محتوى مترجم
المصدر
The conversation
التاريخ
2018/11/28
الكاتب
ألبرت-لازلو براباشي

يقرأ المواطن الأمريكي في المتوسط 12 أو 13 كتاب سنوياً، ولكن مع وجود ثلاثة ملايين كتاب مطبوع، فإن كثرة الخيارات المتاحة تصيبه بالحيرة.

وعلى الرغم من طباعة 100 ألف كتاب جديد كل عام، فإن جزءاً صغيراً للغاية من تلك الكتب يلقى رواجاً جماهيرياً يكفي لدخوله ضمن قائمة «نيويورك تايمز» للكتب الأكثر مبيعاً.

الأمر الذي يثير تساؤلاً مهماً:

ما الذي يجعل هذه الكتب -دون غيرها- من بين الأكثر مبيعاً؟ وما أنواع الكتب التي يُرجَّح دخولها إلى القائمة أكثر من غيرها؟

للإجابة على ذلك السؤال، قمت بالاشتراك مع «بوركو يوسيسوي» بدراسة البيانات الخاصة بعادات القراءة لدى الأمريكيين، من خلال تحليل أنماط مبيعات 2468 كتابًا أدبيًا خياليًا، و2025 كتابًا غير خيالي، وصلت جميعها لقائمة «نيويورك تايمز» للكتب الأكثر مبيعاً للنسخ ذات التجليد الفاخر (الطبعة الأولى) خلال العقد الماضي.


حياة حقيقية وأحداث متخيلة

أول ما لفتت البيانات انتباهي إليه هو قلة عدد الكتب في فئتي المفضلة، العلوم، التي وصلت إلى قائمة الكتب الأفضل مبيعاً، إذ لا تتعدى نسبتها 1.1% فقط، إذ تصارع الكتب العلمية للتواجد في قائمة الكتب غير الخيالية والتي تشمل أيضاً كتب إدارة الأعمال والتاريخ والرياضة والدين.

ومع ذلك، فإن تلك الفئات لا تحظى أيضاً بمبيعات عالية… إذاً، ما الكتب غير الأدبية التي تحظى بمبيعات جيدة؟

المذكرات والسير الذاتية، إذ تمثل تلك الفئة نصف عدد الكتب الأفضل مبيعاً في القائمة غير الخيالية.

أما فيما يخص قائمة الكتب الخيالية، تركز الصحافة على الكتب الأدبية، إذ يجري حولها جدل نقدي، ويُشاد بأهميتها وارتباطها بالثقافة، كما أنها تُدرس في المدارس.

ولكن في العقد الأخير، لم يصل إلى قائمة الكتب الأكثر مبيعاً إلا 800 كتاب أدبي فقط، أما بقية الكتب الخيالية، التي تمثل 67% من القائمة، فتنحصر في قصص الغموض أو الرومانسية أو الإثارة، وهو أمر لا غرابة فيه.

ولكن الأمر الغريب هو تكرار أسماء الكتّاب في تلك الفئة، إذ يوجد لدى 85% من الروائيين كتب مختلفة في قائمة الأكثر مبيعاً، فعلى سبيل المثال، يملك الروائي «جيمس باترسون» المتخصص في قصص الإثارة والغموض 51 كتاباً من بين الكتب الأكثر مبيعاً خلال الفترة الزمنية التي درسناها.

وفي المقابل، فإن 14% فقط من مؤلفي الكتب غير الخيالية يملكون أكثر من عنوان واحد في القائمة الأكثر مبيعاً، ولعل ذلك يرجع إلى أن ذلك النوع من الكتب يتطلب معرفة كبيرة بموضوع الكتاب، فإذا كان المؤلف يكتب كتاباً عن كرة القدم، أو طب الأعصاب، أو حتى حول حياته الشخصية، فمن الصعب عليه تأليف أكثر من 10 كتب حول الموضوع.


منحنى المبيعات العالمي

يضع الناشرون بحماس ملصق «الكتاب الأكثر مبيعاً وفق نيويورك تايمز» على كل كتاب دخل إلى القائمة المكونة من 15 كتاباً.

ومع ذلك، فإن ربع هذه الكتب يظهر في أسفل القائمة لفترة وجيزة، ثم يتراجع دونها بعد أسبوع واحد، فقط 37% من الكتب تستطيع الاستمرار لأكثر من أربعة أسابيع، و8% فقط تتمكن من الاحتفاظ بصدارة القائمة.

وفي حالات نادرة، تستطيع بعض الكتب الاستمرار في القائمة لأعوام، إذ استطاعت رواية «The Help» (عاملة المنزل) للكاتبة «كاثرين ستوكيت» الاستمرار في قائمة الكتب الخيالية لمدة 131 أسبوعاً، فيما استمر كتاب «Unbroken» (لا ينكسر) للكاتبة «لاورا هيلينبراند» على قائمة الكتب غير الخيالية الأفضل مبيعاً لمدة قياسية تبلغ 203 أسابيع.

