محتوى مترجم
المصدر
edge
التاريخ
2016/07/12
الكاتب
edge

الجزء الأولالجزء الثاني

يمكنني إخبارك بشأن تعاونٍ قمنا به مع جورج تشرش. ظلت مجموعة جورج تحاول لما يصل الآن إلى 15 عامًا العمل على تقنية تدعى فك التسلسل في المكان، ويعني هذا أنه هل يمكنك فل تسلسل الشفرة الوراثية وأيضًا الجينات المعبر عنها، وصفات الخلايا، هناك داخل الخلايا.

الآن، لماذا هذا مهم؟ هو مهم لأنه إذا قمت فقط بفك تسلسل الجينوم أو نماذج التعبير عن الجينات بعد مزج جميع الخلايا، فإنك لا تعلم أين الخلايا في الشكل الثلاثي الأبعاد للعضو. إذا كنت تدرس دائرة الدماغ هذه وهاك وكيف تتدفق المعلومات من الإحساس إلى مناطق الذاكرة تجاه مناطق الحركة، فقد فقدت ثلاثية أبعاد الدائرة بالكامل. لقد قمت فقط بطحن الدماغ إلى حساء، صحيح؟ أو بالنسبة لورم، نحن نعلم أن هناك خلايا بجوار الأوعية الدموية، هناك خلايا جذعية، هناك خلايا انتشارية، إذا قمت فقط بمزج الورم وفك تسلسل الأحماض الأمينية، لقد فقدت مجددًا الصورة ثلاثية الأبعاد. منذ عامين، نشرت مجموعة جورج ورقة بحثية حيث يمكنهم أخذ الخلايا في صحن وفك تسلسل الجينات المعبر عنها.

الحمض نووي (DNA) يعبر عنه في صورة حمض نووي ريبي (RNA)، ثم يقود الحمض النووي الريبي جميع عمليات إنتاج البروتينات والجزيئات الحيوية في بالخلية.

يعني هذا أن لديك حمضًا نوويًا (DNA) يعبر عنه في صورة حمض نووي ريبي (RNA)، الذي هو وصفة تلك الخلية، ثم يقود الحمض النووي الريبي جميع عمليات إنتاج البروتينات والجزيئات الحيوية الأخرى التي تجري بالمستوى الأسفل. الحمض النووي الريبي هو شيءٌ يتوسط الجينوم والنمط الظاهري الناضج للخلية. إنه نوعٌ من الوصفة. كانت مجموعة جورج تفك تسلسل الحمض النووي الريبي. اعتقد أن هذا رائع: يمكنك قراءة وصفة خلية.

الآن، هناك جزءٌ صعب: لم ينجح الأمر تمامًا في الهياكل ثلاثية الأبعاد مثل دوائر الدماغ أو الأورام. كانت مجموعتنا تطور طريقة لأخذ دوائر الدماغ والأورام والأنسجة المعقدة الأخرى وتوسيعها ماديًا لجلعها أكبر. الذي نفعله لجعل الدماغ أو الورم أكبر هو أننا نأخذ جزءًا من نسيج الدماغ ونصنع كيميائيًا شبكة من بوليمر – يشابه كثيرًا الأشياء في حفاضات الأطفال – عبر الخلايا وبين الجزيئيات وحول الجزيئات في ذلك الجزء من الدماغ. ثم بعد ذلك، عندما نضيف مياهًا، ينتفخ البوليمر ويدفع جميع الجزيئات خارجًا، حتى تصبح كبيرةً بما يكفي لتمكينك من رؤيتها حتى باستخدام عدساتٍ رخيصة.

أحد أحلامي هو أن نصبح قادرين على أخذ بكتريا أو فيروس وتوسيعه حتى يمكنك أخذ صورة على هاتفٍ نقال. تخيل كيف سيساعد ذلك في التشخيص، صحيح؟ يمكنك اكتشاف أي عدوى توجد لدى شخصٍ ما فقط عبر جعلها كبيرة ثم تأخذ صورة لها وها قد انتهيت.

