في كثير من الأوقات يقوم الآباء بحماية أبنائهم من التعرض للاختلاف، بغرض تأسيسهم على منهج واحد فقط، يرى الآباء أنه الصواب وغيره خطأ، ولا يجب تعرّضهم لغيره، يفعلون ذلك بغرض التظليل من حولهم خوفًا من أن تصيبهم شمس قد تضرهم، وهم لا يدركون أن تلك المحاوطة تخلق طفلًا هشًا أحادي الرؤية في اتجاه واحد لا يقبل الاختلاف في عالم مختلف بشدة.

فكيف تحول طفلك من طفل طبيعي يلعب مع كل الأطفال حوله دون النظر لشكل أو لون أو دين، لطفل عنصري في أرائه؟ دليلك في الخطوات القادمة.


1. اعزله عن المختلفين

عندما تطلب مدرسًا خاصًا لطفلك، تأكد أن المواصفات الشخصية والدينية لذلك المدرس تناسب توجهك وميولك، فمُدرّسة الفيزياء أو الرياضيات يجب أن يكون شعرها مغطى أو أن تأتي من داخل الكنيسة لأن تدريسها للفيزياء ومدى إجادتها الفيزياء من عدمه، سيختلف إن كانت ملتزمة دينيًا أو لا، هذه أشياء معروفة، وإن كنت ملحدًا لا تؤمن بالأديان، فارفض المدرس ذا الذقن، أصحاب الذقون هؤلاء لا يفهمون شيئًا في العلم، كذلك لو كانت المدرسة مُنتقبة فالأمر مُنتهٍ تمامًا، كيف نسمح بمدرسة علوم مُنتقبة؟ هي تعود لعصر الصحراء وليس عصر العلم بالتأكيد.

عندما يقوم طفلك باللعب مع الأطفال، على اختلاف ألوانهم وأشكالهم وأديانهم، أخبره أن فلانًا سيئًا لا تلعب معه مرة أخرى لأنك مسلم وأباه مسيحي دائم الذهاب للكنيسة فليس علينا الاختلاط به أبدًا، ناهيك عن أن المسيحيين رائحتهم سيئة لأنهم لا يستحمون، هذه أشياء يعرفها كل الأطفال من آبائهم طبعًا! والعكس كذلك، لا يجب على (مارك) أن يلعب مع (مُصعب) لأن أباه بجلبات ويصلي في المسجد، الأفضل له أن يصاحب أطفال «مدرسة الأحد» الذين يرتادون الكنيسة دوريًا. طبعًا هذه أمور مفهومة، الطفل المسلم أبوه المسلم سيؤثر على عقل طفلك،ونحن لا نريد لعقله أن يتأثر لأنه لا دور لك في الدنيا لتعيد تصحيح ما تأثر به طفلك على سبيل المثال، أنت تعرف ذلك وتتبع مبادئ السلامة بعزله عن المختلفين كلهم، معروف أننا لن نقوم بإمراض الطفل لأننا لن نستطيع علاجه، فلسفة صحيحة استمر فيها وعمّا قريب ستنجح في تنشئة طفل متطرف بامتياز.


2. اربط النتيجة.. بسبب عنصري!

لا تنس في خضم ما سبق، أن تخبر طفلك أن ذلك الطفل فشل في تحصيل درجات مدرسية جيدة، لأنه لا يصلي في المسجد، ولا تنس أن يستمع لك أثناء ما تخبر أحدهم أن هذين الجارين، فشلا في مشروعهما المالي الجديد لأنهما مسيحيان غير منتظميْن في صلواتهما ولا يتبرعان للكنيسة، هكذا يغضب الرب على الناس لعدم طاعته فيضيع عملهم بالتأكيد، وتناسى أن الإسلام يقول: «وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا»، ولا أن المسيحية تقول: «بعرق جبينك تأكل خبزك»، فكلاهما فشل ليس لأنه لم يجتهد؛ بل لأنه لم يكن ملتزمًا دينيًا.

هذه أشياء معروفة وعليك نقلها لطفلك ليشب متواكلًا غير واعٍ، لا يجتهد ويعبد الله كثيرًا، وعندما يفشل، لا تقلق، سينقم على الله أول ما يفعل، وسيتساءل كثيرًا، لماذا يفعل الله معي ذلك؟ وبعد أن يكبُر ويملك مصادره الخاصة في الإطلاع على المعلومة، ويجد (بيل جيتس) أغنى رجل في العالم، غيرَ مؤمن بالله، احكِ لي عن الاضطراب النفسي الذي سيصاب به.


3. وجهة نظر واحدة طوال الوقت، الباقون حمقى!

1. لا تسمح بتعريض طفلك لأي من وجهات النظر الأخرى، ولا أن تقول له (ربما هم على صواب لا أعرف)، ليست هناك وجهات نظر أخرى أصلًا كلهم على خطأ إلا أنت.

