واجهت مصر الكثير من الصعوبات وموجات العنف المتصاعدة خلال السبع سنوات السابقة، وازدادت معدلات العنف والانتهاكات خلال الفترة ما بعد 3 يوليو/تموز 2013، بحجة مواجهة أعمال العنف وردع جماعة الإخوان المسلمين المنزاحة عن سدة الحكم، وبرغم السيطرة على الاحتجاجات الجماهيرية زادت دائرة الانتهاكات بشكل مُضطرد وصولاً إلى العام الحالي المتشح بالسواد.

من الصعب بمكان الآن إحصاء جميع الانتهاكات التي تمارسها الدولة تجاه المواطنين، وذلك لعدة أسباب منها اتساع دائرة الانتهاكات بشكل مفزع، والتي انتقلت لتشمل أيضًا المدافعين عن حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني العاملة علي ملفات الانتهاكات، وتحجيم عملها بتجميد الأموال واعتقال العاملين بها وتلفيق الاتهامات لهم والمنع من السفر وإصدار القوانين المقيدة لعملهم، كما ساهم في ذلك أيضًا خوف الضحايا المبرر وذويهم من الانتقام منهم أو التنكيل بذويهم، الذين غالباً ما يكونون في قبضة الأجهزة الأمنية، كما ساهم في ذلك أيضًا الحظر الذي فرضته الدولة على بعض المناطق، وما يُرتكب فيها من جرائم في حق أهلها مثل محافظة شمال سيناء والتي أصبحت خارج التغطية تمامًا.

جميع الأرقام الواردة في هذا التقرير استندت إلى إحصائيات منظمات المجتمع المدني عن طريق الحالات التي تم رصدها، وكذلك الحالات التي رصدها كاتب هذا التقرير بشكل مباشر على مدار عام 2017.

وجدير بالذكر أن هذا التقرير لا يشمل الانتهاكات بمحافظة شمال سيناء بسبب منع النشر في أخبار سيناء سواء بما يتعلق بالعمليات العسكرية أو العمليات الإرهابية أو الانتهاكات تجاه المواطنين، مما صعّب من محاولات التوثيق المباشر أو التواصل مع الضحايا.


القتل

يعتبر القتل هو الانتهاك الأكثر دموية من بين الانتهاكات التي تحدث للإنسان، حيث يقع هذا الانتهاك علي حق أساسي وأصيل من حقوق الإنسان، وهو الحق في الحياة، ويمكن تصنيف القتل لعدة أشكال:

القتل بالتصفية الجسدية

أكثر من 130 مواطنًا مصريًا تعرضوا للتصفية الجسدية هذا العام منهم مختفون قسريًا.

جثامين ملقاة على الأرض، طلقات اخترقتها من مسافات قريبة، تهتكات وكسور في جثث الضحايا، أسلحة وبنادق بجانب الجثث، بيانات رسمية بوقوع اشتباكات بين مطلوبين وقوات الأمن، تضارب في الروايات المتداولة، آثار تعذيب على جثث الضحايا، سيناريو متكرر في أكثر من محافظة مصرية، يبدأ بالاعتقال التعسفي دون سند قانوني، ثم الإخفاء القسري لفترات متفاوتة، منهجه الأساسي هو التصفية التي أضحت طريقة تتخذها قوات الأمن في التعامل مع المعارضين أو المطلوبين أمنيًا.

بدأ القتل بالتصفية الجسدية كسياسة تتبعها الأجهزة الأمنية في عام 2015 مع حادث شقة السادس من أكتوبر حيث قتلت قوات الأمن 13 من قياديي جماعة الإخوان المسلمين، وفي عام 2016 ارتفعت معدلات عمليات التصفية الجسدية لمعارضين وأشخاص بعد اختفائهم قسريًا، وقد رصدت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات 54 واقعة قتل عن طريق التصفية الجسدية خلال عام 2016.

