محتوى مترجم
المصدر
The Conversation
التاريخ
2018/02/02
الكاتب
كوني كريستيانزن

منذ عام 2015، شنت قوات الائتلاف بقيادة السعودية حربًا شعواء ضد قوات الحوثي الشيعية والقوات التابعة للرئيس الراحل علي عبدالله صالح باليمن. نتيجة للصراع المُحتدم، لقي أكثر من ثمانية آلاف مصرعهم وأصيب أكثر من 49 ألف شخص، بينما تُقدر نسبة المحتاجين إلى مساعدات إنسانية بحوالي 69% من إجمالي تعداد السكان.

يواجه الملايين من اليمنيين خطر الموت جوعًا. كما خرجت تجارة الأسلحة عن السيطرة، فقد قدّر تقرير للأمم المتحدة، عام 2016، عدد الأسلحة النارية المتداولة داخل اليمن بحوالي 40 إلى 60 مليون سلاح ناري.

كان للحرب تأثير مدمر على نساء البلد. فالمجتمع أغلب مُعيليه من الرجال، خرج معظمهم للقتال، أصيبوا أو قُتلوا. ضربت الأزمة الاقتصادية القطاع الخاص بشدة بينما لم يعد القطاع العام يستطيع الإيفاء برواتب موظفيه. يهدد خطر الأوبئة المتفشية –كالكوليرا- صحة وأمان النساء. كما يقعن ضحية لزواج القصر؛ فقد أدت الأزمة الاقتصادية الطاحنة إلى استخدام الفتيات كعملة لسداد الديون أو دفع تكاليف إطعام باقي الأسرة.

فكما شرحت امرأة من منطقة «إب» الشمالية، المحتلة من قبل قوات حوثي المتمردة، الوضع لفريق من الباحثين:

نحن نعيش في بلد بلا قانون، ليس هناك أمن أو حماية أو قوات شرطية. يُقتل السكان هنا ضربًا بالنيران دون أي سبب. لم يعد الوضع الأمني كما كان. فالآن، تتصرف بعض الجماعات كأنها الموكلة بتطبيق القانون. هذه الجماعات تستمد سلطتها من قوتها، مما يجعلها هي القانون.

كما أشارت الباحثة «سينثيا إنلو»، إلى أن النساء يلعبن دوراً حيوياً في الحرب، فهن يُساندن القوات المسلحة، ولا تقتصر مساندتهن لها على المساعدات الإنسانية.


مشاركة النساء بالحرب

بالرغم من محاولة العديد من السيدات اليمنيات إثناء أفراد عائلاتهن عن المشاركة في الصراع، وقلة عدد من يقدرن منهن على حمل السلاح، إلا أنهن يساعدن في تجنيد الرجال إلى القوات المسلحة. كما يساعدن المقاتلين بطهي الطعام لهم وتوزيعه.في ظل

اختارت «نسيم العديني» البقاء في تعز المحتلة من قبل قوات الحوثي، بعدما فرت عائلتها إلى منطقة إب المجاورة، لتُنشئ منظمة لمساعدة المقاتلين لصالح الحكومة السابقة. فكما صرحت لـ «ميديل إيست أي»:

نحن نريد تشجيع القوات المؤيدة للحكومة على التقدم داخل المحافظة، ورفع معنويات المحاربين.

تحاول بعض اليمنيات تخفيف وقع الصراع بأفضل الطرق المتاحة. فعلى سبيل المثال، تشترك النساء في مجهودات الإغاثة الإنسانية وتوفير الدعم الاجتماعي والنفسي لضحايا الحرب. كما أن لهن دورًا في عمليات السلام، بمبادرتهن لإدارة نقاشات حول الصراع في مجتمعاتهن.

تختلف حدة الحرب من جزء لآخر في اليمن، مما أدى لاختلاف ظروف ونشاطات النساء من منطقة لأخرى. فهنالك إمكانيات أفضل لنساء مدينة عدن الجنوبية للمشاركة في عمليات السلام عن تلك المتاحة لنساء الشمال، حيثما يسيطر الجيش الحوثي وأصبحت ضربات قوات الائتلاف الجوية جزءًا من الروتين اليومي للسكان.