2. من يخالفك في المبادئ أحمق، من ليس على مذهبك الديني، أحمق لا محالة، ولا يهم أنه على نفس دينك لكن ليس مذهبك؛ سنكره هذا ربما أكثر من هؤلاء الذين هم على دين مختلف. لا تعرفه أن هناك أعراقًا وشعوبًا وديانات مختلفة علينا تقبلها، أبدًا لا تفعل ذلك.

3. إن كنت ملحدًا أو لا دينيًا أو متحررًا غير مهتم تكره الدينيين، فكل من له ذقن معاملته التجارية سيئة، المنتقبات منغلقو العقول بالتأكيد، كل من ارتدى جلبابًا قصيرًا، شخص عابث الوجه لا يمزح ولا يتمتع بحياته ويحيى على الهامش.

4. لا تنس التعبير عن ذلك أمام طفلك في نقاشاتك مع زوجتك، غير الملتزمين ليست لديهم أخلاق وربما هم مرتشون كذابون أو فُجّار يزنون في الرائحة والجيئة، ليس على ابنتك أن تقترب، مجرد تقترب، من ابنة أي منهم، حتى لو كانت طفلة عادية مثل أي طفلة لكن لا، هي متشرّبة بأفكار عائلتها وستفسد ابنتك فورًا، طبعا لم ننسَ أن ابنتك بالهشاشة التي تفسدها طفلة في مثل عمرهم لمجرد اقترابها منها قليلًا من الوقت.


4. ليس الدين فقط، كن عنصريًا بامتياز

سمر البشرة شوكولاتة، هم عم عثمان البواب والطباخ وجامع القمامة، ولا تنسَ بالمرة العيب في المهن البسيطة نفسها،فهذه هي العنصرية الحقّة. البدناء (فلافيلو)، وأصحاب البشرات المختلفة (حُمر البشرة أو بيض الشعر) سنعاملهم بحساسية كأنهم فضائيون، سننتظر ما يفعله طفلك عندما يقابل آخر أسمر أو بدينًا في مدرسته أو درسه، كم عقده ستتسبب فيها نبتك الطيبة التي رعيتها في واديك الطيب؟


5. لا تسمح للطفل بمخالفتك

أنت الآمر الناهي ما تعتنقه يعتنقه طفلك،لا مجال لأن يؤمن بمبادئ أخرى لفترة ويشذب عقله على مسار نموه بنقده والوصول للرأي الصواب من خلال تفكيره، لا يجب عليه أن يفكر طالما يخالفك، التفكير عليه أن يكون تجويدًا على ما تؤمن به فقط!


6. حدد له نهايات الجميع

أهم من كل ما سبق، احكم على أبناء الدين الواحد، اشر لهذا فهو على صواب وسيدخل الجنة وذلك خطأ وسيدخل النار، احكم جيدًا عليهم كلهم، هذا فاسق وذلك مخلص لله. لا تضع أي احتمالية لأن تلك التي لا ترتدي حجابًا تفعل الخير وهي أقرب لله منك، وذلك الشيخ في الخفاء يفسق ويرتشي، ليست هناك احتماليات لذلك، وإن كنت على النقيض، فالعكس، المؤمن جاهل لا يعرف شيئًا عن نظريات التطور والنشوء ولا عن الفكر والجمال، كل هؤلاء خطأ وأنت الوحيد على صواب.

هذه خطوتك الأولى لعزل طفلك عن العالم، وهذا طريقك الممهد لتنشئة طفل ممتلئ بالعقد لا يقبل الاختلاف ولن يقبله، طفل سيكبر موظفًا لعينًا على زملائه وإنسانًا لعينًا على المجتمع يتتبع خطوات الآخرين ليحكم عليهم، كوّن واخلق هذا العنصري المُتطرف الذي لا يطيق أن يأكل من طعام المسيحيين رغم أن رسوله الكريم أكل من طعامهم، لكن لا دخل لنا بهذا فنحن عنصريون حتى لو أظهر لنا ديننا نفسه غير ذلك!

كذلك الأصدقاء المسلمون لطفلك المسيحي، ستقوم عائلتهم بالتهام طفلك أو أسلمته بمجرد دخوله منزل صديقه المسلم، وستجتمع الأسرة كلها لمشاهدة هذا الكائن العجيب الذي يؤمن بدين آخر علينا أن نأخذ حسنات ونُنطقه الشهادتين فورًا، أنت في الطريق القويم لترسيخ العُنصرية، ليس هذ فقط، الموضوع أعمق من ذلك، مشجعو فريق كرة القدم الآخر حتى حمقى، لا تدع هذه النقطة تمر بسلام.

احصد ثمرتك وشاهد طفلك المتطرف امتدادًا واضحًا لك ولأفكارك دون أي وجود عقلي له، لا تنس أن التجارب التي سيمر بها طفلك بعد أن يشب، وستثبت له سذاجة ما كنت تقوله، ستتسبب في ارتداده العنيف نحو النقيض، ولا يهم ما هذا النقيض، هيا نعتنقه هو الآخر بتطرف بغض النظر عمّا هو.

هذا دليلك لخلق طفل متعصب متطرف، فلا تفعل أيًا مما ورد في هذا المقال، وافعل كل ما هو عكسه.