كل موسيقى ألفتها حتى تلك اللحظة، يمكنكم تدميرها، بعزف كارمينا بورانا، أعطيكم عملي الأول والأخير.
كارل أورف

في 8 يونيو 1937، قدم الموسيقار الألماني «كارل أورف» لأول مرة مقطوعة «كارمينا بورانا»، التي سحرت العالم منذ صدورها حتى اليوم، تعتمد المقطوعة على قصائد تنتمي للقرن 13 كُتبت بلغات القرون الوسطى، مزيج عتيق من اللاتينية والألمانية القديمة، تتحدث عن موضوعات مثل ذم القدر ورثاء الموت والحُب. لا يعلم أحد على وجه الدقة كاتب القصائد، مما حدا بالبعض لنسبتها للشيطان ذاته واتهام كارل أورف أنه أحيا كلمات مُحرمة في عزف ملعون لن يصمت للأبد.

ما يُثير الاهتمام هو تحول اتهامات المعزوفة لنبوءة، أول من أبدى افتتانًا فعليًا بالمعزوفة كان قادة الرايخ الثالث، وخلال عزفها عام 1942، اعتبرها النازيون المُعادل الموسيقي للانتفاضة الآرية التي تحولت في ما بعد لكابوس دموي قتل 60 مليون إنسان.

ظلت «كارمينا بورانا» منذ جمعها لأول مرة على يد الشاعر الألمانى «يوهان أندرياس شميلر» عام 1847، مجرد أشعار أثرية، حتى أحيتها الموسيقى ومنحتها دفعة شعورية نحو مسرح التاريخ، ولونتها بكل صور الحكايات، تارة هي بوق للشيطان وتارة هي بوق واحدة من أعتى الديكتاتوريات في تاريخ البشرية.

يصعب أن تكتب كلمة واحدة إضافية عن موسيقى كارمينا بورانا، يُمكنك عمل دراسة كاملة عن لغة الأشعار وألفاظها، أما الكتابة عن الموسيقى فتبدو مهمة عسيرة ومتكلفة لأن الأذن هي الحاسة المنوط بها وصال هذا الفن وليس النصوص.

يحاول هذا المقال وصال العالم الموسيقي لواحد من ألمع الموسيقيين المصريين الذي منحت موسيقاه دفعة شعورية لأعمال فنية شتى، منحتها سحرًا إضافيًا يصعب شرحه، لكنه يُكمل مع الصورة والحكاية وحدة جمالية ما عليك إلا الاستسلام لها مثلما منحت الموسيقى لأشعار قديمة مثل كارمينا بورانا أدوارًا مثيرة على مسرح الحياة. لا يتورط المقال في شرح مُتخصص للموسيقى أو منطقتها لأن شرح الجمالية بغير حاستها يبتذلها، إنما مُقاربة هذا العالم من مدخل الحكايات التي أحيتها موسيقى «هشام نزيه».

مغامرة زادها الدهشة

بر الخطر وحده هو بر الأمان.
فؤاد حداد

يصف «هشام نزيه» مُبتدأ علاقته بالموسيقى، منذ كان في سن الرابعة، باعتبارها مُتعة شعورية مفاجئة اقتحمت عالمه عبر الأذن وسلبته إرادته، فاستسلم لها. وبقدر ما يتسق الوصف مع طفولة صبي تعرض لجُرعة من السحر لا يفهم منطقها، لا يزال «هشام نزيه» في سن الخمسين يصف عملية سماعه وخلقه للموسيقى باعتبارها أبعد ما تكون عن عملية مُكررة خاضها مرات حتى خلق ألفته مع خطواتها، ما زالت الموسيقى لديه مُغامرة تجريبية، سعي طفولي وراء الدهشة أو معنى خفي لا يقود مُطارده إلا إيمان بداخله أنه مُختبئ في زاوية بعينها وعليه أن يواصل المُطاردة حتى وصاله.

