على مدار 15 يومًا ونحن نسمع ونشاهد مجازر الاحتلال الإسرائيلي بحق مجمع الشفاء الطبي في قطاع غزة، أشلاء متناثرة، جثث في الطرقات، أطقم طبية أنهكها التعب، نازحون وأطفال جوعى، ولكن كيف وصل الأمر لهذا الحد، كيف صمد هؤلاء، كيف تستمر الحياة بهم على الرغم من خلوها من أبسط مقومات الحياة كالمياه والخبز؟

في السطور التالية، سنحاول أن نأخذ القارئ في رحلة لرصد معاناة وصمود أهالي قطاع غزة في مجمع الشفاء، نكشف فيها عن الحكايات والقصص المأساوية التي عاشها هؤلاء الأهالي، لنعيش معهم ساعات من الألم أو لنتعلم منهم الصمود بوجه الظلم.

الأشوح: الدود خرج من الجثث

على الرغم من الجوع والعطش، لكننا لم نستطع الأكل من شدة الروائح الكريهة لعشرات الجثث داخل مجمع الشفاء.

بهذه الكلمات بدأ محمد الأشوح، مواطن فلسطيني بسيط من مخيم الشاطئ يمتلك كشكًا أمام مجمع الشفاء، في سرد ما يعانيه النازحون والمواطنون الفلسطينيون في مجمع الشفاء الطبي داخل قطاع غزة.

لم يكن الوصول للأشوح سهلًا ولكن من خلال أفراد أسرته النازحة إلى خان يونس قبل أسبوعين عقب قصف منزلهم، توصلت له عقب 5 أيام من محاولات الاتصال به بطرق مختلفة.

نزح الأشوح من منزله في مخيم الشاطئ بسبب القصف المستمر إلى داخل مجمع الشفاء كونه ضمن منطقة آمنة، ولكن سرعان ما تحولت لهدف جديد لطائرات الاحتلال الإسرائيلي، وانقطع عنها الكهرباء والقصف يتساقط عليها كزخات المطر في ليالي الشتاء الباردة.

يقول الأشوح وهو أب لأربعة أطفال 3 فتيات وولد وحيد لـ«إضاءات»، إن الوضع خطير جدًا، فالقصف لا يتوقف، إطلاق النار من القناصة والطائرات المسيرة أيضًا لا يتوقف، عمليات إعدام ميدانية لأي شخص يتحرك داخل الشفاء، مئات الجثث داخل المستشفى، لا وقود، لا إنارة، لا ماء، لا طعام، لا أدوية، والجرحى يموتون.

انقطع الاتصال فجأة مع الأشوح، الثلاثاء الماضي، وعاد مرة أخرى عقب 6 أيام، بسبب قصف الاحتلال لشبكات الاتصال وعدم استقرار الوضع داخل المجمع، عاد الأشوح مرة أخرى لسرد باقي المعاناة ولحظات نزوح الأهالي مرة أخري من مجمع الشفاء إلى الجنوب، يقول الأشوح:

شاهدت بعيني إعدام أسرة عددها لا يقل عن 15 شخصًا، وهم رافعين الرايات البيضاء على بوابة الشفاء من دون شفقة ولا رحمة، شاهدت تعفن الجثث وخروج الدود منها داخل ساحات وممرات مجمع الشفاء، بقينا 4 أيام من دون أكل أو شرب وحتى المياه المالحة غير موجودة، وعلى مدار الساعة يتم استهدافنا بأشعة الليزر من قبل القناصة.

ويكشف الأشوح عن لحظات اقتحام قوات الاحتلال لمجمع الشفاء قائلًا:

اقتحمت قوات الاحتلال بشكل مفاجئ المجمع مع شاحنة الماء، بعد أن دمروا كل المباني المحيطة بالأقسام الرئيسية، واعتقال العشرات بجانب عمليات التحقيق الميداني مع الفرق الطبية والنازحين، وعقب ذلك سيطروا على غرفة التحكم والكاميرات، سحبوا الهاردات من الأجهزة، وسحبوا الأجهزة الحساسة من أجهزة الرنين ومن ثم دمروها، مع تخريب كل الأقسام بحجة البحث عن أنفاق للمقاومة، كما تم وضع عبوات صغيرة على أبواب الأقسام ومجرد لمسها من قبل الأطفال تنفجر فيهم.

