بعد وصول عدد المواقع المحجوبة في مصر إلى 124 موقعا إلكترونيا محجوبا، بالتأكيد قد لاحظت من مشاركات الأصدقاء أو متابعتك لكثير من المواقع الإلكترونية العربية العديد من الشكاوى حول الحجب، فهي مُشكلة مؤرقة للجميع سواء المٌقدّم لمحتوى الموقع أو القارئ له، وقد ناقشنا سابقًا في تقرير لنا طُرقًا لتجاوز هذا الحجب. لكن دعنا نتعرف الآن على كيفية عمل الويب؟


1- كيف تنتقل البيانات عبر الإنترنت؟

تنتقل البيانات على هيئة حِزم عبر الإنترنت على أن تستطيع كُل حِزمة حمل ما يقرب من 1500 بايت. تحتوي الحزمة الواحدة -المكونة افتراضيًا من رأس وذيل – بداخلها على المعلومات التعريفية لهذه الحزمة من حيث نوع البيانات الموجودة بها وكيفية تجميعها مرة أخرى مع البيانات المُكمّلة لها والمصدر الذي أتت منه فضلًا عن الوجهة التي تقصدها هذه الحزمة.

فمثلًا عندما تُرسل بريدًا إلكترونيًا أو صورة ما إلى شخص آخر يتم تجزئة هذه الرسالة أو البيانات إلى قطع صغيرة كي تستطيع التنقل «السفر» عبر الشبكة، فليس هناك إجبار لكل الحِزم التي تنتمي للرسالة الواحدة أن تسلك نفس الطريق الذي تسكله أختها، وهذا هو سبب سرعة الإنترنت وقوته.

فكل حزمة مهما كان مصدرها يمكنها السفر إلى وجهتها من حاسوب إلى آخر ومن نقطة إلى أخرى دون الالتزام بطريق معينة لكل حزم الرسالة، وعندما تصل حِزم هذه الرسالة كاملة يقوم الحاسوب المستقبل بإعادة تجميع هذه الحزم وإعادتها في مكانها المناسب في أمر أشبه بحل الألغاز لإعادة إنشاء الرسالة مرة أخرى وقراءتها والتعرّف على محتواها.

تتم جميع عمليات نقل البيانات في شبكة الإنترنت على هذا المبدأ، والذي يتيح إدارة حركة مرور البيانات داخل الشبكة، ففي حالة انسداد مسار ما بسبب كثرة حركة المرور به يمكن للحزمة المرور من مسار آخر أقل حركة وهذا المبدأ يختلف تمامًا عن نظام الهاتف التناظري القديم الذي كان يعتمد في نقل بياناته على قناة اتصال واحدة فقط وفي حالة حدوث أي ضرر بقناة الاتصال تنتهي المكالمة فورًا.


2- ماذا يحدث عندما تُفقد أي حزمة من الرسالة؟

إحدى المشاكل التي قد تواجهها الرسالة من مصدرها إلى وجهتها أن تُفقَد حزمة أو أكثر من الحزم المفكّكة، لكن يتم حل الأمر بسهولة بعد استقبال الجهاز المستقبل لجميع أجزاء الرسالة إذ يقوم الحاسوب بتحديد الحزمة المفقودة تبعًا للحزم الأخرى ثم يقوم بإرسال رسالة إلى المصدر كي يتم إرسالها مرة أخرى وكل ذلك في غضون أجزاء من الثانية فقط.


3- ما هي القواعد الحاكمة للأمر؟

بالطبع تعتمد البيانات في انتقالها عبر الإنترنت على بعض القواعد التي تُعرف باسم «البروتوكولات» ولعل أهم مجموعة بروتوكولات تشكل عصب الإنترنت حاليًا هي بروتوكولات TCP/IP ومهمة بروتوكول TCP هي التحكم في عملية نقل البيانات أما مهمة بروتوكول الإنترنت IP هي توجيه حزم البيانات.