بدأنا التحدث مع جورج، ماذا إذا كان بإمكاننا أخذ عينتنا وتوسيعها ثم إجراء طريقة فك التسلسل في المكان الخاص بهم – لأن فك التسلسل، بالطبع، معقد للغاية. تحتاج إلى مساحة حول الجزيئات لفك تسلسلها. هذا أمر شديد الإثارة بالنسبة لي، إذا استطعنا أخذ الأشياء وتكبيرها ثم استخدام تكنولوجيا جورج لقراءة وصفات الخلايا، يمكننا رسم خريطة هيكل الحياة بطريقةٍ ما.

يمكننا رؤية كيف تبدو جميع الخلايا في دائرة دماغ معقدة، أو في ورم، أو في عضوٍ يتعرض لهجوم مناعي ذاتي مثل داء السكري من النوع 1. هذا أحد أكثر الأشياء التي تثير حماسي في فكرة فك التسلسل في المكان تلك. إذا استطعنا تطبيقها على هياكل وأنسجة كبيرة ثلاثية الأبعاد، قد نكون قادرين على رسم خريطة الوحدات الأساسية للحياة.

سيقود نجاح تجارب العلماء على أنسجة الفئران لطفرة في فهم الأنسجة البشرية كذلك وسيسمح تطبيق تلك التقنيات بدراسة الأمراض بشكل أسهل.

يركز تعاوننا الحالي مع مجموعة جورج كثيرًا على جزء صغير من الأنسجة لدينا: أنسجة فأر ربما، كائنات معيارية تستخدم في علم الأعصاب. لكننا نعلم أنه إذا نجح في تلك الأنظمة فإنه سوف ينجح على الأرجح في الأنسجة البشرية كذلك. تصور أخذ خزعة سرطان من شخصٍ ما، لنقوم باستخدام تقنية مجموعتنا لتوسيعها ماديًا جاعلين كل شيء كبيرًا بما يكفي لرؤيته، ثم بعد ذلك يمكننا استخدام تقنية فك التسلسل في المكان الخاصة بجورج لقراءة التركيب الجزيئي.

عندما نشرنا لأول مرة فكرة توسيع شيء، كان كثيرون متشددين بشدة في ذلك. إنها وسيلة غير معتادة للغاية لفعل الأشياء. لإقناع الناس أنها ناجحة كان منطقنا هو التالي: طريقة تصميم. عندما قمنا بتوليف البوليمرات المشابهة لحفاضات الأطفال داخل الخلايا، كنا نقوم بتثبيت جزيئات معينة إلى البوليمر عبر روابط جزيئية، ثم نقوم بمسح البقية بالكامل.

إحدى الطرق للتفكير في ذلك هي القيام بإنتاجٍ ضخم بالموازاة كيميائيا. بافتراض أنني أريد رؤية شيئين قريبين من بعضهما، مثل يداي هنا. لكن بالطبع لا يمكن للعدسات رؤية الأشياء شديدة الصغر، صحيح، بسبب حيود الضوء. إذن فماذا لو أخذنا يداي وثبتناهما بتلك البوليمرات القابلة للتوسع ثم دمرنا كل شيءٍ آخر؟ قد يكون هناك الكثير من النفايات هنا التي لا نهتم بشأنها. نضيف المياه ويتوسع البوليمر، محركًا يداي معه حتى تصبح بعيدة بما يكفي للرؤية من خلال الفجوة بينهما. هذه هي الفكرة الأساسية لما ندعوه التوسع المجهري، حيث نأخذ الجزيئات في خلية أو في نسيج، أو دائرة دماغية أو ورم، ونقوم بتثبيت تلك الجزيئات ببوليمر قابل للتضخم. عندما نضيف الماء تتحرك الجزيئات التي نهتم بشأنها، والتي قمنا بتثبيتها بالبوليمر، بعيدًا عن بعضها البعض بما يكفي لنصبح قادرين على رؤيتها من خلال عدسات رخيصة ويمكن تغيير حجمها وسهلة النشر مثل التي تجدها في ميكروسوب غير مكلف أو حتى كاميرا ويب.