كان الجميع يأمل أن يكون عام 2017 أقل وطأة، ولكن مع بدايته كانت الفاجعات حيث رصدت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات في تقريرها النصف سنوي الأول 37 شخصًا تعرضوا للتصفية الجسدية وذلك خلال الفترة من يناير/كانون الثاني 2017 وحتى يونيو/حزيران 2017. وكان شهر يونيو هو الأعنف بـ 11 حالة تصفية، ولم تُصدر التنسيقية تقريرًا عن الحالة الحقوقية فيما يتعلق بالتصفية الجسدية للنصف الثاني من عام 2017.

وبحسب الأرشيف الشهري لمركز النديم فإنه، خلال الفترة من يوليو/تموز حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2017، تم رصد أكثر من 130 حالة تصفية جسدية، والذي تبين وقوع الكثير منها تجاه أشخاص تم توثيق القبض عليهم واختفاؤهم قبل التصفية.

القتل بالإهمال الطبي المتعمد داخل السجون

الإهمال الطبي في السجون هو السياسة العامة المتبعة من قبل قطاع السجون التابع لوزارة الداخلية، حيث يمنع نقل المسجون من السجن إلى المستشفى أيًا كان السبب إلا بعد الكثير من الإجراءات التعسفية التي تشترطها الجهات المسئولة، وخلال هذه الإجراءات قتل العديد من المسجونين داخل مقر احتجازهم.

رصد مركز النديم 58 خبرًا عن قتل مواطنين نتيجة الإهمال الطبي داخل السجون ومقرات الاحتجاز خلال الفترة من يناير/كانون الثاني وحتى نوفمبر/تشرين الثاني 2017، كان من بينهم الطالب كريم مدحت، والذي عانى لفترة طويلة داخل السجون، ورُفض طلب أسرته بنقله إلى المستشفى لفترة طويلة، حتى تمكن المرض من جسده ليتم نقله في الشهر الأخير للمستشفى المجري بالإسكندرية لتخرج أنفاسه الأخيرة بعد رحلة طويلة مع السجن والمرض.

كما لقي الناشط النوبي جمال سرور مصرعه في سجن أسوان بعد القبض عليه مع 24 آخرين في سبتمبر إثر احتجاج سلمي للنشطاء النوبيين في أسوان، حيث عانى سرور قبل وفاته من الإهمال الطبي والمنع من الأدوية اللازمة له داخل مقر احتجازه مما تسبب في مقتله.

القتل داخل مقرات الاحتجاز

51 خبرًا عن وفاة محتجزين داخل مقرات شرطية وسجون.

لم يكن القتل داخل مقرات الاحتجاز التابعة لوزارة الداخلية نتيجة الإهمال الطبي فقط بل كان هناك أسباب أخرى، حيث رصد مركز النديم على مدار العام: 17 حالة قتل نتيجة التعذيب، وحالة قتل واحدة مقترنة بشبهة التعذيب، و10 حالات قتل نتيجة انتحار المحتجز، و10 حالات قتل دون معرفة السبب، و8 حالات وفاة نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية.

أحكام الإعدام

185 حكمًا بالإعدام أو الإحالة للمفتي خلال 2017.

برغم ارتفاع المطالبات والإدانات المحلية والدولية بإيقاف نافورة أحكام الإعدام التي لا تتوقف في مصر، إلا أن عام 2017 شهد أكبر موجة من إصدار أحكام الإعدام وقرارات الإحالة للمفتي والتصديق على أحكام إعدام سابقة أصبح منها ما هو منتظر التنفيذ.

منذ أحداث 3 يوليو/تموز 2013 وحتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2016؛ تشكلت 44 قضية بينهم 10 قضايا عسكرية و34 قضية مدنية صدرت فيها قرارات إحالة للمفتي أو أحكامًا بالإعدام. بينهم 8 قضايا في عام 2016، وتم تنفيذ الحكم في إحدى القضايا في 2016 أيضًا.

تضمنت الـ 44 قضية 1834 قرارًا بإحالة الأوراق إلى المفتي – وهي الخطوة التي تسبق صدور الحكم بالإعدام – حيث يعتبر رأي المفتي استشاريًا يمكن للمحكمة ألا تأخذ به وألا تعيره أي اهتمام، ثم صدرت أحكام بإعدام 790 مواطنًا. وفي حين تم إلى الآن تنفيذ حكم الإعدام بحق 8 مواطنين، ما زال الباقي 782 قضاياهم في مراحل النقض المختلفة.