ثم أضاف:

لحظة قطع التيار الكهربائي توفي 6 أشخاص كانوا على الأجهزة، سحبنا الأطفال الخدج من الحضانات ووضعناهم بقسم آخر.

يصمت الأشوح قليلًا مع البكاء الصامت قائلاً:

مجمع الشفاء بأكمله لا يوجد به سوى اليود والشاش والقطن وعدد قليل من الأطباء، توقفت الخدمة لمعالجة المرضي قبل عمليات الإخلاء بأسبوع، أيضًا فقدنا الخبز قبل الإخلاء بـ10 أيام، واعتمدنا على ما تركه النازحون الذين خرجوا في الدفعة الأولي كمصدر غذاء مثل الشوكولاتة والعصائر وبعض المنتجات الخفيفة.

هنا صمت الأشوح مرة أخرى وعاود الحديث مجهشًا في البكاء:

فى لحظة من اللحظات تملكنا اليأس لعدم قدرتنا بالحصول على كسرة خبز يابسة وتوقعنا أن نموت من الجوع وألا نحتضن أبناءنا مجددًا، أول ثلاثة أيام من الحصار بعض الشباب من شدة اليأس صاروا يصرخون اقتلونا وريحونا أيضًا في اليوم الثالث قالت قوات الاحتلال أصبح هناك ممر آمن اخرجوا بطريق اتجاه شارع الوحدة في عربات تجرها أحصنة، وخرجت بالفعل عائلتان وفى منتصف الشارع تم قتلهم مع الحصان، وعائلتان تم دهس سياراتهم بالدبابات.

ويختتم الأشوح قائلاً:

خرجنا قبل يومين من مجمع الشفاء متجهين لمدينة خان يونس وعددنا تقريبًا 7 آلاف رافعين الأيدي والرايات البيضاء وعلى طول الطريق لم نعرف أين نسير وفى بعض الأحيان نقع على الأرض بسبب أكوام القمامة والحجارة، كثير منا كنازحين أصابتنا هلوسات وتشنجات وحالات بكاء من بشاعة مشاهد الجثث في ساحة مجمع الشفاء، أنا نفسيًا محطم لم يعد لدي رغبة لأي شيء بالحياة.

أبو ندى: أصبحنا نختار من سيعيش ومن سيموت

من بين صفوف النازحين، بحثنا عن أفراد الأطقم الطبية، وتوصلت من خلال البحث لأيام عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن الأطباء الموجودين داخل مجمع الشفاء، وتواصلت مع الدكتور أحمد يوسف أبو ندى استشاري ورئيس قسم جراحة الأوعية الدموية داخل المجمع، والدكتور عميد عوض أخصائي القدم السكري بمجمع الشفاء، الذي فقد 75 شخصًا من عائلته جراء قصف الاحتلال وتفاجأ بهم داخل المستشفى.

قال الدكتور أحمد يوسف أبو ندى لـ«إضاءات»:

يوم السبت إجازتنا الأسبوعية بجانب الجمعة، ولكن كنا نستعد لإجراء عمليات جراحية لأربع حالات زراعة كلى، تم تحضيرها من يوم الجمعة، وخصوصًا لوجود طبيب بريطاني داخل المجمع وكان سيشارك معنا في إجراء العملية لكن فجأة سمعنا أن هناك قصفًا وسمعنا أصوات تحليق الطيران الإسرائيلي فوقنا وكان اليوم الأول للعدوان، وما هي إلا لحظات وامتلأ استقبال المستشفي بمئات المصابين والشهداء من مختلف الأعمار أطفال، نساء، رجال، شيوخ، وأجرينا لهم جميعًا العمليات الجراحية اللازمة.

