بعد مرور يومين فقط، أضافت لعبة Pokémon Go ما تبلغ قيمته 7.5 مليار دولار للقيمة السوقية لشركة نينتيندو Nintendo اليابانية لتجعل تيتسومي كيميشيما Tatsumi Kimishima الرجل الأكثر سعادة على الإطلاق وذلك بعد أن فقدت الشركة التي يعمل مديرها التنفيذي جزءًا كبيرا من قيمتها السوقية بعد العديد من القرارات الخاطئة. لكن التساؤل هنا: كيف يمكن للعبة أن تحقق هذا الربح في يومين، خصوصًا أنها لعبة مجانية، وللهواتف المحمولة، ولم يتم إطلاقها سوى في ثلاث دول؟


النوستالجيا؛ الوتر الحساس

«أحلم دومًا أن أكون الأفضل بين الجميع، لذلك أجمع البوكيمون سلاحي المنيع.»

لا مفر من كونك قد سمعت هذه الكلمات بالفعل فترة الطفولة، وكذلك في الأيام القليلة الماضية. يمكننا ببساطة اعتبار عالم البوكيمون لصاحبه ساتوشي تاجيري Satoshi Tajiri أحد أهم أعمدة طفولتنا. جميعنا شاهد الأنيمي وجميعنا حاول جمع شرائح البوكيمون البلاستيكية للتنافس مع أندادنا، ويبدو أن هذا حدث في جميع أنحاء الكوكب.

لفت ارتباط جيل الشباب الحالي بالبوكيمون الانتباه بشكل مثير عام 2014، وتحديدًا في أول أيام شهر إبريل/نيسان عندما قامت جوجل كعادتها في كذبة إبريل بعمل بضعة خدع على مختلف منصاتها. هذه المرة كانت الخدعة من نصيب منصة خرائط جوجل Google Maps والتي جعلتها جوجل كمنصة لصيد البوكيمون. تفاعل ملايين المستخدمين مع خدعة الخرائط الجديدة وظلوا يلعبون معها لأيام بعد ذلك. لم يمر تفاعل الجمهور مع الخدعة مرور الكرام على ساتورو إيواتا Satoru Iwata المدير التنفيذي شركة نينتيندو -صاحبة العديد من ألعاب البوكيمون- وكذلك تسونيكزو إيشهارا Tsunekazu Ishihara والذي يحتل نفس المنصب في شركة البوكيمون The Pokemon Company. عُرضت الفكرة على جوجل والتي وافقت بالطبع على تطوير لعبة مبنية على منصة Ingress التابعة لمعامل نيانتك Niantic Labs والتي كانت جزءًا من جوجل آنذاك.

بعد انفصال جون هانك John Hanke ومعمله الخاص Niantic Labs عن جوجل في 2015، انتقل معه المشروع خارج نطاق جوجل ليصبح مشروعًا مشتركًا بين نينتيندو اليابانية والشركة الجديدة Niantic. بعد انتهاء الفترة التجريبية للعبة في اليابان تم إطلاقها بشكل مرحلي في أمريكا وأستراليا ونيوزيلاندا، على أن يتبعهم باقي العالم بعد التأكد من عدم وجود مشاكل وكذلك من كفاءة مخدمات اللعبة.


تقنية الواقع المعزز في جيبك

ربما ليست اللعبة الأولى التي تقدم تقنية الواقع المعزز في الألعاب، فقد سبقتها Ingress لنفس المطور، لكنها بالتأكيد الأكثر إثارة للتفاعل ولرد الفعل من الجماهير. فقد أصبح بإمكان الملايين -ولست أبالغ هنا- تطبيق أحلامهم المتعلقة بعالم البوكيمون القديم، من خلال شاشات هواتفهم الذكية. فتقنية الواقع المعزز Augmented Reality تمكن اللاعب من استخدام مستشعرات تحديد المكان وكذلك كاميرا الهاتف في التحرك و في مطاردات البوكيمون ومحاولة الإمساك بأي منهم في أنحاء المنزل والمدينة، وكذلك ممارسة مختلف الأنشطة الرياضية كالمشي والجري وركوب الدراجة وذلك تنفيذًا لبعض مهمات اللعبة -كفقس بيض البوكيمون-، أو تطويره لمستوى أكثر قوة. كما تمكن اللعبة اللاعبين من التفاعل مع الآخرين و كذلك تبادل البوكيمون والدخول في سجالات مميتة -للبوكيمون بالطبع-، وهذه مميزات سيتم إضافتها لاحقًا. كل هذه المميزات وارتباطها بعالم محبب لنا جعل من اللعبة فارس الرهان بين ألعاب الموبيل، والذي يبدو أنه انطلق بضراوة نحو هدفه، وهو المزيد من المال لشركة نينتيندو بالتأكيد؛ إنقاذًا لها من عثراتها المتتالية. وتؤكد لنا الأرقام المبدئية أن لعبة البوكيمون سيبدو أنها ستمارس مهامها كفرس رماح بكفاءة شديدة.


تحطيم الأرقام القياسية

جوزيف شوارتز، مدير محتوى similarweb

هكذا وصف جوزيف شوارتز مدير محتوى موقع similarweb لإحصائيات الإنترنت ما فعلته بوكيمون جو بالإنترنت، وهو الذي انعكس على الأرقام التي رصدها بنفسه.