ما يثير الاهتمام في موسيقى هشام نزيه من خلال تتبع أعماله هو استعصاؤها الدائم على التكرار، يصعب أن تُدرك بصمته بالأذن، لأن كل قطعة موسيقية تتلون بروح العمل الذي تستنطقه مثل حرباء فيُفلت أسلوبه من المألوفية، يستعير نزيه في حواراته شعر فؤاد حداد قائلًا:

بر الخطر وحده هو بر الأمان.

كل عمل فني هو مُغامرة وراء الدهشة، لا بد أن يهجر فيها كل الحدود الآمنة بحثًا عن معنى خفي ينتزعه ليمنح للعمل روحه، تلك المغامرة على خطرها لا تتشابه أبدًا مع سابقتها أو ما يليها، في الحدود الآمنة تكرار لا مفر منه وفي المغامرة كل مرة يتخلق جديد لم يكن ليولد إلا في مساحات التجربة الخطرة التي لم يطأها أحد من قبل

الموسيقى وسجن المكان

الموسيقى لا تتجزأ ولا يُقيدها مكان.
هشام نزيه

يؤكد هشام نزيه في مُغامرته الموسيقية التي منح عبرها الروح لأماكن تتراوح من عشوائيات القاهرة في «إبراهيم الأبيض» وصولًا لعوالم مارفل الأمريكية في «moon knight»، أن الموسيقى لا تتجزأ ولا تقسمها الحدود لأنغام شرقية أو هندية أو أوروبية، فالموسيقى سحر يُستحضر ليعبر عما تعجز عنه الصورة والتمثيل. وقوة الموسيقى ليست في انتمائها لمكان بعينه إنما في قدرتها على التعبير عن روح هذا المكان.

خلال صنع موسيقى إبراهيم الأبيض، كان السؤال الأثير، كيف يُمكن أن تولد موسيقى من رحم عشوائيات خربة يجسد بنيانها جريمة في حق الجمال، يحيا في متاهاتها عاشقان، إبراهيم وحورية، أرواح نارية، تُحب وتعشق وتخون بعنف مثل النار. كان على الموسيقى أن تُكثف كل هذا الصخب والنار المُستعرة في عمران متوحش وفوضوي، وجاءت الموسيقى أقرب للصوفية وأصواتهم التي يقول عنها نزيه:

 بعض بيوت القاهرة لو كان لها أن تُغني ستنطق بالأنغام الصوفية.

لا تستعير الموسيقى الهالة الدينية لنغمات الصوفية، إنما غرابة أصواتها بين التكرار المُستكين ثم الآهة والرغبة في الانعتاق، في عمران مُستسلم لقوانينه يوجد إبراهيم وحورية مثل صرخة سوف تُمزق في انعتاقها أرواح أصحابها.

ستعود الصوفية في موسيقاه عام 2014، مع مُسلسل «السبع وصايا»، الذي يبدأ بإخوة يتواطؤون على قتل والدهم في حدث مُزلزل، يصعب أن تستنطقه الموسيقى، أو تتخذ فيه جانبًا مُتعاطفًا أو مُدينًا للشخوص، جاءت الحضرة وتكثيف أصواتها كاحتلال مكاني مهيب لحدث لا يُستدعى فيه الرب بالصيحات بل الشيطان ذاته. وفي إخلاص تام لقاعدته التي ترفض أن تؤسر الآلات مكانيًا لبقعتها الجغرافية فلا يعبر مثلًا التخت الشرقي عن عالمنا المحلي، مزج نزيه أصوات الحضرة الصوفية بالروك الغربي ليخرج لحنًا ساحرًا، آسرًا ذا قوة متعالية على شخوصه وقاهرة لهم، كذلك لحن ينتمي لقاهرة آسرة يُمكنها أن تستضيف في حدودها المكانية كل صور الجنون، جنون يبدأ من قصة حب إبراهيم وحورية في عشوائيات منسية وصولًا لإخوة السبع وصايا وجريمتهم.

