في 1968 قام الطلبة في فرنسا. انتهت على إيه؟ انهار اقتصاد فرنسا، في فرنسا وأنتم عارفين فرنسا وتتكلمون جميعًا عن مدى تقدم حرية الرأي في فرنسا، ماذا فعل ديجول عندما تأكد له أن الحركة الطلابية سوف تخرب الاقتصاد الفرنسي وإنها منظمة من قبل الصهيونية والأمريكيين؟ اقتحم الجامعات. في مصر لم يخدش واحد، ومتى تدخل البوليس؟ بعد 7 أيام
الرئيس السادات تعليقًا على انتفاضة الطلبة عام 1972

يوم الطالب

الكثير من الاختلافات والتضارب حول يوم الطالب العالمي، فهل يكون يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني، حيث نظم الطلاب مسيرة في مدينة براغ ضد النازية الألمانية، بيوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني لعام 1939، وانتهت بمقتل الطالب «جان أوبلاتيل»، مما أدى إلى اشتعال الاحتجاجات بالمدينة وأغلقت الحكومة النازية المدارس والمعاهد وقامت قوات الجيش الألماني باعتقال 1200 طالب وترحيلهم لمعسكرات الاعتقال النازية، ثم تم إعدامهم بشكل جماعي يوم 17 نوفمبر 1939، ليُصبح يوم الطالب العالمي تخليدا لذكراهم.

بينما تحتفي به مصر، في يوم 21 فبراير/شباط، والذي يخلد ذكرى استشهاد 23 من المصريين في مختلف المحافظات في نضالهم ضد الاحتلال الإنجليزي، ففي 21 فبراير/شباط 1946 دعت اللجنة الوطنية للطلبة والعمال إلى الإضراب رافعين مطالب جلاء القوات الإنجليزية والاستقلال، ولبى دعوة الإضراب آلاف المصريين من الطلاب وغير الطلاب، حيث تجمهروا أمام الثكنات الإنجليزية بميدان العباسية، وقاموا بحرقه مما دفع القوات الإنجليزية للرد عليهم بالرصاص الحي.

قد يكون التركيز على أيهما هو يوم الطالب العالمي مهمًا ويحتاج إلى الكثير من البحث والتدقيق، إلا أن الأهم والمهم دائمًا كيف يؤثر الطلاب؟ وهل بالفعل هم كيانات قادرة على التأثير في الرأي والمجال العام أم لا؟


فرنسا ثورة ثقافية بتعابير سياسية

إن الحركة التي حدثت في مايو/أيار 1968 كانت حركة عالمية، وعملية تحديث للمجتمع يقودها جيل ما بعد الحرب . فهذا الجيل رأى أن الذين عاشوا الحرب لديهم رؤية منغلقة بالكامل بالنسبة للعالم والمجتمع والأخلاق، منغلقة لدرجة العجز عن طرح المستقبل، ولهذا السبب الوحيد حدث الانفجار

دانييل كوهن بنديت أحد الطلاب المشاكرين في ثورة الطلاب في فرنسا

كان عام 1968 عامًا فارقًا في تاريخ فرنسا الحديثة أو كما يطلق عليها فرنسا القرن العشرين، فقد استطاعت تحركات الطلاب والعمال إحداث الكثير من التغيرات في المجتمع الفرنسي، تلك التغيرات التي مازالت إلى حد كبير حاضرة حتى اليوم مما دفع الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في بداية توليه الرئاسة إلى القضاء علي ميراث حركة مايو/ أيار 1968.

في 22 مارس/آذار 1968 احتل طلاب العلوم الاجتماعية مباني معهد «نانتير»، على أثر اعتقال الشرطة الفرنسية أحد الطلاب الأعضاء بمنظمة «الشيبة الشيوعية الثورية» بعدما خرج طلاب المعهد في تظاهرة منددة بالإمبريالية الأمريكية وحربها في فيتنام. احتل طلاب العلوم الاجتماعية معهد نانتيير، وحولوا قاعات الدرس إلى مناقشات سياسية حول الإمبريالية ودور النضالات الطلابية والعمالية في التصدي لها.

وفي 3 مايو/ آيار دعا الاتحاد الوطني للطلاب الفرنسيين إلى مهرجان طلابي بجامعة السوربون، ضد الهجمات الفاشية على طلاب المعهد وقمع السلطة لهم، وإعتراضًا على حالة تقييد الحريات التي تمر بها البلا. واقتحمت قوات الشرطة الجامعة لمنع انعقاد المهرجان مما أدى إلى نشوب مواجهات دامية بينها وبين الطلاب، استمرت لمدة ست ساعات متواصلة، حتى بدأ الطلاب الجامعين وطلاب الثانوي ومعهم المعلمون في إضراب عام، يوم 6 مايو/ آذار.

