محتوى مترجم
المصدر
ذي كونفيرسيشن
التاريخ
2016/04/15
الكاتب
نجا فرجان راميريز

يمكن لأي شخص بالغ حاول تعلم لغة أجنبية أن يشهد على مدى صعوبة وإرباك تعلم لغة جديدة. لذلك فإنه عندما ينشأ طفل عمره 3 أعوام في منزل ثنائي اللغة ويُدخل كلمات أسبانية في جملة الإنجليزية، يفترض الاعتقاد السائد أن اللغتين قد اختلطتا عليه.تظهر الأبحاث أن هذا الاعتقاد غير صحيح.

تعد الطفولة المبكرة أفضل وقت ممكن لتعلم لغة ثانية

في الواقع، تعد الطفولة المبكرة أفضل وقت ممكن لتعلم لغة ثانية. فالأطفال الذين يختبرون لغتين منذ مولدهم يصبحون عادة ناطقين أصليين لكلا اللغتين، بينما يعاني البالغين عادة في تعلم اللغة الثانية ونادرًا ما يصلون إلى طلاقة المتحدثين الأصليين.لكن يبقى السؤال؛ هل الأمر مربك للأطفال أن يتعلموا لغتين في نفس الوقت؟

متى يتعلم الأطفال اللغة؟

تُظهر الأبحاث أن الأطفال يبدأون تعلم أصوات اللغة قبل أن يولدوا. ففي الرحم، يعد صوت الأم أحد أهم الأصوات التي يسمعها الأطفال الذين لم يولدوا بعد. وبعد ولادتهم، لا يتمكن حديثو الولادة من تمييز الفارق بين لغة أمهم ولغة أخرى فقط، بل ويظهرون أيضًا قدرة على التمييز بين اللغات.يعتمد تعلم اللغات على معالجة الأصوات. حيث تشكل جميع لغات العالم مجتمعة ما يقارب 800 صوت. تستخدم كل لغة حوالي 40 صوت لغوي، أو «فونيم»، التي تميز كل لغة عن الأخرى.عند الولادة، يحظى دماغ الرضيع بهدية غير معتادة؛ حيث يستطيع أن يميز بين 800 صوت. يعني ذلك أنه عند هذه المرحلة يمكن للأطفال أن يتعلموا أي لغة يتعرضون لها. وبالتدريج يميز الأطفال أي الأصوات يسمعونها أكثر من غيرها.

1
يتعلم الأطفال تمييز صوت أمهاتهم قبل حتى أن يولدوا.

بين عمري ستة أشهر وعام، يصبح الطفل الذي ينشأ في منزل أحادي اللغة أكثر تخصصًا في مجموعة فرعية من الأصوات، الخاصة بلغته الأصلية. بعبارة أخرى، يصبحون «متخصصين في اللغة الأم». وبإتمام عامهم الأول، يبدأ الأطفال وحيدو اللغة فقدان القدرة على تمييز الاختلافات بين أصوات اللغة الأجنبية.

دراسة أدمغة الأطفال

ماذا عن الأطفال الذين يسمعون لغتين منذ مولدهم؟ هل يستطيع دماغ الطفل التخصص في لغتين؟ إن كان ذلك صحيحًا، فكيف تختلف هذه العملية عن التخصص في لغة واحدة؟تعد دراسة كيفية تعلم دماغ الطفل للغة، مقابل لغتين، مهمة لفهم المعالم التطويرية في تعلم الكلام. على سبيل المثال، عادة ما يتساءل والدو الأطفال ثنائيو اللغة حول ما هو نموذجي أو متوقع، وكيفية اختلاف أطفالهم عن الأطفال الذين يتعلمون لغة واحدة.

يتخصص الأطفال من المنازل ثنائية اللغة (الأسبانية – الإنجليزية) في معالجة أصوات كلا اللغتين

درست أنا وزملائي مؤخرًا معالجة الدماغ لأصوات اللغة عند الأطفال في عمر 11 شهرًا في منازل وحيدة اللغة (الإنجليزية) وثنائية اللغة (الأسبانية والإنجليزية). استخدمنا تكنولوجيا غير باضعة تسمى «تخطيط الدماغ المغناطيسي » (MEG)، والتي حددت بدقة توقيت وموقع النشاط في الدماغ أثناء استماع الأطفال إلى مقاطع أسبانية وإنجليزية.وجدنا بعض الاختلافات الرئيسية بين الأطفال الناشئين في منازل وحيدة اللغة، مقابل المنازل ثنائية اللغة.في عمر 11 شهر، مباشرة قبل بدء معظم الأطفال نطق كلماتهم الأولى، كشفت تسجيلات الدماغ الآتي:

  • يتخصص الأطفال من المنازل الإنجليزية وحيدة اللغة في معالجة أصوات اللغة الإنجليزية، وليس أصوات الأسبانية، وهي لغة غير مألوفة بالنسبة لهم.
  • يتخصص الأطفال من المنازل ثنائية اللغة (الأسبانية – الإنجليزية) في معالجة أصوات كلا اللغتين، الإنجليزية والأسبانية.

تظهر اكتشافاتنا أن أدمغة الأطفال تصبح مضبوطة على أي لغة أو لغات يسمعونها من المعتنين بهم. يصبح الدماغ أحادي اللغة مضبوطًا على أصوات لغة واحدة، ويصبح الدماغ ثنائي اللغة مضبوطًا على أصوات لغتين. ببلوغ عمر 11 شهرًا،يعكس النشاط في دماغ الطفل اللغة أو اللغات التي تعرضوا لها.

