محتوى مترجم
المصدر
esa
التاريخ
2020/1/9
الكاتب
وكالة الفضاء الأوروبية

أحدهما ذو غلاف جوي سام كثيف، والثاني بالكاد لديه واحد، بينما الأخير مناسب بالضبط لتزدهر الحياة، لكن لم يكن الوضع كذلك دائمًا. الأغلفة الجوية لجيراننا كوكبي الزهرة والمريخ يمكن أن تعلمنا الكثير عن السيناريوهات الماضية والمستقبلية لكوكبنا.

بالعودة إلى الماضي، إلى 4.6 مليار عام حيثما نشأت الكواكب، سنجد أنها تتقاسم تاريخًا مشتركًا؛ جميعها ولدت من نفس الدوامة من الغبار والأبخرة بينما الشمس المولودة حديثًا اشتعلت في المركز. ببطء ولكن بخطى واثقة وبمعاونة الجاذبية، تراكم الغبار مكونًا صخورًا كبرت بطريقة كرات الثلج لتكون في النهاية أجسامًا بحجم الكواكب.

يمكن للأجسام الصخرية أن تتحمل الحرارة قرب الشمس بينما الأجسام الغازية والثلجية لا تنجو إلا بعيدًا جدًا عنها، ما أدى إلى تكون الكواكب الأرضية [ذات التربة. المترجم] الداخلية والعمالقة الغازية والمثلجة بعيدًا تباعًا، وما تبقى كون الكويكبات والمذنبات.

كان تشكل الأغلفة الجوية للكواكب الصخرية جزءًا من عملية البناء النشطة، غالبًا من الغازات المنطلقة من الكوكب أثناء برودته مع بعض المساهمات البسيطة من الثورات البركانية والقليل من الماء والغازات ومكونات أخرى أضافتها الكويكبات والمذنبات. بمرور الوقت عانت تلك الأغلفة الجوية. وبمرور الزمن خضعت الأغلفة الجوية لتطور قوي بفضل تركيبة معقدة من العوامل أدت في النهاية إلى الوضع الحالي، حيث الأرض هي الكوكب الوحيد الذي نعرف بصلاحيته للحياة، والوحيد الذي توجد المياه سائلة على سطحه اليوم أيضًا.

من مهمات الفضاء التي أطلقتها وكالة الفضاء الأوروبية مثل Venus Express، التي راقبت الزهرة من مداره بين عامي 2006 و 2014 ومهمة Mars Express التي راقبت الكوكب الأحمر منذ 2003، نعرف أن المياه السائلة تدفقت يومًا على سطح الكوكبين الأخوين، أيضًا. وبينما المياه تغلي على الزهرة حتى تبخرت منذ زمن طويل، كانت على المريخ إما مدفونة في باطن الأرض أو محتجزة على هيئة قمم جبال جليدية.

المجموعة الشمسية الزهرة الأرض
مقارنة بين الكواكب الأرضية

ترتبط قصة المياه –وفي النهاية بالسؤال الأكبر عن إذا كانت هناك حياة يومًا فيما وراء «الأرض»- بحالة الغلاف الجوي للكوكب، وكذلك إمكانية التفاعل وتبادل المواد بين الغلاف الجوي والمحيطات وباطن الكوكب الصخري.

إعادة التدوير الكوكبية

نعود إلى كواكبنا المشكلة حديثًا، من كرة من الصخور المنصهرة مع عباءة تحيط النواة الكثيفة، استطاعت أن تبرد. شهدت كواكب الأرض والزهرة والمريخ انطلاق الأبخرة بكثافة تلك الأيام والتي كونت الأغلفة الجوية الأولى حديثة السن التي كانت ساخنة وكثيفة. وبينما بردت هذه الأغلفة أيضًا، أمطرت السماء لتشكل المحيطات الأولى.

في مرحلة ما، تباينت خصائص الأنشطة الجيولوجية بين الكواكب الثلاثة. تشقق غطاء الأرض الصلب إلى طبقات، وغاصت بعض الطبقات بعيدًا عن المجاورة لها، والبعض تصادم مكونًا مساحات شاسعة من الجبال أو تفكك بعيدًا ليكون صدوعًا ضخمة أو قشرة جديدة. ما زالت طبقات الأرض التكتونية تتحرك حتى اليوم، مسببة ثورات البراكين أو الزلازل عند حدودها.