تحررت موسيقى نزيه من قواعدها المكانية وأخلصت للحكاية، حضرت القاهرة في موسيقى هشام نزيه كحضرة مُكثفة، لا تُحرر الشعور بل تأسره في سيمفونية يُضفر فيها العشق والدم فلا تدري هل تُخفي الآهات في خلفية الموسيقى رغبة في الخلاص أم مزيدًا من الذنب والانغماس؟

ما تضيفه الموسيقى

لو الحاجة هيعبر عنها الكلام، مفيش داعي للموسيقى.
هشام نزيه

يتحدث الموسيقار «هانز زيمر» عن قانون مقطوعاته السينمائية، وهو أنها لا بد أن تضيف شيئًا ما للحبكة، شيئًا تفتقده كل عناصر العمل، شيئًا لا يُمكن أن يمنحه المكان أو الديكور أو الأبطال.

خلال صنعه موسيقى Gladiator، يخبرنا أن العمل موقعة ذكورية، لكنها كانت تحتاج لروح أنثوية، جنة يسافر لها المقاتل بوجدانه قبل الموت في الحلبة وحققت الموسيقى ذلك العنصر الناقص، بينما في Interstellar أمام أعقد مغامرة كونية تُبحر في الزمن لإنقاذ العالم كان لا بد من استقدام أعقد آلة اخترعها البشر لتأطير الملحمة وهي الأرغن الكنسي.

الموسيقار هانز زيمر

يستحضر هشام نزيه في كل قطعة موسيقية إضافة تُكمل أوركسترا الصورة والتمثيل، يستعير موسيقى «الفيل الأزرق» بلا وعي من أجواء «السبوع» الذي حضره طفلًا فأصابه بالروع، دق الهون الثقيل في إيقاع طقسي مُسكر بينما يبدو الكبار عمالقة حول طفل بلا حول وقوة، كان ذلك مدخل الصبي لقدرة الأصوات على سلب المرء رُشده وأسره في مغامرة مخيفة لا يحبها ولا يُجيد الفكاك منها، كان هذا التأثير النفسي الذي اصطنع به نزيه موسيقى الفيل الأزرق، التي تحول فيها يحيى لطفل عالق في عالم مخيف ومُجبر على وصال جانبه المُظلم ونُجبر معه على وصاله في حكاية نخافها ولا نريد مغادرتها.

بينما تتجاوز الموسيقى دورها في الحصار لإصدار حُكمها الشعوري على الشخصيات فجاءت موسيقى مُسلسل «العهد» أوبرالية باعتبارها مُعادلًا للجحيم حيث جميع أطراف الحكاية يتصارعون إما على الخروج منه أو إدخال الآخرين فيه، تبدو الدراما بأكملها مثل كفاح شياطين في قعر جحيم سُفلي.

 بينما تحضر على النقيض موسيقى مسلسل «شربات لوز» باعتبارها إيقاعًا مُبهجًا راقصًا، يُفلت من المحاسبة ولا يُفلت من تعلق القلب، مثل شخصية شربات لوز التي تتراوح أفعالها بين الخفة والنزق والتلاعب وهو ما عبرت عنه النغمات ببراعة.

تتلون الموسيقى في عوالم هشام نزيه، تبعًا للحكاية، لكنها تُخبرك خفية بإضافة تُكمل دائرة السرد، تُخبرك عن الجحيم من علً بينما الشخوص يتقاتلون بالأسفل، تُحاصرك في حكاية مع شخصية تخافها، تُترجم روح شخصية خفيفة قد لا تعلم مصيرها بعد لكنك توقن من خفة الموسيقى أنها سوف تُفلت من أيادي مُتربصيها مثلما وعدك اللحن.

