلًا لبعض الجينات أن تنشط بسبب توقف الجينات التي تثبطهم عن العمل.

يقول نوبل: «باتباع تلك التغييرات من المحتمل أن يتوصل الباحثون إلى أساس نشأة تلك الشبكات، عنوان تلك الدراسة أننا يمكن أن نحصل على معلومات أكثر عن الحياة من خلال دراسة الموت».