4- كيف يتعرف نظام الحاسوب على اسم الموقع الذي تريد الوصول إليه؟

أحد البروتوكولات التي نستخدمها يوميًا دون إدراك بروتوكول DNS أو نظام أسماء النطاقات Domain Name System وهو المسؤول تحديدًا عن أسماء النطاقات والتعرف عليها ومهمته الأساسية تحويل اسم النطاق «الدومين» من صورته النصية إلى صورته الرقمية «عنوان الإنترنت للموقع»، أي أنه أشبه بدليل الهاتف الذي نستخدمه ولكن لمواقع الإنترنت، فهو يجمع ما بين عنوان الموقع «الدومين» وعنوان IP الخاص بالموقع.

فعلى سبيل المثال إذا أردت الوصول إلى موقع إضاءات تقوم بكتابة هذا العنوان «www.ida2at.com» في شريط العنوان لكن نظام الحاسوب لا يعي تمامًا معنى هذه الكلمات وإنما يقوم نظام تحديد النطاقات DNS بتحويل الصورة النصية إلى رقم كهذا «255.255.255.255» وهو معرف الإنترنت الخاص بموقع إضاءات، وبهذا تستطيع الحواسيب التعرف عليه بسهولة عبر شبكات الإنترنت أي أنه أشبه بوظيفة نظام التوجيه الخاص بك عبر الإنترنت.


5- كيف يعمل بروتوكول DNS؟

إذا أردت الوصول مثلًا إلى موقع إضاءات وبعد كتابة عنوان الموقع والضغط على زر الإدخال يقوم متصفح الويب بإرسال استعلام للبحث في الخادم -كدليل الهاتف تمامًا- عن توافق بين العنوان الذي كتبته والرقم المسجل أمامه كي يُعرض محتوى الموقع على متصفحك الإلكتروني.

يبدأ عمل بروتوكول DNS عند ضغط زر البحث عن دومين الموقع، فيقوم بتحويل عنوان الموقع النصي إلى عنوان إنترنت رقمي ليسهل عليه البحث في خوادم DNS المعرفة على جهازك، فإن كان العنوان مخزنًا في هذا الخادم يستجيب برد إلى الجهاز الذي طلب الاستعلام بوجوده، وإن لم يجده يتم تحويله إلى الخادم الذي يليه في المستوى وتستمر العملية حتى يصل إلى الخادم المخزن عليه محتوى هذا الموقع.

إذا كُنت تعتقد أن هذا البروتوكول ليس له أهمية في عالم الإنترنت فدعني أسألك سؤالًا؛ هل تستطيع حفظ هذه الأرقام بدلًا من عناوين الإنترنت المعروفة باللغة الإنجليزية؟! هل تستطيع حفظ أرقام لأكثر من 50 موقعا تستخدمها بشكل يومي؟! أعتقد أن الأمر سيكون صعبًا إن لم يكن مستحيلًا، فلذلك لن تستطيع الذهاب إلى الموقع وقراءة هذه الكلمات إذا لم يكن هناك وجود لبروتوكول DNS.


6- كيف يتم حجب الوصول إلى محتوى موقع معين من قبل الحكومات؟

تتم عملية حجب الوصول إلى المواقع الإلكترونية من خلال منع محتوى الموقع من الوصول إلى متصفح الإنترنت الذي تستخدمه، وبما أن لكل موقع إلكتروني رقما فريدا خاصا به يتم الوصول إليه عن طريق كتابته بدلًا من رابط الموقع الإلكتروني فيُمكن للمسؤول حجب الوصول إلى هذا الرقم لأي مستخدم يريده.

دعني أضرب لك مثالًا بسيطًا لعملية الحجب؛ تخيّل معي أنك تعيش على جزيرة ما وليس هناك أي طريق رئيسية للوصول إلى اليابسة «الإنترنت» التي يوجد بها العديد من الناس «مواقع الإنترنت». تقوم الشركة المزودة لخدمات الإنترنت ببناء جسر يربط بين الجزيرة التي تعيش عليها واليابسة «الإنترنت» وتطلب منك دفع الرسوم «الاشتراك الشهري» لتمرير نفسك وسيارتك «بياناتك» من هذه المواقع إليك.