أحد المفاهيم المغلوطة هو أنه لكي يصل الكتاب إلى القائمة يجب أن يحقق مبيعات ضخمة، ولكن معظم العناوين المدرجة في القائمة تراوحت مبيعاتها بين 10 آلاف و100 ألف نسخة خلال العام الأول. لقد دخل كتاب «The Slippery Year» (العام الزلق)، وهو مذكرات شخصية للكاتبة «ميلاني جيديون» في قائمة الكتب الأكثر مبيعاً بمبيعات سنوية لم تتجاوز 5 آلاف نسخة.

كيف يمكن ذلك؟

تظهر البيانات أن الأمر متعلق فقط بموعد نشر الكتاب، إذ كشفت البيانات أن مبيعات الكتب مرتبطة بمنحنى مبيعات عالمي، وتوجد صيغة رياضية واحدة يمكنها وصف المبيعات الأسبوعية لجميع الكتب، وأن هذا المنحنى يصل إلى ذروته بعد صدور الكتاب مباشرة، ويعني ذلك أن الكتاب يبيع معظم نسخه خلال الأسابيع الأولى من صدور الكتاب، وغالباً ما تصل الكتب الخيالية إلى ذروة مبيعاتها خلال أسبوعين إلى ستة أسابيع من صدورها، أما الكتب غير الخيالية فتصل لذروتها خلال الخمسة عشر أسبوعاً الأولى لها.

قد يتبادر إلى ذهنك وجود بعض الكتب التي يتجاهلها القراء، ثم تبدأ في جذب الاهتمام بوتيرة بطيئة حتى تصل إلى الكتب الأفضل مبيعاً، ولكن ذلك لا يحدث إطلاقاً.


الأمر مرهون بموعد الإصدار

بصيغة أخرى، ما يحدث خلال فترة قصيرة ينبئنا بنجاح الكتاب أو عدمه، ولهذا السبب، يعد موعد صدور الكتاب ذا أهمية كبيرة، خاصة وأن مستوى المبيعات الذي يدفع بالكتاب للدخول إلى القائمة يختلف بشدة على مدار العام، إذ يمكن لبيع بضعة آلاف نسخة في شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان الوصول بالكتاب إلى قائمة الكتب الأكثر مبيعاً، أما في ديسمبر/كانون الأول، عندما ترتفع المبيعات إلى أعلى مستوياتها مع دخول موسم الإجازات في الولايات المتحدة، فإن بيع 10 آلاف نسخة في الأسبوع قد لا يضمن للكتاب دخول القائمة.

وهنا يأتي السؤال، متى يجب على المؤلف نشر كتابه؟

يعتمد الأمر على الظروف، فإذا كان المؤلف لا يتمتع بقاعدة جماهيرية قوية، ولكنه يرغب في دخول كتابه إلى قائمة الكتب الأكثر مبيعاً، فعليه إصدار كتابه في فبراير/شباط أو مارس/آذار.

وفي نفس الوقت، فإن ظهور الكتاب في قائمة الأكثر مبيعاً لا يضمن له تحقيق مبيعات أفضل بالضرورة، إذ تُظهر الأبحاث أن ظهور الكتاب في القائمة يرفع فقط مبيعات الكتب التي ألفها كتاب مغمورون، ولمدة تمتد بين أسبوع وثلاثة أسابيع على الأكثر، ثم تبدأ المبيعات في التراجع ثانية.

ولكن المؤلفين المشهورين الذين يتمتعون بقاعدة معجبين كبيرة لن يتأثروا بظهور كتبهم في قائمة الأكثر مبيعاً بنفس القدر، وبالتالي فإن ما يهمهم هو زيادة حجم مبيعاتهم، وفي تلك الحالة، فإن أفضل موعد لنشر كتبهم سيكون في أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول، ومن ثَمَّ، سيتوافق صدور الكتاب مع ذروة المبيعات في ديسمبر/كانون الأول، عندما تمتلئ المكتبات بالمُشترين في موسم عيد الميلاد.

ومع ذلك، ومما يدعو إلى التفاؤل، أنه إذا كنت مؤلفاً مغموراً ونشرت عدة كتب لم يحظ أي منها بالدخول في قائمة الكتب الأفضل مبيعاً، فلا تزال أمامك فرصة للنجاح، إذ تشير تحليلاتنا إلى أن 14% فقط من الروائيين نجحوا في الدخول إلى القائمة من خلال أول كتاب لهم.