يعاني الكثير من الأطفال من مرض التوحد، منهم منْ تصعب حالته ويصعب التعامل معه، ومنهم منْ يمكن علاجه أو يمكن التعامل معه، يقلق الآباء بشأن التوحد وغالباً ما يكتشفونه في السنوات الأولى بعد أن يلاحظوا أن طفلهم مختلف عن بقية الأطفال.

من الصعب اكتشاف مرض التوحد؛ لأنه ليس كأغلب الأمراض يمكن الكشف عنه من خلال تحاليل أو أشعة، ولكن الطبيب يلجأ إلى مراجعة التاريخ المرضي للعائلة وإلى اختبار سلوكيات وتطورات الطفل.

يربط الكثير من الآباء مرض التوحد بعدم استجابة الطفل للشخص عندما يناديه أولا يستجيب لسماع اسمه، لا شك أن هذا الأمر أحد أعراض التوحد، ولكن لا يقتصر تفكيرك في هذا الوقت على التوحد فقط، فقد يعاني الطفل من مشاكل في السمع، فعليك التأكد من هذا الأمر أولاً قبل أن تنصرف نحو التوحد.

لا شك أن الآباء يرغبون في رصد أي مرض مبكراً لكي يتمكنوا من التخلص منه بسهولة، فهل هناك طريقة تجعل الآباء يكتشفون مرض التوحد مبكراً قبل ظهور الأعراض؟

قبل أن نجيب على هذا السؤال المطروح، يجب أن نوضح لكم أولاً ما هو التوحد، وما هي أعراض التوحد الشائعة، لكي تحيطوا بها علماً.

ما هو التوحد؟

اضطراب طيف التوحد ASD، أو ما يُعرف بالتوحد، هو نوع من أنواع الإعاقة التي تصيب نمو الفرد، ويحدث بسبب بعض الاختلافات في مخه.

يعاني مرضى التوحد من مشاكل في التواصل والتفاعل مع الآخرين، كما يتسمون باختلاف طريقة تعلّمهم أو حركتهم أو جذبهم للاهتمام، ويرجى الانتباه أن هناك أشخاصاً يعانون من هذه المشاكل وليس بالضرورة أن يُصنّفوا مرضى توحد، ولكن بالنسبة لمرضى التوحد، فإن هذه المشاكل تجعل حياتهم صعبة.

أعراض التوحد عند الأطفال الصغار

  • لا يستجيب إذا سمع اسمه بعد سن 9 شهور.
  • لا يظهر على وجهه تعبيرات الشعور، مثل السعادة والحزن والغضب والمفاجأة بعد سن 9 شهور.
  • يستخدم القليل من الإيماءات أو لا يستخدم من الأساس من عمر 12 شهراً (كأن يلوح بيديه ليودع الآخرين).
  • لا يشارك اهتماماته مع الآخرين من عمر 15 شهراً (مثلاً: لا يدعك ترى لعبته المفضلة أو يخبرك أنه يُفضِّل شيئاً ما).
  • لا يشير إلى شيء يثير انتباهه من عمر 18 شهراً.
  • لا يلاحظ انفعالات الآخرين مثل الغضب أو الأذى من عمر 24 شهراً.
  • لا يلاحظ الأطفال الآخرين أو يذهب للعب معهم من عمر 36 شهراً.
  • لا يتمنى أن يكون شيئاً معيناً عندما يكبر، مثل الطفل الذي يرغب أن يكون ضابطاً أو طبيباً أو مدرساً، وهكذا، وهذا في سن 48 شهراً.
  • لا يغني أو يرقص أو يمثل أي حركات أمام الآخرين مثل باقي الأطفال، من عمر 60 شهرًا.
  • يتحاشى النظر في عيون الآخرين.
  • لا يبتسم لك إذا ابتسمت له.
  • يغضب بشدة إذا كره طعماً أو رائحة أو صوتاً معيناً.
  • يُحرِّك أجزاءً من جسمه حركات سريعة متكررة، كأن يحرك يديه أو أصابعه أو جسمه.
  • لا يتحدث كثيراً مثل بقية الأطفال.
  • يُكرِّر نفس الجمل أكثر من مرة.
  • يرتب ألعابه وأغراضه بطريقة معينة ويغضب إذا غيّر أحدهم الترتيب.
  • يلعب بألعابه بنفس الطريقة في كل مرة.
  • يُركِّز على أجزاء الأشياء، مثلاً عجلات السيارة التي يلعب بها.

أعراض التوحد عند الأطفال الكبار

  • لا يبدو عليه فهم ما يفكر أو يشعر به الآخرون.
  • من الصعب عليه أن يعبر عمّا يشعر به.
  • يميل إلى روتين صارم ومحدد ويغضب بشدة إذا تغير روتينه.
  • يتحمس بشدة تجاه بعض الأنشطة أو المجالات.
  • يغضب بشدة إذا طلبت منه القيام بشيء ما.
  • من الصعب عليه تكوين صداقات ويميل للوحدة.
  • يفهم الكلام بمعناه الحرفي، فمن الصعب عليه فهم المصطلحات التي تحمل معنى شائعاً آخر غير معناها الحرفي، مثل جملة «يُغطِّي الحدث»، معناه الحرفي هو أن شخص يغطي ويستر الحدث، أما معناه اصطلاحاً هو أن شخصاً ينقل كل أخبار الحدث.

