محتوى مترجم
المصدر
marxiste.org
التاريخ
2021/1/21
الكاتب
Marie L.

منذ منتصف أكتوبر/ تشرين الأول، كان الفلاحون الهنود يحشدون ضد الإصلاح الزراعي الذي تنفذه حكومة «ناريندرا مودي». ويؤثر هذا الإصلاح الزراعي بعمق على القطاع الزراعي ويؤدي إلى تدهور الظروف المعيشية للجماهير الهندية، التي بالفعل محفوفة بالمخاطر بشكل خاص.

كانت التعبئة الجماهيرية، التي جمعت أكثر من ثلاثين منظمة نقابية، على نطاق غير مسبوق. أدى الإضراب العام في 8 ديسمبر/ كانون الأول، بهارات بانده/ شَل البلاد ، إلى منع الوصول إلى العاصمة تمامًا. جمع الإضراب 250 مليون مضرب، أي 18.5% من السكان.

حتى على مستوى الهند، هذه تعبئة تاريخية. وتعرضت الحركة لقمع شديد وعنيف، وسط تصفيق وسائل الإعلام اليمينية التي تتهم المضربين بأنهم تحت «نفوذ خارجي». لكن على الرغم من العنف والقمع والإهانات، تواصلت التعبئة الجماهيرية، مع حصار وإضرابات محلية.

وحتى أثناء كتابة هذه السطور 29 ديسمبر/ كانون الأول، رفض ممثلو الحركة جميع التعديلات المقترحة التي قدمتها الحكومة، وما زالوا يطالبون بالانسحاب التام والكامل لقوانين الإصلاح الزراعي.

المزارعون تحت رحمة الشركات الكبرى

في الهند، يعتمد 47% من السكان العاملين على القطاع الزراعي. ويقوم غالبية المزارعين بزراعة أراضٍ صغيرة جدًا بالكاد تسمح لهم بكسب لقمة العيش. غالبًا ما يكونون مدينين بشدة. فبالنسبة لهم، أدنى انخفاض في المحاصيل أو أسعار السوق شيء كارثي.

الهياكل الزراعية الحالية موروثة من سياسات التدخل التي تم وضعها في أعقاب النضال من أجل الاستقلال، عندما كان يتعلق الأمر بتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي، وبالتالي منع المجاعات. فعلى سبيل المثال، يحظر القانون الأساسي للمنتجات الأساسية (1955) التخزين التجاري للمنتجات الغذائية الأساسية، وينظم توزيعها من أجل مكافحة السوق السوداء. وكانت جميع التجارة الزراعية خاضعة للجنة السوق للمنتجات الزراعية، والتي كان تسمح بتنظيم نسبي للأسعار.

لكن، على مدى عقود، اتبعت ضغوط السوق والإصلاحات المضادة بعضها البعض لتوليد حلقة مفرغة للفلاحين. وبسبب ذلك، أسعار الأسمدة والحبوب آخذة في الارتفاع، في حين أن عائدات الإنتاج لا تزال غير مؤكدة. لذلك يُجبر الفلاحون على الاستدانة، ولكن دون ضمان بيع منتجاتهم بسعر مُرضٍ.

وبالفعل، فإن تنظيم الأسعار من قبل الدولة لا يوفر ضمانة حقيقية، لأنه لم يعد يشمل التجارة بأكملها. كمؤشر حقيقي لهذه الأزمة الاجتماعية، فإن معدل الانتحار بين الفلاحين الهنود يتزايد باستمرار، لدرجة أنه أصبح الآن الأعلى في العالم في القطاع الزراعي.

ستزيد القوانين الجديدة التي تم تبنيها في نهاية سبتمبر من هذه العملية سوءًا: فهي تتيح قانونًا إعادة البيع خارج لجنة سوق المنتجات الزراعية، مما سيزيد من تقلبات الأسعار وفقًا للسوق، وبالتالي تفاقم مديونية المزارعين. بالإضافة إلى ذلك، يُسمح مرة أخرى بتكديس وإنشاء مخزونات تجارية للعديد من المواد الغذائية الأساسية. سيسمح هذا للشركات الكبيرة بالسيطرة على الإنتاج للمضاربة على الأسعار، لكنه سيلقي شبح المجاعة على العائلات الأكثر فقرًا.

تركيع حكومة مودي

لا تزال الحكومة اليمينية بقيادة مودي مصرة على دعمها للشركات الكبرى. لكن أثناء وجوده في المعارضة، بنى حزبه، (حزب الشعب الهندي) قاعدة دعم قوية في مناطق الفلاحين -وكان يستهدف بشكل أساسي الشركات الزراعية الصغيرة والمتوسطة الحجم- ووعد بتحسين الظروف المعيشية لجميع الفلاحين.

لقد ملأ خطاب حزب الشعب الهندي المناهض للنظام والدولة العميقة، إلى جانب الشوفينية الدينية، الفراغ السياسي الذي خلفته الأحزاب السياسية الأخرى. ومع ذلك، منذ وصول الحزب إلى السلطة، تم التخلي عن كل الديماغوجية المؤيدة للفلاحين لصالح مزيج من السياسات العنصرية والليبرالية المتطرفة.

عقود من الغضب المتراكم يتم التعبير عنها اليوم ضد السلطة الحاكمة. وقد حشد العمال الهنود بالفعل في السنوات الأخيرة ضد الإصلاحات المضادة المتتالية، لكن نضالاتهم ظلت معزولة. لذلك، تشير الحركة الحالية إلى تقدم واضح، من وجهة النظر هذه. لكن الإستراتيجية التي وضعتها قيادة الحركة تقتصر على المطالبة بسحب الإصلاحات الزراعية. وطالما بقيت الحركة كذلك، سوف تصمم الحكومة على التمسك لأن هذا القانون يؤيد بشدة شركات الأغذية الكبرى والبرجوازية الهندية، التي يخدمها مودي بإخلاص.

وعلاوة على ذلك، حتى لو تم سحب هذا القانون غدًا، فسيتم تقديمه مرة أخرى لاحقًا. فالحقيقة هي أن الظروف المعيشية للمزارعين الهنود لا يمكن أن تتحسن في سياق الأزمة العميقة للرأسمالية. لذلك، يجب أن يأخذ النضال الخطوة التالية ويتبنى برنامجًا ثوريًا، حتى لا تتشتت الطاقة الهائلة للفلاحين الهنود سدى.