الزهرة، الأصغر قليلاً من الأرض، ربما ما زال عليها نشاط بركاني اليوم، ويبدو أن سطحه أعيد تشكيله بطبقات من الحمم منذ نصف مليار سنة. اليوم ليس لديه نظام طبقات تكتونية ملحوظ؛ والأرجح أن براكينه استمدت طاقتها من ألسنة حرارية ارتفعت خلال طبقة الوشاح المتشكلة في عملية يمكن تشبيهها بما يحدث في مصابيح الحمم الشهيرة ولكن على مقياس ضخم.

كوكب المريخ كاملًا
كوكب المريخ كاملًا

المريخ، ولكونه أصغر بكثير انخفضت حرارته أسرع من الأرض والزهرة، وعندما خمدت براكينه خسر وسيلة رئيسية في تشكيل غلافه الجوي. لكنه ما زال يتباهى بامتلاكه أكبر بركان في المجموعة الشمسية بأكملها، بركان «أوليمبس مونس» بارتفاع 25 كيلومترًا، وعلى الأغلب أيضًا نتيجة بناء رأسي مستمر للقشرة مدفوعًا بالأعمدة المرتفعة من الطبقات الأدنى. وبالرغم من وجود أدلة على حدوث نشاط تكتوني خلال العشرة مليون سنة الأخيرة وحتى مع الهزات المريخية في الأوقات الحالية، لا يمكن القول إن للمريخ نظامًا تكتونيًا يشبه الأرض أيضًا.

ليست الطبقات التكتونية التي تلف الكرة الأرضية بكاملها ما يجعل الأرض مميزة، بل التركيبة الفريدة من المحيطات. محيطاتنا اليوم التي تغطي ثلثي سطح الأرض تمتص وتخزن معظم حرارة كوكبنا وتنقلها على طول التيارات المائية وعرضها حول الكوكب. بوصفها طبقة تكتونية جذبت للأسفل ناحية طبقة الوشاح، تدفأ المحيطات وتحرر المياه والغازات المحتجزة وسط الصخور والتي ترشَح بدورها خلال فتحات التنفيس الحرارية المائية في قاع المحيط.

أشكال الحياة متطرفة الصعوبة التي عثر عليها في بيئات كتلك في قيعان محيطات الأرض توفر أدلة قد تقودنا لمعرفة كيف بدأت الحياة، وتوجه العلماء أين يجب أن يبحثوا في المناطق الأخرى من النظام الشمسي: على يوروبا قمر المشتري أو إنسيلادوس قمر زحل على سبيل المثال، اللذين يخفيان محيطات من المياه السائلة تحت قشرتيهما المثلجتين، طبقًا لأدلة من مهمات فضائية مثل كاسيني التي تفترض وجود نشاط حراري مائي حالي.

علاوة على ذلك، تساعد الطبقة التكتونية على موازنة غلافنا الجوي، منظمة كمية ثاني أكسيد الكربون على كوكبنا على مر العصور. فعندما يتحد ثاني أكسيد الكربون الموجود بالغلاف الجوي مع المياه يتكون حمض الكربونيك الذي يحلل الصخور. يجلب المطر حمض الكربونيك والكالسيوم للمحيطات، ينحل ثاني أكسيد الكربون مباشرة في المحيطات حيث يعاد تدويره إلى قاع المحيط.

لما يقرب من نصف تاريخ الأرض، احتوى الغلاف الجوي على نسبة ضئيلة من الأكسجين. وكانت البكتيريا المحيطية السيانوباكتيريا أول كائن استخدم طاقة الشمس لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين؛ نقطة تحول في تكوين الغلاف الجوي والذي بمد الخط على استقامته سمح للحياة المعقدة بالازدهار. بدون إعادة التدوير النباتية والاتزان بين طبقة الوشاح والمحيطات والغلاف الجوي، لربما انتهى الحال بالأرض أشبه بالزهرة.

تأثير الانبعاث الحراري الحاد

يشار للزهرة أحيانًا بأنها توأم الأرض الشرير بسبب أن لها تقريبًا نفس حجم الأرض لكن محاطة بغلاف جوي سميك سام وسطح قائظ بحرارة تصل إلى 470 درجة مئوية. ضغطها ودرجة حرارتها المرتفعان يذيبان الرصاص ويدمران مركبات الفضاء التي تجرؤ على الهبوط عليه. وبفضل غلافها الجوي السميك، فهي أشد سخونة من عطارد الذي يدور قرب الشمس. لهذا يستخدم تحولها الدرامي من بيئة شبيهة بالأرض عادة كمثال على ما يحدث في الاحتباس الحراري المتسارع.

