محتوى مترجم
المصدر
 If Women Were Less Poor, Would There Really Be Fewer Abortions?
التاريخ
2016/06/07
الكاتب
Katha Pollitt

لو كانت معدلات الفقر أكثر انخفاضًا، هل كان الإجهاض ليقل أيضًا؟. بداية، الإجابة التلقائية هي: نعم. فقد كانت نسبة ٤٩ بالمئة من النساء اللاتي أجرين عملية إجهاض في عام ٢٠١٤ من الفقراء، إلى جانب ٢٦ بالمئة من أصحاب الدخل المنخفض، وهي نسب أعلى بكثير مما تمثله تلك الشرائح ضمن المجتمع. وفي استبيان أجراه باحثو معهد جوتماشر عام ٢٠٠٥، قالت ٧٣ بالمئة من النساء الراغبات في الإجهاض إنهن لا يستطعن تحمل نفقات طفل. وفي عام ٢٠١٣ قامت م. أنطونيا بيجز، وهيثير جولد، وديانا جرين فوستر، بدراسة أفادت ذكر ٤٠ بالمئة من النساء لـ «عوامل مادية» كأسباب للقيام بالإجهاض. وعلى الجانب الآخر، جادل بعض الكاثوليك التقدميين المناهضين للإجهاض -مثل إليزابيث بروينج، وتشارلي كاموزي– بأن هؤلاء النساء كن لينجبن أطفالهن لو أنهن تمتعن بمزيد من الدعم المالي المخصص للأمهات. لكن، هل هذا صحيح؟.

في الواقع هذا ليس ضروريًا، ففي كلتا الدراستين كان بوسع النساء تقديم أكثر من إجابة. حيث قالت ٧٤ بالمئة من المشاركات في دراسة جوتماشر: «إن إنجاب طفل سيغير حياتي بصورة درامية»، بينما قالت ٤٨ بالمئة إنهن لا يرغبن في أن يصبحن «أمهات عزباوات» أو إنهن يخضن علاقة تعاني من بعض المشكلات. لقد قالت ما يقرب من ٤٠ بالمئة من النساء إنهن نلن كفايتهن من الإنجاب، وقال نحو ثلثهن إنهن لسن مستعدات لإنجاب طفل. أما في الدراسة التي أجريت عام ٢٠١٣، فقد قالت ٣٦ بالمئة إن «الوقت ليس مناسبًا للإنجاب»، وكانت ٢٩ بالمئة في حاجة إلى بذل مجهود أكبر في رعاية الأطفال السابقين، بينما قالت ١٤ بالمئة إن إنجاب طفل الآن سيؤثر على دراستهن، وقالت ٧ بالمئة إنهن لسن مستقلات أو ناضجات كفاية، وقالت ٣ بالمئة إنهن لم يرغبن قط في إنجاب أطفال. في كلتا الدراستين، نوّه ما يقرب من ١٢ بالمئة إلى مشكلات صحية، تتعلق إما بهن أو بالجنين. وكما هو الحال مع قرارات حياتية مهمة أخرى، تكون الأسباب متداخلة وفردية بعض الشيء كتنوع وخصوصية أسباب رغبة النساء الأخرى في الإنجاب. ومن بين جميع المشاركات في دراسة عام ٢٠١٣، لم يذكر سوى ٦ بالمئة فقط الدخل المادي سببًا وحيدًا لإنهاء الحمل.

تعتمد النظرية القائلة بكون الإجهاض في الأغلب نتيجة للفقر على فكرة وجود رغبة أساسية لدى النساء في إنجاب طفل، أو تفضيلهن على أقل تقدير إتمام الحمل حتى لو كان حملًا عرَضيًا/غير مخطط له وسيئ التوقيت، جاء ضمن ظروف شخصية غير مبشرة. فإذا قدم الدعم الكافي، من كانت لترفض إنجاب طفل من صديقها الطالب في العام الأول من دراسته الجامعية، أو من صديقها السابق المهووس بها مرضيًا؟. تربية ثلاثة أو أربعة أو أكثر من الأطفال، حتى وإن كنتِ أنتِ لم ترغبي إلا في اثنين؟، لا توجد أي مشكلة.

نظرة على دول الرفاه الاجتماعي في أوروبا الغربية تدل على أن: عندما نأتي إلى الأمومة، فالمال ليس كل شيء.

ومع ذلك، فإن نظرة على دول الرفاه الاجتماعي welfare state في أوروبا الغربية تدل على أن المال ليس كل شيء. إنها دول توفر دعمًا للأمهات العزاب والأسر أكثر مما ستقدمه الولايات المتحدة في أي زمن قادم. ففي السويد، إلى جانب البرامج التي تقلص الفقر بصورة درامية، ينال كل شخص رعاية صحية له وللوليد تكاد تكون مجانية، إضافة إلى إجازات عائلية وأبوية، وبدلات شهرية تزداد مع كل طفل، وأكثر من ذلك. ورغم ذلك، فإن معدل الإجهاض في السويد أكثر منه في الولايات المتحدة: ١٧.٥ لكل ١٠٠٠ امرأة، بينما المعدل في الولايات المتحدة هو ١٣.٢ لكل ١٠٠٠ امرأة. إلى جانب ذلك، تسجل بلاد مثل فرنسا والدنمارك وحتى كندا معدلات أعلى منا (الولايات المتحدة)، رغم الفقر الأقل، والدعم الأكبر الذي تتمتع به الأسرة.