أثارت تحركات الطلاب العمال والفلاحين، وشاركوا في إضرابات عامة حيث شمل الإضراب 10 ملايين عامل فرنسي

أشعلت تحركات الطلاب الحماس داخل العمال والفلاحين، فانضموا إلى الأحداث وشاركوا في إضرابات عامة في البلاد، وفي يوم 25 مايو/آذار شمل الإضراب 10 ملايين عامل فرنسي. كما استمر احتلال الطلاب إلى مباني جامعة السوربون واستمرت الاحتجاجات والإضرابات حتى يوم 29 مايو، حتى أعلن شارل ديغول (رئيس فرنسا وقذاك) عن حل مجلس النواب والدعوة إلى انتخابات مبكرة.

على الرغم من أن تلك الأحداث لم تنتهِ كما خطط لها الطلاب حينها، إلا أنها أحدثت تغيرات شتى في الحياة السياسية والاجتماعية بفرنسا، كما نتج عنها تعرية الكثير من التيارات السياسية والأحزاب الفرنسية.


ما بين الحسم والضباب

لم يلعب الطلاب دورًا في الحركة الوطنية مثل الدور الذي لعبه الطلاب في مصر
والتر لاكير مؤرخ فرنسي

كان للحركة الطلابية دورًا كبيرًا في تاريخ نضال الحركة الوطنية المصرية، بل كان الطلاب لاعب رئيسي في تحريك الجماهير في أحداث عدة، أبرزها انتفاضة الطلاب عامي 1936 و1946.

جانب من إحتجاجات الطلاب في إنتفاضة 1972

«العالم لا يتسع لحربين كبيرتين» ستة كلمات كانت كافية لتثير غضب الطلاب وجموع المصريين، حيث لن تكون 1971 عام الحسم واسترداد الأراضي العربية التي يحتلها المغتصب الصهيوني. ففي يناير/ كانون الثاني 1972 وبعد خطاب السادات خرج العديد من الطلاب في الجامعات المصرية في تظاهرات محتجة على خطاب السادات، مطالبة إياه بإنهاء حالة اللاسلم واللاحرب التي شهدها المجتمع المصري، كما شهدت جامعة القاهرة عددا من المؤتمرات الطلابية، ودعى طلاب الجامعة إلى مؤتمر عام يحضره السادات ليجيب على تساؤلات الطلاب.

وقبل بدأ المؤتمر شُكلت اللجنة الوطنية العليا للطلاب برئاسة أحمد عبد الله رزة، رئيس اتحاد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وقتذاك. وتمت صياغة وثيقة طلابية تحتوي على جميع التوصيات والمطالب التي نادى بها الطلاب طوال تلك الفترة، واستقرت اللجنة على تشكيل وفد طلابي ليسلم الوثيقة إلى الرئيس، إلا أن الوفد الطلابي لم يتلقَ أي ردٍ من الرئاسة مما دفع ما يقرب من ألف طالب إلى الاعتصام داخل الجامعة استمر لمدة أربعة أيام.

ودعا مجلس الشعب الطلاب في يوم 24 يناير/كانون الثاني لبحث الوثيقة ومطالبهم، إلا أن المجلس تراجع عن وعده بنشر الوثيقة وقامت قوات الأمن المركزي باقتحام الجامعة والقبض على الطلاب. وفي 25 يناير/كانون الثاني تحرك آلاف الطلاب في تظاهرات كبيرة متجهين إلى ميدان التحرير، وحتى قرروا الاعتصام، وبعدها بأيام أمر السادات بالإفراج عن جميع الطلاب المحتجزين وإحالتهم إلى مجالس التأديب.

تعبتر انتفاضة 72 من أهم الانتفاضات الطلابية التي حركت الكثير من المياه الراكدة في قضية الحرب مع إسرائيل

وعلى الرغم من الاعتقالات التي طالت الطلاب أثر مشاركتهم في الاعتصام وفي اللجنة الوطنية العليا، إلا أن ذلك لم يمنع الطلاب من استمرار نشاطهم الاحتجاجي على الأوضاع ورفضهم تدخل الشرطة واقتحامهم لحرم الجامعة المقدس، وتعبتر انتفاضة 72 من أهم الانتفاضات الطلابية التي حركت الكثير من المياه الراكدة في قضية الحرب مع إسرائيل، كما أنها أثارت الرأي العام في مصر وكسبت تأييد المجتمع.