الموسيقى تستنطق شخوصها

أؤلف حدوتة موازية للعمل الذي أشارك فيه بالموسيقى.
هشام نزيه

يُخبرنا الموسيقار هاني شنودة أن كل ألحانه تبدأ من جملة موسيقية وسؤال، سؤال يطرحه مأزق الشخصية فيُلخص موسيقى «المشبوه» الساحرة في أسئلة عن المجرم، هل سيكون مصيره التوبة، هل سيغيره الحب، هل سينجو من الشرطة؟ الرب وحده يعلم. بينما موسيقى «شمس الزناتي» ولدت من رحم سؤال، هل يمكن لسبعة أفراد أن يهزموا جيشًا؟

الموسيقار المصري هاني شنودة

في بعض أعمال هشام نزيه تنسحب الموسيقى كليًا من هاجس استنطاق المكان أو إضافة المفقود للعمل، للتوحد التام مع شخصية تحيا في عجز كامل عن البوح بمكنون قلبها، ربما فيلم تيتو يُجسد المثال الموفق لتلك الفكرة، تهجر الموسيقى كُليًا جونرة الأكشن التي يُفترض أن يمثلها الفيلم وتغرق كليًا في شخصية البطل، الذي يحتضن بداخله طفل تواق للحياة والحُب لكنه مُحاصر بجبرية تؤكد هلاكه، مثل بطل إغريقي جنته رهينة قلبه لكنه لن يتسيد إلا مشهد مأساوي فلا يتبقى سوى الموسيقى كجنة بديلة، حدوتة موازية ورثاء حزين لشخصية لم تكتمل جنتها أبدًا.

حتى الصمت يؤطر الموسيقى

غياب المزيكا معناها أنك كمشاهد دخلت الفيلم وأنا سبتك.
هشام نزيه

يروي «مودي الإمام»، كيف صمم موسيقاه لأفلام شريف عرفة أحيانًا تبعًا لإيقاع الصورة، أو حركة الممثل في المشهد، ولدت موسيقى «رسالة إلى الوالي» من عود وقانون وأوركسترا نحاسيات تواكب إيقاع فارس على حصان في زمن حديث، بينما ولدت موسيقى «طيور الظلام» من مشهد إطلالة المحامي على القاهرة من علً.

الموسيقار المصري مودي الإمام

يقول هشام نزيه إن الموسيقى عملية تكاملية، كثيرًا ما تستفيد من مواكبتها للصورة، بخاصة لو اعتمد الفيلم كليًا على مكنونه البصري مثل فيلم «الأصليين»، الذي تفردت موسيقاه بمحاولة فك تعقيد حكاية قوامها إمتاع بصري وإلغاز فكري.

لا تولد الموسيقى بمعزل عن حكايتها، كل عنصر في الحكاية يسهم في تخليق الموسيقى، ولو كان نقيضها أو الصمت ذاته، الذي يعتبره نزيه جمالية مُستقلة، بحضوره مع انسحاب الموسيقى يتورط المُتلقي في دخول الحدث وإكسابه شعوره الخاص دون مساعدة من اللحن

صانع الحكاية وصانع الموسيقى

المخرج أول شخص يعلم كيف سيكون شكل الفيلم في النهاية.
هشام نزيه

يضم تاريخ السينما ثنائيات بديعة بين الإخراج والموسيقى مثل داود عبد السيد وراجح داود أو مودي الإمام وشريف عرفة وغيرهم، قوامها هو فهم ساحر من العازف لعالم الحكاية وصانعها، فهم يُمكنه أن يروض صعوبتها ويُذيب شحنتها الشعورية في نغمات

في الكيت كات نجد راجح داود نتيجة فهمه لجوهر الحكاية يُفلت ببراعة من التوقع المكاني لحارة شعبية وسكانها بأن تقدم الموسيقى الشرقية الحزينة أحوالهم، يستعين بالأرغن، الآلة التي تروي الملاحم الكلاسيكية الكبرى في القاعات والكنائس. 

على شريط الصورة يبدو الشيخ حسني رجلًا عجوزًا يُخادع نفسه وفي همس الموسيقى يبدو كشخصية جنائزية تُرثي واقعًا يُطبق خناقه عليها، شخصية كنسية في رواية إنجيلية لا تدري فيها من يهوذا؟ من خان أحلام كل هؤلاء وسلمهم لواقع يقتات عليهم بلا رحمة؟

تروي «بسكاليا» راجح داود كل ذلك ليقع المُتلقي في صراع وجداني، كيف تضحك على مشهد مُضحك فعلًا خلفيته الموسيقية جنائزية؟!