ويضيف أبو ندى لـ«إضاءات»، أن الجرحى توزعوا على الأقسام منهم في العناية المركزة، ومنهم إلى أقسام أخرى، باليوم التالي استكملنا عملنا، وتم استدعاء كل الأطباء، واستمرت الوتيرة تزيد يومًا بعد يوم حتى وصل الأمر، أنه تم توزيع المرضى في «الشفاء» على الأسرة، ثم صارت التطورات أسوأ وأسوأ، وأصبح القصف يطال أحياء كاملة وحينها بدأ الأهالي في النزوح إلى المستشفى وأصبحت الأعداد داخل المجمع تزداد، وبخاصة أن المرضى الذين أكملوا الشفاء رفضوا الخروج بسبب الخوف من القصف والبعض الآخر بسبب تهدم منازلهم، فيما بدأت الأزمة تزداد حتى أعلنوا نزوح أهالي الشمال إلى الجنوب، أصبح الأهالي يحتمون في المستشفى وزادت الأعداد وكل يوم عن يوم يزيد ضغط العمل، لدرجة أنه لم يعد لدينا دقيقة فقط للراحة.

ويوضح أبو ندى أن من أصعب اللحظات التي مرت عليهم كأطباء هو الاختيار بين الحالات من سيعيش ومن سيموت أو من يبتر جزء من جسده، وبخاصة أن جراحة الأوعية تحتاج لوقت طويل ومستلزمات كثيرة، متابعًا:

حينها أصبحنا نفاضل من سنبدأ معه العملية الجراحية ومن سينتظر ليموت أو ليبتر جزء من جسده، فما أصعب الوضع ما أصعب موقفي، أنا من أكون ليكون عندي عشرة من المرضى وما أقدر أشتغلهم كلهم واختار اثنين أو ثلاثة والباقي أحكم عليه بالموت، طبعًا المشاهد التي كنا نشاهدها أطفال مقطعين، أطفال عبارة عن قطع لحم مقطعة، شخص من دون رأس، شخص بنص رأس، شخص بنصف جسد، عائلة كاملة لم نستطع تفريقها عبارة عن كوم لحم، ناهيك عن الجثث الملقاة في الطرقات.

وعقب يوم من انقطاع الاتصال مع أبو ندى، استكمل تصريحاته معنا قائلًا:

يومًا بعد يومًا ازدادت الهجمة على مجمع الشفاء، ومن بداية العدوان لم يدخل لتر سولار للمستشفى، أو مستلزمات طبية، وأصبحت العنايات المركزة مليئة بالمرضى والجرحى، وأصبحت الأزمة تكبر عندما نقص الطعام والخبز، وعقب استهداف المستشفى المعمداني الذي يفصلنا عنه بعض الكيلومترات، توافد مئات المئات من المرضى والجرحى إلينا في الشفاء، ولم نعد نستطيع توزيع المرضي، نجري العمليات على الأسرة والأرض وفي غرف العمل، نجري العملية للمصاب ونتركه جانبًا ويأتي المصاب الآخر ونتركه على الأرض، بغرفة العمليات الواحدة كان يوجد خمس أو ست إصابات على الأرض، وفي الطرقات والممرات نبحث عن الحالات التي تنزف ونجري لها العمليات سريعًا.

وأضاف الطبيب الفلسطيني:

كانت الأمور صعبة جدًا صعبة لدرجة أننا اقتربنا من الانهيار، وبخاصة مع انقطاع الكهرباء والمياه، والأكسجين بآخر فترة كان أوشك على النفاد، لدرجة أن مرضى العناية المركزة بدأوا يموتون واحدًا تلو الآخر، ثم توقفنا عن إجراء عمليات بسبب التخدير واحتياجه للأكسجين، ثم مع اشتداد الأزمة أجرينا عمليات من دون تخدير والمصاب كان يتألم ألمًا شديدًا.

ويتابع أبو ندى:

كثير من القصص والمآسي نساء مقطعات بين الحياة والموت، تسأل عن ابنها وين أولادي وين أولادي وهي قربت تموت، فكان الوضع مخيفًا ومرعبًا، العديد من القصص التي شاهدناها، أطفال كيف يمكن إجراء عملية لطفل وتوصلي له شرايين وشريانه رفيع جدًا مثل الخيط، أصبحنا نوصل الشريان شيئًا بشيء وهناك حالات لم تستجب ولجأنا لبتر الأيدين أو الأرجل، وبعد فترة ضرب الاحتلال خزانات المياه فوق المجمع بالرصاص، وضربوا العناية المركزة، والعيادة الخارجية وأصيب الأهالي، واستشهد عديد منهم، وضربوا على باب المستشفى سيارة الإسعاف، والأهالي بدأوا يخرجون من المجمع باتجاه الجنوب.