هناك 4 حالات قد توفيت في مقر الاحتجاز بعد قرار الإحالة للمفتي، منهم اثنان في قضية العدوة، وحالة في مطاي، وأخرى في كرداسة.

وبحسب التنسيقية المصرية للحقوق والحريات فإن النصف الأول من عام 2017 شهد النظر في 15 قضية إعدام، من بينها 6 قضايا تم الحكم فيها بالإعدام لأول مرة، و9 قضايا كانت في مراحل النقض المختلفة بعد أحكام سابقة الإعدام.

عدد الأحكام الصادرة بالإعدام أو الإحالة للمفتي خلال هذه الفترة 108 أحكام، وعدد الإحالات للمفتي 90 إحالة، وعدد الأحكام الصادر فيها حكم الإعدام بالفعل 84 حكمًا، وعدد الأحكام التي ما زالت في انتظار رأي المفتي 24 حكماً (3 قضايا)، وعدد الأحكام الحضوري كان 88 حكمًا.

وكان النصف الثاني من عام 2017 لا يقل فجاجة في أحكام الإعدام عن النصف الأول، ففي الفترة من أغسطس/آب 2017 وحتى 18 ديسمبر/كانون الأول 2017 تم الحكم في 9 قضايا إعدامات، منها 8 قضايا تم الحكم فيها لأول مرة، وقضية واحدة تم الحكم فيها بالإعدام نهائيًا بعد استنفاد كل طرق الطعن.

وقد قامت وزارة الداخلية بالإعلان عن تنفيذ حكم الإعدام بحق 15 متهمًا في قضايا إرهاب، جميعهم مُحاكمين عسكرياً على ذمة القضية 2013/411 كلي عسكري الإسماعيلية، المعروفة إعلاميًا بـ«كمين الصفا»، وجميعهم من أهالي شمال سيناء، وقد رفضت محكمة الطعون العسكرية النقض المقدم من قبلهم بتاريخ 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، وتم الإعلان عن تنفيذ الإعدام بحقهم يوم 26 ديسمبر/كانون الأول 2017.


الاختفاء القسري

يقصد بالاختفاء القسري الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية، يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون.

المادة 2 من الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري

يعد الاختفاء القسري طبقًا للمواثيق والقوانين الدولية جريمة حرب ضد الإنسانية، لا تسقط بالتقادم ويعاقب كل من شارك أو كان على علم بها وهو في موضع مسئولية. وعانت مصر من ممارسة جريمة الاختفاء القسري من الأجهزة الأمنية لعقود طويلة ولكن كانت الهجمة الأعنف والأشرس خلال الأربع سنوات الماضية والتي ارتفعت بشكل كبير ومبالغ خلال السنة الأخيرة.

اللواء علاء فاروق، مساعد مدير المباحث الجنائية بقطاع الأمن العام، 20 أغسطس/آب 2017

بمراجعة تقارير المنظمات التي عملت على ملف الاختفاء القسري خلال السنوات الأربع الماضية وهما: مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب وحملة أوقفوا الاختفاء القسري، نجد أن الأرقام مختلفة، وذلك وفقاً لما أمكن رصده من حالات من كل منظمة كالآتي:

حملة «أوقفوا الاختفاء القسري»

رصدت الحملة في تقريرها الأول 912 حالة تعرضت للاختفاء القسري في الفترة منذ 30 يونيو/حزيران 2013 وحتى منتصف أغسطس/آب 2016 بمعدل 300 حالة اختفاء تقريبًا في العام الواحد.