بعد ان نشرنا ورقتنا البحثية حول الأنسجة المتوسعة بدأ الكثيرون في تطبيقها. على سبيل المثال، لنفترض أنك تريد كيفية تكوين الخلايا في خزعة سرطان. يمكنك أخذ العينة وإذا فحصتها تحت ميكروسكوب لا يمكنك رؤية التكوينات الدقيقة، لكن إذا قمت بنفخها وجعلتها أكبر؛ ربما تستطيع رؤية أن خلية حالق ضئيل الحجم، أكثر ضئالة من رؤيته من خلال وسائل أخرى، وربما تكون هذه بداية ورم خبيث.

يحاول الكثيرون الآن استخدام تقنيتنا لرؤية أشياء لا يمكنك رؤيتها بأي طريقةٍ أخرى، ونجد الكثير من الاهتمام ليس فقط من علماء الدماغ لأن الآن لديك طريقة لرسم خريطة دوائر الدماغ بدقة نانوية في الأبعاد الثلاثة، لكن أيضًا في مشكلاتٍ أخرى شبيهة بالدماغ: أورام وأعضاء ونمو وما إلى ذلك حيث تريد أن تفحص تكوين ثلاثي الأبعاد بدقة نانوية.

لقد أسسنا شركة صغيرة لمحاولة صنع مستلزمات وربما توفيرها كخدمة حتى يستطيع الناس استعمالها على نحوٍ واسع. بالطبع قمنا أيضًا بوضع جميع الوصفات على شبكة الإنترنت حتى يستطيع الناس تنزيلها، وقد بدأت مئات المجموعات بالفعل في تجربة ذلك النوع من الأدوات.

نريد أن نجعل اللامرئي مرئيًا، ومن الصعب رؤية تكوين هيكل الأبعاد مثل دائرة تخزن ذكرى او قد تكون تعالج انفعال سوى باستخدام دقة الوضوح النانوية

نريد أن نجعل اللامرئي مرئيًا، ومن الصعب رؤية تكوين هيكل الأبعاد مثل دائرة قد تخزن ذكرى او دائرة في الدماغ قد تكون تعالج انفعال، باستخدام دقة الوضوح النانوية يمكنك رؤية الوصلات العصبوية والجزئيات التي تجعل الخلايا العصبية تقوم بما تقوم به.

القيد الأساسي على إلى أي مدى يمكننا رؤية الأشياء مرتبط بمقياس تقني يدعى حجم الشبكة؛ وهو بالأساس المسافة بين سلاسل البوليمر. نعتقد أن المسافة بين سلاسل البوليمر هي اثنان نانومتر؛ وهو ما يعادل حجم جزيء حيوي. إذا استطعنا دفع جميع الجزيئات بعيدًا عن بعضها البعض بنفس القدر تمامًا، سيكون الأمر أشبه برسم صورة على بالون ثم نفخه: يمكنك أن ترى جميع الجزيئات الفردية ووحدات بناء الحياة، لكن أتعلم؟ علينا التحقق من التقنية نزولًا إلى مستوى دقة الوضوح. حتى الأن، قمنا بالتحقق منها نزولًا إلى مستوى عشر أضعاف ذلك الحجم. لكن إذا استطعنا النزول إلى دقة وضوح جزيء واحد، يمكنك محاولة رسم وحدات بناء الأنظمة الحية. لم نصل إلى ذلك بعد.

أنا مندهش من قدر السرعة التي بدأت تتحرك التكنولوجيا العصبية بها. منذ عشر سنوات، كان لدينا القليل نسبيًا من الأدوات للنظر إلى والتحكم في الدماغ، والآن بعد عشر سنوات، لدينا أدوات علم البصريات الوراثي الخاصة بنا للتحكم في دوائر الدماغ، تقنية التوسيع تلك لرسم خريطة الدوائر الدقيقة، كما قمنا أيضًا بتطوير طرق للتصوير ثلاثي الأبعاد تعمل بالأساس بالطريقة التي تعمل بها أعيننا لإعادة تكوين صور ثلاثية الأبعاد لآليات الدماغ الكهربية عالية السرعة.

