محتوى مترجم
المصدر
conversation
التاريخ
2018/01/04
الكاتب
جوزيفا إيفانكا ويسلز

يحتجُ الشباب الإيرانيون في أكثر من عشر مدن رئيسية ضد حكومة البلاد. يبدو أنهم غاضبون بشكل خاص من تمويل بلدهم لحروب البلدان العربية كما في اليمن وسوريا، بينما ينحدر المواطنون الإيرانيون إلى الفقر.

ردد المتظاهرون في مدينة كرمان شعارات «الشعب يعيش كالمتسولين … والزعيم يحكم كالإله» وفي خوزستان نُقل عنهم هتافهم «الموت لخامنئي» القائد الأعلى لإيران. هناك شيء عميق يحدث، وقد تكون له تبعاته الكبيرة على الشرق الأوسط بأكمله.

يبدو الأمر في ظاهره مشابهًا للمظاهرات الضخمة التي تلت انتخابات عام 2009، والتي عُرفت باسم الحركة الخضراء أو الثورة الخضراء، إلا أن تلك الحالية لا تشبه أبدًا الحركة الخضراء في تبعاتها ولا حجمها ولا تركيبتها الديموغرافية. ففي 2009، كان المتظاهرون بالأساس من شباب الطبقة الوسطى المتعلمين، أما هذه المرة فالتظاهرات بدأت في مدينة مشهد في الشمال الغربي، وهي مدينة مُحافِظة دينيًا، ومن نزلوا إلى الشوارع تتعدد مشاربهم إلى حد كبير.

وللأسف، وكما حدث في 2009، وُوجِهت المظاهرات بقمع شديد من الحكومة. فقد تم الإبلاغ عن أول حالات القتلى وأكثر من 20 مصابًا على يد قوات الأمن في مدينة دورود؛ وما زال المتظاهرون يقفون في وجه قبضة الحكومة الحديدية. فما الذي يحركهم؟

بغض النظر عن رفض المتظاهرين القاطع للسياسة الخارجية الإيرانية تجاه العالم العربي، فإن لهم بعدًا عربيًا واضحًا. ففي الأحواز جنوب غرب إيران -حيث توجد أغلبية عربية- لا زال المتظاهرون يخرجون منذ أسابيع وينزلون الشوارع للاحتجاج على قمع الحكومة الإيرانية واستيلائها على مياه الأحواز وأراضيها. فقد خرج آلاف العرب الإيرانيين إلى الشوارع عندما انتقد أحد البرلمانيين الإيرانيين «قاسم السعيدي» سياسات الحكومة الإيرانية التمييزية، حتى قارن السياسات الإيرانية المناهضة للعرب بسياسات إسرائيل.


مد يد العون

إذن، هناك مسألة سوريا. منذ بدء الانتفاضة السورية في 2011، تضامن العرب الإيرانيون في الأحواز مع نظرائهم في الشوارع السورية، بينما رفع المتظاهرون السوريون المؤيدون للديمقراطية علم الأحواز في مظاهراتهم ضد نظام بشار الأسد. لذلك، لا عجب الآن من تضامن الثوار السوريين المعارضين للنظام مع المظاهرات الإيرانية.

نصح عبد العزيز الحمزة -ناشط سوري مؤيد للديمقراطية من مدينة الرقّة وعضو نشط في جماعة «الرقّة تُذبح بصمت»- المتظاهرين الإيرانيين بعدم الكشف عن هويتهم ولا حمل وثيقة تعريف بهويتهم وأن يستخدموا بطاقات ذاكرة قابلة للإزالة لتوثيق المظاهرات. وشدد على نصحهم بضرورة استخدام أسماء مستعارة على حسابات فيسبوك وتويتر ويوتيوب، والتواصل عبر التطبيقات المشفّرة.

يأمل العديد من نشطاء المعارضة السوريين في أن تُحدِث المظاهرات الإيرانية تغييرًا في السياسة الخارجية الإيرانية تجاه سوريا. ففي السنوات الأخيرة، أنفقت الحكومة الإيرانية مليارات الدولارات سنويًا في دعم النظام السوري القمعي. وكان الجنرال العسكري الإيراني النافذ «قاسم سليماني» يقود بنفسه العمليات العسكرية الإيرانية داخل سوريا. وإن أدّت المظاهرات الحالية إلى نوعٍ ما من التغير الثوري، سينكمش فجأة دعم إيران المالي والعسكري للأطراف الفاعلة في الحرب السورية، ومن بينها حزب الله وجيش نظام الأسد. وسيكون لذلك تبعات هائلة على الدول العربية التي تلعب فيها إيران دورًا عسكريًا، ولا سيما اليمن.

إن كان هناك شيء يمكننا تعلمه من الانتفاضات السورية فهو أن مظاهرات كهذه يمكنها أن تتخذ مسارات لا يمكن لأحد توقعها. فهناك احتمال كبير لأن يكون النظام الإيراني وحشيًا في قمعه كنظام الأسد. فآية الله خامنئي ألقى باللائمة على المتظاهرين باعتبارهم مؤامرةً خارجية، وأُلقي القبض على مئات المتظاهرين، وحذّر رئيس محكمة الثورة الإيرانية من أن البعض سيلقون عقوبة الإعدام.

فاحتمالية أن تسفك الدولة دماءً كثيرة تبدو كبيرة، وإن حدث ذلك، فإن أثر الدومينو الذي سينشأ بعد ذلك قد يُنشئ وضعًا مضطربًا ومتفجرًا في منطقةٍ عاصفةٍ وخطيرةٍ من الأساس.