ويضيف أبو ندى أن الأهالي خرجوا وأصبحنا موجودين داخل الشفاء مع باقي المرضى وما يقارب من الـ2000 إلى 3000 آلاف نازح، وحاولنا الاستمرار بالعمل مع انقطاع المياه لساعات طويلة كل 12 ساعة تأتي المياه لمدة ساعة فقط، كنا نتسابق هذه الساعة لملء الزجاجات الموجودة حتي نوفر الاحتياجات الأساسية من استعمالنا، وصلنا لمرحلة أننا أرهقنا وتعبنا، لم نعد نستطيع مساعدة أنفسنا أو المرضى، حتى الطعام والخبز تمر أيام طويلة دون أن نراهم، ومن يستطيع تناول وجبة واحدة باليوم يكون حقق إنجازًا.

ويتابع طبيب مستشفى الشفاء:

قصف الاحتلال العناية المركزة ووقع انفجار داخلها، واضطررنا لإخراج المرضى من الأسرة ووضعناهم في الممرات، وأصبحوا يموتون واحدًا تلو الآخر، وسيارات الإسعاف توقفت عن المجئ إلى المستشفى لأن أي سيارة تتحرك يتم استهدافها.

مستدركًا:

مشهد مؤلم آخر كان لرجل مع والده، قوات الاحتلال أوقفت الوالد وأطلقت عليه النار بشكل مباشر ظل ساعات ينزف وينادي حتى وفاته على باب المستشفى، ولم يستطع أحد إدخاله للمستشفى، وبالنهاية الأمور وصلت إلى طريق مسدود.

ويؤكد أبو ندى أنه لم يعد هناك مكان آمن في غزة هناك الآلاف من القصص المأساوية التي رأيتها حتى مع أولاده، متابعًا:

أولادي لم أكن أعرف كيف أحميهم من القصف مرة طلعوا من منزلنا بسبب القصف، وذهبوا لمنزل شقيقتي، ومرة أخرى نزحوا لمنزل شقيقتي الأخرى ومع ذلك طالهم القصف، وأخرج اثنان منهم من تحت الأنقاض أثناء وجودي بمجمع الشفاء، وبحثت عنهم بين الجرحى والشهداء ولم أجدهم، فبحثت بثلاث مستشفيات أخرى حتى وجدتهم مغبرين، ثم أخذتهم معي إلى مجمع الشفاء ولكن عقب ذلك لم أعد قادراً على توفير لهم الطعام لمدة خمسة أيام من دون طعام أو مياه، عاشوا على العبوات البسيطة من الشيكولاته أو البسكويت منتهي الصلاحية.

واختتم الطبيب الفلسطيني حديثه معنا قائلاً:

بعد مرور ما يقرب من 40 يومًا متواصلين اضطررت إلى الخروج من مجمع الشفاء باتجاه الجنوب، ومنه إلى خارج غزة، ولكن تركت خلفي غزة مدمرة والوضع بها صعب جدًا كارثي، متسائلًا كيف تترك وتسمح منظمات حقوق الإنسان لجيش بأن يعتدي على مستشفى ويمنع عنه الكهرباء والمياه والأكسجين.

عوض: إسرائيل قصفت أسرتي

فيما يقول الدكتور عميد عوض أخصائي القدم السكري بمجمع الشفاء الطبي، في بداية الحرب كانت الأمور صعبة، وأول يوم بالقصف كان هناك إصابات وجرحي بالمئات في فوج واحد، المصابين والجرحى على الأرض، وكل الأرض كانت ممتلئة بالدماء، وعلى الرغم من ذلك تعاملنا مع كافة الحالات بشكل حضاري وبشكل مرتب وكان من يستحق إجراء عملية جراحية يدخل لغرفة العمليات ومن يستحق الانتظار كان ينتظر، استوعبنا الضربة الأولى بمستشفى الشفاء، وأصبحنا نتعامل مع الحالات يوميًا، كم هائل من الإصابات والجرحى جراء القصف.