في عام 2017، أصدرت الحملة تقريرها السنوي عن الفترة من 30 أغسطس/آب 2016 وحتى منتصف أغسطس/آب 2017، والذي رصد 378 حالة تعرضت للاختفاء القسري، لا يزال رهن الاختفاء القسري منهم 87 حالة، وما زال 182 حالة قيد الحبس الاحتياطي بعد ظهورهم على ذمة قضايا أمام النيابات، وهناك 21 حالة تبين إخلاء سبيلهم بعد ظهورهم، كما تم إطلاق سراح 30 شخصًا دون مثولهم أمام أي جهة قضائية، وهناك حالة واحدة حصلت علي حكم قضائي، وهناك 57 حالة لم تتمكن الحملة من معرفة مصيرهم أثناء تحديث بياناتهم.

وقد أشارت الحملة في تقريرها عن تصنيف أعداد الضحايا الذين تم رصد حالاتهم وفقاً للفئة العمرية؛ فقد كان الشباب الأكثر تعرضاً للاختفاء هذا العام، حيث بلغ عددهم 240، و56 راشدًا، و30 طفلاً، و4 شيوخ، بينما هناك 48 حالة لم يتم رصد أعمارهم.

مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب

بحسب تقارير المركز فإنه تم رصد أكثر من 600 خبر عن أشخاص تم إخفائهم في الفترة من يناير/كانون الثاني 2017 وحتى نوفمبر/تشرين الثاني 2017. وكانت النسبة الأكبر من الأشخاص الذين تعرضوا لجريمة الاختفاء قسري تتراوح أعمارهم بين الـ20 والـ25 عاماً، بينما كان في المرتبة الثانية الأطفال والشيوخ.

وبرغم اختلاف الأرقام المرصودة إلا أنه يُلاحظ بشكل واضح ارتفاع نسبة حالات الاختفاء القسري وصولاً إلي نسبة (1 : 4 حالات يومياً) ، كما أن الأجهزة الأمنية توسعت في عمليات الاختفاء القسري لتشمل طوائف اجتماعية أكثر فلم ينج النساء أو الأطفال أو العجائز من هذا الانتهاك، كما أن جميع الشهادات المرصودة من الناجين تؤكد اقتران الاختفاء القسري بالتعذيب دائمًا، والذي يكون بطرق وحشية عدة منها الصعق بالكهرباء والضرب وتغمية العينين وتقييد اليدين خلف الظهر طوال مدة الاختفاء والتهديد بالقتل والانتهاك الجنسي والاغتصاب في بعض الحالات والتعليق من اليدين والقدمين لفترات طويلة، وغيرها من طرق التعذيب، وذلك من أجل انتزاع الاعترافات أو الإجبار علي الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها – بحسب شهادات الضحايا – كما اقترن الاختفاء القسري هذا العام كثيرًا بعمليات التصفية الجسدية بعد الاختفاء كما ذكرنا سابقًا فيما يتعلق بالقتل بالتصفية الجسدية.


الجامعات

على الرغم من توقف معظم الأنشطة الطلابية، وعدم وجود تظاهرات بالجامعات منذ أكثر من عامين، وتشديد الرقابة الأمنية بكل جامعات مصر، وسيطرة الأمن على عملية إصدار القرارات داخل الجامعة ونوعية النشاطات المسموح بإقامتها، فقد شهد عام 2017 حركة انتهاكات جديدة داخل الجامعات بحق الطلاب وأساتذة الجامعة، وتقنين انتهاك الحقوق والحريات للطلبة والحجر علي أفكارهم، على النحو التالي:

انتهاكات بحق الطلاب

على خلفية نشاطهم السياسي تم اعتقال 8 طلاب خلال شهر مايو/آيار من جامعات مختلفة واتهامهم في قضايا تتعلق بجرائم إرهابية، منهم من ما زال قيد الحبس الاحتياطي، ومنهم من صدر ضده أحكام مثل الطالبين بكلية التجارة جامعة الزقازيق أندرو ناصف وجمال عبد الحكيم المحكوم عليهم بالسجن 5 سنوات لاتهامهم بارتكاب جرائم إرهابية.