من اليمين مروان حامد ، هشام نزيه وأحمد مراد

يؤكد هشام نزيه أن المخرج هو الشخص الوحيد الذي يعرف مغزى الحكاية وشكل الفيلم النهائي، لذلك هو الأجدر على نقل مكنون حكايته للموسيقار ليُحوله لنغمات، لذلك يحمل تاريخ هشام نزيه شراكة ثرية مع أشخاص بعينهم نجحوا في نقل مكنون حكاياتهم بسلاسة لعوالمه الموسيقية مثل مروان حامد الذي قدم معه موسيقى بديعة لأعمال مثل الفيل الأزرق والأصليين وصولًا لكيرة والجن. موسيقى تؤكد جوار عبقريتها ذكاء المخرج في نقل أسرار عوالمها التي تراوحت بين العوالم التاريخية والخوارقية.

الموسيقى سحر يقاربه العقل ولا يأسره

مقدرش أقولك الفكرة بتيجي إزاي كل اللي أقدر أقوله إنها لا يمكن تيجي لوحدها لازم مطاردة حتى لو مش عارف انت بتطارد ايه.
هشام نزيه

يصعب أن يتفق هشام نزيه أو يختلف مع أي قراءة لموسيقاه، ما تحاول الكلمات فعله هي إلحاق المنطق بالفن، أو عقلنته أو تضمينه في سردية مُرتبة، بينما يعترف نزيه أنه يُطارد مغامرة ودهشة لا يدري كثيرًا مكنونها إلا بالوصول لها، وبعد الفراغ منها يُحاول عقلنتها وتضمينها في سردية مفهومة، فالتفسير هنا يأتي كمنتج إضافي للسحر. سحر يُقر نزيه كثيرًا أنه لا يهمه حضوره فيه، لا يهمه أن يتعرف المستمع عليه في فنه، ما يهمه أن يستمتع المتلقي بسحر الموسيقى، أن تتسلل لوجدانه وتتغلب على مقاومته العقلانية فيمنحها إرادته مثلما فعلت به الموسيقى وهو ابن أربع سنوات حتى ولو ذاب شخص الموسيقار في العملية وغاب شهوده.

لا يحاول المقال استعراض كل أعمال نزيه التي يصعب حصرها في مقال واحد ولا يحاول تقييدها بالمنطق أو إخضاعها لعناصر عقلانية، إنما يحاول استكشاف الجمال في عوالم موسيقية متفردة، سر فرادتها هو إخضاع كل عمل يتصدى له لمنطق المغامرة وكل مغامرة تخلق سحرًا لا يتكرر.

يهدف المقال أن يُجاوز شرح الموسيقى لتحريرها من أسر حكاياتها والحبكة لتمتلك روحها الخاصة، مثلما تحررت كارمينا بورانا من أسر مخطوطات قديمة وامتلكت بالموسيقى روح وحكاية في كل زمن، يصعب أن نتخيل الأعمال التي لحنها نزيه من دون توقيعه الموسيقى، لكن يُمكننا تخيل القطع الموسيقية مُنفصلة وإضفاء عليها معنى خاصًا من مُخيلتنا، تملك الموسيقى ذلك السحر الذي يجعلها تتحرر دومًا من أسر صناعها وحكاياتها لولادة حكايات أخرى بعدد سامعيها، لذلك لا تمنح الموسيقى أسرارها أبدًا إلا لمن يقبل بمنطق المغامرة والدهشة، لذلك يجيب نزيه عن سر موسيقاه في سن الخمسين بنفس إجابة سن الرابعة، إجابة مُبهمة تحفظ سحر العملية وغموضها، لا يزال الصبي وإن قارب الخمسين يبحث في كل ما يفعله عن سحر يغمره ويستسلم له ويحاول بإخلاص نقل التجربة نفسها للجميع.