ويضيف عوض أن الأهالي بدأوا في النزوح واللجوء إلى المستشفي وأصبح يوجد بها ما يقارب من 57 ألف نازح، متابعًا:

استمررت بالعمل لمدة 35 يومًا متواصلة دون راحة، خلالها تم قصف منزلي مرتين متتاليين، وبعدها اصطحبت عائلتي إلى مجمع الشفاء وكانت الحياة صعبة جدًا جدًا، الحياة على المستوى الشخصي والنظافة الشخصية كانت معدمة جدًا بسبب كثرة النازحين، وأصبح الأطفال يعانون من النزلات المعوية، وانتشار الأمراض الجلدية بين الكبار والصغار، وكل يوم عن يوم تشح المواد الطبية وكانت تقل جدًا، وأيام كثيرة كنا نعمل دون تخدير الجرحى ونجري العمليات الجراحية الكبرى دون مخدر.

ويوضح عوض أن حصار الاحتلال الإسرائيلي لمجمع الشفاء جاء في اليوم الـ35 وكان يوم جمعة ليلًا، وتم فرض الحصار وإطلاق النار علي ساحات ومداخل الشفاء، وأي شخص يخرج ويتحرك كان يطلق عليه النار من قبل الاحتلال، مستدركًا:

عانينا الأمرين من الوضع، ولا يوجد اتصالات، لا إنترنت، لا مياه شرب، ولا طعام، كنا نعمل على مدار الساعة في المستشفى ولكن قوات الاحتلال حتى لحظة الاقتحام عاثوا فيها فسادَا، ودمروا كل شيء، وهم يزعمون أنه يوجد أنفاق ومقاومين داخل المستشفى، ولكن كانت كذبة ورواية يضحكون بها على العالم، لم يوجد في الشفاء غير الجرحى والمرضى والنازحين الفارين من جحيم القصف بصفتها مكانًا آمنًا، ولكن في قطاع غزة لم يوجد مكان آمن، والكل معرض للقصف والكل معرض للاعتداءات والقتل والإصابة.

ويتابع قائلًا:

أنا كطبيب مستمر بعملي لمدة 35 يومًا متواصلة، تفاجأت بعائلتي كاملة 73 شخصًا شهداء، تم استهداف المنزل وهم فيه خمس طوابق، 73 شهيدًا منهم الأطفال والنساء وكبار السن والرجال، ولكن لا أقول غير الحمد لله وقدر الله وما شاء فعل، الأوضاع صعبة للغاية لا يوجد دولة بالعالم، أطباؤها يعملون تحت الضغط والضغط العصبي والإرهاب من قبل الاحتلال، نعمل ونحن تحت أصوات الصواريخ والطائرات والأحزمة النارية، نعمل وأمامنا جثث أطفالنا وذوينا، لكن الحمد لله تحملنا الصعاب وأنجزنا مهمتنا التي قدرنا عليها وإن شاء الله ترجع غزة، ولدينا نفس من تحت الركام نطلع ونبني من جديد.

ويشير عوض إلى أنه خلال الحصار تم دفن عشرات الشهداء في حرم المستشفى بسبب عدم وجود إمكانية للخروج من المستشفى لمناطق الدفن المخصصة، واندفن آلاف الشهداء في مقابر جماعية، وهناك جثث تحللت بالفعل في ممرات وطرقات المستشفى في مشهد يدمي القلوب، هذا بجانب كثير من الجثث المحللة على جوانب الطرقات، هجر الآلاف من الشمال إلى الجنوب كما هجر أسلافهم عام 1948 في مشهد غير إنساني في العصر الحديث، متابعًا:

لكن إن شاء الله شعبنا الفلسطيني دائمًا قادر على النهوض إن شاء الله ننهض مرة أخرى، فالبقاء لنا بإذن الله.

بعد استعراض ما استطعتُ جمعه من قصص، لا يُمكن أن أختتم المقال إلا بالتأكيد على أنّي وددت تقديم مزيد من هذه الحالات وعرضها بشكلٍ أسرع لولا أن القصف الإسرائيلي طال كل شيءٍ في القطاع وأعاق وسائل الاتصالات كثيراً بشكلٍ هدّد خروج هذا المقال إلى النور، ولكنه خرج في النهاية رغمًا عن أنف كل العراقيل الإسرائيلية التي تمنّت منع وصول حكايات إلى النور لكنها لن تنجح أبدًا.