فحسب الإحصائيات، بعد يومين فقط من إطلاقها، تم تنصيب اللعبة على 5.16% من الهواتف العاملة بنظام أندرويد في أمريكا والتي يقدر عددها بـ 107 مليون هاتف حسب statista؛ ما نسبته 60% من هؤلاء يلعبون اللعبة بشكل يومي، حوالي 3% من عدد سكان الولايات المتحدة، وهذه النسبة تساوي تقريبًا نسبة مستخدمي تويتر هناك. يقضي اللاعبون ما متوسطه 43 دقيقة بداخل اللعبة يوميًا، بالمقارنة يقول جوزيف إن هذا أكثر مما يقضونه في تصفح رسائل الواتس آب ورسائل فيسبوك وسناب شات والإنتسجرام، وهذا فقط في الولايات المتحدة الأمريكية.

أما في الدول التي لم تتح فيها اللعبة بشكل رسمي بعد، بدأ اللاعبون في تحميلها من مختلف المواقع التي توفر تنزيل التطبيقات بطريقة غير رسمية كـ apkmirror، والذي ارتفعت عدد زياراته اليومية من 600000 لتبلغ 4 مليون زيارة يوم إصدار اللعبة.


نينتيندو؛ ما زال هناك أمل

تنتج نينتيدو منصاتها الخاصة للألعاب، وكذلك ألعابها الحصرية لتلك المنصات، مفضلة تقديم تجربة مميزة للاعبيها ومحبيها على حساب الانتشار. وإذا نظرت حولك لن تجد منصات نينتيدو المختلفة منتشرة مقارنة بمنصة ميكروسوفت Xbox وكذلك الـ PS4 من سوني. سبّب هذا بالتأكيد تراجعًا في أرباح نينتيندو وكذلك في قيمتها السوقية، على الرغم من امتلاكها العلامات التجارية للكثير من الشخصيات والألعاب ذات الشهرة الواسعة.

جاءت هنا لعبة بوكيمون جو لتثبت لمديري نينتيندو -الذين يتقافزون فرحًا الآن بكل تأكيد- خطأ نظريتهم المنغلقة على عالمهم. فها هي أول لعبة منذ زمن تحمل لواء نينتيندو -والتي تمتلك ثلت the pokemon world صاحبة اللعبة- لتضيف نسبة 22% على القيمة السوقية للشركة. وهذا يؤكد أن ارتباط اللاعبين في مختلف أنحاء العالم بالشركة أكبر بكثير من مجرد أجهزة النينتيندو بمختلف إصداراتها، وأن العالم ينتظر بشغف قرار الشركة بأن توفر ألعابها الحصرية على مختلف المنصات.

تمتلك نينتيندو علامات تجارية قوية كماريو وسوبر ماريو وبوكيمون وتيتريس وسونيك، التي تمتلكها سيجا لكن تنشرها نينتيندو بشكل حصري، وغيرهم الكثير. وربما عرض تلك الألعاب بمنظور جديد وأفكار مختلفة سيكون أفضل لمستقبل الشركة من التركيز على تطويرها بشكل حصري لا يستفيد منه سوى ملاك أجهزة نينتيندو والذين يتضاءل عددهم بالفعل.

والسؤال الحقيقي الآن: هل ستستفيد نينتيندو بشكل حقيقي من هذا النجاح الساحق للعبة؟، يؤكد بعض المحللين الاقتصاديين وخبراء تداول الأسهم في تقرير لـ cnbc أن الشركة لن تحقق أرباحًا حقيقية ما لم تدر بوكيمون جو دخلًا يوميًا يزيد عن 4 مليون دولار، وشهريًا يتراوح بين 140-196 مليون دولار، وهذا سيتطلب من اللعبة أن تكون على قمة الألعاب للأندرويد ونظام iOS لفترة طويلة تستمر معها مبيعات المميزات الإضافية داخل اللعبة للاعبين؛ مما سيتطلب أيضًا من الشركة تطوير اللعبة وإضافة المميزات الجاذبة بشكل مستمر.


طرائف وحوادث الأيام الأولى

لقد ضربت اللعبة أمريكا كالعاصفة، مع منصة الواقع المعزز. تظهر البوكيمون في جميع أنحاء أمريكا؛ في الأنهار والبحيرات وحتى غرف المستشفيات، وقد قضى اللاعبين أغلب عطلة نهاية الأسبوع في محاولات مستمرة للإمساك ببوكيمون جديد وتدريبه ليصبح الأفضل.

لم أعتد -شخصيًا- كمحب لعالم الألعاب أن يصاحب إطلاق أي لعبة هذا الكم من الطرائف والحوادث والمآسي في نفس الوقت، لكن هذا الانتشار العالمي للاعبين يطاردون البوكيمون من خلال كاميرات هواتفهم في شوارع وطرقات الكوكب لم يخلُ من الحوادث، فأحد اللاعبين أثناء مطاردته لبوكيمون على حافة نهر اكتشف جثة لرجل بالغ تقول الشواهد أنه غرق في النهر.

وكذلك توقف الشرطة رجلين يدوران حول نفسيهما بلا هدف في الطريق، لتكتشف أنهما يطاردان البوكيمون.

وذاك شخص اكتشف أن منزله مسجل على خارطة اللعبة كمركز لتدريب وترقية البوكيمون، سيعاني من الزحام في حديقة منزله لشهور.

كما تحولت Central Park بـنيويورك لأحد مراكز تجمع البوكيمون.

شخصيًا أعتقد أن اللعبة مسلية. لكن لو قمت بتجربة اللعبة، قل لنا رأيك وانطباعك الأوّلي، وهل تعتقد أنك ستلعبها لفترة طويلة؟

المراجع
  1. 1
  2. 2
  3. 3
  4. 4
  5. 5