أحد الشيئين اللذان سيحدثا خلال سنوات هو قدرتنا على رسم خرائط دقيقة للدوائر العصبية ورؤية الآليات عالية السرعة وربما سوف يتم إتقان السيطرة عليها

في الأعوام الخمسة عشر المقبلة سوف يحدث شيئين، وقد يحدث شيء ثالث. أحد الشيئين اللذان سيحدثا هو قدرتنا على رسم خرائط التفاصيل الدقيقة للدوائر العصبية ورؤية الآليات عالية السرعة وربما سوف يتم إتقان السيطرة عليها؛ قد يحدث هذا في غضون خمس سنوات من الآن كحدٍ أدنى لكن بالتأكيد في خلال خمسة عشر عامًا على الأكثر، أتوقع هذا.

الشيء الثاني هو أننا سوف يصبح لدينا بعض الخرائط للدوائر العصبية التي بها ما يكفي من التفاصيل ربما حتى لعمل نماذج حاسوبية لعملها. على سبيل المثال، هناك دودة صغيرة تدعى سي إليجانس لديها 302 خلية عصبية، ربما يمكننا رسم خريطة لها جميعًا وجزيئاتها وآلياتها وربما نستطيع صنع نموذج حاسوبي للدودة. أو حتى عقلٍ أكبر قليلا: لدى سمكة الدانيو المخطط 100,000 خلية عصبية، لدى الفئران 100 مليون – تقريبا – ولدى البشر 100 مليار. يمكنك أن ترى أن هناك قفزات لوغاريتمية متعددة المراحل علينا القيام بها.

الشيء التكهني هو أنه قد يصبح لدينا بعض الأدوات التي قد تسمح لنا بفحص عمليات الدماغ البشري على نحوٍ أكثر دقة بكثير. في الوقت الحالي، لدينا أدوات قليلة جدًا لفحص الدماغ البشري، هناك جهاز تصوير بالرنين المغناطيسي موجود بالفعل يسمح لك بالنظر إلى تدفق الدم في اتجاه نشاط الدماغ، لكنه غير مباشر وغير عملي للغاية. دقة الوقت أبطأ بآلاف المرات من نشاط الدماغ، والدقة المكانية، يحتوي كل مربع صغير يمكنك رؤيته في هذه المسوحات على مئات الآلاف من الخلايا العصبية، ونحن نعلم أنه حتى الخلايا العصبية المتجاورة ربما تقوم بأشياء مختلفة تمامًا.

أكثر ما نحتاجه في الوقت الحالي، في رأيي، هو طريقة لتصوير والتحكم في دوائر الدماغ بدقة خلية واحدة ونبضة كهربائية واحدة، ولا يزال من غير المؤكد كيف يمكن أن يحدث ذلك. هناك الكثير من العصف الذهني. لم أرَ أي تقنية تم تطويرها حتى الآن برهنت على استطاعتها القيام بذلك رغم أن هناك الكثير من التكهنات المثيرة. هذا شيء أحب رؤيته يحدث وقد بدأنا في العمل على بعض الأفكار التي قد تسمح لك بالقيام به.

هناك الكثير من التخمينات بشأن ما إذا كان هناك آثار كم ضرورية لحوسبات الدماغ. في درجة حرارة الجسم الطبيعية، من الوارد بشدة أن تكون التأثيرات الكمية قصيرة الحياة للغاية، ربما أقصر من نوع الحسابات التي تحدث في الدماغ. من الوارد جدًا أنه إذا كانت مثل تلك التأثيرات مهمة، فسوف نحتاج إلى أدواتٍ أكثر قوة بكثير لرؤيتها، أو ربما يمكنك شرح الفيزياء الحيوية للخلايا العصبية المعروفة حتى اليوم، إلى حدٍ كبير، بنماذج كلاسيكية تمامًا.

