محتوى مترجم
المصدر
the conversation
التاريخ
2018/05/14
الكاتب
عبدالعزيز الغشيان

تحول الجولان السوري مؤخرًا إلى بؤرة صراع جديدة في الشرق الأوسط، تلك البؤرة الكامنة تعتبرها إسرائيل عمقًا استراتيجيًا وحاجزًا طبيعيًا يمنع العرب السوريين عنها. يسلط الباحث والأكاديمي عبدالعزيز الغشيان النظر على قضية الجولان المحتل، وكيف أن إسرائيل تعتبره حيزًا استراتيجيًا لن تتخلى عنه.


عندما هاجمت إيران مؤخرًا مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل من مواقعها في جنوب غربي سوريا، ردت إسرائيل بوابل من الضربات الجوية اتضح أنها دمرت كل شيء «تقريبًا كل البنى التحتية الإيرانية في سوريا». كان تصعيدًا مفاجئًا في العداوة التي طال أمدها – ولم يكن من قبيل المصادفة أن يحدث هذا في واحدة من أكثر المناطق المتنازع عليها في الشرق الأوسط.

من أشعل الحرب على الجولان؟

تبلغ مساحة مرتفعات الجولان 1800 كم مربع على الحدود بين إسرائيل وسوريا. اليوم، تحتلها إسرائيل في المقام الأول، لكنها كانت تحت السيادة السورية حتى يونيو/ حزيران 1967، عندما سيطرت إسرائيل على معظم المنطقة في حرب الأيام الستة. بينما تسيطر إسرائيل على ثلثي ما يعرف باسم مرتفعات الجولان، تسيطر أيضًا على أكثر المواقع استراتيجية.استولت إسرائيل على مرتفعات الجولان لعدة أسباب، لكن أبرز اثنين منها بشكل خاص؛ توسيع حدودها، وإنشاء منطقة عازلة ضد سوريا.لا يزال هناك الكثير من الجدل والنقاش حول من بدأ حرب الأيام الستة. في حين أن إسرائيل هي التي ضربت أولًا في هجوم مفاجئ، تُجادل الحكومات الإسرائيلية منذ ذلك الحين بأن الحرب لم تكن عملًا عدوانيًا، بل حملة عسكرية وقائية تهدف إلى تأمين إسرائيل في سنواتها الأولى من تأسيس الدولة.

الصراع حول هذه المرتفعات

منذ سيطرت إسرائيل على مرتفعات الجولان عام 1967، وقعت مناوشات متفرقة على الحدود وتبادل لإطلاق نار. الصراع الرئيسي الوحيد بين الدول الذي حدث منذ الاحتلال الإسرائيلي هو الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973، والمعروفة عند العرب بحرب رمضان والإسرائيليين بحرب يوم الغفران.خلال هذا الصراع، واجهت إسرائيل جبهتين عربيتين هما مصر في شبه جزيرة سيناء وسوريا في مرتفعات الجولان، مسلحة بأحدث الأسلحة من الاتحاد السوفييتي. وقعت معركة عنيفة جدًا ودموية في مرتفعات الجولان بين القوات السورية والإسرائيلية.لو لم تحصل إسرائيل على مساعدات عسكرية أمريكية فورية، لخسرت – ليس فقط مرتفعات الجولان بل الحملة العسكرية بأكملها. وبدلًا من ذلك، احتلت إسرائيل مرتفعات الجولان و ضمتها رسميًا عام 1981. وحتى يومنا هذا تحدث مناوشات متقطعة على الحدود.

هل هذا الاحتلال قانوني؟

باختصار، هذا الاحتلال لمرتفعات الجولان غير قانوني بموجب القانون الدولي. وللتوضيح، من المهم جدًا أن نتذكر ثلاثة قرارات مهمة أصدرها مجلس الأمن الدولي، وهي: رقم 242 (1967)، و 338 (1973) و 497 (1981).في الفقرة الأولى، يدعو قرار مجلس الأمن رقم 242 بوضوح إلى «انسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية» من الأراضي المحتلة في حرب الأيام الستة – أي شبه جزيرة سيناء والضفة الغربية ومرتفعات الجولان. ويدعو القرار رقم 338 -الذي مُرر خلال حرب يوم الغفران/ رمضان- جميع الأطراف المعنية إلى تنفيذ القرار 242 «كاملًا».لكن القرار رقم 497 يمضي لأبعد من ذلك، فيبرز صراحة عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي: «يعتبر القرار الإسرائيلي بفرض قوانينها وولايتها وإدارتها على مرتفعات الجولان السورية المحتلة باطلًا ولاغيًا ودون أي أثر قانوني دولي».أعلنت القرارات 242 و338 تحديدًا لمبادرات السلام منذ تمريرها. واستُخدم كلاهما لإضفاء الشرعية على المطالب العربية في خطط السلام مثل خطة فاس لعام 1982 و مبادرة السلام العربية لعام 2002، -اللتين رفضتهما إسرائيل.

لماذا هذه المنطقة مهمة جدًا لإسرائيل؟

يوفر كل مرتفع في مرتفعات الجولان نقاط مراقبة في عمق سوريا، والتي لم تصنعها إسرائيل رسميًا بسلام أبدًا. لطالما أرادت إسرائيل الوصول إلى مستوطنات سياسية ثنائية مع بعض جيرانها العرب، وكانت إحدى استراتيجياتها هي احتلال الأراضي وإعادتها عبر المفاوضات، والتي تعرف في قاموس العلاقات العربية الإسرائيلية بـ «الأرض مقابل السلام».تأمل إسرائيل أن تتمكن من استخدام مناطق مثل مرتفعات الجولان لبدء عملية مفاوضات تضفي شرعية عليها كدولة. وهو ما ناضل القادة العرب للتصدي له. وأي اعتراف محتمل بادعاء إسرائيل لإقامة دولة قد يضعف شرعيتها وشعبيتها مع سكانها. تذكر أنه في السنوات الماضية، اغتيل الرئيس أنور السادات من مصر والعاهل الأردني الملك عبد الله الأول بسبب علاقاتهما مع إسرائيل.

ماذا وراء اهتمام إيران بهذه المنطقة؟

يعتبر استثمار إيران في مرتفعات الجولان أكثر رمزية من كونه ماديًا. يشعل الاحتلال الإسرائيلي خطاب الحكومة الإيرانية المعادي لإسرائيل، والذي يهدف إلى إثارة وتعزيز الدعم الأوسع عبر الشرق الأوسط. لكن التفاخر بقتال إسرائيل أهم بكثير من محاربتها فعليًا.في الواقع، تريد إيران تجنب مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل حول مرتفعات الجولان، لعلمها أن إسرائيل تفوقها للغاية في القوة العسكرية التقنية. لهذا تفضل إيران استغلال قواتها كـ حزب الله في جنوب لبنان وقوات بشار الأسد العسكرية في سوريا كوكلاء بينها وبين إسرائيل. ما يمكّنها من القول إنها تواجه إسرائيل دون تحمُّل مخاطر المواجهة الفعلية.
The Conversation
The Conversation