وتم شطب 2462 طالبًا من كشوف انتخابات اتحاد الطلاب، وفي نفس السياق تم استبعاد رئيس اتحاد كلية طب بنها، الطالب مصطفى محمود من كشوف الانتخابات، وخلال شهر ديسمبر/كانون الأول تم القبض على الطالب أحمد محمد جابر (روني) رئيس الاتحاد لمعهد التكنولوجي العالي فرع العاشر من رمضان من أمام بوابة المعهد على خلفية فضحه لانتهاكات حدثت في العملية الانتخابية بالمعهد.

اللائحة الطلابية

تم تشكيل لجنة برئاسة الدكتور عبد الوهاب عزت رئيس جامعة عين شمس لوضع اللائحة الطلابية في ديسمبر/كانون الأول عام 2016، تم بعدها مخاطبة جميع الجامعات لإرسال مقترحات الاتحادات للائحة الطلابية، وبالفعل تم إرسال مقترح من كل جامعة ولكن بحسب الطلاب لم يتم الأخذ بها أو وضعها عين الاعتبار.

في تلك الأثناء تكونت جبهة طلابية تسمي «جامعتنا» مكونة من خمسة اتحادات طلابية و4 حركات، قدمت الجبهة مقترح للائحة لمدير مكتب وزير التعليم العالي يوم 20 أبريل/نيسان 2017، وعلى إثرها تم وعد الطلاب من قبل وزير التعليم العالي بأخذ المقترح بعين الاعتبار.

بعدها تم إصدار قرار بإلغاء اتحاد طلاب مصر الأخير، وذلك بمعزل عن الـ 7 طلاب أعضاء اللجنة المشاركين في وضع اللائحة، ثم أصدرت الوزارة اللائحة الطلابية الجديدة المقترحة من المجلس الأعلى للجامعات في أغسطس/آب 2017، دون الرجوع إلى الطلاب أو أخذ مقترحاتهم بعين الاعتبار.

فصل أساتذة الجامعة

قامت جامعة القاهرة خلال الشهر الأخير من عام 2017 بفصل أساتذة من الجامعة وصل عددهم هذا العام 6 أساتذة وهم: عمرو حمزاوي وباكينام الشرقاوي الأستاذان بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ورشاد البيومي الأستاذ بكلية العلوم ونائب المرشد العام للإخوان المسلمين، وعصام الدين حشيش، الأستاذ بكلية الهندسة، وأحمد الزهيري الأستاذ بكلية الزراعة، والدكتور عبد الرحمن الشبراوي الأستاذ بكلية الصيدلة.

جامعة الأزهر

خلال الأشهر الأخيرة من عام 2013 وحتى بداية الفصل الدراسي الأول من العام الدراسي 2014/2015 شهدت جامعة الأزهر حراكًا جماهيريًا للطلاب بالجامعة على خلفية الانتهاكات والمذابح التي حدثت خلال هذه الفترة من قبل أجهزة الدولة تجاه الجماعات والتيارات الإسلامية.

وقد توسعت العمليات الأمنية داخل جامعة الأزهر خلال هذه الفترة فشملت عمليات قتل مباشر بالرصاص الحي، مما تسبب في وقوع وفيات وإصابات بين الطلاب، وقد تم اعتقال المئات من الطلاب من الجامعة والمدينة الجامعية ومحيطها ومنازل الطلاب بشكل عشوائي، واقتحم الأمن الحرم الجامعي وتمركز بداخله، وقبض على بعض أعضاء هيئة التدريس واعتدى عليهم، وقد شهدت جامعة البنين والبنات نفس الأحداث تقريبًا.

تبع ذلك حل اتحاد الطلاب وتعطيل العمل باللائحة الطلابية واعتقال العشرات من أعضاء اتحاد الطلاب وتحويلهم للمحاكمات بتهم تخص الإرهاب.

وبالرغم من الوعود المتكررة من قبل إدارة الجامعة للطلاب بتنظيم وضع الجامعة في العام الدراسي 2017/2018 وخاصة بعد السيطرة الأمنية علي الجامعة وتوقف الحراك الطلابي المعارض بشكل كامل، إلا أنه حتى الآن ما زال الوضع على ما هو عليه، فما زال العمل باللائحة الطلابية معطلاً، وبناء عليه لم يتم انتخاب اتحاد طلاب جديد، كما يستمر الحظر المفروض على ممارسة أي نوع من أنواع الأنشطة داخل الجامعة، وما زالت عملية التضييق الأمني مستمرة على الجامعة التي أصبحت معسكرًا لقوات الأمن، وأصبح الطلاب معرضين للاعتقال والاختفاء القسري لمجرد انتمائهم لجامعة الأزهر.