الشيء الذي أحببته بشأن العمل على مشروع الحوسبة الكمية، كان ذلك مع نيل جريشنفيلد حينذاك، هو تلك الفلسفة الأكبر لكيفية ارتباط المعلومات والفيزياء. هناك الكثير من النظريات لمبادئ فيزيائية أساسية للحوسبة، هناك حتى تعبير «إنه من بت» (it from bit) حيث يتحدث الناس عن الحدود الأساسية للديناميكا الحرارية لكيفية حدوث معالجة البيانات في الأنظمة الفيزيائية. على سبيل المثال، ليس هناك الكثير من البيانات مرتبطة بثقبٍ أسود، حتى أنه هناك، حسب الحرارة، كمية من المعلومات قد تكون مشفرة في إرسالٍ معين. يعمل الدماغ في الأغلب لأنه في درجة حرارة الجسم الطبيعية وكل ذلك، متجاوزًا بكثير تلك القيود الفزيائية الأساسية فيما يتعلق بمعالجة البيانات.

فزت أنا والمخترع المشارك لي، كارل دايزروث، بعدة جوائز في مختلف علوم الحياة لعملنا معًا على علم البصريات الوراثي، تلك التكنولوجيا حيث نضع جزيئات حساسة للضوء في الخلايا العصبية بحيث نكون قادرين على جعلها قابلة للتنشيط أو قابلة للإسكات بنبضاتٍ من الضوء.

أرسلت مجموعتنا تلك الجزيئات للآلاف – حرفيًا – من علماء الأعصاب العاديين والمهتمين بالممارسة، ولأشخاص يدرسون أسئلة علمية شديدة البساطة مثل كيف تُمثّل رائحة في الدماغ؟ لكنهم يحاولون أيضًا الإجابة على أسئلةٍ مرتبطة بالممارسة الطبية مثل كيف يمكنك إبطال فاعلية خلايا دماغية لإيقاف نوبة صرع؟ سأعطيك مثالًا عن الأخير بما أن هناك الكثير من الاهتمام بالأمراض.

قامت مجموعة بجامعة كاليفورنيا باستخدام تقنياتنا لتعطيل أو تنشيط خلايا دماغية مختلفة، وما وجدوه هو أن بعض الخلايا، إذا قمت بتنشيطها، يمكن أن تعطل نوبة مرضية في فأر.

يحاول الناس تعطيل الخلايا القابلة بشدة للاستثارة خلال النوبات حرفيًا منذ عقود، لكن الأمر شديد الصعوبة لأنه أي جزء من الدماغ وأي خلايا؟ إن الدماغ فوضى كبيرة، أليس كذلك؟ لذا فقد قامت مجموعة بجامعة كاليفورنيا (إرفاين) باستخدام تقنياتنا لتعطيل أو حتى تنشيط خلايا دماغية مختلفة، وما وجدوه هو أن بعض الخلايا، إذا قمت بتنشيطها، يمكن أن تعطل نوبة مرضية في نموذج فأر. لكن من كان يعتقد أن تنشيط نوعٍ معين من الخلايا سوف يكون كافيًا لإيقاف نوبة مرضية؟ ليس هناك طريقة أخرى لاختبار ذلك، صحيح، لأنه كيف يمكننا تنشيط نوعٍ واحدٍ من الخلايا فقط؟

ما فعلوه هو أنه توجد هناك أنواعٌ معينة من الخلايا تدعى خلايا عصبية بينية، وهي تميل إلى تعطيل الأنواع الأخرى من الخلايا في الدماغ. ما فعلته هذه المجموعة هو أنهم أخذوا جزيئًا وضعناه في البداية في الخلايا العصبية، جزيء يقوم، مثل الألواح الشمسية، بدفع الكهرباء في الخلايا العصبية عندما تسلط الضوء عليه. لقد قاموا بتوصيل الجين إلى هذا الجزيء بحيث يصبح نشطًا فقط في هذه الخلايا العصبية البينية، دون أيٍّ من الخلايا الأخرى بالجوار، فقط الخلايا العصبية البينية. حينذاك، عندما يسلطون الضوء، سوف تعطل هذه الخلايا البينية الخلايا المجاورة، وقد أظهرت أنه يمكنك إيقاف نوبة صرع في فأر.