زخم محاصر

في شمال اليمن، تنقسم المجتمعات المحلية، بين مؤيدين ومعارضين لحكومة الحوثي، بشكل أكثر حدة من جنوبها. فعندما تحاول النساء الدخول إلى المجال العام والمشاركة في الجهود الخيرية، يُقابلن باستجواب من السلطات المفروضة بحكم الأمر الواقع، أي القوات الحوثية، التي طبقًا لشهادة سيدة، تحاول منعهن من أداء عملهن. كما يأمرن النساء بعدم الظهور في الأماكن العامة أمام الرجال.

يعارض الحوثيون مشاركة النساء في الحياة العامة. فطبقًا لهم، دور المرأة محصور في الطهي والمهام المنزلية. إنهم يهمشون النساء، بإنكار دورهن في المجتمع.

ليست نساء المناطق الشمالية والجنوبية اليمنية مواطنات كاملات الحقوق. فهن يواجهن، تبعًا لمنظمة العفو الدولية:

تفرقة مجحفة في أمور الزواج والطلاق والميراث وحضانة الأطفال. بينما تفشل الحكومة في اتخاذ ضمانات كافية لمنع العنف المنزلي، والتحقيق في حوادثه، ومعاقبة مرتكبيه.

تضرب التفرقة ضد النساء باليمن جذورًا في المجتمع أعمق بكثير من الحرب، فهي، طبقًا لعدد من الدراسات، ذات صلة وثيقة بالعادات المحلية. على الرغم من ذلك، ما زالت نساء اليمن مُخلصات لدورهن في تقدم بلدهن.


رابطة وثيقة

خلال الثورة الشعبية التي اجتاحت البلاد عام 2011، خرج مئات الآلاف من اليمنيين إلى الشوارع متظاهرين احتجاجًا على حكم الرئيس، حينها، علي عبدالله صالح «الفاسد». شاركت اليمنيات في الاحتجاجات بأعداد غير متوقعة أو مسبوقة.

لم يكن لدى معظم السيدات المشاركات بالاحتجاجات أي انتماءات حزبية أو سياسية، لكن سيطرة حزب التجمع اليمني للإصلاح، التابع أيديولوجياً لجماعة الإخوان المسلمين، على حركة الاحتجاجات أثارت مخاوفهن من مصادرة حقوقهن.

وعلى الرغم من ذلك، شكلت النساء قرابة ثلث المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني الشامل المدعوم من الأمم المتحدة، الذي جاء في أعقاب تنحي الرئيس صالح. جاءت المشاركات من مختلف الخلفيات السياسية، فمنهن المستقلات، والمنتميات لحزب التجمع اليمني للإصلاح أو الجناح السياسي لتنظيم الحوثيين المعروف باسم أنصار الله.

هدّف المؤتمر، الذي امتد لقرابة 10 أشهر، صياغة دستور جديد أكثر ديموقراطية لدولة متحدة. إلا أنه في سبتمبر/أيلول 2014، رفض الحوثيون التصديق على مسودة الدستور الجديد، التي تضمنت نسبة 30% تمثيل للمرأة، قبل أن يحصل عامة الشعب على فرصة التصويت عليه في استفتاء ديموقراطي.

بسبب بطء العملية الديموقراطية، سادت خيبة الأمل الشارع اليمني، مما حشد مساندة شعبية للحوثيين، ومكنهم من فرض سيطرتهم على المرافق الحكومية الرئيسية بالعاصمة، صنعاء، والتخلص من الحكومة الانتقالية المُعترف بها دوليًا. ومن المثير للاهتمام، أن الحوثيين لم يرفضوا مسودة الدستور بسبب بند تمثيل المرأة، لكن بسبب نموذج تشارك القوى المُقترح، الذي جاء مخيبًا لتطلعاتهم.

مثّل احتلال الحوثيين للعاصمة وسيطرتهم على الحكومة بداية الحرب ونهاية الزخم من أجل حقوق المرأة باليمن، التي عادةً ما تكون في أدنى درجات مؤشر عدم المساواة بين الجنسين العربي.

في عام 2014، حاولت مجموعات نسائية، من خلفيات سياسية متنوعة، الترويج لصالح الحلول السياسية بدلًا عن الحرب. ربما تم استبعادهن من محادثات السلام منذ ذلك الحين، لكن هذا لا يعني أن النساء اليمنيات فقدن الأمل.