هل من المناسب تعلم لغتين؟

لذلك آثارٌ هامة. فوالدو الأطفال أحاديي اللغة وثنائيي اللغة على حد سواء يتوقون إلى نطق أطفالهم لأولى كلماتهم. إنها فترة مشوقة لتعرف المزيد بشأن ما يفكر فيه الطفل. ومع ذلك، يتمثل أحد أوجه القلق الشائعة، خصوصًا لدى الوالدين ثنائيي اللغة، في أن طفلهم لا يتعلم بسرعة كافية.وجدنا أن الأطفال ثنائيو اللغة أظهرو استجابة دماغية قوية على حد سواء بالنسبة للأصوات الإنجليزية، كالأطفال وحيدو اللغة. يشير ذلك إلى أن الأطفال ثنائيو اللغة كانوا يتعلمون الإنجليزية بنفس معدل الأطفال وحيدي اللغة.كذلك يقلق والدو الأطفال ثنائيي اللغة من أن أطفالهم لن يعرفوا عدد كلمات كالأطفال الذي تربوا على لغة واحدة.

ثنائية اللغة لا تسبب الإرباك.

يعد هؤلاء الآباء محقين في قلقهم إلى حد ما. فالأطفال ثنائيو اللغة يقسمون وقتهم بين اللغتين، وبالتالي، في المتوسط، يسمعون كلمات أقل في كل لغة. ومع ذلك، تظهر الدراسات باستمرار أن الأطفال ثنائيي اللغة لا يتأخرون عند دراسة اللغتين.يتمثل وجه آخر للقلق في أن ثنائية اللغة تسبب الارتباك. جزء من هذا القلق ينشأ نتيجة «التحويل الشيفري»، وهو سلوك للحديث يجمع فيه ثنائيو اللغة بين اللغتين.

الأطفال في عمر العامين يعدلون لغتهم لتطابق اللغة المستخدمة من قبل مُحاوريهم

على سبيل المثال، ابني ذي الأعوام الأربعة، الذي يتحدث الإنجليزية، الأسبانية، والسلوفينية، يستخدم النهايات السلوفينية مع الكلمات الأسبانية والإنجليزية. تظهر الأبحاث أن الأطفال ثنائيي اللغة يمارسون التحويل الشيفري لأن الكبار ثنائيي اللغة حولهم يفعلون ذلك. يحدث التحويل الشيفري لدى البالغين والأطفال ثنائيي اللغة وفق قاعدة، وليس من قبيل الصدفة.على خلاف الأطفال أحاديي اللغة، لدى الأطفال ثنائيي اللغة لغة ثانية يستطيعون الاستعارة منها بسهولة إن لم يستطيعوا استرداد الكلمة المناسبة في إحدى اللغتين سريعًا. حتى الأطفال في عمر العامين يعدلون لغتهم لتطابق اللغة المستخدمة من قبل مُحاوريهم.أظهر الباحثون أن التحويل الشيفري يمثل جزءًا من التطور العادي للغة عند الطفل ثنائي اللغة. بل ويمكن حتى أن يمثل بداية لما يعطيهم البراعة المعرفية الإضافية المعروفة باسم «ميزة ثنائية اللغة».

الأطفال ثنائيو اللغة لديهم أفضلية

ثنائية اللغة لا تسبب الإرباك.
ثنائية اللغة لا تسبب الإرباك.

الخبر السار هو أن الأطفال من جميع أنحاء العالم يمكنهم اكتساب لغتين في ذات الوقت، وهم يفعلون ذلك بالفعل. في الواقع، في أجزاء عديدة من العالم، تعد ثنائية اللغة أمرًا عاديًا وليس استثناءً.

وجدت الأبحاث أن البالغين والأطفال ثنائيي اللغة لديهم القدرة على حل المشكلات بشكل أسهل.

من المفهوم الآن أن الحاجة المستمرة لتحويل الاهتمام بين اللغات يؤدي إلى العديد من الميّزات المعرفية. حيث وجدت الأبحاث أن البالغين والأطفال ثنائيي اللغة قد أظهروا تحسنًا في الأداء التنفيذي للدماغ – يعني ذلك كونهم قادرين على تحويل الانتباه بين المهام، وحل المشكلات بشكل أسهل. وُجد أيضًا أن ثنائيي اللغة لديهم مهارات ما وراء لغوية متزايدة (أي القدرة على التفكير بشأن اللغة في حد ذاتها وفهم كيفية عملها).

كما أن هناك دليل على أن الشخص ثنائي اللغة يجد تعلم لغة ثالثة أسهل. علاوة على ذلك، يُعتقد أن التأثير المتراكم لتجربة ثنائية اللغة تترجم إلى تأثير وقائي، في مقابل التدهو ر المعرفي مع الشيخوخة وبدء الإصابة بالزهايمر.لذلك، إن أردت لطفلك أن يعرف أكثر من لغة، فمن الأفضل أن تبدأ بمرحلة مبكرة، قبل أن يبدأ حتى التكلم بلغته الأولى. لن يربك ذلك طفلك، بل قد يعطيه دفعة في أنواع المعرفة الأخرى.