جنوب إفرقيا وخفض التكاليف

جانب من إحتجاجات الطلاب في إنتفاضة 1972
جانب من إحتجاجات الطلاب في إنتفاضة 1972
لا يزال الجميع يتذكر نيلسن منديلا الذي كان يقول دوما أن التعليم حق وبفضله يمكن أن نحقق الذات، غير أن الأمر لم يعد كذلك اليوم، فالتعليم أصبح يتطلب تكاليف مرتفعة، اليوم يجب أن تكون غنيا للتعلم، وبالعودة إلى تاريخ البلد، هذا يعنى أن طبقة كبيرة من المجتمع محرومة خاصة أصحاب البشرة السوداء

أحد الطلاب المحتجين

تجمع آلاف الطلاب بجنوب إفرقيا في واحدة من أكبر الاحتجاجات الطلابية -بعد احتجاج الطلاب على سياسة الفصل العنصري عام 1976- حيث في أكتوبر/تشرين الأول 2015 أثارت نية الحكومة بزيادة الرسوم الدراسية بنسبة تتراوح بين 10:12% من نسب الرسوم الحالية، غضب الطلبة، رأى الطلاب المحتجون أن من شأن تلك الزيادة حرمان العديد من الفقراء من الالتحاق بالجامعات وخروج نسبة كبيرة من الطلاب الحالين من التعليم.
احتجاجات الطلاب في جنوب إفرقيا اعتراضًا على زياة رسوم الدراسة
احتجاجات الطلاب في جنوب إفرقيا اعتراضًا على زياة رسوم الدراسة

بدأت الاحتجاجات بجامعة «ويتس» واستطاع الطلاب التواصل مع جامعات بمختلف أنحاء الجمهورية، حتى أغلقت الاحتجاجات جميع الجامعات واحتلت مجموعة من الطلبة المبني الرئيسي لجامعة ويتس والاعتصام بداخله. اهتم الطلاب بفتح حوار مجتمعي حول أهمية التعليم العالي وأحقية الفقراء في الوصول إليه والحديث حول مجانية التعليم.

لم يكتفِ الطلاب بالاحتجاج في محيط الجامعات والاعتصام بداخلها، بل تحركوا في مسيرات إلى البرلمان بالعاصمة «كيب تاون»، مما دفع الشرطة إلى الرد عليهم بالغازات المسيلة للدموع محاولين تفرقتهم، وعلى أثر تلك الاحتجاجات أعلن الرئيس «جاكوب زوما» عن عزمه للقاء قادة الاحتجاجات من الطلاب ومديري الجامعات من أجل بحث شكواهم.

أعلن الرئيس عدم زيادة الرسوم الجامعية بعد ضغط المجتمع الذي حركه الطلاب

التقى الرئيس بعدد من ممثلي الطلاب بداخل مقر الحكومة، في الوقت الذي كان هناك آلاف من الطلاب المتظاهرين بالخارج منتظرين ما سيؤول إليه ذلك الاجتماع، حتى قرر الرئيس عدم زيادة الرسوم الجامعية لعام 2016. وعلى الرغم من استقبال الطلاب ذلك القرار بالفرحة وإحساسهم بالنصر إلا أنهم مازلوا قلقين بشأن التعليم، فقد رأوا أن مصاريف التعليم مازالت مرتفعة وكثير من الطلاب لا يستطيعون إكمال دراستهم بسببها.

استطاع طلاب جنوب إفريقيا لفت أنظار المجتمع لمطالبهم المشروعة من خلال فتح حوارات مجتمعية، حتى تكونت قوة اجتماعية للضغط على الحكومة، وفي خلال أسابيع من الاحتجاجات تراجعت الحكومة عن زيادة المصاريف، ليحقق الطلاب نصرا جديدا في سلسلة احتجاجتهم.

ثلاثة دول وثلاثة أزمنة مختلفة، استطاع الطلاب خلالهم كسب الكثير من القضايا المهمة والحيوية بالنسبة لهم وللوطن، ثلاثة تجارب نجح فيها الطلاب في تحريك الرأي العام ودفع الحكومة إلى الإنصات إليهم وإحداث تغيرات هامة في تاريخ التحركات والاحتجاجات الطلابية، ليتضح أن الطلاب دومًا مؤثرين وقادرين على إحداث التغيرات وجذب الانتباه إلى قضياهم ومطالبهم سواء التعليمية أو الخاصة بشؤون الوطن ككل.

المراجع
  1. الطلبة والسياسية في مصر، أحمد عبد الله، المركز القومي للترجمة