ترحيل طلاب الإيجور

لا يوجد اختفاء قسري بمصر، وما يتردد على مواقع التواصل الاجتماعي عن قيام وزارة الداخلية بإخفاء متهمين ليس له أي أساس من الصحة.

شهد مطلع شهر يوليو/تموز 2017 حملة أمنية موسعة على أماكن تجمعات المواطنين الصينيين المنتمين لعرقية الإيجور المسلمة والمضطهدين من قبل الحكومة الصينية، تمكنت الحملة الأمنية من اعتقال العشرات منهم سواء كان من الحاصلين على إقامة أو الدارسين بجامعة الأزهر رجالاً ونساء.

وبرغم الإدانات المحلية والدولية والتحذيرات من ترحيلهم للصين لتعرضهم للاضطهاد والخطر الذي يصل للموت، تم ترحيل بعضهم سرًا من مطار القاهرة، بينما تم اعتقال 24 منهم أثناء محاولة الهروب من الحملة الأمنية عن طريق مطار برج العرب بالإسكندرية، وما زال حتى الآن يعيش من تبقى منهم في مصر في حالة من الخوف الدائم من الملاحقة الأمنية والاعتقال، الذي قد ينتهي إلى الترحيل إلى الصين ليوجه مصيرًا بين الاعتقال والتعذيب أو الموت.


مرت دول أمريكا اللاتينية بمرحلة صعبة خلال سبعينيات القرن الماضي إثر انقلابات عسكرية بعد صعود اليسار إلى الحكم في أغلب بلدان القارة، وفي محاولاتها للسيطرة على الأوضاع بشكل سريع اعتمدت الأجهزة الأمنية والعسكرية خطة ممنهجة تجاه الحركات اليسارية والنشطاء في العمل السياسي والحقوق والإعلام، وغلق مساحات التعبير بكافة أشكالها وتحجيم العمل الفني والثقافي بدعوى محاربة العنف.

ومع استمرار سوء الأوضاع على كافة المستويات زادت حدة الانتهاكات لتشمل الجميع، حتى من شارك في هذه الانقلابات أو دعّمها، عشرات الآلاف من المعتقلين والمفقودين والمقتولين دون محاسبة أو توقف لتصبح السياسة العامة لجميع الأنظمة وقتها «لا صوت يعلو فوق صوت البندقية».

زادت الضغوط محلية على الأنظمة السياسية هناك، وتحركت المعارضة بأشكال مختلفة وضغوط دولية، تبعها تخلٍ عن الدعم الممنوح سابقًا لهذه الأنظمة، مما أدى انهيارها سريعًا ومحاكمة قادتها ومن شاركوا فيها ومن ارتكبوا انتهاكات بحق الشعب في تجربة عدالة انتقالية مميزة، وكان من بين المُحاكمين محليًا ودوليًا؛ رؤساء سابقون وجنرالات في الجيش وضباط في الأجهزة الأمنية، حُكم عليهم بالسجن المؤبد والمشدد، ومنهم من مات داخل الزنزانة مرفوع عنه جميع الأوسمة العسكرية.

ربما تختلف معطيات المشهد في أمريكا اللاتينية منذ أكثر من أربعين عاماً عن المشهد هنا في مصر الآن، ولكن مع ما نراه الآن من ازدياد أشكال الانتهاكات وقمع الحريات المختلفة الممارسة من قبل الأجهزة الأمنية في غياب منظومة عدالة حقيقية، ومع اتساع حجم ودائرة الانتهاكات ربما لا يختلف المشهد هنا عن دول أمريكا اللاتينية، بعد كل هذا التطور الذي شهدته البشرية طوال هذه المدة الطويلة من التطور الإنساني.