كوكب الزهرة المجموعة الشمسية
كوكب الزهرة (توأم الأرض الشرير)

الطاقة الشمسية هي المصدر الرئيسي للحرارة في النظام الشمسي التي تدفئ سطح الكوكب ومن ثم يشع الكوكب طاقة للفضاء مرة أخرى. يحتجز الغلاف الجوي بعضًا من الطاقة المنطلقة، ما يحتفظ بالحرارة فيما يطلق عليه الاحتباس الحراري، وهي ظاهرة طبيعية تساعد على تنظيم حرارة الكوكب. لولا الغازات الدفيئة مثل بخار المياه، وثاني أكسيد الكربون، والميثان، والأوزون لكانت درجة حرارة الأرض أقل بـ 30 درجة عما هي عليه الآن بمتوسط 15 درجة فما أعلى.

خلال القرون الأخيرة، قلب البشر هذا التوازن الطبيعي على الأرض، مقويين تأثير الاحتباس الحراري منذ فجر النشاط الصناعي بإضافة المزيد من ثاني أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين والكبريت وغازات أخرى نزيرة والغبار وجزيئات الدخان للهواء. تضمنت التأثيرات طويلة المدى على كوكبنا الاحترار العالمي، والأمطار الحمضية، وتآكل طبقة الأوزون. تمتد عواقب المناخ الآخذ بالاحترار أبعد من هذا مؤثرة على مصادر المياه العذبة، وإنتاج الغذاء العالمي، ومستوى سطح البحر، وتشعل فتيل تزايد الأحداث الجوية المتطرفة.

لا يوجد نشاط بشري على كوكب الزهرة يوفر معملاً طبيعيًا لفهم أفضل لتأثير الاحتباس الحراري المتسارع سوى دراسة الغلاف الجوي. في لحظة ما من تاريخها، بدأت الزهرة باحتباس قدر ضخم من الحرارة أيضًا. كان يمكن لها يومًا أن تملك محيطات مثل الأرض، لكن الحرارة المتزايدة بخرت المياه وبالتبعية إضافة هذا البخار للغلاف الجوي حبست المزيد والمزيد من الحرارة حتى تبخرت محيطات بأكملها. حتى أن القمر الصناعي «فينوس إكسبرس – Venus Express» أظهرت أن بخار الماء ما زال يتصاعد من غلاف الزهرة الجوي منطلقًا للفضاء حتى اليوم.

كما اكتشف فينوس إكسبرس طبقة غامضة من ثاني أكسيد الكبريت عالية التركيز في غلاف الكوكب الجوي. من المتوقع أن نحصل على ثاني أكسيد الكبريت من انبعاثات البراكين – وخلال مدة المهمة سجل القمر الصناعي إكسبرس تغيرات كبيرة في محتوى الغلاف الجوي من ثاني أكسيد الكبريت. يؤدي هذا إلى تكون سحب من حمض الكبريتيك وقطرات ضئيلة منه على ارتفاع يتراوح بين 50 إلى 70 كيلومترًا -أي ما تبقى من ثاني أكسيد الكبريت سيكون تدمر بفعل شدة الإشعاع الشمسي. لذا كانت مفاجأة للقمر إكسبرس أن يكتشف طبقة غازية منه على ارتفاع 100 كيلومتر. تحدد أن قطرات حمض الكبريتيك المتبخرة حررت حمض الكبريتيك الغازي الذي انحل بفعل ضوء الشمس مطلقًا أبخرة ثاني أكسيد الكبريت.

تضيف المشاهدة للنقاش ما يمكن أن يحدث إذا ضخت كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكبريت في غلاف الأرض الجوي –قدم اقتراح لطريقة تحد من آثار تغير المناخ على الأرض. ظهر المفهوم بوضوح في ثوران بركان جبل بيناتوبو في الفلبين عام 1991، عندما كون ثاني أكسيد الكبريت المنبعث خلال الثوران قطرات صغيرة مركزة من حمض الكبريتيك –مثل تلك التي عثر عليها على الزهرة- على ارتفاع 20 كيلومترًا. ولد ذلك طبقة ضبابية وخفضت درجة حرارة كوكبنا بحوالي نصف درجة لسنوات عديدة.

