وسط تجمع الأمهات أخذت كل منهن تتبارى بما بذلته في سبيل الأمومة، وكم تحملت من أعباء في سبيل إسعاد أطفالها. وسط هذه المباراة حول المثالية، قالت إحداهن في صوت مرتفع: «تتصارعن حول المثالية في التربية، فهل أنتن سعداء؟ كل أم منكن تسعى كي تصبح مثالية وفقًا لمعايير المجتمع، فهل تساءلتي يومًا أنتِ أصلاً سعيدة؟ هل سعادتك هذه، وسعادة أطفالك تستحق أن تدفعي ثمن أن تكوني أمًا سيئة في نظر المجتمع؟

أنا أكون أمًا سيئة في عشر خطوات، لكني أكون سعيدة!


وصايا السعادة العشر

1. اتركي منزلك غير منظم ولا مرتب ولا تنشغلي بأمر أطفالك لإعادة ألعابهم مكانها، ولا تستمري في الصراع حول تجميع الألعاب المبعثرة في أرجاء المنزل.

إن المنزل المرتب دليل على تعاسة ما به من أطفال، فاستمتعي بأطفالك وهم يلعبون ويستكشفون. ويمكن أن تجمعوا هذه الألعاب سويًا بسهولة كلعبة من يجمع أسرع في نهاية اليوم قبل النوم، فالأهم هو نظافة المنزل وليس ترتيبه وجعله منمقًا، فهو منزل وليس بمتحف.

2. لا تنشغلي بجلي الصحون فور الانتهاء من الطعام، بل اذهبي واسترخي أولاً.

بدلاً من انشغالك بجعل المطبخ براقًا ولامعًا، اذهبي وارتاحي على الأريكة للتسامر والتحدث مع زوجك وأولادك عما حدث في يومكم وكيف كان، ثم اجلِ الصحون بعد ذهاب كل منهم لعمل واجباتهم، فلن تذهب الصحون في مكان آخر، لكن كل وقت يقضيه أولادك دونك ستندمين عليه، فيمكنك تعليمهم الكثير وتوطيد علاقتكم كثيرًا.

3. اذهبي للتنزه مع صديقاتك دون الأطفال مرة في الشهر لتستجمي وتجددي طاقتك.

فقد أثبتت كل الأبحاث أن الأم السعيدة هي التي تستطيع جعل منزلها يشع بالطاقة الإيجابية وجعل أطفالها أكثر سعادة. كما ذكرت دراسة جديدة في معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية بالمملكة المتحدة ISER أن سعادة الأم تسعد أطفالها.

4. اتركي أطفالك يتسببون في اتساخ ملابسهم في وقت التنزه في الخارج باللعب في الرمال أو الماء أو حتى الطين.

لأن اتساخ ملابس طفلك دليل على استمتاعه واندماجه باللعب والاستكشاف، فهناك الكثير من المنظفات لكنها طفولة واحدة هي التي يعيشها الآن، فاتركيه يعيشها وشاهديه كم هو سعيد، وكم هو عبقري، وشاركيه المرح بدلاً من زجره على ملابس بالية.

5. نفذي ما يقوله طفلك فيما يخصه، حتى أثناء تواجد الكبار، اطلبي منه إبداء رأيه في كل شيء يخصه.

التحاور مع الطفل والاهتمام برأيه وسط وجود الكبار يشعر الطفل بالمسؤولية وبالتشجيع والدعم النفسي، فمجالسة الأطفال في مجالس الكبار يعلمهم الكثير من الحكمة، وكيفية التصرف في المواقف والشدائد، كما أن ذلك يُحفزهم على تقليد الشخصيات البارزة في تلك المجالس، والتي تتصف بالحكمة والشجاعة والمروءة.

6. امنعي طفلك من اعتياد طعام معظم الأطفال مثل المشروبات الغازية واللانشون والشيبس وغيرها.

من المعروف أن الأطعمة المحفوظة واللحوم المصنعة من أخطر الأشياء على طفلك، فقد تسبب السرطان والأمراض الخبيثة، وكثرة الحلوى تسبب التوتر الحركي والعصبية للأطفال، حتى لو كانت الإعلانات التجارية موجهة لهم فواجبك هو حماية طفلك من المخاطر ليست الخارجية فقط بل الداخلية أيضًا. حيث كشف باحثون في كندا أن الوجبات الجاهزة والسريعة هي مسؤولة عن حوالي 35 في المائة من النوبات القلبية في العالم. كما كشفت دراسة علمية حديثة أجراها فريق من الباحثين الأستراليين أن الأطفال الذين يتبعون حمية غذائية صحية في سن مبكرة قد يمتلكون معدلات ذكاء ومعاملاً للذكاء IQ أكبر مقارنة بالأطفال الذين يعتمدون على تناول الأطعمة المصنعة وغير الصحية، والتي تحتوي على نسب عالية من الدهون المشبعة والسكريات.