ذلك مثير للاهتمام لأنه الآن إذا استطعت تطوير عقار يقود هذه الخلايا، ربما ستكون تلك طريقة جديدة لعلاج النوبات، أو يمكنك محاولة استخدام الضوء مباشرةً لتفعيل الخلايا التي تبني نوعًا من عضوٍ صناعي يتم زرعه في الدماغ وتنشيط هذه الخلايا بالقرب من تركيز النوبات، على سبيل المثال.

يستكشف الناس كلا الفكرتين. هل يمكنك استخدام أدوات علم البصريات الوراثي الخاصة بنا لتفعيل وتعطيل أنواعٍ مختلفةٍ من الخلايا في الدماغ لإيجاد أهدافٍ افضل؟ أو هل يمكنك استخدام الضوء لتنشيط الخلايا ورسم نشاطها مباشرةً في الوقت الحقيقي في مريضٍ بشري؟ الأخيرة بالطبع ذات خطرٍ أعلى بكثير، لكن التفكير بشأنها ممتع بالطبع. وهناك شركتان تحاولان القيام بذلك.

عندما كنا نتحدث بشأن الجائزة فكرت في الكلمة القصيرة التي ألقيتها – هم يعطونك ثلاثين ثانية، لكنني فكرت فيها لعدة أسابيع لأنني أعتقد أن هناك دفعة لعلاج الأشياء، لكن من بعض النواحي فإنه عبر الإصرار على المضي بسرعة شديدة قد نفقد بعض الاكتشافات وقد تكون أقوى بكثير.

سأعطيك مثالًا: في عام 1927، حصل ذلك الشخص الذي أتى بعلاجٍ للخرف على جائزة نوبل في الطب. ما فعله هذا الشخص هو أنه كان يأخذ الأشخاص المصابين بالخرف وكان يعطيهم عمدًا الملاريا. تتذكر أن هذه كانت أعظم فكرة في ذلك الوقت، صحيح؟

الآن، لماذا نجحت؟ حسنًا، تسبب الملاريا حُمّى شديدة للغاية. في ذلك الوقت، كان الزهري عادةً هو الذي يسبب الخرف، وهكذا، كانت حُمى الملاريا الشديدة تقتل الطفيل الذي يسبب الزهري. الآن، في عام 1928، بعد عامٍ واحد، بدأت المضادات الحيوية في الظهور، وبالطبع حققت نجاحًا كبيرًا ولا يكاد يسمع اليوم عن الخرف المرتبط بالزهري.

الناس ينسون. عندما هبطوا على سطح القمر، كان لديهم بالفعل مئات السنين من حساب التفاضل والتكامل وبذلك أصبح لديهم الرياضيات؛ والفيزياء، وبذلك عرفوا قوانين نيوتن؛ الديناميكا الهوائية، أن تعلم كيف تطير؛ علم الصواريخ، كان الناس يطلقون صورايخ لعدة عقود قبل الهبوط على القمر. عندما ألقى كينيدي خطاب الهبوط على سطح القمر لم يكن يقول: لنقم بهذه المهمة المستحيلة؛ وإنما كان يقول: انظروا، إننا نستطيع القيام بذلك. لقد أطلقنا صواريخ، إن لم نفعل ذلك سوف يصل شخصٌ آخر إلى هناك أولًا.

أصبح الانطلاق إلى القمر يستخدم بمعنًى يكاد يكون معاكسًا؛ بدلًا من قول ها هو شيء كبير نستطيع القيام به ونحن نعلم كيف نقوم به، أصبح يقال ها هو شيء مجنون، هيا ننفق الكثير من الموارد عليه ونأمل خيرًا. لدي قلق من أن هذا ليس استخدام «إطلاق مركبة فضاء إلى القمر» كما ينبغي. يجب أن نقوم بإطلاق مركبات مضادة للقمر!