ولأن هذا الضباب يعكس الحرارة، فقد تم اقتراح أن إحدى الطرق لتخفيض درجة حرارة الكوكب هي بضخ كميات ضخمة من ثاني أكسيد الكبريت بطريقة صناعية لغلافنا الجوي. تقدم دراسة الطبقة الهائلة من سحب وقطرات حمض الكبريتيك على الزهرة طريقة طبيعية لدراسة الآثار طويلة المدى؛ فالضباب الحامي بداية على ارتفاع عال سيعود بالنهاية لحمض الكبريتيك الغازي، الذي يمرر أشعة الشمس جميعها من خلاله. دون ذكر الآثار الجانبية للمطر الحمضي الذي سيترك على الأرض آثارًا ضارة للتربة والمياه والحياة النباتية.

التجمد العالمي

يقع جارنا الآخر -المريخ- على الجانب المتطرف الآخر: بالرغم من أن غلافة الجوي مكون في الغالب من ثاني أكسيد الكربون إلا أنه يملك اليوم بالكاد أي غلاف جوي على الإطلاق، بإجمالي حجم للغلاف الجوي أقل من 1% من غلاف الأرض الجوي.

تجميد ثلج المجموعة الشمسية
مغناطيسية الكواكب الأرضية

غلاف المريخ الجوي الحالي رفيع لدرجة أنه برغم تكثف ثاني أكسيد الكربون على هيئة سحب إلا أنه لا يختزن طاقة كافية من الشمس ليحافظ على المياه السطحية – فتتبخر باستمرار على السطح. لكن بسبب الضغط المنخفض ودرجات الحرارة المعتدلة نسبيًا 55 درجة مئوية تحت الصفر (تتراوح من 133 درجة مئوية تحت الصفر في الشتاء إلى 27 درجة مئوية خلال الصيف)، لا تذوب المركبات على سطحه، مانحة إيانا قدرة أكبر على كشف أسراره. علاوة على ذلك، بفضل قلة الطبقة التكتونية معادة التدوير على الكوكب فإن صخورًا يصل عمرها لأربعة مليار سنة مكشوفة مباشرة لآليات الفضاء التي تهبط وتستكشف سطحه. في نفس الوقت فإن أقمارنا الصناعية التي تدور في مداره ومن ضمنها «مارس إكسبرس – Mars Express» الذي كان يبحث حالة الكوكب لأكثر من 15 سنة تستمر بإيجاد أدلة على وجود المياه متدفقة على سطحه يومًا ما، بحيرات ومحيطات معطية بذلك أملاً مُسكِرًا أنه ربما احتوى حياة.

من الممكن أن الكوكب الأحمر أيضًا بدأ بغلاف جوي أسمك من هذا بفضل الشظايا المتطايرة التي وصلته من المذنبات والكويكبات، وتصاعد الأبخرة البركانية من الكوكب بينما يبرد قلبه الصخري. إنه ببساطة لم يستطع الاحتفاظ بغلافه الجوي غالبًا بسبب كتلته الأصغر وجاذبيته الأقل. بالإضافة لأن درجة حرارته العالية في البداية قد تكون منحت طاقة أكبر لجزيئات الغاز في الغلاف الجوي سامحة لها بالهروب بشكل أسهل. وبفقده أيضًا لمجاله المغناطيسي في مرحلة مبكرة من تاريخه، كان الغلاف الجوي المتبقي معرضًا بالتالي للرياح الشمسية –دفقات متتابعة من الجزيئات المشحونة من الشمس- والتي، كما حدث على الزهرة، تواصل تفتيت الغلاف الجوي حتى يومنا هذا.

بغلاف جوي متناقص الحجم، تحركت المياه السطحية تحت التربة منطلقة كفيضانات هائلة سريعة للغاية فقط عندما سخنت التصادمات الأرض وأطلقت المياه الجوفية والجليد، وهي أيضًا محتجزة في قمم الجبال القطبية الجليدية. كما اكتشف Mars Express مؤخرًا بركة صغيرة من المياه السائلة مدفونة على عمق كيلومترين من السطح. أيمكن أن يوجد دليل وجود الحياة تحت السطح أيضًا؟ إن إجابة هذا السؤال هي أساس عمل رحالة وكالة الفضاء الأوروبية ExoMars rover والتي من المقرر إطلاقها عام 2020 وهبوطها عام 2021 لتحفر حتى عمق مترين تحت السطح لاستخلاص وتحليل عينات بحثًا عن علامات حيوية.