7. تمسكي بكل أعمدتك، ولا تعتمدي على عمود الأسرة والزوج فقط، نعم تمسكي بعملك وأصدقائك وحتى هواياتك ولا تتخلى عنهم.

تعدد أعمدة المرأة هو من أهم أسباب نجاحها، ولم ولن نسمع عن بناء في كل هذا العالم يستطيع القيام على عمود واحد فقط، حتى لو تم بناؤه فحتمًا سيسقط، لذلك تمسكي بأعمدتك فأنتِ عمود المنزل وليس حبًا في ذاتك أو أنانية منك، فنجاحك هو دليل على نجاح أسرتك بأكملها.

8. اسمحي لطفلك ذي السنة والنصف بإطعام نفسه واجعلي من مسؤوليته تنظيف وجمع ما سقط منه من طعام على الأرض، واتركي طفلك ذا الثلاث سنوات يُغيّر ملابسه ويلبس حذاءه بنفسه والمساعدة فيما يستطيع المساعدة فيه.

توكيل الطفل للمهام ليست بالشيء القاسي ولكنه يعوده على الاعتماد على نفسه كما أنه يصنع منه رجلاً مسؤولاً من صغره، تستطيعين أن تستندي إليه عند كبرك. ويكون هو الدعم والسند والعون لك بعد ذلك، تمضي الأيام وهو شخص مستند على أرجله لا تحمليه طول العمر وتشعري بالضيق والضجر من عدم تحمله المسؤولية حتى بعدما أصبح رجلاً طويل القامة.

9. تخلي عن بعض المهام التي تضغط على أعصابك لزوجك، كتوصيل الأولاد للمدرسة في الصباح الباكر، أو الذهاب بهم لتمرينات النادي، وأيضًا شراء المشتريات من السوبر ماركت.

المهام التي يفعلها الزوج لها دور كبير في الترابط بينه وبين أطفاله فهم أيضًا ملك له وليس واجبًا عليكِ القيام بمهامه. فقيامه بمهام تتعلق بأطفاله مباشرة تجعل أطفاله يتخذونه قدوة ومثلاً أعلى. كما تؤكد الدراسات التي أجريت حول أسباب فشل الأبناء في الدراسة والحياة العملية أو تزايد حالات الإدمان أو العنف أن أحد أهم الأسباب هو غياب دور الأب داخل الأسرة. ولا يوجد خير مثل من رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم يُحتذى به فقد كان يحلب الشاة دون أن يخجل من ذلك أبدًا.

10. اتركي طفلك يقرر ويختار ما يريد بل ويتحمل نتيجة اختياره، اتركيه يختار ما يلبس حتى لو لم يكن مناسبًا، اتركيه يختار الرياضة التي يريد ممارستها حتى لو فشل بها.

في حقيقة الأمر، الطفل يتعلم بالتجربة العملية التي ينفذ خطواتها بنفسه وليست التي تمليها عليه. فلابد من ترك الطفل يجرب فعل ما يراه حتى يتعلم كيف يختار في المرات التالية. كما أثبتت الدراسات أن التجربة تزيد من الذكاء الوجداني للطفل، حيث أن الذكاء الوجداني عبارة عن مجموعة من الصفات الشخصية والمهارات الاجتماعية التي تمكن الشخص من تفهم مشاعر وانفعالات الآخرين ومن ثم يكون أكثر قدرة على ترشيد حياته النفسية والاجتماعية انطلاقًا من هذه المهارات.

بهذا علمنا كيف تربي أطفالك كما يجب أن يكون وليس كما قال الأثر أو كما قالت العادات. وأخيرًا فمهما فعلتِ كأم ومهما قدمتِ من تضحيات فسيجد المجتمع النقد المناسب لك، فلا تجري وراء نظرة المجتمع لك بل فقط كوني أنت، ستكونين أسعد وأفضل في نظر أطفالك حتى ولو كنتِ أسوأ أم في نظر من حولك!

ابحثي عما هو أفضل لكِ ولأطفالك ونفذيه حالاً.