يمتلك كُل شخص «موقعا إلكترونيا» على اليابسة «الإنترنت» عنوانا فريدا خاصا به، وإذا قررت الحكومة قطع الإنترنت عن منطقة ما فإنها تأمر مزودي خدمات الإنترنت بوضع العنوان الفلاني المعروف به هذا الموقع لحجبه من تمرير بياناته ووضعه في القائمة السوداء الممنوعة من الدخول إلى الجزيرة «أي إليك».

تمارس الحكومات الرقابة على شبكة الإنترنت والتي قد تصل إلى مرحلة الحجب الجزئي أو الكلي له في بعض المواقف الذي قد تستدعي ذلك، وبعيدًا عن تقييدها بذلك لحرية المواطنين دعنا نتعرّف على كيفية تنفيذ الحكومات لعملية حجب المواقع وما هي الأساليب الأكثر تأثيرًا عن غيرها في حجب هذه المواقع؟

مرشّحات شركات الإنترنت

يُعد أقل الطرق إثارة للجدل والتي تتم من خلال أمر مباشر واجب التنفيذ لمزودي خدمات الإنترنت بحجب هذه المواقع. ويكون الأمر سهلًا إذا كانت بنية الإنترنت التحتية مملوكة بالكامل للدولة، ولحسن الحظ يستطيع المٌستخدم أو صاحب الموقع التحايل على هذه الطريقة وفك الحجب بكل سهولة والوصول بشكل عادي جدًا إلى محتوى المواقع المحجوبة. تطلب الحكومات من مزودي خدمات الإنترنت بتثبيت مرشّحات Internet Service Providers (ISP) Filters يمكنها الكشف عن حركة المرور من وإلى عنوان إنترنت معين وعنوان الخادم المُستضاف عليه بيانات الموقع المراد حجبه، وهذه العملية قد تأخذ فترة طويلة لإتمامها.

نظام الحجب التلقائي Autonomous System Number

إذا أرادت الحكومة منع الوصول إلى موقع ما فورًا ودون إشراك أي شركة إنترنت فإنها تستطيع القيام بذلك عن طريق استخدام وسائل غير قانونية للإعلان عن طريق معين للوصول إلى ذلك الموقع وتجاهل الطريق الحقيقي، وفي هذه الحالة تقوم باستخدام نظام ASN لحجب الموقع أمام مواطني الدولة بالكامل.

تمتلك كل شركة مزودة للإنترنت عنوان إنترنت معين تتحكم به وإذا أرادت الحكومة حجب موقع معين أمام مواطنيها فإنها تخدع بنيتها التحتية بنظام حجب ذاتي لمدى معين من عناوين الإنترنت، ويكون عنوان الموقع المراد حجبه واقعًا في هذا المدى. ويتم ذلك بتوجيه جهاز التوجيه «الراوتر» إلى النسخة الأخرى «التي وضعتها الحكومة» أي جعلت منه مسارًا وهميًا لا وجود له بدلًا من الوصول إلى الموقع ذاته وبذلك يتم حجب محتوى الموقع عن الدولة بالكامل.

التحكم في خوادم النطاقات ذات المستوى الأعلى

يمكن للبلدان المسيطرة على البنية التحتية للإنترنت أن تتحكم في خودام النطاقات ذات المستوى الأعلى مثل .com و.net وغيرها كما يمكنها منع الوصول إلى المواقع الإلكترونية عن طريق هذه الخوادم وذلك عن طريق عدم الرد على استعلامات البحث عن المواقع التي تُرسل من متصفح المُستخدم وهذه الطريقة تستخدمها العديد من مجموعات القراصنة لإسقاط المواقع الإلكترونية وتعتيم الوصول إلى شبكة الإنترنت.