حقًا، إن ألمانيا (٧.٤) وهولندا (٨.٥) تسجل معدلات أدنى، لكن ذلك لا يرجع بالضرورة إلى ترحيب الألمانيات والهولنديات بالأطفال الناتجين عن حمل بطريق الخطأ. إن معدل الخصوبة لدى الهولنديات (١.٧) الأكثر انخفاضًا من معدلنا (١.٩، وهو يماثل معدل السويديات)، ومن معدل الألمانيات (١.٤)، لهو أحد أدنى المعدلات في العالم. ففي البلاد التي تعاني من معدلات إنجاب وإجهاض منخفضة، لابد أن النساء يستخدمن وسائل تحديد نسل شرسة.

إن الكاثوليك التقدميون أنفسهم -ولهم أسبابهم الواضحة- لا يميلون إلى الإكثار من ذكر تنظيم النسل عند الحديث عن خفض معدلات الإجهاض. لكن كما وجد صندوق سكان الأمم المتحدة وغيره، فإن استخدام وسائل منع الحمل الفعالة على نطاق واسع هي الطريقة الوحيدة لتقليل الإجهاض بدرجة معتبرة. تلك البلاد التي تقلص الفقر توفر أيضًا سبلا ميسرة لتنظيم النسل.

لو كانت النساء أقل فقرا لأصبحن أكثر قابلية لإنهاء حمل غير مخطط له؛ لأنهن قادرات على تحمل نفقات ذلك.

دعنا نفترض أننا نريد لكل النساء، لا الأمهات فقط، أن تصبحن أقل فقرًا. في هذه الحالة، ستقلّ احتمالية حمل النساء بطريق الخطأ، وستكون حياتهن أكثر استقرارًا، والرعاية الصحية المقدمة لهن أكثر ملاءمة، وهو ما يعني إجهاضًا أقل. لكن على نفس المنوال، لو كنّ أقل فقرًا، لأصبحن أكثر قابلية لإنهاء حمل غير مخطط له؛ فقد صرن الآن قادرات على تحمل نفقات ذلك، وهو ما يعني مزيدًا من الإجهاض!. يمكن للقوانين التقييدية حاليًا رفع تكلفة زيارة العيادة من نحو ٥٠٠ دولار لتصل إلى ١٥٠٠ دولار، ولن يكون بوسع عديد من النساء جمع هذا المبلغ في وقت كافٍ. لكن ماذا لو كن يكسبن ١٥ دولار في الساعة؟، أو حصلن على إجازة مرضية مدفوعة الأجر؟، أو يتمتعن بدخل سنوي مضمون؟.

وجد ستانلي هينشو الباحث في الإجهاض أن واحدة من كل أربع حوامل ضمن برنامج المساعدة الطبية المقدم للفقراء «ميديك إيد» تعجز عن إجراء عملية إجهاض عندما لا يوفر البرنامج تغطية للعملية، كما هو الحال في ٣٢ ولاية، وفي مقاطعة كولومبيا. ماذا لو وفر التأمين أحادي المصدر الذي يطلبه التقدميون غطاء للإجهاض؟، فالنفع العائد على الأسرة قد يشجع المرأة على إتمام الحمل، أو قد يشجعها على توفير أفضل حياة ممكنة لطفلها/أطفالها السابقين، عن طريق إتمامهم الدراسة أو حصولهم على وظيفة. لعَلّي أوغلت في الاحتمالات، لكن يجدر بنا الإشارة إلى أن النساء الفقيرات اللاتي يخضعن لعمليات إجهاض أكثر من ميسورات الحال، لديهن أطفال أكثر. ولو أنهن أقل فقرًا، ربما كن سيرغبن في عدد أقل من الأطفال لنفس الأسباب التي تملكها ميسورات الحال.

في النهاية، أود التأكيد على دعمي الكامل للسياسات الحكومية التي تحد من فقر الأطفال وتسهل حياة كثير من الأمهات والأسر. فلو أن مصلحة الولاية تعني إتمام مزيد من النساء للحمل كما يردن وتجنب الإجهاض الذي يجدنه غير أخلاقي، إذن فهو أمر رائع. لكن الحد من الفقر أمر يختلف تمامًا عن الحد من الإجهاض، ولهذا سبب؛ فالأمومة ستتطلب دومًا استثمارًا شخصيًا هائلًا بالمال، والطاقة، والوقت، والمشاعر. قد يكون الإنجاب تجربة سارة -فابنتي هي مصدر سعادتي، على سبيل المثال- لكن هناك سبب يدفع الناس إلى الإكثار من استخدام كلمة «تضحية» عند الحديث عن الأمومة. كما أن هناك أسباب وراء رغبة النساء المتزايدة حول العالم في أسرة صغيرة منظمة، تُشيَّد عقب التأكد من سير سائر نواحي الحياة، من تعليم، وعمل، وشريك حياة، واستقرار نفسي، في المسار الصحيح.