وبما أننا نسرد أهم أعراض التوحد عند الأطفال، فدعنا نذكر الفرق بين أعراض التوحد عند البنات والأولاد، لنكون قد غطّينا هذه النقطة بالكامل.

هناك فرق بين أعراض التوحد عند البنات والأولاد، فمن الأصعب اكتشاف التوحد عند البنات، لأنهنّ يكنّّ أهدأ، وتكون علاقاتهن الاجتماعية أفضل من الأولاد ممّن يصابون بالتوحد، فيكون من الصعب اكتشاف التوحد عندهن.

بعض المشاكل التي تواجه مريض التوحد

  • تأخر في المهارات اللغوية.
  • تأخر في المهارات الحركية.
  • تأخر في المهارات التعليمية.
  • فرط النشاط والاندفاع.
  • نوبات الصرع.
  • عادات غير معتادة في النوم والأكل.
  • التوتر والضغط والقلق المبالغ فيه.
  • عدم الخوف أبداً أو الخوف المبالغ فيه.

ويُرجى الانتباه إلى أنه ليس بالضرورة أن يمتلك مريض التوحد كل هذا الأعراض السابقة.

ويظهر التوحد عادة في سن سنتين أو ثلاث سنوات، وهذا لا يعني وجود أعراض قبل ذلك، بل إننا ذكرنا أعراضاً تظهر من سن ٩ شهور، ولكن تصعب ملاحظتها من الوالدين، ولكن لا شك أن الكشف المبكر يُسهِّل العلاج، فهل يمكن كشف ذلك مبكراً؟

الكشف المبكر على مرض التوحد

اكتشاف اضطراب طيف التوحد مبكراً يساعد على علاجه بشكل أسهل، حيث لا يزال المخ مرناً ويمكن التعامل معه بطريقة أفضل وأسهل، ولكن العلامات الواضحة للتوحد تظهر في الأطفال بعد السنة الثانية من عمرهم.

استخدمت Gabard-Durnam بمساعدة زملائها جهاز تخطيط كهربية المخ EEG لقياس ذبذبات الدماغ والتنبؤ بكيفية الكشف عن مرض التوحد وتحديد متى يمكنهم فعل ذلك تحديداً، استخدموا في التجربة أطفالاً رُضّعاً لديهم احتمالية إصابة بمرض التوحد بسبب عوامل وراثية (يوجد تاريخ مرضي في العائلة لهذا المرض)، أعمار الأطفال المشاركين في التجربة كانت 3 و6 و9 و12 و18 و24 و36 شهراً.

أظهرت النتائج أن قوة التخطيط الكهربية للجهاز على الفصوص الأمامية من الدماغ في السنة الأولى عامل قوي لاحتمالية الإصابة باضطراب طيف التوحد، وذلك من خلال قياس نشاط مناطق مختلفة من الدماغ وقياس تزامن النشاط من منطقة لأخرى، فإذا حدث تزامن، دلّ ذلك على التناسق الوظيفي في الدماغ وهو الطبيعي، أمّا إذا لم يحدث تزامن فهذا معناه أن هناك استقلالاً وظيفياً، وهو ما يشير إلى الإصابة بالمرض.

أظهرت هذه التجربة أن قياس نشاط الدماغ يساعد في الكشف المبكر على مرض التوحد، حتى قبل ظهور الأعراض التي ذكرناها في البداية.

بعد أن ذكرنا الأعراض التي تقبل الملاحظة لمرض التوحد، وكيفية رصده قبل ظهور هذه الأعراض، من المهم أن نُوضِّح الفروق بين مرض التوحد واضطرابات النمو الأخرى التي تتشابه معه في بعض الأعراض.

في سن 12 شهر:

– طفل ليس لديه توحد: يلتفت برأسه عندما يسمع اسمه.

– طفل لديه توحد: لن يلتفت برأسه عندما يسمع اسمه حتى لو كرّروا النداء مرات عديدة، ولكنه ينتبه للأصوات الأخرى.

في سن 18 شهر:

– طفل لديه تأخر في مهارات الكلام: يستخدم الإشارة والإيماءات وتعبيرات الوجه لكي يعبر عمّا يريد قوله.

– طفل لديه توحد: لا يحاول بذل أي مجهود لتوضيح ما يريده بأية طريقة، يمكن أن يكتفي بتكرار ما يسمعه في التليفزيون أو ما سمعه للتو.

في سن 24 شهر:

– طفل طبيعي: يمكنه التفاعل مع الصور ومشاركة الآخرين شعوره.

– طفل لديه توحد: يمكن أن يحضر لوالدته زجاجة الفقاعات لتفتحها له ولكن لا ينظر في وجهها وهي تفعل ذلك أو أثناء طلبه لذلك ولا حتى يخبرها عن سعادته باللعب بها.

الخلاصة

الأطفال مسؤولية كبيرة، وهناك العديد من الاضطرابات والأمراض التي يمكن أن يُصابوا بها، ولكن الانتباه لهم بالمعقول يحل الكثير من المشاكل ويُيِّسر الكثير من الصعاب، فيجب على كل أم وأب أن ينتبها للطفل، ويراقبا نشاطه وتطوراته، ويحاولا التفاعل معه والانتباه له في سنوات عمره الأولى تحديداً، منذ أن يرى الطفل نور الدنيا، لكي يحافظا عليه من أية تطورات، فالاكتشاف المبكر يساعد على الشفاء.

ونتمنى أن يكون كل الأطفال بخير وألا تروا في أحبتكم مكروهاً.