يعتقد أن المريخ يخرج الآن من عصره الجليدي. مثل الأرض، فالمريخ حساس للتغيرات في عوامل مثل ميل محوره الدوراني أثناء دورانه حول الشمس؛ يعتقد أن ثبات المياه على السطح تغير على مر آلاف وملايين السنين مرتبطًا بتغير ميل محور الكوكب والمسافة بينه وبين الشمس تغيرًا دوريًا. لقد اكتشف متتبع الغازات النزرة «The ExoMars Trace Gas Orbiter» الذي يراقب الكوكب الأحمر من المدار مؤخرًا موادًا رطبة في مناطق استوائية يمكنها أن تساعدنا على معرفة مواقع أقطاب الكوكب في الماضي.

إن مهمة «The ExoMars Trace Gas Orbiter» الأولية هي تقديم جرد دقيق لغلاف الكوكب الجوي، وخاصة الغازات النزيرة التي تشكل أقل من 1% من حجم الغلاف الجوي للكوكب. وبشكل أكثر خصوصية للميثان الذي ينتج على الأرض بكميات كبيرة نتيجة للنشاط الحيوي، والعمليات الطبيعية والجيولوجية أيضًا. تم التبليغ سابقًا عن إشارات لوجود الميثان على سطح الكوكب من قبل «Mars Express»، ومؤخرًا من مركبة وكالة ناسا «Curiosity rover»، لكن معدات «Trace Gas Orbiter» عالية الحساسية أبلغت حتى الآن عن غياب تام للغاز، مما يغرق في الغموض أكثر. بهدف التثبت من النتائج المختلفة لا يبحث العلماء فقط في كيفية تكون الميثان، ولكن أيضًا في كيفية انحلاله قريبًا من السطح. لا تنتج كل أشكال الحياة الميثان، على أية حال نأمل أن المركبة وحفارها الأرضي سيخبراننا بالمزيد. بالتأكيد سيساعدنا الاستكشاف المستمر للكوكب الأحمر أن نفهم كيف ولماذا تغيرت قابلية المريخ لاستضافة الحياة بمرور الزمن.

شبكة أنهار جافة على سطح المريخ
شبكة أنهار جافة على سطح المريخ

الاستكشاف لمسافات أبعد

بالرغم من بدئهم بالمكونات نفسها، إلا أن جاريْ الأرض عانا من مناخ مدمر، وكوارث ولم يتمكنا من الاحتفاظ بمياههما لوقت طويل. أصبحت الزهرة ساخنة للغاية والمريخ باردًا للغاية، الأرض وحدها أصبحت الكوكب المعتدل بالظروف المضبوطة. هل اقتربنا من أن نصبح كالمريخ في عصر جليدي سابق؟ كم نحن قريبون من حالة الاحتباس الحراري المتسارع الذي أصاب الزهرة كالطاعون؟ إن فهم تطور هذين الكوكبين ودور أغلفتهما الجوية أمر شديد الأهمية لفهم التغيرات المناخية على كوكبنا، إذ إن القوانين الفيزيائية نفسها تحكمنا جميعًا. تحمل لنا المعلومات العائدة من مركباتنا الفضائية التي تدور حولهما تنبيهات بأن الاستقرار المناخي ليس شيئًا يمكن الاستهانة به.

على أية حال، وعلى المدى الطويل جدًا –مليارات السنين في المستقبل- سيكون الاحتباس الحراري للأرض مصيرًا محتومًا بسبب شمسنا التي سيصيبها العجز. ففي النهاية، سيتضخم نجمنا الذي استمرت بفضله الحياة على الأرض، ثم ينفجر متوهجًا ومنبعثة منه درجة حرارة كافية تصل إلى نظام الأرض الضعيف، متسببة في غليان المحيطات، وفي النهاية ستلقى الأرض ذات المصير لتوأمتها الشريرة.

نحن نغير عالمنا الطبيعي أسرع من أي وقت في التاريخ، وأمامنا تحديات بيئية هائلة مثل: فهم كيف تعمل الأرض كنظام متكامل معقد، وتأثير النشاط البشري على العمليات الطبيعية. كذلك للأقمار الصناعية دور حيوي في تحسس نبض كوكبنا، وتسليمنا المعلومات التي نحتاجها لفهم ومراقبة عالمنا الثمين، ولاتخاذ القرارات لحماية مستقبلنا، ومعلومات مراقبة الأرض مفتاح لعدد كبير من التطبيقات العملية لتحسين الحياة اليومية ولتعزيز الاقتصاد. نركز هذا الأسبوع على أكبر مؤتمر عالمي عن مراقبة الأرض، حيث يتبادل آلاف العلماء ومستخدمو المعلومات آخر ما توصلوا إليه ويفكرون في مستقبل مراقبة الأرض.